الهدنة الإنسانية بين الجزر والمد
أفق نيوز – بقلم – زيد الشُريف
تمددت الهدنة زمنياً لكنها انكمشت عملياً رغم أن تمديدها كان يهدف إلى تنفيذ البنود المتفق عليها ولولا مماطلة تحالف العدوان لكانت تقدمت إلى الأمام وحققت الكثير من الإنجازات وقطعت مسافة طويلة في طريقها نحو تحقيق السلام ولكن عدم جدية ومصداقية تحالف العدوان تسبب في انكماشها وانقباضها ودورانها حول نفسها رغم أن المجلس السياسي الأعلى بصنعاء والفريق الأمني والعسكري في الوفد الوطني المفاوض قدموا عدداً من المبادرات أحادية الجانب بشأن فتح الطرقات في تعز وبقية المحافظات وكذلك في ملف الأسرى إضافة إلى الجرائم الوحشية التي يرتكبها جيش العدو السعودي بحق المدنيين في المناطق الحدودية بمحافظة صعدة والتي تعد أكبر خرق إجرامي واضح للهدنة وهكذا في بقية الملفات الإنسانية التي قوبلت بالرفض والتعنت من قبل تحلف العدوان وأدواته وهذا يعني أن الهدنة الإنسانية مجرد حبر على ورق وعبارة عن تصريحات إعلامية جوفاء ليس لها أي وجود حقيقي في الواقع بسبب مماطلة وغطرسة دول تحالف العدوان التي تريد أن تحقق لنفسها السلام من خلال الهدنة وتعمل على أن يبقى الوضع اليمني معلقاً تحت رحمتها وهذا واضح من خلال استمرارها في ممارسة القرصة على سفن المشتقات النفطية اليمنية وعرقلة الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء وإعاقة أي تقدم في الملفات الإنسانية الأخرى بمعرفة الأمم المتحدة ومبعوثها الذي يمارس دور النفاق والمراوغة بدلاً من الإنسانية والسلام والشفافية وتعرية تحالف العدوان والضغط عليه وتحميله المسؤولية
لقد بات الأمر واضح للجميع أن دول تحالف العدوان تتعمد إعاقة تنفيذ بنود الهدنة المتفق عليها خلال الفترة الزمنية المحددة المتفق عليها، لأنها لا تريد أن تتحقق نتائج إنسانية حقيقية ولا تريد سلاماً حقيقياً ومثلما عملت على تمديد الهدنة التي أعاقت تنفيذها لا شك عملت على ذلك مجدداً، فعلى الرغم من تمديد الهدنة إلا أنها بقيت تدور حول نفسها واستمر تحالف العدوان يماطل ويراوغ ويتنصل عمَّا تم الاتفاق عليه وهذا استهتار يجب أن يتوقف ومثلما هو الشعب اليمني الصامد المحاصر المعتدى عليه بحاجة للسلام والاستقرار كذلك هي دول تحالف العدوان بحاجة إلى السلام والاستقرار، فإما تكون الهدنة بمثابة البوابة التي يتحقق من خلالها السلام والاستقرار للجميع أو يستمر الشعب اليمني الصامد بجيشه ولجانه الشعبية في التصدي للعدوان والحصار بكل الطرق والأساليب الممكنة وهي كثيرة وممكنة بعون الله تعالى، حتى ينصاع تحالف العدوان ويترك الغطرسة ويمنح السلام فرصة حقيقية ويدع الهدنة تشق طريقها بدون عراقيل حتى تتحقق جميع أهدافها وفي المقدمة إنهاء الحصار وتحقيق السلام الشامل والدائم.
ولهذا بعد التجربة التي مرت خلال الأشهر الماضية من الهدنة التي كانت ولا تزال تفتقر لأبسط مقومات النجاح والتقدم بسبب تعنت تحالف العدوان، لا بد من اتخاذ موقف وخيار حاسم، إما هدنة بكل ما تعنيه الكلمة وتنفيذ كامل البنود الموقع عليها من قبل الطرفين وفق خطة مزمنة لا تزيد ولا تنقص وبدون أي تلكؤ أو عراقيل، أو يتم تعليقها حتى يلتزم الطرف المتعنت وهو تحالف العدوان ومرتزقته، يكفي مداراة ودروساً، فنحن أمام عدو لدود لا يفي بالعهود والمواثيق ويتلذذ بمعاناة الشعب اليمني، ويبدو أن القيادة السياسية ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى بصنعاء قد وصلت إلى قناعة بأنه لا بد من وضع حد لمهزلة تحالف العدوان، وهذا ما أشار إليه الرئيس مهدي المشاط في تهنئته بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، حين قال (إن الأساس الصحيح لأي مباحثات سلام قادمة يتمثل في وقف العدوان ورفع الحصار ابتداء بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وصرف المرتبات)، وهذا ما يجب أن يتحقق، لأنه السبيل الوحيد الذي يمكن أن يصل إلى نتيجة إيجابية حقيقية.
وبين عودة المعركة إلى ما كانت عليه وأشد على قاعدة “مجبر أخاك لا بطل” والشعب اليمني الصامد أهلٌ للبطولة والشجاعة وتحالف العدوان ومرتزقته يعرفون ذلك جيداً، ولكن بين عودة المعركة وتحقيق السلام بشكل شامل ودائم فرصة ذهبية متمثلة في نجاح ودعم الهدنة، التي إن تقدمت إلى الأمام سيولد من رحمها السلام وإن بقيت تدور حول نفسها واستمر الطرف المعتدي في إفشالها وإعاقتها وعرقلتها، فعليه أن يتحمل تبعات ونتائج فشلها ولن يستطيع ذلك، لأن غضب الشعب اليمني الصامد سيعصف بالطواغيت المعتدين وينكل بهم ومن ورائهم من المرتزقة العملاء، وهذا ما أكد عليه الرئيس المشاط في تهنئته بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، مخاطباً تحالف العدوان: ((أبواب الهدنة لن تظل مشرعة، ولن نسمح بأن تتحول إلى وسيلة يستخدمها العدوانُ للالتفاف على صمود الشعب اليمني))، لن تبقى أبواب الهدنة مشرعة ولن يطول صبر الشعب اليمني وقيادته وجيشه ولجانه الشعبية إلى ما لا نهاية، فإما السلام الحقيقي والشامل عبر هدنة حقيقية تتقدم للأمام بدون أي عراقيل، أو يستعد تحالف العدوان لصفعات وضربات يمانية موجعة تجبره على الندم وترغمه على الانصياع لتحقيق السلام الحقيقي للجميع، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ولله عاقبة الأمور.