دمار ودموع وثبات من وسط ركام الخراب.. الصورة تحكي قصة عدوان بربري، وعدو بلا أخلاق
تعليق/ محمد محمد إبراهيم
بين السياسة وصراعاتها القاسية وتبعاتها المؤسفة على الشعب اليمني تحفل الذاكرة الفوتوغرافية والوثائقية بكمٍ هائل وغير مسبوق في مسلسل الأعوام الميلادية من تاريخ اليمن المعاصر، لتسجل منذ أول أيام العام 2015م الذي نودعه بفارغ من الصبر والتطلع إلى فجر أكثر إشراقاً بالسلام، وحرية السيادة واستقلال القرار والمصير.. وحين دلف الشهران الأولان للعام 2015م كان المشهد يسير باتجاه خيط أمل يلوح في الأفق السياسي للمجتمع اليمني.. هذا الخيط هو السلم والشراكة على قاعدة مخرجات الحوار الوطني الذي تمخض عن أربعة أعوام من الحرب والسلام والجدل والصمت الحذر، من الاشتباك بالأيدي إلى الصفعات الحرة إلى اللجوء إلى السلاح خارج طاولة الحوارات.. لكن الحوار كسبيل كان طوق النجاة الذي علق عليه الشعب اليمني آمال خروجه من بوتقة جنون الصدامات السياسية والنكسات الاقتصادية الحادة التي أفقد اليمن مواردها ومقدراتها وأوقف محركات عجلته التنموية..
وخلال الفترة( 1/يناير- 25/مارس 2015م) كانت أضواء طلائع العام تتكسر في اعوجاج الرجاء واليأس والاستبسال في التمسك بالتفاؤل، لتعكس الصورة العامة للمشهد اليمني- وإن تباينت أجزاؤها بين الأمل والألم- في مجملها ارتعاشات الحالة السياسية اليمنية التي تتحرك دراماتيكية أجزاءها وخيوطها بين أقطاب الخلاف السلطوي، والتي مهما كانت لن تفقد سبل الخلاص وحتمية التعايش اليمني اليمني.. غير أن خيط الأمل اختفى تماماً في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل من صبيحة الـ26 من مارس من العام 2015م حين شن التحالف العربي -بقيادة المملكة السعودية – عاصفة عدوانه الهمجي على كل مطارات الجمهورية اليمنية ومقوماتها الدفاعية واهماً بذلك أن الجو له، وأن تلك الضربة القاسية قد نجحت في إسكات وتركيع الشعب اليمني..
لكن ما الذي حدث… ؟؟! وبأي اتجاه ذهبت الصورة كأبسط وحدة في مشهد اليمن المترامي الأوجاع والمصائب والمصاعب. ؟!
في تلك اللحظة -لحظة الضربة التي لم تكن في وارد اليمنيين-وفي ذلك الليل الملغوم بصدمة بريء تلقى طعنة غادرة من شقيقه وبإيعاز من عدوهما المشترك، نسيَ اليمانيون خيوط الأمل التي يتمسكون بها، إذ لا جدوى منها، ولا مفر من مواجهة الذات اليمنية التي أسرفت في الخلافات، معتبرين أن صراعاتهم ليست طبيعية، وأن وراءها مخطط حقير كان يدار بكونترول أمريكي ومال الخليج الشقيق.. ليتركز -في تلك اللحظة وأمام حاضر ممزق ومستقبل مستهدف -جُلّ اهتمام شرفاء اليمن وأبنائها الوطنيين، حول البحث عن سبل النهوض من قعر السياسة وعتمة الصراع السلطوي، إلى يقظة الضمير عنفوان الرفض والحرب الوجودية.. واستنهاض ألوان الصمود الأكثر نجاحاً عبر مسارات تاريخهم، في وجه أي عدوان خارجي..
في هذه المادة سنرى كيف رسمت الصورة مفارقاتها المؤلمة والمحزنة والمفرحة والصامدة والمتسامية على الجراحات.. كيف تلون الدموع والدماء والدمار، وكيف عاش الطفل والمرأة والكهل تحت أزيز الطائرات المعادية، كيف تكشف أباطيل الألوان الزاهية والخطابات البراقة تجاه الوطن من كثير من أبنائها الذي يقفون في صف العاصفة، وكيف تكشفت أباطيل الخطابات الرنانة تجاه اليمن الشقيق من قبل أشقائنا الخليجيين، لتعكس الصورة معاني أكثر قتامة وتناقضاً مع كل ما قيل في فترة ما قبل العدوان الذي شهده العام 2015م..