الإصرار على احتجاز سفن المشتقات النفطية سياسات فاشلة وأوراق ضغط وأداة ابتزاز: عدم تحرك الأمم المتحدة يثبت شراكتها في العدوان على الشعب اليمني
أفق نيوز../
يتعرَّضُ الشعبُ اليمني لمعاناةٍ كبيرةٍ وشديدةٍ جراء ممارسات دولِ تحالف العدوان وتخلِّي الأمم المتحدة ووكالاتها عن مسؤوليتها تجاه اليمن لخدمة المشاريع الإقليمية والدولية المرسومة لليمن والمنطقة، حَيثُ تصر دول العدوان على الاستمرار في احتجاز سفن المشتقات النفطية، ولم تتحَرّك الأمم المتحدة التي أصدرت التصاريح للسفن لمتابعة دخولها إلى الموانئ المستهدفة وفرض سلطتها الأممية على جميع الأطراف أَو لتعويض الشعب اليمني عن الخسائر والأضرار التي لحقت به، ما يؤكّـد غطرسةَ الأمم المتحدة وسياساتها المفلسة تجاه الشعوب الحرة من جهة وشراكتها الأَسَاسية في العدوان على اليمن أرضاً وإنساناً.
ويؤكّـد عددٌ من الخبراء الاقتصاديين والمحللين السياسيين أن احتجاز سفن المشتقات النفطية رغم صدور التصاريح المطلوبة وتقييد حركة التبادل التجاري وعدم سلاسة الاستيراد والتصدير والإجراءات الأحادية غير القانونية، يتم خارج نطاق قواعد التجارة والملاحة الدولية وعسكرة لخطوط الملاحة الدولية وحصار عسكري غير قانوني وأعمال بلطجة واضحة مقابل الموانئ والشواطئ اليمنية، تتغاضى عنها الأمم المتحدة رغم التأثير السلبي الكبير على رفع من كلفة التأمين والشحن البحري للسفن المحملة بالسلع والمواد والمشتقات النفطية المتجهة لليمن.
سطوة دول العدوان
ويقولُ وكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون والتنمية، الدكتور عادل الحوشبي: إن القاعدة الاقتصادية تشير إلى أنه بارتفاع وسائل الطاقة سيكون له تأثيرٌ ملموس على مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية وتداعيات اجتماعية وإنسانية قد توصف بالكارثية، التي لطالما رقصت الأمم المتحدة محذرة منها، في حين سوف يقابله ارتفاعات شامله في أسعار السلع والخدمات، أي أنه يوجد تناسب طردي بين أسعار وسائل الطاقة وأسعار السلع والخدمات في أي بلد يعتمد على اقتصاد السوق كنموذجٍ اقتصادي له.
ويؤكّـد الدكتور الحوشبي في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أن الإصرار على احتجاز سفن المشتقات من قبل تحالف العدوان، السعوديّة والإمارات ومن خلفها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، رغم حصولها على التصاريح المطلوبة من قبل الأمم المتحدة، تثبت الأمم المتحدة يوماً بعد يوم أنها سوى مطية للدول الإنغلوسكسونية، المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والتي أنشأتها لكي تخدم مصالحها وتنفذ أهدافها وأجندتها الخَاصَّة والدول التابعة لها، السائرة في فلكها، وتثبت الوقائع والمواقف والأحداث العالمية بعد الحرب العالمية الثانية خذلان الأمم المتحدة للكثير من الدول والشعوب وانحيازها لدول الاستكبار العالمي وأبرز مثل للخذلان في الدول العربية والإسلامية فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والروهنغا وفي اليمن.
ويضيف ورغم التداعيات الناجمة عن احتجاز وقرصنة سفن المشتقات النفطية من قبل تحالف العدوان من أهم الأسباب المؤدية إلى ارتفاع السلع والخدمات وتدهور الأوضاع المعيشية في اليمن؛ كون الغرامات المالية الكبيرة التي تفرض جراء احتجاز السفن وعدم تفريغها في الوقت المحدّد لها، تضاف إلى التكاليف يتحمل عبئها في النهاية المواطن هذه التداعيات تتحمل مسؤوليتها إلى حَــدٍّ كبير الأمم المتحدة.
ويشير إلى أن الغرامات خلال الفترة 2019-يوليو2020م الناجمة عن احتجاز سفن المشتقات النفطية في موانئ البحر الأحمر حوالي 101مليون دولار، أي ما يعادل 61 مليار ريال، زيادة على ذلك حدوث ارتفاع كبير في رسوم التأمين البحري؛ بسَببِ المخاطر المحتملة والعمليات العسكرية على طول الشواطئ اليمنية، مما يعني حدوث ارتفاع كبير في تكلفة الشحن يلقي بظلاله على الأسواق المحلية لتضيف أزمة فوق الأزمات المتراكمة التي من أهمها تدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية بنسبة تقدر بنحو 64 % في المناطق الحرة وإلى أكثر من 80 % في مناطق سيطرة تحالف العدوان وأدواته، مما يزيد من تفاقم الوضع والاقتصادي وَالاجتماعي والإنساني ومع ذلك لم تتحَرّك الأمم المتحدة التي أصدرت التصاريح للسفن لمتابعة دخولها إلى الموانئ المستهدفة وفرض سلطتها الأممية على جميع الأطراف أَو لتعويض الشعب اليمني عن الخسائر والأضرار التي لحقت به.
ويزيد بالقول إن احتجاز سفن المشتقات النفطية رغم صدور التصاريح المطلوبة وتقييد حركة التبادل التجاري وعدم سلاسة الاستيراد والتصدير والإجراءات الأحادية غير القانونية، يتم خارج نطاق قواعد التجارة والملاحة الدولية وعسكرة لخطوط الملاحة الدولية وحصار عسكري غير قانوني وأعمال بلطجة واضحة مقابل الموانئ والشواطئ اليمنية، تتغاضى عنه الأمم المتحدة رغم التأثير السلبي الكبير على رفع من كلفة التأمين والشحن البحري للسفن المحملة بالسلع والمواد والمشتقات النفطية المتجهة لليمن، وخَاصَّة لمناطق حكومة الإنقاذ الوطني، بمرأى ومسمع الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة، مما سبب بارتفاع تكاليف الشحن إلى اليمن من جنوب شرق آسيا للحاوية 40 قدماً من 3200 دولار إلى حوالي 5400 دولار خلال الفترة 2018-2020م، بزيادة قدرها 70 %، مقارنة بحوالي 1800 دولار للشحن إلى ميناء صلالة بسلطنة عمان.
ويتابع حديثه هذه الزيادات الكبيرة في تكلفة الشحن سوف تضاف إلى الأسعار الاستهلاكية يتحملها المواطن، مؤكّـداً أن الأمم المتحدة تعرف جيِّدًا أنه كلما طالت الفترة الإضافية لاحتجاز السفن كلما زادت الغرامات المفروضة وبالتالي ارتفاعات في الأسعار النهائية، فعملية الاحتجاز مدفوعة الثمن تنتزع من قوت الشعب اليمني، وبالتالي فالأمم المتحدة شريك في الحصار الاقتصادي وزيادة معاناة الشعب اليمني.
ويوضح أن من أهم التداعيات الاقتصادية من احتجاز سفن المشقات النفطية الإخلال بجداول وسلاسل التوريد مما يؤدي إلى توقف أَو تعثر المؤسّسات والمصانع الإنتاجية وعرقلة عمل بعض القطاعات الهامة مثل القطاع الزراعي والسمكي والصناعات الاستخراجية والقطاعات الخدمية، له تأثير سلبي على الناتج المحلي الإجمالي وعملية النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى عدم توفر أَو تأخر وصول المشتقات النفطية سيؤدي إلى ازدهار السوق السوداء وارتفاع وتضاعف في أسعارها ينعكس ذلك على ارتفاع في تكاليف الإنتاج وبالتالي ارتفاع في أسعار السلع والخدمات، وكذلك انعدام المشتقات النفطية جراء احتجازها، وارتفاع الأسعار للسلع والخدمات يؤدي إلى انخفاض مستوى الاستهلاك للفرد وارتفاع معدل التضخم وتدهور مستويات المعيشة المنخفضة أصلاً، وارتفاع معدلات البطالة والفقر من النتائج والتداعيات الحتمية لارتفاع الأسعار جراء انعدام المشتقات النفطية؛ بسَببِ احتجاز السفن أَو غيره من الأسباب، هذا بالإضافة إلى حدوث انخفاض في جودة المنتجات والخدمات المقدمة للمواطن، وأكمل قائلاً: تؤدي فترات الاحتجاز الطويلة لسفن المشتقات النفطية خسارات كبيرة وضياع للفرص والمواسم في القطاعات الهامة مثل القطاع الزراعي والسمكي، إلى تهديد حياة الآلاف من المرضى في المستشفيات وخَاصَّة مرضى الفشل الكلوي جراء انعدام المحروقات اللازمة لتشغيل الأجهزة والمعدات، وَأَيْـضاً احتجاز سفن المشتقات النفطية وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين دفع القطاع التجاري إلى مراجعة سياساته التجارية والصناعية وعملية الاستيراد والاستغناء عن العديد من السلع وبعض المواد الأَسَاسية والأولية اللازمة لعملية الإنتاج وغيرها.
وينهي حديثه أن التداعيات الكبيرة والمعاناة الشديدة للشعب اليمني جراء ممارسات دول تحالف العدوان وتخلي الأمم المتحدة ووكالاتها عن مسؤوليتها تجاه اليمن لخدمة المشاريع الإقليمية والدولية المرسومة لليمن والمنطقة، تحتم على القيادة الثورية والسياسية اتِّخاذ إجراءات رادعة غير اعتيادية لدحر العدوان وتحرير اليمن من براثن تحالف المعتدين وغطرسة الأمم المتحدة المفلسة تجاه الشعوب الحرة.
ورقةُ ضغط وابتزاز
من جهته، يقول وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والإحصاء والمتابعة، الدكتور أحمد حجر: إن فشل دول العدوان الذريع في مختلف المجالات العسكرية والسياسية والإعلامية وإلى حَــدٍّ ما الاقتصادية جعلها تتشبث وبدرجةٍ كبيرة على العديد من السياسات الاقتصادية في حربها العدوانية مراهنةً على الوقت ولعل وعسى تستطيع تحقّق بعض المكاسب كأوراق ضغط على طاولة المفاوضات سواء لتمديد الهُــدنة أَو لإنهاء العدوان.
ويوضح حجر في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن من أهم هذه السياسات حجز سفن المشتقات النفطية لتحقيق عدة أهداف تتمثل في ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وبالتالي رفع أسعار مختلف السلع والخدمات؛ كون المشتقات النفطية مدخلاً رئيسياً لإنتاج كافة السلع والخدمات وهذا ما يترتب عليه التأثير مباشرة على مستوي معيشة السكان وبالأخص في ظل تراجع مستوى الدخول الحقيقية ما يجعل تدهور مستوى معيشة السكان عامل ضغط على متخذ القرار.
ويضيف إيقاف أَو الحد من عملية الانتعاش الاقتصادي، وبالأخص في المجال الزراعي نتيجة انعدام المشتقات النفطية أَو ارتفاع أسعارها ما يجعل المستثمرين يتردّدون في توسيع إنتاجهم، إلى جانب تراجع حجم الأنشطة الاقتصادية الذي يساهم في انخفاض حجم الأوعية الإيرادية، وبالتالي انخفاض حجم الإيرادات المحصلة ما يؤثر على مستوى أداء الأجهزة الحكومية، وَأَيْـضاً التكاليف الناجمة عن تأخر تفريغ سفن المشتقات النفطية لصالح الشركات الناقلة بالعملة الأجنبية، وهذا ما يزيد وما يساهم في زيادة أسعارها وبالتالي زيادة أسعار المشتقات النفطية في السوق المحلي.
ويختم حديثه: وكذلك إتاحة الفرصة أمام المهربين للمشتقات من المناطق المحتلّة لتحقيق أرباح كبيرة على حساب المجتمع وبالأخص في ظل احتكار استيرادها على هوامير الفساد، مُضيفاً تعكير فرحة المجتمع بالإنجازات في مجال البناء العسكري والذي تمثل في العروض العسكرية وخَاصَّةً العرض الأخير، وكذلك توجيه رسالة إحباط لمتخذ القرار في حكومة الإنقاذ أن ما زال لديهم القدرة في التأثير على مجمل الأوضاع دون أي اعتبار للاتّفاقات الموقَّعة، وبالتالي استخدام ذلك كأدَاة ابتزاز لتمديد الهُــدنة.
مخالفة كُـلّ الاتّفاقات المعلنة
من جهته، يشير الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أنيس الأصبحي، إلى أن الهُــدنة هي وقف الأعمال العسكرية لفترة محدّدة حسب اتّفاق طرفي الحرب، ويتحاشى كُـلّ طرف القيام بأفعال تغضب الطرف الآخر وتهدّد الهُــدنة، ويدخل في إطار الهُــدنة فك الحصار البحري والجوي والبري؛ باعتبَار الحصار شكلاً من أشكال الحرب، كما يجب وضع آليات التحقّق من الالتزام بمقتضيات الهُــدنة ورصد انتهاكاتها.
ويؤكّـد الأصبحي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أنه منذ بداية التمديد الأخير للهُــدنة لم تدخل أية سفينة وقود بالرغم أن هناك 9 سفن محتجزة قبالة سواحل جيزان تم تفتيشها وحصلت على تصاريح دخول من الأمم المتحدة.
ويضيف أن احتجاز سفن المشتقات النفطية ابتزاز وجريمة غير مبرّرة في ظل الهُــدنة المعلنة تزيد معاناة المواطنين في ظل غياب الطرف الدولي الذي يدعي أنها فرصة لإزالة القيود على المدنيين ويغض الطرف عن ممارسات تحالف العدوان وبالتالي هذه جريمة من جرائم العدوان على اليمن بقيادة تحالف الحرب العدوانية بقيادة السعوديّة والإمارات وبدعم من واشنطن، مُشيراً إلى أنها تعتبر من أخطر الجرائم الدولية وأكثرها فداحةً على الإطلاق؛ فهي الجريمة الدولية الكبرى التي تُرتكب في أثناها وخلالها وبمناسبتها العديد من الجرائم الدولية الكبرى، كجرائم الحرب والإبادة والحصار والجرائم ضد الإنسانية.
ويواصل حديثه أن استمرارَ احتجاز دول العدوان السعوديّ لسفن النفط ومنعها من دخول ميناء الحُديدة تسبب في تفاقم معاناة الشعب اليمني، موضحًا أن “احتجاز العدوان للسفن النفطية يتنافى مع أخلاقيات الحروب، ويمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي واتّفاق ستوكهولم” كما أن هذا الاحتجاز “يتعارض مع قرارات مجلس الأمن الداعمة لاتّفاق ستوكهولم التي نصّت على عدم إعاقة دخول سفن الوقود”.
ويؤكّـد أن المواقف الباردة للأمم المتحدة شجعّت الطرف الآخر على مواصلة الاستهانة بهذا الاتّفاق إلى حَــدِّ المطالبة بمقترحات جديدة تشرعن وتستوعب تراجعات طرف حكومة الارتزاق ومخالفاتها ومواقفها اللا مسؤولة”، مؤكّـداً أن “الموقف الضعيف للأمم المتحدة وعدم قدرتها على إظهار الموقف القانوني والإنساني تجاه مخالفات الطرف الآخر لا ينسجم مع ما ينبغي أن تكون عليه من توازن وحيادية ولا يخدم الثقة المطلوبة في ما قد ترعاه من اتّفاقات مستقبلاً، حَيثُ، ينبغي أن يكون للأمم المتحدة موقف واضح إزاءَ جريمة احتجاز السفن والدعوة الصريحة لاحترام اتّفاق السويد.
وينهي حديثه حالة الهستيريا تلازم إعلام العدوان، منذ الانتهاء من العرض العسكري المهيب في الحديدة، مُشيراً إلى أن الاصطفاف التحريضي الذي تقوده أمريكا وتروج له الأمم المتحدة لن يجديَ نفعاً في صرف الأنظار عن أولويات وقف العدوان ورفع الحصار وخروج قوات الاحتلال، ولن يثنيَ اليمنُ عن أعمال البناء النوعي وتطوير القدرات الاستراتيجية لتعزيز عوامل القوة وتحقيق توازن الردع لضمانة سيادة البلد على امتداد الشريط الساحلي، مستشهداً بقوله وهذا ما عاد وذكّر به نوابُ الشعب داعين تحالف العدوان إلى اغتنام الفرصة خلال ما تبقى من الهُــدنة المعلنة للخروج من المستنقع اليمني، وعدم التعرض لسفن المشتقات النفطية، وفتح كافة الموانئ والمطارات أمام الرحلات التجارية محذرين في الوقت ذاته من مغبة أي تمادٍ في التدخل بالشؤون الداخلية؛ كون ذلك يعرض الهُــدنة للخطر، وللشركات النفطية تحذير جديد ودعوة للالتزام بالاتّفاقات على أن تحييد قطاعات النفط والغاز لصالح مرتبات الموظفين هو الطريق الأقرب لإحلال السلام وتكريس الأمن في الإقليم.
(صحيفة المسيرة)