أفق نيوز
الخبر بلا حدود

عودة الصراع إلى اليمن.. أنصار الله تبث الرعب في أروقة الرياض

525

أفق نيوز../

كان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ قد أعلن، الأحد 2 أكتوبر/تشرين الأول، عدم توصل تحالف العدوان وحكومة صنعاء إلى اتفاق على تمديد الهدنة التي كانت سارية في البلاد منذ ستة أشهر.

وعلى الرغم من إشارة الدبلوماسي السويدي إلى أن المفاوضات مستمرة، إلا أن المعارك بين الجانبين تجددت بالفعل جنوبي البلاد، إذ أفادت بعض المصادر الاخبارية بأن اشتباكات اندلعت في جبهتي الضالع (جنوب) وتعز (جنوب غرب)، بين قوات المرتزقة وقوات أنصار الله، بعد ساعات فقط من انتهاء الهدنة الساعة 16:00 بتوقيت غرينتش من مساء الأحد.

وبينما انتهى وقف إطلاق النار في اليمن، فإن قادة حركة أنصار الله اليمنية مصممون على مطالبهم هذه المرة وجعلوا تمديد وقف إطلاق النار مرهونًا بتنفيذ شروطهم. وأعلنت جماعة أنصار الله في اجتماعها الأخير أن تمديد وقف إطلاق النار في اليمن مشروط بعمل التحالف السعودي المعتدي في إعادة فتح الطرق والمطارات والموانئ ودفع رواتب جميع موظفي الدولة.

وأعلن المجلس السياسي الأعلى اليمني أن جميع المقترحات والخطط التي قدمت إلى المجلس الأعلى لهذا البلد أو ستعرض لاحقاً وستتم دراستها واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها بناءً على المرونة الوطنية لليمن وتخفيضها من معاناة الشعب اليمني. كما أكد المجلس السياسي الأعلى اليمني في هذا الاجتماع أن زيادة التنازلات من وقف إطلاق النار وتعزيز الجوانب الإنسانية لهذا العمل، ومن أهمها دفع رواتب جميع موظفي الحكومة، وإعادة فتح المطارات، والموانئ والطرق، سوف تساعد على حل الصراع.

ولقد أعاد أنصار الله تأكيد شروطهم، في حين لم يفِ السعوديون بالتزاماتهم في الأشهر الستة الماضية منذ اتفاق وقف إطلاق النار مع التحالف المعتدي، وخرقوا دائمًا وقف إطلاق النار بهجماتهم المتكررة.

بينما كان من المفترض، حسب الاتفاقات، إعادة فتح مطار صنعاء وتسيير رحلتين أسبوعياً لنقل المرضى والجرحى من الحرب إلى الأردن، لكن كان هناك الكثير من الانقطاعات من قبل السعوديين في هذا الصدد.

وكانت أهم بنود وقف إطلاق النار إعادة فتح الموانئ وتزويد اليمن بالوقود الذي أوقفته السعودية في هذا الاتجاه ولم تسمح بإعادة فتح الموانئ، ودائماً ما استولت على شحنات الوقود، الأمر الذي أدى إلى حدوث رد فعل حاد من أنصار الله. وبعد هذه الخروقات، لم يعد اليمنيون يثقون في تنفيذ بنود وقف إطلاق النار مع التحالف السعودي، ولهذا أعلنوا عن شروطهم النهائية هذه المرة، وهو إنذار للمعتدين إما للوفاء بالتزاماتهم أو الاستعداد لمواصلة الحرب، وبعد تمديد وقف إطلاق النار في أغسطس الماضي، أعلن أنصار الله أنهم لن يمددوه مرة أخرى في حالة انتهاك الاتفاقات، ورغم التحذيرات المتكررة، لم يستمع السعوديون لهذه التحذيرات.

 

الأمم المتحدة تدين جميع الاطراف

مساء الأحد، أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن أسفه لعدم التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة في البلاد وحمل غروندبرغ في بيانه، جميع الاطراف، المسؤولية عن عدم تمديد الهدنة، التي كانت قد دخلت حيز التنفيذ يوم 2 أبريل/نيسان الماضي لمدة شهرين تم تجديدها مرتين، مؤكداً “استمراره في العمل مع كلا الجانبين لمحاولة إيجاد حلول”.

وقال الدبلوماسي السويدي في بيانه: “يأسف المبعوث الخاص للأمم المتحدة لعدم التوصل إلى اتفاق اليوم، حيث إن الهدنة الممتدة والموسعة من شأنها توفير فوائد مهمة إضافية للسكان”، مضيفاً إنه قدم مقترحاً آخر إلى الأطراف السبت، لتمديد الهدنة لمدة ستة أشهر مع إضافة عناصر أخرى إضافية، وذلك بناء على النتائج الإيجابية التي حققتها في الستة أشهر الماضية.

وتضمن المقترح، وفقاً للبيان، “دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وفتح طرق محددة في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير وجهات إضافية للرحلات التجارية من والى مطار صنعاء، ودخول سفن الوقود إلى ميناء الحُديدة دون عوائق، وتعزيز آليات خفض التصعيد من خلال لجنة التنسيق العسكرية والالتزام بالإفراج العاجل عن المحتجزين، كما تضمّن الشروع في مفاوضات لوقف إطلاق النار واستئناف عملية سياسية شاملة، وقضايا اقتصادية أوسع، بما في ذلك الخدمات العامة”. ودعا المبعوث الأممي في بيانه “الأطراف إلى الحفاظ على الهدوء والامتناع عن أي شكل من أشكال الاستفزازات أو الأعمال التي قد تؤدي الى تصعيد العنف (…) وعلى الوفاء بالتزاماتهم تجاه الشعب اليمني لمتابعة كل السبل المؤدية للسلام”.

 

ماذا يعني تجدد الحرب للسعودية والإمارات؟

وجهت حكومة صنعاء تهديدات مباشرة إلى السعودية والإمارات، حيث قال المجلس السياسي الأعلى في بيان، إن “قواتنا المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمر العدوان والحصار” مهدّداً بوضع “مطارات وموانئ وشركات النفط التابعة لدول العدوان في مرمى نيرانها”.  وسبق بالفعل أن نفّذت قوات انصار الله العديد من الهجمات بالصواريخ أو الطائرات المسيّرة على السعودية والإمارات.

وكان آخرها في آذار/مارس الماضي مع استهداف منشآت لمجموعة أرامكو السعودية العملاقة ما تسبب بحريق هائل. وكتب المتحدث باسم قوات صنعاء يحيى سريع في تغريدة مساء الأحد “كل شيءٍ محتمل ووارد”.

كما كانت صواريخ ومسيرات صنعاء قد استهدفت العمق الإماراتي خلال يناير/كانون الثاني الماضي، رداً على مشاركة ألوية العمالقة الجنوبية في معارك تعز وشبوة، حسب بيانات قوات صنعاء وقتها.

وكانت تلك هي المرة الأولى التي يتعرض فيها العمق الإماراتي لهجمات قوات صنعاء منذ بدء الإمارات انسحابها من الحرب في اليمن، قبل أكثر من عامين، وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي في أنصار الله إن “الإمارات كان لديها رغبة في الانسحاب من اليمن ووفرنا لهم الانسحاب الآمن وحفظ ماء الوجه بالفعل، لكنهم عادوا للتصعيد وتكثيف عدوانهم علينا، فكان هذا بداية الرد من جانبنا”.

البخيتي كان يشير إلى التطورات الميدانية التي شهدها اليمن مطلع العام الجاري، ولا شك أن عودة برميل البارود اليمني للغليان يمثل كارثة حقيقية، ليس فقط لأطرافه المباشرة، وإنما للمنطقة وربما للعالم ككل. ففي حالة خروج الأمور عن السيطرة وعودة مسيرات وصواريخ صنعاء لاستهداف المنشآت النفطية في السعودية والإمارات، سيكون لذلك تأثير مباشر على أسعار الطاقة، التي أدى ارتفاعها منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا إلى إصابة الاقتصاد العالمي بالتضخم وبات شبح الركود يتهدد الجميع.

موقع اليمن الاستراتيجي على أحد أهم خطوط الشحن البحري في العالم، عبر باب المندب إلى قناة السويس المصرية، يمثل هاجساً آخر يزيد من قتامة الصورة حال تجدد الصراع، حيث إن تأثر هذا الممر الملاحي الحيوي في هذا التوقيت يمثل عنصر ضغط إضافي يزيد من حالة الارتفاع الجنوني في أسعار السلع، والتي يكتوي بنارها العالم أجمع، والشعوب العربية بصورة خاصة. وربما تكون هذه المعطيات الخطيرة، التي ليست غائبة بطبيعة الحال عن جميع الأطراف، عاملاً محفزاً على نجاح جهود تجديد الهدنة، التي لا تزال مستمرة، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة وينفجر برميل البارود مرة أخرى.

الجدير بالذكر أنه من خلال تمديد وقف إطلاق النار في اليمن، تحاول أمريكا وقف عمليات أنصار الله ضد المنشآت النفطية والبنية التحتية للإمارات والسعودية. وباعتبار أن الغرب يواجه أزمة طاقة بعد الحرب في أوكرانيا ويحاول منع ارتفاع أسعار النفط في العالم، لذلك لا يعتبرون استمرار الحرب في اليمن فكرة جيدة، ولهذا يحاولون تمديد اتفاق وقف اطلاق النار لبضعة أشهر أخرى، لأن أنصار الله حذرت من أنه في حالة انتهاك وقف إطلاق النار فإنها ستستأنف عملياتها الصاروخية والطائرات المسيرة ضد المعتدين، وإذا تم استهداف المنشآت النفطية في السعودية والإمارات، فإن هذا الإجراء يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.

وفي الأسابيع الأخيرة، أقامت جماعة أنصار الله أكبر استعراض عسكري لها وكشفت النقاب عن أسلحتها الجديدة لتوجيه رسالة إلى المعتدين مفادها بأنه في حالة انتهاك وقف إطلاق النار واستمرار الحرب، فإن اليمنيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي وسيستخدمون كل قوتهم لمواجهة الأعداء.

ورغم أن اليمنيين أوقفوا عملياتهم العسكرية خلال فترة وقف إطلاق النار، إلا أنهم لم يبقوا مكتوفي الأيدي وسيستغلوا هذه الفرصة لتقوية وتطوير أسلحتهم، وهذا تحذير كبير لقادة الرياض ليكونوا عقلانيين وبدلاً من إثارة التوتر والقلق، يجب عليهم البحث عن طريقة لإنهاء الحرب.

وبإعلان شروطها مع السعوديين، يكون أنصار الله قد أكمل الحجة القائلة بأنه إذا كانوا يريدون حقاً إنهاء الحرب، فمن الأفضل الاستسلام لمطالب اليمنيين والتعويض عن هفواتهم السابقة في إعادة فتح الموانئ والمطارات، لأن استمرار الحرب سيكون له نتائج كارثية بالنسبة للمعتدين، وستخلق الكثير من التحديات الجديدة للسعوديين وداعميهم الغربيين.

المصدر : موقع الوقت التحليلي 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com