حرب العقوبات بين روسيا والغرب.. من الرابح ومن الخاسر؟
أفق نيوز../
في خارطة الصراع الجيوستراتيجي الحديث ظل نظام العقوبات واحدا من أدوات العقاب الناعم الذي تستخدمه الدول الكبرى لمعاقبة أنظمة أو قادة دول أو سياسيين، ردا على خرقها القوانين المحلية أو الدولية، غير أن آثارها لم تكن تتجاوز الإضرار باقتصاد الدولة المستهدفة أو الضغط على بعض قادتها السياسيين، ولم تكن يوما سلاحا للردع، كما لم تكن سلاحا فعالا في زعزعة استقرار الدول أو الإطاحة بالأنظمة.
منذ نهاية الحرب الباردة استخدمت الولايات المتحدة سلاح العقوبات الاقتصادية ضد خصومها كوسيلة من وسائل الضغط السياسي على أكثر من 20 دولة من دول العالم، بينها قوى رئيسية مثل روسيا والصين. لتكون الولايات المحتدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم مسؤولة عن فرض ثلثي العقوبات على مستوى العالم.
لكن نظام العقوبات الواسع النطاق الذي فُرض على روسيا غداة اجتياحها الأراضي الأوكرانية بدا أشبه بزلزال كبير، إذ لم يستهدف ضرب الاقتصاد الروسي بزيادة كلفة الحرب أو تضييق الخناق على مسؤولين وحسب بل استهدف طرد روسيا من المنظومة الدولية كليا، ما خلف تداعيات اقتصادية وأمنية مست آثارها كل دول العالم وفي المقدمة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بأزمة الطاقة واختلال سلاسل التوريد وعاصفة التضخم التي تُسجل أرقاما عالية لأول مرة منذ أكثر من 30 سنة.
استخدم سلاح العقوبات طول الفترة التي تلت الحرب الباردة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الكبرى، بحق العديد من الدول التي تشهد نزاعات وأزمات، وسجل تداعيات محدودة على المسرح الدولي في العقوبات التي فرضت على إيران وكوريا الشمالية، لكنه برز بشكل مختلف كليا في الأزمة الروسية الأوكرانية، بعد أن حشدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون كل أنواع العقوبات لمواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا بما في ذلك قطاعات الثقافة والفن والرياضة والبحث العلمي والتعاون الدولي والفضائي.
خلال الفترة الماضية سرّعت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون والأسيويون، وتيرة العقوبات الاقتصادية على روسيا لتتجاوز الـ 11 ألف عقوبة، في خطوات متسارعة لا يزال العالم حتى اليوم يحبس أنفاسه من آثارها التي يمكن أن تفقد العديد من دول العالم المشاركة فيها، فرص استقرار اقتصاداتها الهشة، وخصوصا الدول التي لا تستطيع الصمود كثيرا أمام التداعيات غير المباشرة للعقوبات، وسط تقديرات صارت تُرجح انهيار بعض اقتصاديات العالم من تلقاء نفسها جراء هذه العقوبات.
حتى اليوم لا تزال العقوبات تمضي في شهرها السادس ولم تتحقق التقديرات التي كانت تشير إلى أن موسكو ستواجه ضغوطا شديدة في الثلاثة الأشهر الأولى لكنها تمكنت من إنتاج وسائل جديدة لتخفيف تأثير العقوبات استنادا إلى قوتها الاقتصادية وقدرتها عل تعزيز تحالفاتها مع العديد دول العالم بما فيها الدول المنخرطة في المعسكر الغربي.
أما الغرب فلن يكون بمعزل عن تأثير العقوبات التي بدأت تظهر جليا في التظاهرات والاحتجاجات على ارتفاع الأسعار في العديد من العواصم الغربية ويتوقع أن تظهر آثارها بقوة أكبر في الشتاء القادم.
خارطة العقوبات
في الأزمة الروسية الأوكرانية شاركت أكثر من 53 دولة في العالم بشكل مباشر في العقوبات الدولية على روسيا، يتصدرها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا واليابان لتبلغ حجما هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية بأكثر من 11 الف عقوبة مرشحة للتصاعد، في حين لم تنخرط أكثر دول العالم في العقوبات (نحو 140 دولة) بما فيها دول كبرى مثل الصين وكذلك الهند التي لم تستجب للضغوط الأمريكية بالمشاركة في العقوبات وظلت تشتري النفط والغاز والسلاح الروسي رغم أنها عضو في تحالف «كواد الرباعي» الذي يضم إلى جانب الهند، الولايات المتحدة وأستراليا واليابان.
شملت العقوبات الغربية على روسيا كل المجالات الاقتصادية والسياسية والإعلامية والاجتماعية، من حظر الصادرات النفطية، وتكبيل القطاع المصرفي وحظر الطيران، والاستثمارات في السوق الروسية، حظر توريد الصناعات والسكك الحديدية إلى تجميد أملاك المستثمرين والأوليغارش الروس، وفرض أكثر من 5 آلاف عقوبة على أشخاص ورجال أعمال وسياسيين بما فيهم أعضاء مجلس الدوما والبرلمان والدائرة المحيطة بالكرملين وصولاً إلى الرئيس فلاديمير بوتين وكبار معاونيه.
وأبعدت بعض البنوك الروسية عن النظام المالي العالمي سويفت للمدفوعات الدولية كما قررت واشنطن والعديد من دول الاتحاد الأوروبي، واليابان، ودول مجموعة السبع، وسويسرا، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، حرمان السلطات الروسية من الوصول إلى قسم كبير من احتياطيات روسيا من النقد الأجنبي في الخطوة التي أفقدتها نحو نصف احتياطاتها البالغة 630 مليار دولار وغير ذلك ممتلكات المستثمرين الروس في أوروبا.
زادت حدة العقوبات على روسيا بعد اتجاه العديد من الشركات المتعددة الجنسية إلى فرض عقوبات من تلقاء نفسها أو بضغوط من واشنطن وحلفائها الغربيين، حيث غادرت روسيا أكثر من 200 شركة، بينما عزفت أخرى على تجنب التعامل مع روسيا ووقف نشاطاتها فيها أو سحب الاستثمارات منها.
ومعظم العقوبات التي فرضتها واشنطن وحلفاؤها على روسيا، وجدت طريقها للتنفيذ استنادا إلى خلفيات سياسية وجيوستراتيجية ليس بعيداً عنها صراع النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا، الذي تعاظم منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها عام 2014م .
والحال مع دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 التي شاركت في العقوبات المفروضة على روسيا، كنتيجة للارتباطات السياسية والأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي وسمت علاقاتها مع واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية، حتى أن الدول الغربية أصبحت الواجهة الخلفية للولايات المتحدة في مواجهة المعسكر الشرقي المتمثل بالاتحاد الروسي.
الحال كذلك مع اليابان، فبعد 76 عاماً من الحرب العالمية الثانية، لم يتم حل الخلافات الحدودية بينها والاتحاد الروسي حول جزر الكوريل حسب التسمية الروسية وجزر الشمال حسب التسمية اليابانية والتي تتشكل من مئات الجزر وتوقفت جهود إبرام معاهدة سلام بين البلدين بشأنها، وهو الإرث الذي جعل اليابان اليوم من أكثر الدول الآسيوية التي فرضت عقوبات على روسيا، ودفعت موسكو إلى إعلان انسحابها من المحادثات الثنائية التي سعت في الفترة الماضية إلى توقيع معاهدة سلام.
آثار العقوبات
كان واضحا أن العقوبات الدولية على روسيا استهدفت في المقام الأول إرهاقها اقتصاديا وزيادة كلفة الحرب التي تقودها في أوكرانيا، غير أنها لم تكن بعيدة عن محاولات واشنطن والغرب زعزعت الاستقرار الداخلي في روسيا، بتدمير اقتصادها أولا ومن ثم الاستعانة بالنخب المالية ذات التأثير السياسي التي تدعم النظام الروسي، باعتبار أن تضييق الخناق عليهم سيقود إلى إثارة قلق داخلي أو انتفاضة تعمل على تغيير النظام السياسي في روسيا.
والقوة الاقتصادية لروسيا لم تجنبها آثار العقوبات كليا، فتأثير العقوبات بدا في غياب بعض السلع عن الأسواق الروسية بسبب توقف الشركات عن توريدها إلى السوق الروسية كما بدا في التدهور المؤقت لسعر الروبل قياسا بالعملات الدولية كالدولار واليورو، قبل أن يتعافى الروبل مقابلها ويحقق مستويات قياسية.
طالما أمل الغرب في أن تفضي العقوبات إلى آثار سلبية على الاقتصاد الروسي بعد مدى زمني متوسط، قد يصل إلى عام أو عامين، إلا أن الخطوات التي شرعت بها روسيا قللت الضرر بل وحققت بالمقابل مكاسب أكبر، كما حدث مع العملة الروسية الروبل الذي سجل في الأيام الماضية تحسنا كبيرا فاق وضعه قبل العقوبات، بعد أن انخفض لأكثر من الثلث مع بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
مع ذلك شهدت روسيا نزوحاً جماعياً للمهنيين الروس المهرة، كما انخفضت القدرة على استيراد السلع الاستهلاكية والتكنولوجيا بشكل كبير، في حين مثل الحظر المفروض على الصادرات إلى روسيا ضربة قوية لموسكو نظرا لاعتمادها على منتجات أمريكية وأوروبية بعينها، وخاصة السلع التكنولوجية مثل أشباه الموصلات، وأجهزة الليزر، ومعدات الملاحة والاتصالات.
وحتى اليوم لا يزال من المستبعد أن تؤدي العقوبات الأمريكية والغربية إلى زعزعة الوضع الداخلي الروسي أو الإطاحة بنظام بوتين، فهذا النوع من التكتيك يحتاج إلى وقت طويل، كما يحتاج لكي يحقق نجاحا إلى عوامل داخلية مساعدة، تبدو اليوم بعيدة تماما عن الوضع الداخلي الروسي.
الأبواب الخلفية
طبقا لتعبير « فورين افيرز» فإن العقوبات الدولية على روسيا أدت إلى عزل الاقتصاد رقم (11) في قائمة أكبر اقتصاديات العالم، في جميع الجوانب باستثناء قطاع الطاقة والمنتجات الحيوية، غير أن المحللين الاقتصاديين يؤكدون أن احتمالات نجاحها في إرغام روسيا على وقف عملياتها العسكرية والانسحاب من أوكرانيا بعيدة، ناهيك عن احتمالات فشلها في تدمير أو إضعاف الاقتصاد الروسي محدودة للغاية.
ذلك أن سلاح العقوبات يحتاج بالمقابل إلى الإرادة السياسية للتنفيذ، كما يحتاج إلى تنسيق ديبلوماسي واستخباراتي واسع النطاق لضمان الإنفاذ، وهو غير متوفر حتى الآن، في حين أن العقوبات عادة لا تكون قفلا للإغلاق 100 % بل أنها قد تعاني في الغالب ثغرات كثيرة يمكن استخدامها في أي زمان ومكان لتجاوز آثار العقوبات، ناهيك بأن القاعدة في العقوبات أن آثارها لا تقتصر على الأطراف المستهدفة فقط بل يشمل كذلك الأطراف التي فرضتها.
وقد سعت أمريكا من العقوبات الاقتصادية إلى وضع روسيا في قفص جيوسياسي يعرض اقتصادها للتأكل التدريجي اقتصاديا غير أن المعادلة بدت متغيرة مع الاقتصاد الروسي الذي يعتبر قويا بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي وأهميته تفوق بكثير أهمية اقتصاد الولايات المتحدة والصين على سبيل المثال، فروسيا هي المورد الأول للطاقة إليها كما أنها المورد الأول للمعادن الداخلة في كثير من الصناعات، ناهيك عن إمكانياتها القوية في قطاع التقنية والفضاء والسلاح.
ولم يعد خافيا أن الدول الأوروبية التي شاركت في العقوبات على روسيا، تعاني اليوم من أزمة حادة في الطاقة يرجح أن تقودها إلى نفق أزمات من ارتفاعات الأسعار التضخمية، وسيزيد الموقف جسامة عندما تنجح روسيا في إعادة توجيه صادراتها من النفط والغاز والفحم إلى دول آسيوية كالصين والهند وباكستان التي يمكنها استيعاب الطاقة الروسية لتكون أسواقاً مثالية لروسيا عوض الأسواق الغربية.
وبالنسبة للواردات الروسية من القمح فإن أكثر الأسواق الروسية لهذه المادة هي من الدول التي لم تشارك في العقوبات كدول القارة الأفريقية والشرق الأوسط، فإن تجارة القمح الروسي لن تتأثر خصوصا وأن أكثر من 25 دولة أفريقية تستورد أكثر من ثلث القمح من روسيا وأبدت مواقف سياسية مساندة لروسيا.
وانطلاقا من التوقعات الأمريكية البريطانية التي تشير إلى احتمال استمرار الحرب في أوكرانيا لعدة أشهر إضافية، فإنها تتوقع إمكانية تلافي تأثير العقوبات عليها خلال هذه الفترة وبعدها، خصوصا أن موسكو استطاعت الحصول على الكثير من السلع التي حظرت العقوبات تصديرها إلى روسيا، من تركيا، في حين أن ربط موسكو مدفوعات بيع الغاز والنفط الروسي للدول غير الصديقة بالروبل أضعف كثيرا تأثير العقوبات المالية التي استهدفت تدمير العملة الروسية ونظامها المالي.
والمؤكد أن لدى روسيا أبواباً خلفية عدة لتجاوز آثار العقوبات فهناك إلى جانب تركيا، الصين والهند وباكستان التي يمكن أن تشتري حاجتها من النفط والغاز الروسي بأسعار مخفضة، ويمكن أن تحصل منها على الكثير من السلع، ناهيك بما أتاحه ذلك من رفع حجم التبادل التجاري الذي قلل إلى حد كبير آثار العقوبات.
مزايا وخسائر
على أن دول الاتحاد الأوروبي تبدو اليوم ملتزمة بحزمة العقوبات المجدولة على روسيا في قطاع الطاقة، إلا أنها لن تستطيع الصمود أمام الخطوات التي اتخذتها موسكو في وقت مبكرة بتغيير نظام مدفوعات استهلاك الطاقة الروسية بالروبل، وهي الخطوة التي يُرجح أن تضطر معها الدول الأوروبية – على المدى المتوسط – إلى بيع روسيا كل أنواع السلع التي تحتاجها للحصول على الروبل، الذي يمكن أن يلبي لها احتياجاتها من النفط والغاز ما يضع العقوبات التي فرضها الغرب في خبر كان، كما سيضع الروبل الروسي منافسا للدولار واليورو في خانة العملات القابلة للتداول في الأسواق العالمية شأنها شأن الدولار واليورو.
ومن جهة ثانية، فإن العقوبات التي استبعدت روسيا من نظام سويفت، منحته ميزات إضافية من ممارسة الضغوط على العملات الغربية كالدولار واليورو، كما منحته فرصا كبيرة لم يحلم بها الروس من قبل، في الخروج من نظام الدولار كعملة عالمية وحيدة في المعاملات التجارية.
هذا الأمر بدا واضحا في إعلان الصين مؤخرا أنها لا تستبعد استخدام الروبل أو اليوان في تجارة الطاقة مع روسيا، مشيرة إلى أن الشركات الصينية تعتزم استخدام عملاتها بنشاط أكبر في التجارة مع روسيا «على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة، مع مراعاة التغيرات في وضع السوق».
أضف إلى ذلك التقارير التي تحدثت عن أن السعودية تدرس كذلك استخدام اليوان بدلا من الدولار لدفع مستحقات جزء من النفط الذي تصدره إلى الصين، في خطوة يمكن أن تضعف هيمنة العملة الأمريكية، الدولار، في سوق الطاقة العالمية، فضلا عن إظهار التقارب بين هذا المصدر الرئيسي للنفط، السعودية، مع شركاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ونظرًا لأن الصين هي أكبر دولة تجارية على وجه الأرض بحجم مبيعات يزيد عن 6 تريليونات من الولايات المتحدة، تقريبا 3 أضعاف حجم التجارة الأمريكية فإن الخطوة الصينية ستشجع الكثير من الدول الآسيوية على التجارة باستخدام سلة العملات الآسيوية متجاوزة الدولار الأمريكي.
وفي حين استمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بمصادرة حوالي نصف الاحتياطي النقدي الروسي البالغ 640 مليار دولار، فقد تمكنت روسيا من امتصاص تأثير هذه الخطوة بعد أن راكمت في خزينتها للطوارئ خلال السنوات الأخيرة ما يوازي 643 مليار دولار من الذهب والعملات الأجنبية الصعبة، كما قامت بالتخلص بصورة كبيرة من الدولار الأمريكي، بحيث انخفضت حصته في الاحتياطيات الروسية (من 46% في عام 2017م إلى حوالي 10% حالياً)، تحسباً للخروج من الاعتماد الأمريكي والغربي على الدولار الأمريكي والنظام المصرفي.
وتقول روسيا إن هذا الخزان النقدي أصبح متاحا لتعويض خسائر العقوبات الغربية على نظامها المصرفي والمالي، كما يمكن استخدامه لدعم الخسائر المؤقتة التي تكبدها المستثمرون الروس من العقوبات الأمريكية المفروضة على رجال الأعمال الروس.
ومن جانب آخر فإن الخطوة الأمريكية بتجميد الأرصدة الروسية ارتدت على الولايات المتحدة، إذ أنها أشاعت مخاوف دولية من أنه لا أحد في مأمن من سلاح المصادرة وهو ما بدا واضحا من تضاؤل اعتماد الدول في اقتصاداتها على الدولار الأمريكي والمعاملات المالية الغربية.
وأكثر من ذلك الاعتقاد السائد اليوم لدى الأوساط الاقتصادية الغربية بأن الخطوة الأمريكية بتجميد الأرصدة الروسية حولت الولايات المتحدة من دولة ضامنة للسلام والأمن والعالميين إلى دولة متسببة في الأزمات، وسط مخاوف من أن هذا السلاح قد يوجه يوما ضدهم.
تبدو أزمة الطاقة المتفاقمة في أوروبا، ستحول العقوبات المفروضة على روسيا إلى مزايا، وربما تتكفل هي بالرد الروسي الناعم على العقوبات التي انخرطت فيها الدول الأوروبية من اليوم الأول، فألمانيا – وهي من أقوى الاقتصادات في الاتحاد الأوروبي – تعاني من أزمة خانقة من جراء الارتفاعات الكبيرة في أسعار الغاز المستخدم في الصناعة والتدفئة، وهو ما دعا القيادي في رابطة النقابات الألمانية ستيفان كيرزيل إلى التحذير من عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة على ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي من جراء هذه الأزمة، في سلسلة أضرار تهدد سلاسل الإنتاج والصناعة والتوزيع يصعب إصلاحها وتلافي تأثيراتها، ناهيك عن تأثيراتها على البطالة.
هذا التحذير لم يكن يتعلق بألمانيا التي تملك أقوى اقتصادات أوروبا، بل يشمل كل الدول الأوروبية التي تخشى تحمل أعباء ثقيلة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في حين لن يكون لها تأثيرات كبيرة على روسيا وأهدافها في أوكرانيا.
الثورة / أبو بكر عبدالله