أفق نيوز
الخبر بلا حدود

اليمنيون.. بين هدنة معلنة وحصار مستمر

233

أفق نيوز – تقرير – احمد السعيدي
تم تمديد الهدنة للمرة الثانية، ولا يزال تحالف العدوان بذات الروح العدائية، يمارس الخروقات، ويستمر في القرصنة على سفن المشتقات النفطية، وهو ما يشير إلى غياب النية الحقيقية للدخول في عملية سلام شامل مع اليمنيين.
توقف ازيز الطائرات فوق رؤوس اليمنيين وأصوات الانفجارات في مساكنهم إلى حد ما، إلا أن المواطن اليمني لا يزال يعاني تداعيات الحصار الاقتصادي المستمر الذي أثر بشكل كبير على معيشته.
بهذا الاستخفاف، تحالف العدوان لا يزال يمارس ورقة الضغط الاقتصادية عبر استمرار احتجاز سفن الوقود غير عابئ بالتكلفة التي يدفعها المواطن بسبب الأسعار والغرامات التي ترتفع يومياً، كما لم يسمح بوصول الدواء والمعدات الطبية التي تخفف آلام المرضى، وحتى الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء لا تزال تخضع للمزاجية والتحكم من قبل دول العدوان، مع عدم الالتزام بعدد الرحلات المتفق عليها، وكل ذلك على مرأى ومسمع من الأمم المتحدة التي تغض الطرف عن معاناة اليمنيين الاقتصادية وفي ذات الوقت تصرح ببيع النفط اليمني من قبل مرتزقة العدوان والتنصل الدائم من قضية رواتب الموظفين….
حصار اقتصادي لثمانية اعوام
منذ بدأ تحالف الشر شن عدوانه على الشعب اليمني قبل ثمان سنوات لم يكن يغفل عن ورقة الحصار الاقتصادي لتركيع أبناء الشعب اليمني في حال فشل عدوانه العسكري والذي راهن بأنه لن يتجاوز الأسبوعين ومر العام والعامان بصمود يماني أسطوري ليواصل تفعيل ورقة الحصار الاقتصادي حتى العام الثامن، فعمد العدو إلى سياسة تجويع الشعب اليمني عن طريق الحصار والتلاعب بأسعار الدولار واحتجاز السفن الغذائية والمشتقات النفطية وإحداث زعزعة داخل الأوساط المعيشية والسوق وطباعة العملة النقدية المزيفة ونقل البنك المركزي إلى عدن وغيرها من السياسات التي أثبتت تخبطه وفشله.
مارس واستخدم تحالف العدوان كافة الوسائل الدنيئة والأساليب الخبيثة التي لم تستخدم في أي حرب سابقة عبر التاريخ لتحقيق أهدافه، فحاصر اليمنيين برا وبحرا وجوا وسيطر على منابع النفط والغاز وقام بنهبها، إلى جانب موارد الموانئ – عدا الحديدة – وحرم الشعب اليمني من ثرواته، في انتهاك صارخ لكل مبادئ وقواعد القانون الدولي وقام بطباعة العملة دون غطاء واستخدم أزلامه في الداخل لتضييق الخناق على الشعب لزيادة معاناته ومنع الغذاء والدواء
هدنة جاءت
لا شك أن الأحداث التي يشهدها العالم خصوصا حرب أوكرانيا وتداعياتها كانت من العوامل التي دفعت المجتمع الدولي وفي المقدمة أمريكا لتفعيل التهدئة، خصوصا بعد أن صارت عاصمتَا التحالف السعودي – الإماراتي ومنشآتهما الحيوية في دائرة الاستهداف اليمني، ثم تم اعتبار الهدنة من إجراءات بناء الثقة، وتمهيداً لاتفاق شامل ونهائي بين أطراف النزاع، إلا أن فعل التحالف العدواني استمر من خلال الحصار والقرصنة على السفن، وهو ما قد يستدعي جولات أخرى من الصراع كون الشعب اليمني لا يزال يتضرر من العدوان اقتصادياً وكل يوم تتدهور حياته المعيشية بسبب ارتفاع الأسعار وانقطاع الرواتب واحتجاز سفن المشتقات النفطية الذي سنتحدث عنه في السطور القادمة.
احتجاز المشتقات النفطية
رغم أن بنود الهدنة تنص على دخول المشتقات النفطية، إلا أن تحالف العدوان يواصل أعمال القرصنة على سفن المشتقات النفطية، حيث تم الاتفاق على دخول 54 سفينة نفطية، ولم يصل منها سوى 33 سفينة فقط منذ بدء الهدنة المؤقتة – بحسب البيان الأخير لشركة النفط اليمنية – التي طالبت تحالف العدوان الالتزام بالهدنة المؤقتة والإفراج عن سفينة المازوت التابعة لقطاع الكهرباء، كما قام تحالف العدوان بقيادة أمريكا باحتجاز سفينة الديزل سندس وسفينة المازوت فوس باور، بالرغم من تفتيشهما وحصولهما على تصاريح دخول ليصبح عدد سفن المشتقات النفطية المحتجزة حاليا ثلاث سفن، هذا بالرغم من استكمالها كافة إجراءات الفحص والتدقيق عبر آلية بعثة التحقق والتفتيش في جيبوتي (UNVIM)، وحصولها على التصاريح الأممية التي تُؤكد مطابقة الحمولة للشروط المنصوص عليها في مفهوم عمليات آلية التحقق والتفتيش، ورغم التزام الجهات المعنية في حكومة الإنقاذ بصنعاء بكافة التعاليم والإجراءات المفروضة ، وفي الوقت ذاته يتعمد تحالف العدوان إطالة فترة احتجاز السفن حتى تتساوى غرامات التأخير لكل سفينة مع قيمة حمولتها من المشتقات، وأحياناً تتجاوز غرامات التأخير ضعف قيمة الحمولة، ناهيك عن تلف حمولة سفن الغذاء والدواء، وقد سُجلت العديد من حالات التلف في السنوات الماضية، والنتيجة زيادة الأعباء على اليمنيين، وزيادة معاناتهم وعذاباتهم، والحكم عليهم بالموت البطيء عبر تدميرٌ ممنهج للاقتصاد الوطني اليمني، من خلال استهداف رؤوس أموال القطاع الخاص، وإيصال مُستوردي المشتقات النفطية في صنعاء تحديداً إلى حالة الإفلاس، وبالتالي تسليم الأسواق الشمالية لتاجر النفط العيسي الموالي للتحالف، وتسليم الأسواق الجنوبية لشركة أبو ظبي للخدمات النفطية.
دور الأمم المتحدة
في الوقت الذي يتعرض أبناء الشعب اليمني لتداعيات هذا الحصار، لا نجد حراكا من المبعوث الأممي ومن خلفه الأمم المتحدة بالشكل المطلوب للضغط على تحالف العدوان لإدخال سفن المشتقات النفطية، ولم نلمس سلاسة في دخول السفن النفطية كما ادعى المتحدث الأممي منذ بدء الهدنة حيث تتحرك فقط لجمع المساعدات المالية باسم الشعب اليمني بينما لا تتحرك لرفع الحصار عنه، بل إنها تحدثت في تقدير أصدرته مؤخرا عن قلقها على حياة الأسماك نتيجة أكلها للمواد البلاستيكية التي يتخلص منها الإنسان عرض البحر وتدعو للتحرك، ولا تفعل شيئا لملايين البشر الذين يموتون جوعا بسبب الحصار وعدم صرف المرتبات، ولعل هذه المعاملة ليست بغريبة على الأمم المتحدة التي تتعامل مع الدول بتمييز قبيح، فهم يعلمون أن هذا الإجراء التعسفي والظالم يُمثِّل أحد أسلحه القتل البطيء التي حرص تحالف الأعراب على استخدامها في حرب اليمن المنسية، المتحررة من كل أخلاقيات الحروب المُضمّنة مواثيق وعهود هيئة الأمم واتفاقيات فيينا الأربع واتفاق السويد والقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية بشأن النقل البحري.
القانون الدولي
ومن المعلوم أن القرصنة والحصار هما من أعمال “العدوان” كما عرّفتها الأمم المتحدة في قرار الجمعية العامة (3314) 1974م، وهو قرار دولي ملزم في تعريف العدوان، وجاء نتيجة لمقررات مؤتمر “كامبال” في نفس العام، لذلك فإن الحصار هو عدوان مثله مثل العدوان العسكري، ولكنه بالنسبة لنا في المجتمع اليمني هو أكثر فتكا وضررا بالشعب اليمني، لأنه يمس كل شرائح المجتمع وآثاره الاقتصادية والاجتماعية على مستوى الزراعة والجانب الصحي والجانب الخدمي وكل ما يعرض حياة الإنسان للخطر ولذلك فإن العقوبات الاقتصادية هي في ميثاق الأمم المتحدة انتهاك صارخ للميثاق الأممي كون الحصار الاقتصادي لا يطبق إلا من قبل مجلس الأمن، لأنه مرتبط بنظام الأمن الجماعي في المادة 42 من ميثاق الأمم المتحدة ومرتبط بالفصل السابع مباشرة وهو من اختصاص مجلس الأمن، ولذلك فإن الحصار القائم الآن على الجمهورية اليمنية عدوان شامل تجاوز العدوان العسكري الذي تكون آثاره في مناطق محددة، بعكس الحصار الاقتصادي الذي يتضرر منه كل مواطن يمني، والسكوت على ذلك من قبل مجلس الأمن أمر مخزٍ، بل وصل الأمر إلى التواطؤ والمؤامرة معه والشراكة في هذا العدوان، ولذلك من حقنا في الجمهورية اليمنية وسلطة المجلس السياسي الأعلى وعبر المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة أن نقاوم هذا العدوان بالطريقة الفردية والجماعية، حيث يدعو الميثاق الأممي الدول للوقوف إلى جانب الجمهورية اليمنية في مواجهة هذا العدوان وأن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته، ولذلك نحن ننتظر مواقف لأصدقائنا وأشقائنا في محور المقاومة وتتكاتف الجهود لكسر الحصار الاقتصادي المفروض علينا منذ ثمان سنوات، وحتى القرار 2216 الذي صدر في 2015م بعد العدوان مباشرة ليس فيه أي نص على الإطلاق يعطي دول تحالف العدوان الحق في فرض الحظر الاقتصادي على اليمن لذلك نحن من الناحية الشرعية والقانونية إذا قمنا بأي عمل فهو في إطار الدفاع الشرعي عن النفس وفقا لكتاب الله والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وفي النهاية يجب الإشارة إلى أن الحصار والسماح للمشتقات النفطية بالدخول هو اختبار حقيقي ومحك للهدنة المزعومة التي من المفترض أنها ستعمل على وقف العدوان على اليمن وهو اختبار لمصداقية السياسة الأمريكية الجديدة التي تعمل على اللعب عليها في ما يسمى حقوق الإنسان وهم يعلمون حجم المعاناة التي يعانيها جميع المواطنين في اليمن بسبب هذا الحصار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com