أوروبا من صيف حار هو الأقسى في تاريخها إلى شتاء أكثر قساوة
أفق نيوز../
يبدو أن القارة الأوروبية على موعد مع شتاء قارس، ليس بسبب درجات الحرارة المتدنية فقط، بل يرجح أن روسيا سترد الدين لدول القارة العجوز عبر الطاقة فيما باتت أزمة الغاز الشغل الشاغل للحكومات الأوروبية مع الصيف الحار الذي تمر به حالياً واقتراب الشتاء القارس الذي تنتظره.
واضطرت بلدان الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد خطة لتخفيف استهلاك الغاز، وهو ما يوضح الموقف الصعب الذي وضعت به روسيا دول أوروبا بعد تراجع إمدادات الغاز الروسية عنها.
وتعتمد دول الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة الكهربائية وتوفير طاقة لوسائل التدفئة، بمتوسط واردات سنوية 155 مليار متر مكعب من روسيا، تشكل نسبتها 41% من إجمالي استهلاكها، وفق بيانات شركة غازبروم عن عام 2021.
وقطعت روسيا الغاز الطبيعي عن 5 دول أوروبية هي: بولندا، بلغاريا، فنلندا، الدنمارك، وهولندا، بينما أعلنت شركة غازبروم الروسية، قيامها بإيقاف ضخ الغاز لشركة كبرى في ألمانيا بينما فرضت دول الاتحاد الأوروبي 6 حزم من العقوبات والتي أثرت سلبا على البلد الغني في الطاقة.
وألمانيا من أكثر دول أوروبا تضررا من أزمة نقص الطاقة، وهو ما دفعها لإطفاء إنارة المعالم والمباني التاريخية في العاصمة برلين.
أما مدينة هانوفر الألمانية فقررت حظر استخدام الماء الساخن في المباني والمؤسسات العامة، كما خفضت درجات حرارة التدفئة، وأغلقت النوافير العامة والأضواء الخارجية لمبنى البلدية ومتاحف المدينة والمباني العامة الأخرى فيها، كجزء من حملتها لترشيد الطاقة.
ولم تتوقف ألمانيا عند ذلك بل أعلنت وسائل الإعلام المحلية، أن هذه القرارات هي البداية ومن المتوقع أن تتبع باقي مدن وولايات ألمانيا مدينة هانوفر قبل بداية الشتاء، كإجراءات استباقية للحد من أزمة نقص الطاقة المتوقعة مع حلول الشتاء.
وفي إسبانيا وصل الأمر برئيس الوزراء بيدرو سانشيز بالتخلي عن ربطة عنقه، طالبا من الوزراء والعاملين في المكاتب الاقتداء به من أجل المساعدة في توفير الطاقة عن طريق تقليل درجات برودة مكيفات الهواء لمواجهة موجة الحر التي تمر بها أوروبا حالياً.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية، في كلمة له: “أنا لا أرتدي ربطة عنق وطلبت من وزرائي ألا يفعلوا ذلك”، حتى يتمكنوا من المساهمة في توفير الكهرباء.
وتعمل وزارة التحول البيئي الإسبانية، على تشغيل مكيفات الهواء عند درجة حرارة 27 درجة كجزء من الحفاظ على الكهرباء وتقليل الاستهلاك.
وقالت الوزارة إن ارتداء ملابس خفيفة يمكن أن يساعد في تقليل الشعور بدرجات الحرارة المرتفعة، وبالتالي يحد من الحاجة إلى تشغيل المكيفات ببرودة مرتفعة مما يتطلب استهلاك أعلى للكهرباء.
وبخصوص باقي دول أوروبا، فقد توصلت دول الاتحاد إلى اتفاق لخفض طارئ لاستخدام الغاز في الشتاء تحسباً لقطع إمدادات الغاز الروسي عن دول الاتحاد تماماً، ودعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين دول الاتحاد إلى تخفيض استهلاكها من الغاز بنسبة 15%، في الأشهر المقبلة.
وقالت دير لايين، إن روسيا ستلجأ إلى قطع تصدير الغاز عن الاتحاد الأوروبي نهائياً في الأشهر المقبلة، ولهذا فإن دول الاتحاد مُطالبة بتخزين ما تستطيع من الغاز، من خلال الالتزام بالخطة التي عرضتها المفوضية الأوروبية على دولها الـ27.
وتؤكد الخطة على ضرورة أن تبذل كل دولة “كل الجهود الممكنة” لخفض استهلاكها الوطني من الغاز بما لا يقل عن 15%، بمعدل وسطي خلال العام، مقارنة بالمعدل المسجل في السنوات الخمس الأخيرة خلال الفترة نفسها.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد كشفت عن خطة من 10 نقاط لتقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، بأكثر من الثلث خلال عام.
وأشارت الوكالة إلى أنه إذا اتخذت أوروبا إجراءات أكثر صرامة، فبإمكانها خفض الاستيراد الأوروبي من روسيا بنحو 80 مليار متر مكعب، أي بأكثر من النصف، عن طريق عدم تجديد أي من عقود غازبروم الروسية التي تنتهي في 2022، والتي تقارب 15 مليار متر مكعب سنوياً، أي نحو 12% من صادرات غازبروم للاتحاد الأوروبي في 2021
وتوقعت دراسة ألمانية أنه من الممكن أن تشهد أوروبا فصولا جافة في المستقبل.
ويشير العلماء إلى أنه ومنذ ربيع هذا العام، شهدت أوروبا جفافا واسع النطاق أثر على مستويات المياه والزراعة وأدت إلى فرض قيود على استخدام المياه.
وقبل حلول الشتاء المقبل، ظهر سلاح الغاز الروسي من خلال قطع الإمدادات عن مجموعة من الدول رفضت فتح حسابات بعملة الروبل، امتثالا للعقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو وقطاعاتها.
وبحسب محللين في أسواق الطاقة، فإن هذه العقوبات قد تكون بالون اختبار لكيفية تعامل دول التكتل منفردة أو مجتمعة في مسألة قطع الغاز الروسي عنها، وهل سيكون البديل من دول الجوار.
وتعي روسيا أن الاستثمارات الحالية في سوق الغاز الطبيعي، لا تكفي لسد احتياجات مختلف دول العالم للغاز الطبيعي، في حال تحقيق فرضية قطع الغاز الروسي عن دول التكتل كافة.
وقالت روسيا في وقت سابق، إن الدول لن تأتي بالطاقة من القمر.. في إشارة إلى أن روسيا تعي حجم الإنتاج الحالي والمستقبلي للغاز الطبيعي والنفط.
وهذا يعني أن الشتاء المقبل، سيكون الأقسى على دول التكتل في حال حجب ما نسبته 17% من الإنتاج العالمي للغاز الروسي، والذي يمثل الإنتاج الروسي البالغ حجمه في 2020 نحو 638 مليار متر مكعب.