انعقاد مؤتمر علماء اليمن بعنوان “قضايا الأمة الإسلامية .. الهموم والتطلعات”
افق نيوز | عُقد بصنعاء اليوم مؤتمر علماء اليمن السنوي بعنوان “قضايا الأمة الإسلامية .. الهموم والتطلعات”، نظمته رابطة علماء اليمن بالتعاون مع وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة وهيئتي الأوقاف والزكاة، بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
وفي افتتاح المؤتمر الذي حضره رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أحمد يحيى المتوكل، ووزير الإرشاد نجيب ناصر العجي، نوه مفتي الديار اليمنية – رئيس رابطة علماء اليمن العلامة شمس الدين شرف الدين، بمشاركة علماء اليمن الذين اضطلعوا بمسؤولياتهم خلال المرحلة الراهنة وتجشموا عناء السفر لحضور المؤتمر لمناقشة هموم وتطلعات الأمة.
وأشار إلى أن العلماء هم نور الأمة وسراجها ومن يخدمون قضايا الناس ويأخذون بأيديهم، فضلاً عن أنهم ورثة الأنبياء الذين كانوا على قدر عال من الشفقة والرحمة والمحبة للناس .. مؤكداً أن الدعوة لجمع الكلمة ووحدة الصف أمر مطلوب، انطلاقاً من قوله تعالى “لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَىٰهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَٰاحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ”.
وأكد العلامة شرف الدين أن العالم لابد أن يتخذ موقفاً حاسماً وحازماً في الحياة .. وقال” إن الدعوة للتصالح والتسامح والمحبة والتراحم لا تعني بالضرورة المحبة للفاجرين والظالمين والمفسدين والطغاة وإنما للمسلمين”.
وأضاف “هناك أنظمة ودول تُباع فيها الخمور وأخرى يختلط فيها الرجال بالنساء وهناك دول وأنظمة تأتي بالقواعد الأمريكية، وهو ما يتنافى مع مّا ورد في كتاب الله في مسألة وجوب موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله”.
ولفت إلى أهمية تجسيد قيم المحبة والمودة والدعوة للتصالح التي هي دعوة الأنبياء عليهم السلام، حيث ينبغي أن يكون للعالِم موقفا أمام طغاة الأرض والفاسقين والفاجرين.
وقال:” هناك من يرى في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، أنه فتنة وهذا الكلام له تأثير سلبي في النفوس، كونه يتسبب في فتنة يظن أصحاب هذا القول أنهم بموقفهم هذا يصيبون، في حين أن الفتنة مذمومة، لكن ما تمر به الأمة بصورة عامة واليمن بشكل خاص بمثابة اختبار والقرآن مليء بالآيات الدالة على ذلك”.
وأكد مفتي الديار اليمنية أن العدوان على اليمن أمريكي بامتياز، فأمريكا عدو الإسلام والمسلمين وقواتها متواجدة في بعض من أجزاء في شرق وجنوب اليمن.
وتطرق إلى دور العلماء في الدعوة للمحبة والتصالح والتسامح، انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقهم في التوضيح والتبيين للأمة، بما يُحاك ضد اليمن من مخاطر.
وقال” إن اقتصار العبادات على الصلاة والصيام لا جدوى منها في الوقت الذي تنهب فيه الثروات والخيرات من أرض الوطن، وتنتشر الكبائر والمحرمات، ومصانع الخمور في بعض الدول العربية، فيما العلماء ساكتون ولا يحركون ساكناً “.. مطالباً العلماء الاضطلاع بمسؤوليتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بدلاً من التركيز على أمور فقيهة لا تسمن ولا تغني من جوع كالطهارة والطلاق والنكاح وغيرها.
وحث العلامة شرف الدين علماء الأمة على مراجعة الأحكام والفتاوى الصادرة عن البعض منهم، خاصة علماء الحرمين الذين يعتبرون الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بدعة، فيما يحيون احتفالات ما أنزل الله بها من سلطان.
وشدد على ضرورة أن يقول العالم كلمة الحق في المنبر والمحاضرات والدروس ويغذي الناس ويشبعهم بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، الذي هو أسوة وقدوة ليس في الصلاة والصيام فحسب وإنما في كل المعاملات، والجهاد في سبيل الله ضد أعداء الأمة.. داعياً العلماء إلى الالتفاف حول الصالحين والصادقين وموالاتهم.
فيما رحب رئيس هيئة الأوقاف – نائب رئيس رابطة علماء اليمن العلامة عبدالمجيد الحوثي، بالعلماء والمشايخ المشاركين في المؤتمر في رحاب سيد الأولين والآخرين وربيع الخير والعزة والكرامة.
وأشار إلى أن الله تعالى رفع قدر العلماء، ليس لمجرد العلم الذي يحملونه ولكن في حال تحملوا مسؤولية العلم وعدم خوفهم وخشيتهم في الله لومة لائم.. وقال” العالم يقول كلمة الحق ولا يداهن في الله وهكذا كنتم، جاء العدوان على شعبنا فسكتت كل المنظمات التي تدّعي تمثيل علماء الإسلام، وقتل مئات الآلاف من الشعب ولم نسمع أي إدانة أو احتجاج”.
وأضاف” العلماء قالوا كلمة الحق ولم يرهبهم العدوان أو الحصار والحالة التي يعيشها الشعب اليمني في ظل ظروف قاسية، لم يهمكم ذلك لأنكم عظماء بعظمة الإسلام ونظرتكم للأمة واسعة وليست نظرة مناطقية ولا عرقية ولا مذهبية”.
ولفت العلامة الحوثي إلى أهمية اجتماع علماء اليمن اليوم للنظر في مشاكل الأمة ووضع المعالجات لها، وبما يعزز من اللحمة الوطنية التي تؤكد حكمة اليمنيين.
وأكد أن علماء اليمن الأحرار على موقفهم في رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، ولم يكونوا مع العلماء الذين انحرفوا عن الأًصول والمسائل وارتموا في حضن اليهود والنصارى.. وقال” علماء اليمن لهم موقف آخر مفاده أن القدس، هي البوصلة والقضية المركزية والأولى، وباجتماعكم اليوم ستقفون على أهم قضايا الأمة المتمثلة في وحدة الصف وجمع الكلمة، لتكونوا بذلك أنموذجا لبقية شعوب الأمة التي مزقتها المخابرات الأمريكية الصهيونية”.
وحث على ضرورة أن يكون علماء اليمن مثالاُ في وحدتهم واجتماعهم على كلمة سواء لا يخشون أحداً إلا الله.. معتبراً اجتماع العلماء من مختلف المحافظات والطوائف والمذاهب على طاعة الله عز وجل والصدع بكلمة الحق، نعمة لا توازيها أي نعمة.
من جهته أشار مفتي محافظة البيضاء الشيخ حسين بن محمد الهدار إلى أن التعرف على سيرة رسول الله ومحبته هي من صلب الإيمان وفرضها الله على كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأوضح أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حمل الهم الكبير في نشر الدعوة، ما يجعل العلماء أمام مسؤولية كبيرة في نشرها في مشارق الأرض ومغاربها، بدلا من التقوقع والتقاعس عن أداء واجبهم.
وقال “أتيحت لنا الفرصة لقول كلمة الحق، في المساجد وبعد الصلوات من خلال المحاضرات والندوات وغيرها، للبحث عن علاج لقضايا الأمة”.. لافتا إلى أهمية استغلال هذه الاجتماعات كمحطات إيمانية تعود بالخير والصلاح على الأمة.
وتطرق الشيخ الهدار إلى المعاناة والشدة والبلاء الناتجة عن العدوان والحصار، والتي جعلت الكثير من الأسر لا تجد ثمن الرغيف والماء والمأوى، ما يتطلب من الجميع التراحم والتكافل فيما بينهم عملا بقول الله تعالى “ويطعمون الطعام”.
بدوره أشار فضيلة العلامة محمد العيسوي، إلى أهمية انعقاد مؤتمر علماء اليمن بالتزامن مع الاحتفال بذكرى المولد النبوي الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور.
وتطرق إلى موقف العلماء مما يحدث من تطبيع بعض الأنظمة العميلة مع العدو الصهيوني.. مؤكداً أن التطبيع بدأ منذ عام 1948م عندما التقى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت مع ملك السعودية عبدالعزيز آل سعود للتوقيع على وثيقة إعلان دولة إسرائيل.
واعتبر العلامة العيسوي، الدول المطبعة مع العدو الصهيوني، مرتدة عن الإسلام، وعلى العلماء أن يحملوا على عاتقهم المسؤولية في معالجة قضايا الحرمين وفلسطين وجمع الكلمة على قلب رجل واحد حتى يتحقق نصر الله.
وأعرب عن الأسف في أن تعيش الأمة في زمن الرويبضة التي صنعها اليهود ليتولوا أمر الأمة ويحرسون اليهود في بلاد المسلمين.. لافتاً إلى أن من الإرهاصات التي بدت واضحة لتحرير فلسطين والأقصى الشريف ظهور شجرة الغردق في صحراء النقب التي يخرج اليهود لقلعها متى ظهرت، وذلك يبشر بزوال العدو الصهيوني.
كما بارك الشيخ علي العكام اجتماع العلماء الأجلاء في هذا اللقاء إرضاءً لله تعالى وتشريفاً للنبي الكريم .. وقال “في هذه الأيام وهذا الشهر بل وفي كل الأيام وعلى مدار السنة يطيب الحديث والكلام عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا أجل ولا أشرف ولا أرفع قدراً بعد الحديث عن الله عز وجل وأسمائه وصفاته وألوهيته من الحديث عن النبي”.
وأوضح أن الحديث عن النبي، وميلاده ليس مجرد حديث عن شخص بعينه ولا عن رجل ولا عالم، أو حاكم أو ملك من ملوك الدين، بل عن ميلاد الهدى والنور الذي هدى الله به الأمة وهي في ضلال معتم وشتات وتمزق، فأنار الله به قلوب وعقول أناس كانوا في جهل، وساد العدل أرجاء المعمورة.
وأشار إلى أن الأمة الإسلامية اليوم في مشارق الأرض ومغاربها تعاني هموما ومشاكل كثيرة تتطلب العمل على معالجتها والسعي لرفعها عن الأمة.. لافتا إلى أهمية أن يكون اليمنيون سببا لدفع الأضرار والمشاكل عن الأمة اقتفاء لأثر النبي، ومنها المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
ولفت الشيخ العكام إلى أن النبي استطاع وهو يتيم ووحيد أن يزيح عن الأمة همومها ويرفع مشاكلها ويجمعها على قلب رجل واحد بعد أن كانت متناحرة ومتطاحنة، لأن همّه إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وأن ينقذ البشرية جمعاء من عذاب وسخط الله.
الأمين العام لاتحاد علماء المقاومة في لبنان الشيخ الدكتور ماهر حموّد، اعتبر انعقاد مناسبة هامة يجتمع فيها علماء المسلمين الأحرار الذين لا يخضعون إلا لنداء الله وصوت الضمير، في ذكرى سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم.
وأكد الحاجة لتفعيل الالتزام بنهج النبي الكريم ورسالته العظيمة التي أوكله الله بها وختم بها الرسالات.. وقال :” نحن في عصر تتجلى فيها كل التحديات التي ذكرها المصطفى في أحاديثه النبوية، بقوله (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم)”.
وأشار الدكتور ماهر إلى أن الأمة إذا ما استسلمت للتطبيع والسيطرة والهيمنة الأمريكية، فقد تركت مقاصد الإسلام وأهدافه الكبرى.
وأضاف :”إن كنا مسلمين بالفعل كأمة مسلمة فعلينا أن نجتنب الطاغوت، لأن عبادة الله يليها مواجهة الطاغوت”.. لافتا إلى أن الأمة اليوم مستسلمة للطاغوت الأمريكي، الذي تحطم في سوريا ولبنان وفلسطين واليمن.
وأكد الأمين العام لاتحاد علماء المقاومة أن محور المقاومة لا تغيره الظروف ولا الانحرافات والتباين الاقتصادي والأموال ولا مؤامرات المتآمرين، فهي صامدة على الحق الذي أنزله الله.
ولفت إلى أن أهل اليمن ضربوا مثالا عظيما في الصمود ومواجهة التحديات، رغم الإجرام السعودي الإماراتي الصهيوني الأمريكي الذي يحاصر الجميع.. مؤكدا أن من حق هذه الفئة أن تحتفل برسول الله، بينما يقوم الآخرون بتزوير سيرة المصطفى وتفسير القرآن الكريم بما يتناسب مع أهوائهم من أجل تبرير انحرافهم ورضوخهم للأعداء.
وأُلقيت في المؤتمر كلمات للمتحدث باسم مجلس علماء فلسطين الدكتور محمد رعد، ورئيس مجلس الأمناء في تجمع علماء المسلمين بلبنان الدكتور غازي حنينة، والشيخ محمود سعيد ممدوح أحد مشايخ الأزهر، حيوا فيها أبناء اليمن على تعظيم ذكرى المولد النبوي الشريف، تجسيداً لما عُرف عنهم من مناصرة رسول الإنسانية محمد عليه الصلاة والسلام حباً في رسول الله وإطلاق الشعارات الداعمة للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ولفت المتحدثون إلى ما شهدته فلسطين من أعمال تهجير للسكان وتدمير المنازل والعمل على تهويد القدس من خلال مواصلة اقتحام المسجد الأقصى وتدمير المعالم الإسلامية في فلسطين من قبل المتطرفين الصهاينة بدعم من قبل قوات العدو الصهيوني.
وأوضحت الكلمات أن ما يحز في النفس هي الطريقة التي يتم التعامل بها اليوم، مع مناسبة مولد نبي الرحمة الذي علم الأمة كيفية التعامل مع أعدائها ومع المسلمين بقوله عز وجل “وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”.. مبينا أن إحياء المولد النبوي يتم بإجماع المسلمين سنة وشيعة.
وأشادت الكلمات بمواقف أبناء الشعب اليمني ودعمهم للشعب الفلسطيني الذي يعيش منذ 75 عاماً تحت الاحتلال، قدّم خلالها آلاف الشهداء والجرحى وما يزال يكافح ويجاهد ويناضل رغم تطبيع الخونة من الأعراب الذين طعنوا الشعب الفلسطيني والقدس والأقصى في خاصرته.
وحث المتحدثون على ضرورة ترسيخ السيرة النبوية المطهرة في أذهان الأجيال وتكريس الوحدة الإسلامية بين المسلمين، ورفع شعار تحرير فلسطين وتوجيه بوصلة العداء للعدو الصهيوني وتحرير المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وأعربت الكلمات عن الأمل في أن يكون شعار القدس في مناسبة المولد النبوي مع شعار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، للارتباط الوثيق بين المسجدين الحرام والأقصى.. مؤكدة أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم جسد وحدة أبناء الأمة منذ وطأت أقدامه المدينة المنورة عندما آخى بين المهاجرين والأنصار وشيد المسجد الجامع الذي يبني الأمة الإسلامية، ويجتمع فيه الفقراء والأغنياء والسادة والعبيد.
وحذرت الكلمات من الالتفات لخطوات الشياطين التي تدخل من المسائل الفقهية والتفسيرية لتشعل الفتنة بين أبناء الأمة، والمتدينين هم أكثر عداوة فيما بينهم، ما يتطلب عدم الوقوع في مزالق الشيطان الذي يتخذ من يتخذ من التفصيلات الفقهية مدعاة للفتنة وإثارة المشاكل.
كما حثت الكلمات على الابتعاد عن المشاحنات والتضارب والإقصاء، وتجسيد قيم التآخي والتقارب، وأن يكون النقاش في حدود الاختلاف، لا يتطور إلى قتل النفس أو الإقصاء والتكفير.. مؤكدة أن القرآن والسنة النبوية العطرة وأهل البيت عليهم السلام مظلة للأمة من الوقوع في الفتنة كما قال تعالى وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”.