التواجد الأمريكي – الفرنسي – البريطاني في مناطق النفط اليمني.. سباق اللصوص لنهب ثروات شعب يئن تحت وطأة الفقر والمعاناة
أفق نيوز../
بينما ينشغل مرتزقة العدوان بالصراعات الدموية في ما بينهم في المناطق الجنوبية المحتلة وفيما يصارع الشعب اليمني من أجل لقمة عيشه جراء المعاناة المتفاقمة بسبب العدوان والحصار الذي يوشك أن يكمل عامه الثامن يتوالى توافد القوات الأجنبية إلى مناطق ثروات البلاد المنهوبة ليأخذ هذا التواجد العسكري جانبا علنيا بعد أن كان يتم بصورة سرية طوال السنوات الماضية بتمهيد مباشر من الاحتلال السعودي الإماراتي وبتواطؤ أدواتهما المحليين.
القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، أعلنت مؤخرا عن تواجدها بشكل واضح في مناطق شرق اليمن، بعيداً عن أي تستر، وهو الذي كانت دول الغرب تمارسه لإخفاء دورها في اليمن.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، كان قد أبلغ الكونجرس في الـ12 من يونيو الماضي نيته نشر قوات أمريكية في اليمن، لتشهد محافظات المهرة وحضرموت وشبوة بعد ذلك بأيام تحركات محمومة للقوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية.
هذه التحركات الميدانية للغزاة تم تدشينها – كما يقول مراقبون- باقتحام منزل قائد المقاومة الشعبية في محافظة المهرة الشيخ علي سالم الحريزي، بحضور ضباط أمريكيين وبريطانيين لأول مرة، وكان الهدف من عملية الاقتحام الإعلان عن حضور القوات الأمريكية والبريطانية بشكل مباشر في اليمن، وبما يشبه تدشين مرحلة جديدة من السباق المحموم للسيطرة على ثروات بلد يئن شعبه تحت وطأة الفقر والمعاناة.
وكشف وزير الخارجية اليمني الأسبق أبوبكر القربي، في تغريدة على حسابه في تويتر، يوم الأربعاء الماضي أن ” فيلقاً من القوات الفرنسية” وصل إلى ميناء بلحاف المخصص لتصدير الغاز اليمني المسال.
وصول القوات الفرنسية إلى بلحاف – بحسب مراقبين – يمثل سابقة خطيرة على ساحات الأحداث اليمنية، حيث لم يسبق أن أبدت فرنسا أي موقف، ضد تحويل منشأة بلحاف لتصدير الغاز المسال، إلى ثكنة عسكرية على يد قوات الاحتلال الإماراتي، رغم أن فرنسا تمتلك نسبة (39.62 %) من الشركة اليمنية للغاز المسال، إلا أن باريس غضت الطرف عن استغلال الاستثمارات الفرنسية لأغراض غير قانونية من قبل أبو ظبي، قبل أن تتحرك الحكومة الفرنسية بشكل يبدو غير منسجم مع مواقفها السابقة وتقرر إرسال قواتها إلى بلحاف، في تصرف يحمل الكثير من المؤشرات السلبية تجاه إمكانية وقف الحرب على اليمن.
وأرسلت الولايات المتحدة الاثنين الماضي فريقاً من الخبراء العسكريين لإجراء مزيد من الدراسات حول المكان الذي تخطط القوات الأمريكية لإنشاء قاعدة عسكرية فيه بحضرموت.
ويعتقد مراقبون أن الدول الغربية تتجه للتعامل مع الثروات اليمنية من الغاز والنفط باعتبارها “ثروة بلا صاحب” من خلال التعامل مع “حكومة” لا تمتلك أي صفة قانونية لتمثيل شعب اليمن، نصبها العدوان لتمرير الأطماع الأجنبية في اليمن، خارج مبادئ القانون الدولي، واحترام سيادة الدول.
الاستغناء عن الوكلاء الإقليميين والأدوات المحلية
يؤكد مراقبون ومحللون سياسيون أن اقتراب فصل الشتاء في ظل أزمة الوقود التي يعاني منها الغرب جراء تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، دفع دول حلف الناتو إلى البحث عن حلول لمشاكلها عبر احتلال مناطق النفط في اليمن
ويرى المراقبون أن الولايات المتحدة وبريطانيا، عملتا على تهيئة الأوضاع في اليمن، لحضور قواتهما بشكل مباشر، عبر الدفع بتحالف فاشل من السعوديين والإماراتيين، أثار بتصرفاته المتخبطة سخط اليمنيين بشكل متعمد، وبما يتيح الفرصة لحضور الاحتلال الأصيل ممثلاً بالأمريكيين والبريطانيين، والإعلان عن انتهاء مرحلة الأدوات، ومكاشفة اليمنيين والعالم أن واشنطن ولندن أصبحتا جزءا من الأزمة في اليمن.
وقد سبق لمسؤول في الخارجية الأمريكية أن أعلن في مارس العام الماضي صراحة أثناء الحديث عن “انسحاب القوات الأجنبية من اليمن، مستدركاً تصريحه “باستثناء بعض المناطق” المهمة، حسب تعبيره، وهو ما يدل على النوايا التي كانت تبيتها الولايات المتحدة تجاه اليمن، قبل أن يتم الكشف عن ذلك صراحة خلال الشهرين الأخيرين.
ويجمع الخبراء والمحللون السياسيون أن واشنطن تقود الحرب على اليمن، وعينها متجهة نحو السيطرة على طرق الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي إلى جانب أطماعها للهيمنة على ثروات اليمن النفطية.
ثروة هائلة
يُجمع الاقتصاديون والشركات المتعددة الأمريكية والأوروبية والروسية التي دخلت اليمن على أنَّ ثمة مخزوناً هائلاً من الثروة النفطية في اليمن، يقدّر وفق مصادر رسمية بـ11.950 مليار برميل، المعروف منها والمثبت بحدود 3 مليارات برميل نفط في حوض شبوة مارب وحوض سيئون – المسيلة، والتي تمثّل الأحواض المنتجة في اليمن، وتضع البلد في الترتيب الـ29 في تصنيف احتياطيات النفط، بمعنى أنَّه لم يستخرج منها حتى الآن سوى 20 %، فيما لا يزال أكثر من 80 % من الأحواض الرسوبية والمناطق الواعدة والمؤهلة لتكوين نظام بترولي غير مكتشف، وتحديداً في حوض جزع – قمر وحوض الربع الخالي بين المهرة وحضرموت ومارب والجوف، والتي يصفها خبراء النفط والجيولوجيا بـ”سيبيريا اليمن”، ناهيك عن الأحواض المغمورة، مثل حوض سقطرى وحوض البحر الأحمر (تهامة).
وتشير مصادر غير رسميّة إلى أنَّ محافظة الجوف وحدها في الجزء الشمالي الشرقي لليمن على الحدود مع السعودية تعوم على بحيرة من النفط، وبمخزون هائل.
الاحتياطي النفطيّ والغازي الهائل لليمن واحد من أسباب الصراع الدولي والإقليمي فيه، لأنَّ الموارد النفطية- بحسب خبراء الاقتصاد- هي أساس الثراء، كما أنَّ اليمن يمتلك موانئ استراتيجية مهمة مطلة على أهم الممرات الدولية والمياه العميقة المتصلة بالمحيط الهندي، ونقصد بذلك موانئ الحديدة وعدن والمكلا ونشطون، والتي لو استُغلت هذه الموانئ بشكل صحيح، لشكَّلت رافداً من أهم روافد الدخل القومي اليمني لو أتيح له المجال.
كان إنتاج اليمن قبل العدوان الأمريكي السعودي 127 ألف برميل يومياً، تمثّل 70% من موارد الموازنة العامّة ونسبة كبيرة من موارد النقد الأجنبي، وفق مصادر رسمية في حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة صنعاء.
وتستحوذ دول العدوان حالياً على المناطق النفطية في البلاد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، وعمدت منذ البداية إلى تعطيل أنبوب تصدير النفط الممتد من صافر في مارب إلى ميناء رأس عيسى في الحديدة، لحرمان المناطق الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى من حقوقها، كما عمدت إلى قطع مرتبات أكثر من مليوني موظف في القطاع الرسمي كوسيلة وأداة من أدوات الحرب، إلى جانب نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وفرض الحصار على ميناء الحديدة ومطار صنعاء ورفع الدولار الجمركي، بمعنى أنَّها جرَّدت صنعاء من معظم إيرادات البلاد، أي أكثر من 80 % من إيرادات الموازنة العام.
وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر مطلعة في وزارة النفط والمعادن التابعة لحكومة الإنقاذ أنَّ قيمة الكميات النفطية التي نهبتها دول التحالف السعودي وحكومة الفنادق تجاوزت 20 مليار دولار خلال السنوات الماضية، تستخدم جزءاً منها في تمويل الحرب العدوانية، فيما يذهب النصيب الأوفر إلى حسابات حيتان النفط والبنك الأهلي السعودي.
وتشير المصادر إلى أنَّ بعض الشركات، مثل شركة “كلفالي” القبرصية وشركة “أو إن بي” النمساوية المرتبطتين بـ”أدنك” الإماراتية و”أرامكو” السعودية، تتعاون مع تجار يمنيين متورطين بشكل مباشر في عملية تهريب النفط اليمني عبر ميناء النشيمة في شبوة، وبمعدل 3 ملايين برميل نفط شهرياً، إلى جانب كميات كبيرة جداً تهرّب عبر ميناء رضوم وميناء الشحر، والتي يتم عبرها تهريب النفط، وما يتم اكتشافه أقل بكثير مما لا يتم الإفصاح عنه.
ومع ذلك، تندفع حكومة المرتزقة إلى التفاوض مع أطراف دولية للحصول على قرض بقيمة 2.5 مليار دولار، مقابل ذهاب عائدات النفط الخام لسداد القرض وطرح بعض القطاعات النفطية للاستثمار أمام الشركات الأجنبية، رغم أنَّ جميع القروض والهبات والمنح التي استلمتها حكومة المرتزقة تسير لحسابات شخصية، ولا يستفيد منها المواطنون في مناطق سيطرة المرتزقة على الأقل – الذين يشهدون ظروفاً معيشية صعبة – في ظل غياب الخدمات وانقطاع المرتبات، ما يعني أنَّ هذه الحكومة التي تدَّعي الشرعية ليست سوى مجرد عصابة أجيرة تحركها دول العدوان الإقليمية والدولية في خدمة أجندتها وأطماعها في اليمن.
صنعاء وحقوق الشعب السيادية
تؤكد السلطات في صنعاء مرارا أنَّ استعادة منابع الثروة وتحريرها حقّ سياديّ للشعب لا يمكن التنازل عنه، وقد طرحت مؤخراً في “مبادرة مارب” ضرورة إعادة تشغيل أنبوب صافر – رأس عيسى، وضخّ النفط وتصديره وتشغيل غازية مارب، وتوزيع الحصص النفطية والغازية بالتساوي على جميع المحافظات، مع إعطاء أبناء مارب أفضلية في الوظائف والثروة.
معبِّرة بذلك عن ضمير الشعب اليمني الذي يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم ويرنو بشغف إلى استعادة ثرواته وقراره الوطني، ما يفرض على القيادة الثورية والسياسية المضي قدما في خيار التحرير لكل المحافظات النفطية وكل شبر من البلاد من دنس الغزاة والمحتلين، وذلك ما يقلق واشنطن وباريس الحريصتين على بقاء الخريطة الجيوسياسية التي رسمتها الحرب، بإبعاد صنعاء عن مارب والمحافظات الجنوبية حيث النفط والغاز وحيث تتواجد شركتا “هنت أويل” الأمريكية و”توتال” الفرنسية.. وغيرهما من الشركات والقوى الدولية الطامعة في ثروة الشعب اليمني، ولعل ذلك لن يكون عسيرا خصوصا وقد بات الجيش اليمني يمتلك من قوة الردع ما يجعله يمضي واثقا بنصر الله في معركة التحرير.
تأكيدات صنعاء ولأكثر من مرة جاءت على لسان الرئيس مهدي المشاط – رئيس المجلس السياسي الأعلى القائد الأعلى للقوات المسلحة وكذلك رئيس الوفد الوطني في مفاوضات السلام محمد عبدالسلام ووزير الدفاع في حكومة الإنقاذ وغيرهما، بأن شركات نهب ثروة اليمن لن تكون بمنأى عن الاستهداف العسكري وذلك لم يكن من باب المزايدة أو الاستعراض بقدر ماهو حاجة ماسة تفرضها المجريات على أرض الواقع وعلى العدو إدراكها بالشكل المطلوب.
(صحيفة الثورة)