الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.. الحي في قلوب اليمنيين
أفق نيوز../
تظل قصة اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، واحدة من أبرز الملفات اليمنية الشهيرة التي ظل لسنوات كثيرة في عهد نظام الخائن علي عبد الله صالح طي الكتمان ولا يسمح بالنبش عن تفاصيلها.
وتقفز إلى الواجهة المملكة العربية السعودية؛ باعتبارها المدبر الرئيس والأول لعملية الاغتيال الآثمة التي جرت في 11 أكتوبر 1977م، والتي شكلت منعطفاً كبيراً في تاريخ اليمن، وأجهضت المشروع الكبير والتنموي الذي كان يطمح إليه المرحوم الحمدي للنهوض بالبلد في كُـلّ المجالات، بعد أن لمس اليمنيون ثمار النهضة خلال سنوات حكم الحمدي.
وإلى الآن ليس معروفاً السبب الرئيس وراء عملية اغتيال الحمدي على الرغم من مرور 45 سنة، ولم يتم الكشف عن التفاصيل الدقيقة لقصة مقتلة، إلا ما تم تسريبه من هنا أَو هناك، لكن وبعيدًا عن الوقائع، فَـإنَّ عملية الاغتيال في حَــدّ ذاتها كانت اغتيالات لوطن أراد النهوض والتحرّر من الهيمنة الخارجية، وقد تحقّقت أهداف الجناة بالفعل من خلال تحويل اليمن إلى حديقة خلفية لمملكة آل سعود التي ظلت تعبث فيه إلى أن اندلعت شرارة ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر سنة 2014، بفعل هبة شعبيّة جماهيرية كبرى قادها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي –حفظه الله- وتمكّنت من إخراج اليمن من ظلمات الوصاية إلى نور التحرّر من سطوة الخارج وقسوته.
ويتضح مدى التورط السعوديّ في اغتيال الرئيس الحمدي والعبث باليمن من خلال العدوان الغاشم الذي تقوده السعوديّة على بلادنا للعام الثامن على التوالي، كمحاولة لإعادة قبضتها الحديدية مجدّدًا على اليمن، وإعادته إلى بيت الطاعة، لكن محاولاتها باءت بالفشل إلى يومنا هذا، على رغم الجراح والآلام التي دفعها اليمن ثمن الحرية وعدم العودة إلى مربع الوصاية ومنها الجرائم المتوحشة التي طالت الحجر والشجر، وجريمة الاغتيال الآثمة التي طالت الرئيس الشهيد صالح الصماد سلام ربي عليه، وبهذا تكون مملكة الشر قد قتلت رئيسين لليمن، الأول إبراهيم الحمدي، والثاني صالح الصماد، وهما من أنزه وأشجع وأشرف رجال اليمن الأحرار الذين رفضوا الذل والعبودية لآل سعود.
وأدُ المشروع الوطني
وباغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، تم وأد المشروع الوطني الذي كان يطمح إليه في بناء الدلة المدنية المستقلة، حَيثُ كان للرئيس الحمدي بصمات كثيرة في البناء والنهضة، وفي مقدمتها تأسيس هيئات التعاونيات الأهلية للتطوير على مستوى اليمن ووضع الأسس لقيام دولة الوحدة اليمنية ورسم السياسات الخارجية.
وفي حديث سابق لرئيس تنظيم التصحيح المناضل اللواء مجاهد القُهالي، يؤكّـد أن جريمة اغتيال الحمدي وما سبقها من تحَرّكات من شركاء الجريمة للإيقاع به وأخيه المقدم عبد الله بإشراف وتآمر سعوديّ كانت لإجهاض حلم وطن يسعى للتحرّر من أية وصاية خارجية، وبالفعل لقد كان الشهيد الحمدي رمزاً لمشروع دولة النظام والقانون والحرية والاستقلال، ولقد تم وأد المشروع الوطني ببناء الدولة الوطنية الحديثة الموحدة، ذلك المشروع الذي أقلق الدوائر الإمبريالية والرجعية الساعية إلى الهيمنة على الوطن العربي الكبير.
مؤامرة مؤلمة
وعلى الرغم من مرور سنوات كثيرة على هذه الفاجعة، إلا أن ما وصل إلى مسامع اليمنيين هو النزر اليسير، وقد تكفلت دائرة التوجيه المعنوي بصنعاء مؤخّراً بالكشف عن جزء مما حدث، وهي وقائع تدمي القلوب، وَتؤلمها.
وبحسب تقرير التوجيه المعنوي أن ما حدث ظهيرة 11 أُكتوبر 1977م ليس مُجَـرّد عملية اغتيال لرئيس الدولة بل انقلاب دموي مكتمل الأركان، حَيثُ ورد في التقرير أن النظام السعوديّ ضالع في المؤامرة الانقلابية الدموية على الرئيس الحمدي وكذلك قيادات عسكرية يمنية، حَيثُ قام باستقطاب قيادات عسكرية وأمنية ومدنية يمنية من خلال الأموال والامتيَازات الأُخرى، وَأن السعوديّة استخدمت الأدوات العميلة في تنفيذ مخطّط اغتيال الرئيس الحمدي وتحت إشراف مباشر من الملحق العسكري السعوديّ بصنعاء، وقامت بشراء صمت القيادات العسكرية والأمنية غير المشاركة بشكل مباشر في الانقلاب الدموي وذلك لضمان عدم إفشال خطة الانقلاب.
وبحسب التقرير فَـإنَّ للسعوديّة حضوراً مباشراً ومشاركة فعلية في التنفيذ وإدارة ما يشبه غرفة عمليات قبل وأثناء وبعد جريمة اغتيال الرئيس الحمدي، موضحًا أن من أبرز الضالعين من القيادات السعوديّة في جريمة اغتيال الحمدي هو علي بن مسلم مسؤول الملف اليمني في الديوان الملكي بدرجة مستشار وأن الدور الأبرز في اغتيال الرئيس الحمدي كان للملحق العسكري السعوديّ بصنعاء صالح الهديان برتبة عقيد، مُشيراً إلى أن الاتصالات بين الهديَّان وبن مسلم تشير إلى أن الأخير كان يشرف على الملف اليمني في القصر الملكي ومرتبط بالأمير سلطان بن عبدالعزيز.
وأوضح التقرير أن أبرز القادة العسكريين الضالعين بجريمة الاغتيال، نائب القائد العام ورئيس هيئة الأركان وقتها المقدم أحمد الغشمي وكذلك قائد لواء تعز الرائد علي عبدالله صالح وغيرهم.
ويشير تنظيم التصحيح الشعبي الناصري في بيان له، يوم أمس بمناسبة مرور 45 سنة على اغتيال الرئيس الحمدي إلى أن الاغتيال كان في منزل الغشمي وكان عيباً وغدراً ومكراً وعدواناً في أبشع جريمة يندى لها جبين التاريخ اليمني والعربي والإنساني، وأنه تم اعتقال كلّ من الرائد علي قناف زهره والرائد عبدالله الشمسي، ولا يزال مصيرهما مجهولاً إلى يومنا هذا.
ويؤكّـد البيان أن جريمة الاغتيال تمت بدعم وتمويل ومشاركة سعوديّة ودول حليفة لها خططت ومولت ودعمت، بل وضللت إعلامياً وسياسيًّا ولوجستياً؛ مِن أجلِ تحقيق أهدافها وأطماعها التوسعية في اليمن وبهدف القضاء على المشروع الحضاري للرئيس الشهيد والذي كان حيز التنفيذ وقبيل إعلان تحقيق وحدة اليمن بيومين فقط.
وواصل البيان: “لقد تكالبت قوى الشر والعدوان التي تحالفت مع السعوديّة وخططت ورتبت لاغتيال شهيد الوطن المناضل الجسور الرئيس إبراهيم الحمدي وأخيه عبدالله والذي باغتيالهما تسنى للسعوديّة وحلفائها العبث بمقدرات شعبنا وشق طريق نجران الشرورة الوديعة التي بشقها حرمت اليمن من الربع الخالي ومن أهم الأراضي الواعدة بالثروة، كما سخرت تلك الدول إمْكَانياتها وقدراتها لطمس معالم ذلك المشروع الحضاري وإدخَال اليمن في بحر من الصراعات الداخلية والفتن والفوضى؛ بهَدفِ طمس كُـلّ ما أنجزه الحمدي وخطط له”.
ويجدد تنظيم التصحيح الدعوة لليمنيين بالمسارعة للحوار الجاد وإلى عقد مؤتمر وطني عام يتمخض عنه ميثاق التعايش السلمي والتعدد السياسي والديمقراطي والمذهبي والحفاظ على وحدة اليمن وسيادته وحريته واستقلاله وتطهير كامل ترابه الوطني من دنس الغزو والاحتلال والوَصاية الخارجية وبناء المستقبل الزاخر بالعطاء على قاعدة العدل والمواطنة المتساوية والشراكة لكل أبناء الوطن الواحد.
*المسيرة – أحمد داوود