إعدام النمر.. قرار سياسي في مملكة تحكمها قوانين في رأس ملك خرف وأمير متهور
معارض سياسي خرج في تظاهرة.. فجاءت حيثيات الحكم: “شره لا ينقطع إلا بقتله”
تقرير/ محمد الباشا :
في تطوُّرٍ صادمٍ ومفاجئ يثيرُ غضَبَ كثيرين في داخل المملكة وخارجها، أعدمت السعوديةُ الشيخَ نمر باقر النمر، بعد سجنه لما يزيد عن 3 سنوات، على خلفية الاحتجاجات التي عمَّت المنطقة الشرقية في العام 2012 المطالِبة بمنح مواطنيها حقوقهم ورفع الظلم الواقع عليهم من قِبَل سلطات الأسرة.
ورغمَ الحملة الدولية الواسعة لإسقاط حُكم الإعدام عن المعارض السعودي الشيخ نمر النمر، وَلأن القرارَ سياسي بامتياز، يُعدم معارضٌ سياسيٌّ في مملكة آل سعود التي لا دستور يحكمُها، فقط تُحكَمُ من قبل أسرة بقوانين مزاجية لا سال حبرٌ لتدوينها ولا توجدُ إلا في رأس الملك والوجوه البارزة من الأمراء، بل اعتُبر سَنُّ دستور أمراً معارِضاً للشرع في نظر مذهب العائلة “الوهابي”، وأيّدت ما تسمى المحكمة العليا، وهي الجهةُ القضائية التي تكون مسيّسةً دوماً في هكذا أنظمة دكتاتورية لا يوجدُ فيها أدنى فصل بين سلطاتها.
ولم تكن تلك واقعة الإعدام الأولى بحق عائلة النمر، فعلى الرغم الإدانة العالمية، تواصل الحكومة السعودية تنفيذ أحكام الإعدام بمعدل مرتفع، آخرها الحكم على قاصر بالإعدام بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية إثر مشاركته في تظاهرات احتجاجية، حيث أعدمت السعودية علي محمد النمر عندما كان بعمر الـ18 عاماً؛ لمشاركته في احتجاج مناهض للحكومة ليحكم عليه لاحقاً بالإعدام مايو 2014.
ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، تتمتع المملكةُ السعودية بثالث أعلى معدل إعدام قضائي في العالم، لكن في الوقت الذي يغلب فيه تطبيق أحكام الإعدام بحق المجرمين، تعتبر قضية علي النمر الأولى التي يتم فيها تنفيذ حكم الإعدام بسجين سياسي في المملكة منذ عقود.
وقضت محكمة سعودية في 15 أكتوبر 2014 بإعدام الشيخ النمر، بعد محاكمته بتهمة “إثارة الفتنة” في البلاد، وذكرت المحكمة، في حيثيات حكمها، أن النمر “شره لا ينقطع إلا بقتله”.
وكان قدم الشيخ النمر اعتراضاً مكتوباً على الحكم في قرابة 50 صفحة، قام محامي بتسليمه للمحكمة في 16-11-2014م.
وأدين الشيخ النمر، الذي وصفته المحكمة بأنه “داعية إلى الفتنة”، بعدة تهم من بينها “الخروج على إمام المملكة والحاكم فيها؛ وإشاعة الفوضى وإسقاط الدولة”.
ما بعد الإعدام:
وخلّفَ الحكمُ الصادرُ على الشيخ النمر ردودَ فعل دولية واسعة: شجبت الحكم، ونددت به، وطالبت بإطلاق سراحه.
فكانت هناك مواقف واضحة عبرت عنها المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية والإعلام الدولي، كما تقدمت حكومات للحكومة السعودية بطلب إسقاط حكم الإعدام غير القانوني، والمخالف للعدالة والقوانين والدولية.
وكانت المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أكدت على أن الشيخ النمر “سجين رأي، نتيجة لدفاعه عن حقوق المواطنين ومطالبته بإصلاحات سياسية”.
العوامية تنتفض.. وآل سعود يواجهونها بالمدرعات
إنطلق آلافُ السعوديين من بلدة العوامية في طريقهم إلى القطيف سيراً على الأقدام تنديداً بإعدام عالم الدين السعودي البارز الشيخ نمر باقر النمر.
ودعا المتظاهرون في العوامية، الشباب إلى الرد السريع على جريمة إعدام الشيخ النمر.
هذا وتوجهت مدرعات تعزيزات عسكرية سعودية إلى محافظة القطيف وذلك إثر ارتكاب السلطات، اليوم السبت، جريمة إعدام الشيخ نمر باقر النمر، حسب “بانوراما الشرق الاوسط”.
قتلة «البوطي» هم أنفسهم من قتلوا «النمر»
واعتبر مفتي سوريا أن مَن اغتال الشيخ محمد سعيد البوطي في تفجير إرهابي عام 2013 هم أنفسهم من أعدموا الشيخ نمر النمر في السعودية اليوم، محذراً من أن إعدام الشيخ النمر يرادُ منه تدمير الأُمَّة الإسلامية وجرها لحروب فرعية، قائلاً: إن اليد الصهيوأميركية تتصرف باسم حكامٍ عرب.
وتابع: أسأل العالم كله، لماذا هذا الصمت، ألم يكن هذا الرجل (الشيخ النمر) سجين فكر، ألم يكن هذا الرجل سجين مبدأ وقيم، أين مجلس الأمن، أين الأُمَّة العربية والإسلامية، لم يكن الشيخ النمر يوماً شيعياً ولا سُنياً، كان مسلماً وكان حراً وكان رجلاً يدافع عن شعب مظلوم في المملكة، يدافع عن حقوق يجب أن تعطى لأهلها.
لا عجب، فآل سعود يعدمون أبناء اليمن كُلّ يوم
وطالب مفتي سوريا، العالم الإسلامي بأن لا ينجروا إلى حروبٍ يريدُها آلُ سعود تفقد الأُمَّة بوصلتها، معتبراً أن آل سعود يريدون وبدل أن يتوجه المسلمون إلى القدس يتوجهوا لبعضهم البعض.
وأوضح الشيخ حسون أن النظامَ السعودي يعدم كُلّ يوم الكثيرين من أبناء اليمن الأطهار الأبرار، جازماً أن النظام السعودي يعدم كُلّ يوم في سوريا بسبب أسلحته وأتباعه العشرات من الأطفال والنساء والرجال، وقال: اليوم جعلوا قمة هذه الإعدامات والاغتيالات إعدام هذا العلامة (الشيخ النمر).
تكريسٌ للنهج الطائفي وامتدادٌ للسياسات القمعية
وأدان رئيسُ ائتلاف دولة القانون في العراق نوري المالكي، السبت، قيامَ السعودية بإعدام النمر، واعتبره بأنه “تكريس للنهج الطائفي وامتداد للسياسات التعسفية والقمعية” التي كان ينتهجها النظام العراقي السابق بملاحقة دعاة الحرية والفكر.
وأضاف المالكي “لم يحاكم الشهيد على ارتكابه لجريمة إرهابية أو لانتمائه إلى تنظيم إرهابي، بل كانت جريمتُه الوحيدة هي المطالبة بالحقوق المسلوبة”، موضحاً أن “النمر قدّم أسمى مواقف البطولة والإيمان عبر مواجهته الشجاعة لأعتى نظام في أرض نجد والحجاز، وليس من العجيب استشهاد هؤلاء العظماء الذين قضوا عمراً في الجهاد في سبيل أهداف الإسلام، العجيب أن يموت مجاهدو سبيل الحق على الفراش، وأن لا يلطخ الطغاة أيديهم الأثيمة بدمائهم”.
وفيما استنكر المالكي “هذا العمل الإرهابي الآثم وندين بشدّة هذه الممارسات الطائفية المقيتة”، جدّد تأكيده أن “جريمة إعدام الشيخ النمر ستطيح بالنظام السعودي مثلما أطاحت جريمة إعدام الشهيد الصدر أبان نضام صدام”.
أمر لا يُصدَّق وليس بمصلحة العالم الإسلامي
إمام جمعة أهل السنّة بمدينة زاهدان الإيرانية، الشيخ مولوي عبدالحميد إسماعيل زهي، من جهته أكد، أن المسؤولين السعوديين تجاهلوا رسالةً بعثها شخصياً لهم طالب عبرَها بإلغاء حكم إعدام الشيخ النمر الذي “لا يصب بمصلحة العالم الإسلامي”.
وبيّن زهي العضو بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بان إعدامَ عالم دين تتبعه شريحةٌ كبيرة من المسلمين بهذه الطريقة، أمر لا يُصدَّق.
واعتبر الشيخ زهي بأن مصلحة العالم الإسلامي كانت تقضي بعدول المسؤولين السعوديين عن هذا الأمر لكون أن العالم الإسلامي بأمس الحاجة للوحدة في الظروف الحالية، مؤكداً أن إعدام الشيخ النمر ليس بصالح الإسلام وَالمسلمين.
سيهدم باطل آل سعود
وأدان حزبُ الله بشدة الجريمة النكراء التي ارتكبها النظام السعودي، والمتمثلة باغتيال العالم الكبير المجاهد الشيخ نمر باقر النمر، “بحُجَجٍ واهية وأحكام فاسدة وادعاءات فارغة، لا تستقيم على منطق، ولا تدخل بميزان عدل”.
واعتبر حزبُ الله في بيان صادر عنه أن السببَ الحقيقيَّ الذي دفع السلطات السعودية إلى الحكم بإعدام الشيخ النمر أنه صدع بالحق وجهر بالصواب وطالب بالحقوق المهدورة لأبناء شعب مظلوم، محكوم بالاستبداد والجهل، ومسلوب الحقوق والثروات، من قبل مجموعة فاسدة لا ترعى في خلق الله إلاّ ولا ذمة.
وإذ جَرَمَ أن ثباتَ الشيخ النمر على حقه حتى الشهادة سيهدمُ باطل آل سعود ويفنّد ادعاءاتهم ويبطل محاولاتهم الخبيثة لتشويه صورة هذا الجهاد عند أبناء الأُمَّة، أكد أن الجريمةَ التي افتتحت بها السلطات السعودية العام الميلادي الجديد تبقى وصمة عار تلاحق هذا النظام الذي قام على المجازر والمذابح منذ نشوئه وحتى الآن.
طالب المجتمعَ الدولي وهيئاته ومنظماته الحقوقية والإنسانية، كما كُلّ القوى الحيّة في أمتنا، بإدانة هذه الجريمة النكراء، ووضع السلطات السعودية في المكان الذي تستحقه في سجل الإجرام العالمي؛ نظراً لافتئاتها على عالم دين مسالم لم تتلوث يداه بالدماء، ولا ارتكب جريمةً، إلا قول لا للظلم والعدوان.
وحمّل حزبُ الله في بيانه، المسؤوليةَ المباشرةَ والمعنوية عن هذه الجريمة للولايات المتحدة وحلفائها الذين يقدّمون الحماية المباشرة للنظام السعودي ويغطون جرائمه الكبيرة بحق شعبه وشعوب المنطقة، ويدعمون عدوانه، ما يؤكد أن شعاراتها الواهية عن الحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان ليست إلا أكاذيب وأباطيل لا تخدع أحداً في أمتنا.
مفتاحٌ لثورة ستهدم أركان دولة الظلم فوق رؤوس آل سعود
وتوالت ردودُ الأفعال الغاضبة بين نشطاء التواصل الاجتماعي بعد تأكيد خبر إعدام السلطات السعودية لعالم الدين الشيخ نمر باقر النمر السبت.
وغرّد شامخ العراقي تعليقاً على جريمة إعدام الشيخ النمر بالقول: “ستكون دماء الشهيد النمر مفتاحاً لثورة كبيرة ستهدم أركان دولة الظلم والاجرام فوق رؤوس آل سعود”.
واعتبر “yousef fetouni” أن “الكلماتِ التي قالها الشيخ النمر عند سماعه خبر التصديق على إعدامه إن دم الضعيف سينتصر على قهر الحكام وسينتصر الدم على السيف”.
المغرَّدُ “ملل في ملل” قال إن هناك “مطالبات شعبية لفصائل المقاومة والحشد الشعبي بالعراق بإغلاق السفارة السعودية في بغداد وطرد سفيرها رداً على إعدام الشيخ نمر النمر”.
ورثى “supernova” الشهيد النمر قائلاً “عشت كريماً أبياً ومت شهيداً طيباً وألحقك الله بمواليك آل محمدٍ الطيبين الطاهرين وحشرنا معكم أجمعين اللهم آمين”.
“راية العز المقاومة” قال: عصابات آل سعود بعضهم من بعض.. لن يكلوا عن إسالة الدماء؛ لأن بقاء عروشهم من سفك دماء الأبرياء.
وأما “Omahmad” أكدت أن “مَن أعدم الشهيد المجاهد النمر ليس آل سعود، آل سعود أدوات تنفيذ أميركا والكيان الصهيوني وننتظر مراجعنا لتعيين تكليفنا الشرعي تجاه هذه الجريمة”.
آخر كلمات قالها الشيخ النمر قبل إعدامه:
“دم الضعيف سينتصر على قهر الحكام وسينتصر الدم على السيف”