مونديال قطر.. ساحة مواجهة حقيقية بين الشعوب والثلاثي غير المقدس
أفق نيوز | تحول مونديال قطر إلى ساحة مواجهة حقيقية بين الشعوب العربية وبين الثلاثي غير المقدس المؤلف من رأس الأفعى، أمريكا، وذيلها، كيان الاحتلال، ووكلائها من الرجعية في العالم العربي.
وحتى اللحظة أكدت الشعوب العربية للأنظمة المطبعة، ولتلك التي تخطط للانضمام لقطار التطبيع، وطبعا لدولة الاحتلال ولراعية الإرهاب العالمي، الولايات المتحدة، أنها في واد والأنظمة في واد آخر، وأنها، أي الشعوب العربية كانت وما زالت وستبقى متمسكة بقضية العرب الأولى، قضية فلسطين، ورافضة حتى الاعتراف بوجود [إسرائيل]، وليس فقط رافضة جملة وتفصيلا لاتفاقيات التطبيع مع الدولة التي أقيمت على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني، الذي طرد وهجر بنكبة العام 1948 في أفظع جريمة ارتكبت على مر التاريخ.
الرفض الشعبي القاطع لدولة الاحتلال بدأ واضحا وجليا بالصوت والصورة في تغطية وسائل الإعلام العبرية لمباريات كأس العالم في قطر. مندوبو هذا الإعلام المتطوع لصالح الأجندة الصهيونية، وصلوا إلى الدولة الخليجية معتقدين، اعتمادا على عنجهيتهم واستكبارهم، أن اتفاقيات التطبيع مع عدد من الدول العربية تسمح لهم بأن يتصرفوا كأسياد العالم.
ويتنقلون من مكان لآخر بحرية ويستقبلوا استقبال الفاتحين، فجاء الواقع لينسف النظريات ويحطم الغرور الإسرائيلي والشعور بالفوقية حيال “دونية” العرب، لأنهم جميعا من الألف حتى الياء، ما زالوا يؤمنون بمقولة رئيس الوزراء الأسبق، إسحاق شامير، وهو الذي كان مطلوبا للعدالة الدولية حتى مماته بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مقولة عنصرية مقززة: “العرب هم نفس العرب، والبحر هو نفس البحر”.
ومن العام إلى الخاص: مراسل هيئة البث الإسرائيلية شبه الرسمية (كان)، دور هوفمان، كان الأكثر وضوحا في تقرير بثه من الدوحة للتلفزيون العبري (كان 11)، فقد كشف النقاب عن أن “اليوم كان يوما معفنا” نعم استخدم هذه الكلمة من العربية.
وقال للمقدم في الأستوديو بتل أبيب: “بدأ يومنا في ساعة صباح مبكرة، اعتلينا على سيارة أجرة (تاكسي) لننتقل إلى مكان آخر، ولكن عندما علم السائق بأننا من [إسرائيل]، أوقف السيارة وأمرنا بالنزول فورا منها، كما أنه رفض الحصول على أي مبلغ لقاء السفرة، وقال لنا لا أريد منكم أجرة، أنتم تقتلون إخوتي في فلسطين”.
عندها سأله المذيع من تل أبيب: دور، هل قام برميكم من السيارة؟ فرد عليه المراسل من الدوحة: “نعم هكذا بالضبط”.
هوفمان، الذي بدت على وجهه آثار الصدمة من التعامل العربي في قطر معه ومع مرافقيه أضاف قائلا: “تابعنا ووصلنا إلى أحد الشواطئ لتصوير مقاطع عن الوضع وعن أجواء كأس العالم، وجدنا مطعما في المكان، وعندها تقدم إلينا صاحب المطعم وطلب منا أن نبلغه من أي دولة نحن، وعندما قلنا له نحن من [إسرائيل]، استدعى على الفور الحراس في المكان كي يقوموا برمينا خارجا، وأخذ جهاز الهاتف المحمول الخاص بي، وطلب منا أن نقوم بشطب جميع الصور والمشاهد التي التقطناها، عندها شعرت بالخطر يهددني، لأنني أتواجد في دولة معادية. عليكم أن تعلموا جميعا بأن ما حدث معنا، من شأنه أن يتكرر مع إسرائيليين آخرين.. آمل أن أقوم في التقرير القادم ببث أمور تتعلق برونالدو وبكرة القدم”، قال المراسل الإسرائيلي.
ورد المذيع في الإستوديو، والذي تفاجأ من ““اعترافات” المراسل في قطر، رد قائلا:” نحن ننشر هذا التقرير لأننا وعدنا المتابعين بعرض الصورة كاملة دون رتوش”، على حد زعمه.
كذلك، قال موفد القناة الـ 12 بالتلفزيون العبري لتغطية المونديال في قطر، أوهاد حيمو، إن “وجودنا هنا مع شعار إسرائيلي وكتابة بالعبرية وحديثنا بالعبرية له مغزى إشكالي جدا بالنسبة لجزء من الأشخاص هنا، حيث هناك الكثير من المحاولات للكثير من الأشخاص هنا من كل الأماكن في العالم العربي للخروج ضدنا لأننا نمثل التطبيع”.
ومنذ يومين، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مشجعين لبنانيين في مونديال، “قطر 2022″، رفضوا التحدث إلى مراسل “القناة الـ12” بعد معرفتهم أنه إسرائيلي.
ووفق مراسل القناة الإسرائيلية في قطر، فإن الشبان اللبنانيين غضبوا عندما عرفوا أن من يكلمهم هو إعلام إسرائيلي، وقال إن “الشبان اللبنانيين رفضوا الاعتراف بوجود [إسرائيل]”، مؤكدين أن لا شيء اسمه [إسرائيل]، وإنما فلسطين.
في الخلاصة، من المهم التذكير بما يلي: المستشرقة الإسرائيلية سمدار بيري كانت قد أقرت في تحليل نشرته بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية، بأن السلام مع مصر ما زال باردا جدا وبحاجة ماسة للإنعاش، خصوصا من طرف صناع القرار في القاهرة.
لافتة في الوقت عينه إلى أن ما أسمته بـ”شهر العسل” الإسرائيلي مع دول الخليج [الفارسي] يزداد حدة بالتزامن مع (السلام البارد)، التجاري والمدني، مع مصر، الأمر الذي يتطلب من [إسرائيل] دفع الباب إلى الأمام لإدخال مصر ضمن هذا السلام الدافئ الحاصل مع الدول العربية في الخليج الفارسي، على حد تعبيرها، والآن على وقع ما يحدث في مونديال قطر أصبح واضحا كعين الشمس أن التطبيع الشعبي مع جميع الدول العربية، كان وما زال وسيبقى باردا.
رأي اليوم