الحرب والحصار المستمر في اليمن يضاعف أعداد المعاقين ويزيد معاناتهم
أفق نيوز – تقرير – هاشم الاهنومي
الثالث من ديسمبر من كل عام يوم عالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، جاء القرار والتخصيص من قبل الأمم المتحدة في عام 1992 م من أجل دعم ذوي الإعاقة وتهدف الذكرى والمناسبة بزيادة الفهم لقضايا الإعاقة عالميا من أجل ضمان حقوق المعاقين .
حيث توجد العديد من الأنواع للإعاقات، منها: الإعاقة الحركية، تعبّر هذه الإعاقة عن عدم القدرة على التحرّك بشكلٍ جزئيٍ أو كلي، أو عن وجود مشكلة في القدرة البدنية، وبالتّالي عدم القدرة على القيام بالعديد من الأنشطة والمهارات الحركية.
أما الإعاقة الحسية تشمل أنواعًا عديدة تتمثّل في الإعاقات في الحواس المختلفة مثل الإعاقات السمعية والبصرية.
الإعاقة البصرية: يفقد فيها الشخص الرؤية بشكلٍ كلي أو قد يعاني من مشكلات في الرؤية كضعف النظر، وقد تنتج عن خلل في شبكية العين، أو الإصابة بالمياه الزرقاء، أو بعض المشكلات الّتي تصيب عضلات العين، وقد يلجأ الشخص لاستخدام نظام برايل، أو النظارات الطبية، أو العدسات بحسب الحالة.
أما الإعاقة العقلية فينتج هذا النوع من الإعاقات عن الإصابة بأمراض أو اضطرابات نفسية معينة قد تؤثّر على الشخص، وعلى طريقة تفكيره، وتصرّفه، وتفاعله مع الآخرين.
تحذيرات دولية
تشير العديد من التقارير إلى أن عدد المعاقين في اليمن قبل العدوان كان يقدر بنحو 3 ملايين.. في حين يقدر العدد الحالي بنحو 4.5 مليون شخص، على الرغم من أنه من المتوقع أن يكون العدد الفعلي أعلى بكثير من هذا، لا سيما بسبب الحرب.
وهناك مخاوف إزاء هذه الزيادة الهائلة في ظل غياب وسائل الدعم والرعاية بشكل كبير.
الحرب في اليمن أظهر المشكلتين الرئيسيتين التي يواجههما الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن، ألا وهما “الافتقار إلى الحماية، وعدم الاهتمام بالمعاقين”.
التقارير تشير إلى إنه فيما يتعلق بالنتائج المباشرة للحرب، هناك عدد كبير من عمليات بتر الأطراف نتيجة للاستخدام الواسع النطاق للأسلحة المتفجرة المستخدمة في المناطق المأهولة بالسكان، بما في ذلك “المدفعية، والضربات الجوية، والألغام، والرصاص الطائش، وما إلى ذلك”.
ووفقا لتقرير لجنة الصليب الأحمر الدولية، أصيب حوالي 6 آلاف مدني بإعاقة نتيجة الأعمال العدائية المسلحة، بعد عام واحد فقط من الحرب.
وكشفت المنظمة أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم من بين أكثر المتضررين من الحرب المستمرة في اليمن.. كما أنهم يتأثرون بشكل خاص بتدمير البنية التحتية الأساسية كالمستشفيات، ما أدى إلى تقييد شديد في الوصول إلى الخدمات الصحية والمساعدات الإنسانية.
وفي الوقت نفسه، انخفضت الموارد المتاحة لهذه المجموعة انخفاضا كبيرا خلال السنوات السبع الماضية..
إحصاءات
بحسب إحصائيات صندوق رعاية المعاقين، فإن هناك مليوني مُعاق، لم تعد تصلهم أي خدمات صحية أو اجتماعية منذ بداية العدوان، وفي إحصائية لمؤسسة “بوميد” الأكاديمية للأبحاث، نُشرت بتاريخ 25 سبتمبر 2020، أكدت فيها وجود 4 ملايين مُعاق يمني، يحتاجون للوصول إلى خدمات إعادة التأهيل واستخدامها.
90 % من إجمالي عدد الأشخاص ذوي الإعاقة يعيشون تحت خط الفقر، حسب الاتحاد الوطني لجمعية رعاية المُعاقين، 3 مارس 2019، وحِرمان 40 % من المعاقين من تلقي العلاج المستمر، ما جعلهم عُرضة لانتكاسات صحية خطيرة بسبب الحصار الجائر المفروض على استيراد الأدوية، ومنع سفر المعاقين للخارج، رغم حرج معظم الحالات، ما تسبب في حدوث مضاعفات خطيرة لدى الكثير منهم.
كما تشير الإحصاءات إلى إغلاق 185 – 350 مركزاً ومنظمة وجمعية ومعهداً متخصصاً في رعاية وتدريب وتأهيل المُعاقين، من أصل 450 جمعية ومركزاً، منها 30 مؤسسة واتحاداً وجمعية ومعهداً بالمحافظات الجنوبية والشرقية.
120 ألف مُعاق ومُعاقة، مسجلين رسمياً في سجلات صندوق رعاية المعاقين حتى عام 2015، تسبب العدوان في توقف خدمات الصندوق المقدمة لهم، و250 ألف معاق ومعاقة كانوا يتلقون تعليمهم في مدارس التعليم العام والجامعات اليمنية، حسب إحصاءات رسمية، غير أن العدوان اضطرهم إلى الانقطاع عن التعليم.
190 ألف معاق ومعاقة، انقطعت عنهم خدمات التعليم والعلاج، حسب مدير عام الخدمات التعليمية لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، “حنان الثور”، ولم يتبقَ سوى 750 طالباً وطالبة من ذوي الإعاقات المختلفة، لا زالوا يواصلون دراستهم في الجامعات اليمنية في ظل ظروف صعبة، ومُعرضين للانقطاع عن التعليم بسبب عجز الصندوق عن تسديد رسوم الدراسة منذ العام 2015، وعجزه عن توفير المواصلات بصورة مستمرة.
وتسبب الارتفاع المخيف في نِسب الفقر والاحتياج للسلع الأساسية كالغذاء ومياه الشرب والدواء، في توقف الكثير من الأسر عن تعليم أبنائها المصابين بإعاقات مختلفة، حسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ويزداد الوضع سوءاً في المناطق الريفية نتيجة وعورة الطرق وعدم ملائمة المنازل، وغياب الخدمات الصحية التي يحتاج إليها كثيرون بصورة مستمرة.
وذكرت مؤسسة “بوميد” الأكاديمية للأبحاث، في تقرير لها أن خدمات إعادة تأهيل المعاقين مثل العلاج الطبيعي والأطراف الصناعية وتقويم العظام والعلاج المهني غير متاحة في اليمن، بسبب الضرر الكبير الذي لحق بالنظام الصحي والبنية التحتية، ناهيك عن الافتقار للوصول إلى خدمات إعادة التأهيل واستخدامها، ما يجعل الأشخاص ذوي الإعاقة غير قادرين على استعادة أدوارهم الاجتماعية والاقتصادية، مما سيكون له آثار سلبية كبيرة على أسرهم ومجتمعهم.
مضاعفات
تتركز أكثر حالات الإعاقة في مناطق الساحل الغربي والحديدة تليها محافظة صعدة وحجة وأمانة العاصمة وتعز وإب.
50 % من الجرحى والمعاقين الجُدد لم يُسجّلوا في سجلات الجهات المعنية، وفقاً للأمين العام المساعد بالمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، 17 مايو 2018، مؤكداً أن الأمومة والطفولة أكثر شرائح المجتمع اليمني تضرُراً من العدوان، حيث تفيد المؤشرات أن معظم الجرحى من هذه الشريحة تطورت حالاتهم إلى الإعاقة الدائمة السمعية أو البصرية أو الشلل أو بتر الأطراف، كما أكدت النتائج الأولية للدراسات الدقيقة لآثار العدوان والأسلحة المستخدمة في الحرب عن وجود تشوهات خُلقية في مواليد الثلاثة الأعوام الأولى من العدوان، ما يعني إضافة إعاقات خُلقية جديدة إلى ملايين المعاقين المدنيين بسبب الأسلحة المحرمة دولياً.
من أجل المعاقين
أقام صندوق رعاية وتأهيل المعاقين والجهاز المركزي للإحصاء في العاصمة صنعاء ورشة عمل حول حشد الدعم لتنفيذ المسح الوطني حول الإعاقة في اليمن 2022، بحضور عدد كبير من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية العاملة في اليمن.
وفي الورشة التي حضرها وكلاء وزارة الصحة والتربية والجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة، والاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمنيين، تم عرض ملخص من قبل الجهاز المركزي للإحصاء عن المسح الوطني عن الإعاقة في اليمن 2022 الأهداف والمنهجية .
يهدف المسح وفق العرض إلى توفير بيانات عن الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم في اليمن من حيث أسباب الإعاقة ونوعها والخصائص الاجتماعية والديموغرافية وتوزيع الأشخاص ذوي الإعاقة الجغرافي ومستوى الصعوبات التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى مساعدة متخذي القرار وراسمي السياسات الوطنية لشريحة الأشخاص ذوي الإعاقة لاعتمادهم على أسس ومؤشرات واقعية في قراراتهم وبما يضمن ويلبي احتياجاتهم وأولوياتهم.
بدوره استعرض المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين “عرض” عن نسبة الإعاقة في اليمن ودور صندوق رعاية وتأهيل المعاقين والجهات الحكومية والمنظمات الدولية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة لتوسيع دائرة الخدمات لتشمل جميع الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن.
وتطرق العرض إلى إبراز المشكلة القائمة المتمثلة في عدم وجود قاعدة بيانات دقيقة عن الأشخاص ذوي الإعاقة وعدم وجود مؤشرات ونسب عن الإعاقة في اليمن، الأمر الذي تسبب بحرمان العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة في البلد من الحصول على الخدمات سواء المقدمة من الصندوق أو من الجهات الحكومية الأخرى أو المنظمات العاملة في المجال الإنساني في اليمن.
من جانبه شدد الأستاذ عبدالله بنيان على أهمية تنفيذ المسح بالعينة للأشخاص ذوي الإعاقة للحصول على مؤشرات ونسب عن الأشخاص ذوي الإعاقة لتستطيع جميع الجهات القيام بدورها تجاه شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة.
وخرجت الورشة بعدد من التوصيات أبرزها تنفيذ المسح الوطني حول الإعاقة “بالعينة”، وحشد الموارد من الجهات المانحة لتنفيذ المسح على المستوى الوطني.