وزارة الداخلية.. خطوات ثابتة في التطوير والبناء وإفشال مخططات الأعداء
أفق نيوز / تقرير/ محمد الفائق
يتجلى الأمن الذي تنعم به المحافظات الحرة في أبهى صوره تنظيما وتطورا نوعيا، وها هي وزارة الداخلية تسير بوحداتها ومصالحها وقواتها وكتائبها المختلفة شامخة، في أكبر عرض عسكري شارك فيه أكثر من 20 ألف ضابطا وفردا من منتسبيها، بعد أن نفضت عنها غبار العمالة والوصاية والتبعية، التي جثمت عليها على مدى عقود مضت، وأصبحت اليوم محل ثقة المواطن وصمام أمان للوطن.
وتزخر القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، بتمسكها الوثيق بالنهج الديني والوطني، وأصبح ولاءها اليوم لله وللدين وللوطن، وقدمت تضحيات كبيرة في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار والحفاظ على الجبهة الداخلية منذ ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، وحتى اليوم.
تركة محملة بالجراح والآلام
وجدت القوات الأمنية منذ نجاح ثورة 21 سبتمبر 2014م، تركة محملة بالجراح والآلام والقهر والظلم بعد أن بلغت المؤامرات الشيطانية ذروتها، لتفتيت اليمن وإثارة الانقسامات تحت عناوين طائفية ومذهبية ومناطقية، وتمزيق النسيج الاجتماعي وطمس الهوية الوطنية الواحدة، وترك نظام ما قبل 21 من سبتمبر الاختلالات الأمنية لأكثر من 3 عقود لتنمو، حتى أصبحت ظواهر معتادة، كالقطاعات في الطرق، وجرائم الحرابة، ونهب الأراضي، والسلوكيات التي كان يمارسها المشايخ والقادة العسكريون، بسلاح الدولة لنهب الممتلكات وترويع الآمنين وغيرها من السلوكيات التي كانت تُمارس برضى وموافقة النظام حينها.. وصارت كثير من الجرائم، وعلى رأسها الاغتيالات، أمرا مألوفا حتى لدى رجال الأمن، الذين كان عليهم فقط محاولة تفاديها والنجاة بأنفسهم، وسجلت الفترة من ٢٠١١ وحتى سبتمبر ٢٠١٤ أكثر من 300 جريمة اغتيال لكوادر عسكرية وأمنية، لم يتم ضبط احدا من مرتكبيها، ووصل الأمر إلى تمكين العناصر التكفيرية مما تسمى القاعدة وداعش، في التحرك بكامل الحرية وترتكب جرائمها تحت سمع ونظر الدولة، لتتمكن الجماعات التكفيرية من السيطرة على محافظتى البيضاء وابين في العام 2011، وإقامة معسكرات لها في الحديدة ومأرب والجوف، ولم تتحرك الدولة او حتى تعبر عن استيائها تجاه ذلك الوضع الخطير، ولم تشهر سلاحا او تحرك ساكنا لإنقاذ الشعب اليمني، باستثناء حروب شكلية زادت من تمكين تلك الجماعات من التوسع والتسلح.
تركة كبيرة
أدركت وزارة الداخلية حينها أن أمامها تركة كبيرة، تحتاج إلى جهود عظيمة وتضحيات لا تقف عند افشال المؤامرات الخارجية والداخلية وإنقاذ الشعب من شراك تلك المؤامرات والمخططات، بل يتطلب الأمر إلى العمل من النقطة صفر، لبناء الكادر الأمني وتسليحه بسلاح الإيمان والثقافة القرآنية، وبدأت اللجان الأمنية بقيادة الشهيد طه المداني، رضوان الله عليه، في رفع دراجات اليقظة الأمنية والانتشار المدروس والدقيق، لتأمين العاصمة صنعاء، والمدن والمحافظات، ووضع اللبنات الأولى والمداميك التي جعلت وزارة الداخلية ووحداتها الأمنية الاتكاء عليها، بقوة الأيمان وسلاح القرآن، وتسارعت خطوات البناء، حتى استشهد اللواء طه المداني سلام الله على روحه الطاهرة، واستمرت عملية البناء للقوات الأمنية، بالتوازي مع التحركات الحثيثة لاستئصال شأفة الجماعات الإرهابية، والتكفيرية، وملاحقتها في عقر أوكارها وجيوبها.
وحين أدرك العدو أن هناك تحرك عملي لبتر أياديه داخل اليمن، شن في الـ 26 من مارس 2015م، عدوانه الغاشم على اليمن ارضا وانسانا، ونفذ غاراته الصاروخية على الاحياء السكنية واستهدف كل مظاهر الحياة في اليمن، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين من النساء والأطفال وكبار السن واضعاف ذلك من الجرحى، ولم يستثن شيء، حتى وزارة الداخلية ووحداتها الأمنية وقطاعاتها ومصالحها لم تكن بمنأى عن ذلك الاستهداف الوحشي بغارات الطائرات الحربية، لأن العدو نفسه يعلم أن القوات الأمنية هي أول من بترت يديه، وافشلت أهدافه وأجنداته داخل الأراضي اليمنية.
ضبط الخلايا ووأد الفتن
لم تقف وزارة الداخلية عند حصر الأضرار أو ما شابه ذلك، بل انها أدركت منذ اليوم الأول للعدوان على اليمن، أن هناك تحرك متوازي الأضلاع بين دول العدوان وأدواته وخلاياه في الداخل، حيث تمكنت القوات الأمنية منذ بدء العدوان وعلى مدى ثمانية أعوام الماضية، من ضبط أكثر من 565 خلية منظمة، أغلبها كان يمولها ويذخرها العدوان، إلى جانب كشف وإحباط 347 مخططا تخريبيا إرهابيا كان العدوان قد حرك عملاءه وخلاياه الاجرامية لتنفيذها في جميع المحافظات الحرة.
كما ساهمت القوات الأمنية بشكل كبير في وأد الفتن التي مولها وتبناها العدوان السعودي الأمريكي أبرزها فتنة ديسمبر 2017م، وفتنة حجور 2019 وفتنة ردمان 2020م، وغيرها من الفتن الداخلية التي كادت تعصف باليمن، لولا عناية الله وفضله، وحكمة القيادة الثورية والسياسية، وقوة وبأس القوات الأمنية.
كل تلك الإنجازات لم تأت من فراغ، بل جاءت بتأييد إلهي وتضحيات عظيمة قدمها رجال الأمن بمختلف وحداتهم وتشكيلاتهم الأمنية، في سبيل تأمين المواطن، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وتعزيز حالة الامن والاستقرار في جميع المدن والمحافظات الحرة.
وزارة منتجة ومصنعة
عملت وزارة الداخلية على قدم وساق، في مواجهة العدوان وكسر الحصار المفروض على اليمن، منذ 8 أعوام، وتحولت من وزارة مستهلكة إلى وزارة منتجة ومصنعة، ابتداءً من زراعة الأرض وصولا إلى تصنيع المدرعات وعلى رأسها بأس 1 التي تم تدشين دخولها خط الخدمة الأمنية في ديسمبر 2020، وبأس 2 التي تم تدشين عملها الأمني في سبتمبر 2022، تزامنا مع احتفالات بلادنا بالذكرى الثامنة لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
وتعد مدرعة (بأس 2) فخر الصناعة اليمنية، وتم صناعتها بأيادِ يمنية، وفق مواصفات أمنية خاصة تؤدي أعمالها وفق درجة عالية من الدقة، إلى جانب امتلاكها الكثير من المميزات وتحمل برج رماية سلاح 12.7 MM بدوران 360 درجة، إضافة إلى سلاح مدفعي B10 متحرك ومحرك 6.0V8 بقوة 352 حصان، ويبلغ وزن (بأس 2)، 4 آلاف و500 كيلوجرام، وطولها يبلغ 5 أمتار و980 ملم، أما ارتفاعها فقد بلغ مترين و700 مليم، حيث أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد عبدالخالق العجري، في تصريح سابق تزامنا مع تدشين العمل في مدرعة بأس 2، أن دخول المدرعة الجديدة بأس أثنين، ستكون بعون الله رافدا كبيرا لمساندة رجال الأمن، في تعزيز استقرار اليمن وترسيخ الأمن والحفاظ على السكينة العامة.
وأشاد العميد العجري، بمستوى القدرات اليمنية في وحدة التصنيع الأمني، والتي تعد ثمار حرص السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي- يحفظه الله، والقيادة السياسية ممثلة بالمشير الركن فخامة الرئيس مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، على تنمية القدرات والتقدم في الصناعات المحلية المتطورة، تحقيقا لشعار الشهيد الرئيس صالح الصماد (يد تحمي ويد تبني).
التخطيط الاستراتيجي الشامل
وفي مجال التخطيط الاستراتيجي الشامل، كانت وزارة الداخلية حاضرة وبقوة وجعلت من هذا المجال بوابة لتعلن في العام الماضي عن الخطة الاستراتيجية الخمسية 2021- 2025م، كخطة نوعية ونموذجية احتوت على مشاريع كبيرة ذات أثر استراتيجي ستساهم بعون الله في احداث نقلة نوعية كبرى في أداء وزارة الداخلية والمصالح والمكونات والوحدات الأمنية التابعة لها، وحظيت الخطة الاستراتيجية لوزارة الداخلية بإشادة قيادة الحكومة، حيث أكد نائب رئيس الوزراء لشؤن الرؤية الوطنية رئيس المكتب التنفيذي لإدارة الرؤية محمود عبدالقادر الجنيد، أن وزارة الداخلية كانت الجهة الأولى على مستوى كافة مؤسسات الدولة التي استكملت خطتها الاستراتيجية الخمسية للمرحلة الثانية بصورة نموذجية مكتملة وفق منهجية التخطيط الاستراتيجي القومي الشامل.. لافتا إلى ان وزارة الداخلية أيضا كانت السباقة في الانتقال الى مرحلة التنفيذ وهي اول مؤسسة في الدولة تطلق خطتها الاستراتيجية الخمسية للمرحلة الثانية من تنفيذ الرؤية الوطنية.
وهو ما يؤكده أيضا معالي وزير الداخلية اللواء عبدالكريم امير الدين الحوثي، أن الخطة الاستراتيجية لوزارة الداخلية تأتي تنفيذاً لعملية تطوير الأداء، التي وجه بها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، والتي تركز على البناء والتحول النوعي، في الأداء الأمني، وإحداث تغيير واقعي، في السياسة والخدمات الأمنية، من خلال إجراءات حاسمة، لتصويب بعض المسارات، مع تعزيز الأمن والاستقرار، واحباط مخططات العدو، كأولوية قصوى، واستكمال إعادة هيكلة وبناء المنظومة الأمنية ثقافيا واداريا ومؤسسيا، كي تتوافق مع تحديات ومتطلبات المرحلة.
وأشار وزير الداخلية إلى أهمية ترسيخ ثقافة التخطيط والانطلاق في عملية التخطيط من الأسس والقواعد التي حددها القرآن الكريم واولها استشعار التوجيه الإلهي “أفمن يمشي مكباً على وجهة أهدى امن يمشي سوياً على صراط مستقيم” وعلى أساس أن التخطيط عبودية لله وطاعة لله وإذعان لأمره قال تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) باعتبار ان السبيل نحو القوة الشاملة هو التفكير والتخطيط الاستراتيجي الذي يحشد كافة إمكانات وموارد الدولة نحو القوة بمختلف مجالاتها العسكرية والأمنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية والعملية.
وأردف وزير الداخلية قائلا: لقد حرصنا بعون الله على ان تلبي الخطة الاستراتيجية للوزارة متطلبات التخطيط المثمر الحكيم من خلال اعداد خطة استراتيجية واحدة للوزارة انبثق عنها 63 خطة تنفيذية تفصيلية لعدد 68 مكون ووحدة من المكونات والمصالح والوحدات التابعة لوزارة الداخلية.
وأشار وزير الداخلية إلى أبرز التحديات قائلا: اننا نواجه عدو يسخر كل إمكاناته وطاقاته لقتلنا ومسخ هويتنا وعقيدتنا ويشتغل وفق خطط استراتيجية خبيثة وعميقة وشاملة وهذا يقتضي ان نرتقي بوسائلنا واساليبنا في مواجهته فالاستراتيجية لا تواجه الا باستراتيجية والاستهداف الممنهج والمنظم لا يواجه الا بخطط عملية ومدروسة وواقعية.
وأضاف: “لقد كان عطاء المؤسسة الأمنية ، وسيظل بعون الله، متصلا بالمدد الالاهي العظيم، وبعطاء المسيرة القرآنية الظافرة، ومسنودا بصمود وتماسك شعبنا اليمني العزيز، فالقيادة الثورية والسياسية، تولي الأمن أهمية قصوى، ويجب ان يكون الجميع عند حسن ظنها، من خلال العمل بإخلاص، على تحقيق الإنجاز، والبناء والتطوير، لتأسيس منظومة امنية متطورة ، تتكامل فيها ، مقومات البناء والتأهيل للإنسان باعتبار ان محور البناء الأساسي هو الانسان، مع تطوير البنية التحتية، والمنشآت التعليمية والتدريبية، والاهتمام بتطوير الأداء العملي وتطوير آليات وأساليب العمل بما يتوافق مع الثقافة القرآنية مع مراعاة الواقعية والظروف والوضعيات والتركيز على تحقيق الأمن وبسط العدل ، وترسيخ الالتزام بالقانون ، وتيسير تقديم الخدمات الأمنية والمدنية”.
خطوات ثابتة
وتمضي وزارة الداخلية بخطوات ثابتة إلى الأمام في التطوير والتصنيع والبناء حتى تحقيق أهدافها الاستراتيجية، والتركيز على الإصلاحات المؤسسية والبناء التنظيمي وتحسين الخدمات الأمنية والمدنية والاهتمام بالتدريب والتأهيل والتحصين الثقافي والايماني لمنتسبي الشرطة وتطوير أساليب مكافحة الجريمة المنظمة وفي مقدمتها مكافحة المخدرات والحرب الناعمة وغيرها والعمل على ترسيخ مبدأ الاحسان والعدالة الاجتماعية وترسيخ القيم الروحية والمبادئ والأخلاق والمثل العليا في أوساط المجتمع.