السرق إخوة
أفق نيوز – بقلم – عباس السيد
” السرق إخوة ” مثل شعبي يمني ينطبق على الموقف الأميركي البريطاني الفرنسي الذي جاء في بيان سفراء الدول الثلاث، والذي أدان قيام الجيش اليمني بواجبه في حماية الثروات اليمنية ومنعه سفينة من نهب شحنات نفطية من ميناء قنا بمحافظة شبوة، بعد تحذيرات متكررة للسفينة .
بيان السفراء الثلاثة، أكد عمق المصير والمصالح المشتركة لبلدانهم، وهي جميعاً مشاركة في العدوان والحصار على اليمن، بشكل مباشر وغير مباشر ضباطهم وجنودهم يعملون كمرتزقة في السعودية والإمارات .. أكثر من خمسة آلاف مرتزق بريطاني يعملون في القواعد السعودية، ولولاهم ما قامت طائرة سعودية من مرابضها ـ بحسب شهادات بريطانية .
المرتزقة الأميركيون العاملون مع الجيش السعودي بآلاف، وللفرنسيين مرتزقتهم أيضا، كما أن مدافع القيصر الفرنسية تقصف المناطق السكنية في مديريات محافظة صعدة منذ 2015 وحولتها إلى أطلال، بينما يحلف ماكرون أن الأسلحة الفرنسية المصدرة للسعودية والأمارات لا تستهدف المدنيين .
واشنطن ولندن وباريس، استأثرت بنصيب الأسد من صفقات التسليح مع السعودية والإمارات، وتحولت معاناة اليمنيين إلى مورد مالي هائل للدول الثلاث التي لم تكتف بالمكاسب التي حققتها اقتصادياً من خلال الارتزاق والتسليح، لكنها واصلت استنزاف اليمن بنهب ثرواته النفطية والغازية . وحين يبادر اليمنيون إلى منع عمليات النهب، يصرخون وبلا حياء على طريقة ” سارق مبهرر ” .
للدول الثلاث تاريخ كبير في النهب واللصوصية، ولن نتحدث هنا عن تأريخهم وسرقاتهم لثروات شعوب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، فهم لصوص، سواء جاءوا على شكل جيوش عسكرية غازية، أو شركات استثمارية صديقة. وفي اليمن يكفي العودة إلى التقارير الاقتصادية الرسمية لمعرفة حجم السرقات التي قامت بها شركة توتال الفرنسية، وشركة هنت الأمريكية .
هنت وتوتال في اليمن جّسدتا ” أخوة اللصوص ” في عمليات الاحتيال والسرقات للنفط والغاز اليمني، وكان لـ ” توتال ” دور كبير في استمرار عمل ” هنت ” في القطاع رقم 18 بمحافظة مارب رغم انتهاء عقد الأخيرة عام 2005 .
حوالي 9 مليارات دولار خسرتها اليمن بسبب العقود المجحفة لإنتاج الغاز مع توتال الفرنسية التي ضمت هنت الأمريكية إلى شركائها في مشروع بلحاف.
حدد سعر المليون وحدة حرارية من الغاز بـ 3 دولارات، بينما كان السعر العالمي يتراوح بين عشرة و خمسة عشر دولاراً للوحدة . وبالإضافة إلى ذلك لم تلتزم توتال وشركاؤها بسقف الإنتاج، وأخفت الأرقام الحقيقية للمخزون النفطي والغازي . وخلال الفترة بين 2009 و 2014، كانت قيمة الغاز المستخرج 14.5 مليار دولار، لم تستلم منها الحكومة اليمنية سوى 787 مليون دولار، أي حوالي 5% فقط، بينما استأثر اللصوص الفرنسيون والأميركيون بـ 95 % من العائدات .
تلك مجرد نموذج فقط من تاريخ نهب الثروات اليمنية التي يُراد لها أن تستمر بطرق أخرى أكثر وقاحة، وكلهم جزء من استراتيجية الإفقار والحصار التي تمارس ضد اليمنيين، استراتيجية تتحكم بالاستكشاف والتنقيب والإنتاج، لا يحصل فيها الشعب سوى الفتات، ولو أن هذه الثروات بقيت تحت الأرض لكان ذلك أفضل من استخراجها .
يبدو أن تحالف العدوان واللصوص لم يكن يتوقع أن يأتي الوقت الذي يقول فيه اليمنيون كلمتهم ويعملون لمنع استمرار السرقة. أطلق السيد القائد تحذيراته إيذاناً بعهد جديد، لكنهم تجاهلوا التحذيرات، فجاءت عملية الضبة في حضرموت، ثم عملية قنا في شبوة قبل يومين، ولذلك جاء بيان اللصوص الثلاثة غريباً ومرتبكاً لا يسنده قانون أو شرع، فعن أي حقوق إنسانية أو قوانين دولية يتحدث اللصوص ؟.
إن تحرير كل شبر من أرض اليمن وحماية ثرواته، بات وعداً ومبدأً بالنسبة لليمنيين، وليس تكتيكاً عسكرياً أو استغلالاً لظرف ما .
عمليات التحرير سوف تستمر، وعمليات الحماية ستتوسع، ولن يكون اليمنيون مسؤولين عن أي تداعيات لعملياتهم المشروعة. فلا يمكن أن يشهد الإقليم استقراراً إذا استمر مخطط تفكيك اليمن، ولا يمكن أن تستقر أسواق الطاقة في العالم إذا استمر حصار اليمن ونهب ثرواته، هذا ليس تهديداً، بل نتائج منطقية متوقعة لما قد تؤول إليه الأوضاع مستقبلاً .