محمد المنصور
كلمة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة المولد كانت بمستوى المناسبة العظيمة وصاحبها، وبمستوى التحدي الذي يواجهه اليمن والأمة.
الكلمة استعرضت وكشفت نقاط ضعف وعورات الراهن الإسلامي المستلب من قبل ا?نظمة العميلة للاستعمار الأمريكي والصهيوني، التي أنتجت واقعا إسلاميا مشوها، لا يمت إلى قيم ا?سلام العظيمة التي عبر عنها الرسول هديا للبشرية، وعدلا، ورحمة، ومساواة، وأخلاقا ومثلا، وتوحدا ووحدانية، ورفضا للظلم والعدوان وللصنميات بأنواعها، وغير ذلك من قيم لا تكاد ترى في واقع المسلمين اليوم.
عمق وجدة وأصالة القضايا التي جاءت في كلمة السيد عبد الملك حفظه الله تتجاوز الساحة اليمنية إلى عموم الواقع العربي والإسلامي المريض بالانحراف والطغيان والظلم والتظالم والتبعية للأجنبي سياسيا وفكريا، ا?مر الذي سمح بإنتاج الفقر، والاستبداد، والتخلف الحضاري الشامل، وكرس الحروب والفتن، وأفسح المجال لتسيد الطغيان وحكم الظالمين المتجردين من كل قيم الخير والرحمة، وأنتج ظواهر داعش والقاعدة وبلاك ووتر التي تشوه الإسلام، وتدمر وحدة المسلمين وموروثهم في الإخاء والتعايش، وتعمل تحت راية ا?ستعمار الأطلسي الصهيوني نحو تفكيك الأوطان، وبالمحصلة تسيء إلى نبي الإسلام المبعوث رحمة للعالمين، وتشوه بممارساتها الإجرامية صورة الإسلام ونبي الإسلام، وتمنح بأفعالها المشينة متطرفي الغرب الذرائع للنيل من الإسلام ونبي الإسلام.
ويمثل الحكم السعودي الطغياني المستبد بعدوانه على اليمن وتحالفه مع قوى الشر ذروة الانحطاط الجاهلي الجديد، الذي يتفوق بإمكاناته المادية على جاهلية ما قبل ا?سلام ظلما وعنجهية وقسوة، وصلفا، وطغيانا، وتبعية لأمريكا والصهيونية، ? علاقة له بالإسلام ولا نبي الإسلام.
اشتملت كلمة السيد على إضاءات فكرية وفلسفية عميقة لمعنى النبوة والرسالة المحمدية تعبر عن أن فاعلية ا?سلام تكمن في استمراريته، وحضوره في الواقع الإسلامي تعبيرا عن ا?نتماء والارتباط والنهج الحياتي العام والخاص، وليس كحالة ماضوية منفصلة عن الراهن والمستقبل كما هو حال المسلمين غالبا اليوم.
مثلت شخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وآله في كلمة السيد شخصية محورية عظمى للوحدة الإسلامية والإنسانية، بما يمثله من نور، وهدى، ورحمة، وعدل، وكرامة، ومثال عظيم للحركة، والعمل، والصبر، والمثابرة، والجهاد, والقدرة القصوى على بناء الشخصية السوية وتربيتها والارتقاء بها في مدارج الكمال.
وبتلك السجايا الإنسانية وبالتأييد والعناية الإلهية، تمكن صلوات الله وسلامه عليه من بناء ا?مة وتغيير المعادلة في الواقع، وصنع شروط نهوض وتغيير للواقع في زمنه، وفتح إمكانيات وأطلق طاقات مستقبلية لصنع وتغيير الواقع العربي والإنساني نحو ا?فضل.. يستلهم منه، ويهتدى به، بما يجسد حقيقة الحب والولاء والارتباط به في واقع الفرد والجماعة والأمة والإنسانية.
من هذا المنظور يرى السيد الفارق الجوهري بين ما يمثله النبي محمد صلى الله عليه وآله، وبين حقيقة ما هي عليه ا?مة الإسلامية اليوم.
في الشأن الوطني أعاد السيد التأكيد على الصمود والمواجهة وتحرير ا?رض، ودعا إلى استمرار التعبئة واليقظة والجاهزية على كل الصعد، مؤكدا من منظور وطني وإسلامي وإنساني حتمية انتصار الشعب على العدوان السعودي الأمريكي الهمجي، ذلك ا?نتصار الذي يوجبه رفض الاستعباد والذل، وحالة المظلومية التي فرضها العدوان، ويوجبها حق الدفاع عن ا?رض، والعرض، والكرامة، والحرية، والقيم الإنسانية التي جاء النبي ا?كرم للإعلاء من شأنها، والانتصار لها.