آلة القتل السعودية تسحق المهاجرين الأفارقة .. فهل يحرك المجتمع الدولي ساكناً؟
أفق نيوز../
كشفت رسائل لخبراء الأمم المتحدة عن قيام قوات الأمن السعودية بقتل قرابة 430 مهاجرا وإصابة 650 آخرين في قصف وإطلاق نار عبر الحدود بين يناير وأبريل 2022. أظهرت أيضا أنها عذبت مهاجرين أسرى، واغتصبت فتيات بعضهن لا تتعدى أعمارهن الـ 13 عاما!!
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بعد أن وصلت هذه الجرائم إلى مستوياتٍ صادمة فهل ستُعاقب السعودية وستتحمل المسؤولية عن هذه الجرائم الجسيمة المرتكبة بحق المهاجرين الأفارقة وهل سيعمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة على اتخاذ خطوات جدية لوضع حدّ لحلقة الانتهاكات التي لا تنتهي؟
وبحسب الرسائل: قصفت قوات الأمن السعودية في 16 حادثة على الأقل قذائف مدفعية على مهاجرين كانوا في طريقهم في منطقة الرقو وجبال الغار بمديرية منبه وثابت بمديرية قطبير في اليمن والمنطقة الحدودية للوادي الأحمر بالمملكة العربية السعودية.
وأكدت التقارير أن هناك استهداف مباشر ومقصود من قبل القوات السعودية، حيث يقوم الأمن السعودي بانتهاج سياسة استخدام القوة المفرطة لردع المهاجرين عن عبور الحدود إلى المملكة العربية السعودية فهم يستخدمون ثلاث أشكال من العنف ضد الأفراد المسافرين في المنطقة والتي تشمل هجمات القناصة على المهاجرين في مجموعات صغيرة أو قذائف الهاون أو القصف على المهاجرين في مجموعات أكبر وإطلاق النار على المهاجرين المحاصرين في الأراضي السعودية.
فيما انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش قيام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بإيقاف لجنة التحقيق الدولية في انتهاكات جميع أطراف النزاع في اليمن، “إثر ضغوطات سعودية وإماراتية شديدة، رغم التحذيرات المتكررة من تأثير ذلك على حقوق الإنسان”. و تؤكد هذه المزاعم الأخيرة ضرورة أن تنشئ الأمم المتحدة، إما عبر “الجمعية العامة” أو مجلس حقوق الإنسان، آلية للرصد والتحقيق لجمع الأدلة على جرائم الحرب المحتملة من قبل جميع الأطراف.
وتقدر منظمة الهجرة الدولية بأن عدد المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل بأكثر من 43 ألف مهاجر في جميع أنحاء اليمن، معظم المارين منهم باتجاه السعودية يأتون من إثيوبيا، ومنهم لاجئون وطالبو لجوء، ويعد المهاجرون العابرون من بين المدنيين الأكثر تضررا من النزاع.
كما كشف الخبراء المعنيون بحالات الإعدام خارج القضاء وحقوق المهاجرين والرق والتمييز ضد النساء برسالتهم الموجهة للحكومة السعودية وحكومة صنعاء غير المعترف بها عن مقبرة سرية على الحدود السعودية اليمنية تحوي نحو 10 آلاف جثة لمهاجرين أفارقة تمت تصفيتهم معظم المهاجرين المارّين باليمن يأتون من إثيوبيا، ومنهم لاجئون وطالبو لجوء. المهاجرون العابرون في اليمن هم من بين المدنيين الأكثر تضررا من النزاع.. وبينت الرسالتان أن حرس الحدود السعودي عملوا على صف مهاجرين في طوابير وتخييرهم في أي منطقة من أجسادهم سيتم إطلاق الرصاص، مشيرين إلى أن الجنود كانوا يتلذذون بتعذيب الضحايا من خلال تحويل الضحية إلى لعبة يجرب فيها الجندي السعودي مدى الطلقة بعد اختراق الجسد.
في هذا الصدد وفي وقت سابق، تداولت العديد من وسائل الإعلام والوكالات الصحفية المحلية والدولية معاناة المهاجرين الأفارقة من قبل حرس الحدود السعوديّ، حَيثُ نشرت وكالة “فرانس برس” تقريراً صحفياً عن معاناة المهاجرين الأفارقة من قبل النظام السعوديّ وقالت الباحثة ناديا هاردمان لوكالة “فرانس برس”: “يقبع مئات إن لم يكن آلاف في مراكز احتجاز بائسة في السعوديّة”، واصفةً احتجازهم بأنه “تعسفي ومسيء”.
وروى مهاجر إثيوبي في السعوديّة عبر هاتف محمول تمّ تهريبه إلى مركز الاحتجاز، حَيثُ يوجد في السعوديّة، ظروفاً معيشية صعبة في زنازين مكتظة ومليئة بالأمراض ونقص في الطعام وارتفاع في حالات الانتحار، طالباً المساعدة، وفق “فرانس برس”.
ووصف إثيوبيان آخران لـ “فرانس برس” مركز احتجاز في جيزان في جنوب المملكة الحياةَ بأنها عبارة عن “جحيم لا يطاق”، بعدما تركوا بلادهم سعياً إلى “حياة أفضل” في السعوديّة. وبعد احتجازهم لأكثر من 5 أشهر، أكّدوا أنهم بالكاد يحصلون على ما يكفيهم من الطعام والمياه، بينما تفيض المراحيض المسدودة ولم ير الكثير منهم أشعة الشمس لأشهر عدة. رغم كل هذه المعاناة والتقارير التي تكشف وتوثق جرائم السعودية بحق المهاجرين إلا أن الأمم المتحدة لم تحرك ساكناً.
جرائم على الحدود تقشعر لها الأبدان
لم تكتف السعودية بانتهاكها لحقوق الإنسان وممارسة جرائمها بحق المهاجرين الأفارقة في السجون والمعتقلات حيث إنه وفي جريمةٍ صاخبة تضافُ إلى السجل الدموي للنظام السعوديّ عرضت قناة “المسيرة”، تقريراً كشفت فيه عن مقبرة جماعية تضم عشرات الضحايا الأفارقة ممن قتلهم حرسُ الحدود السعوديّ. وتظهر المشاهدُ قيامَ حرس الحدود السعوديّ بتصفية عشرات المهاجرين الإثيوبيين، ويُعتقَدُ أنها في اللحظات ما قبل قتلهم.
وحسب التقرير فَإنَّ أحد الأفارقة الناجين من المجزرة لفت إلى أن “الجنود السعوديّين تعمّدوا صعق عشرات المهاجرين الإثيوبيين بالكهرباء في غرفة جمعوا فيها، مُشيراً إلى أن حرس الحدود السعوديّ يطلق النار مباشرةً، وغالبًا ما يستخدم مدافع الهاون للقضاء على تجمعات المهاجرين، فيما أوضح أحد المهاجرين أنّه وآخرون، دفنوا أصدقاءهم على الحدود، لافتا إلى أنّهم تعودوا أن يدفنوا في كُلّ يوم عدداً من الضحايا وبعضهم يقتل بقذائف الهاون. في هذا السياق وأكّد مهاجرون إثيوبيون للقناة أن “حرس الحدود السعوديّ يقتل يوميًّا قرابة 5 مهاجرين على الحدود ويجرح أضعافهم”.
ويلاقي الإثيوبيون المهاجرون أصناف العناء مع وصولهم إلى الحدود السعوديّة، تنتهي غالبًا بالموت على يد حرس الحدود.
الأمر الذي وثقته كذلك رسالة الأمم المتحدة حيث جاء في نص الرسالة: أولئك الذين قتلوا خلال هذه الهجمات إما يتركوا في الموقع أو يتم دفنهم من قبل مهاجرين آخرين في الموقع.
مجازر سعودية جماعية لم نرى مثيل لها إلا على أيدي داعش
يشرح الناجي الوحيد من المجزرة التفاصيل قائلا “في المساء جمع العسكر السعوديّون عدداً من المهاجرين بعد بضع كيلومترات من اجتيازهم الحدود صوب الأراضي السعوديّة وجرى تجميعنا داخل غرفة صغيرة ملحقة بثكنة عسكرية قد تكون مخصصة لدورة المياه شديدة الحرارة”.
قام الجنود السعوديون بإفراغ كمية من المياه على قاع الحجرة الصغيرة، إثر ذلك رمى الجنود بسلك التيار الكهربائي ليدخل بعده الجميع في حالة موت جماعي في جريمة تهتز لها جبين الإنسانية.
عند سؤال الناجي الوحيد عن كيفية نجاته فأجاب أنه كان في طرف الحجرة بعيدًا عن الماء ما جعله معزولاً عن الكهرباء الصاعقة عبر الماء.
شاهد آخر من المهاجرين كان من دفعة ثانية يقول إنه يعرف الحجرة التي تمت فيها الجريمة ولا يستبعد أن سلك الكهرباء المستخدم يعود لجهاز مكيف كهربائي جرى فصله وَوضعه في الماء الذي رُش على الحجرة من تحت المهاجرين المتكدسين في الداخل.
تفاصيل المشاهد التي بثتها وسائل الإعلام لتوثيق الجريمة كانت داخل أحد الأودية اليمنية، حيث أقام الأفارقة حفلَ عزاءٍ يعمه البكاء، على عشرات الجثامين التي تعود لرفاقهم ممن دخلوا الحدود دون علم بما سيلاقونه.
المشاهد أظهرت عشرات الجثث المتكدسة في إحدى مناطق الحدود السعودية، وكان بعضهم ميتا في العراء وبعضهم منكبّون على وجوههم وآخرون ماتوا وأبصارهم إلى السماء، وبعضهم الآخر ميت والدم نازف بجواره.
أحد الناجين أكد أن حرس الحدود السعودي كان يطلق النار مباشرة، وغالباً ما يستخدم مدافع الهاون للقضاء على تجمعات المهاجرين.. فيما أكد مهاجرون إثيوبيون أن حرس الحدود السعودي يقتل يومياً قرابة 5 مهاجرين على الحدود ويجرح أضعافهم.
لم تكن هذه الجريمة هي الأولى للجيش السعودي، بل سبقها الكثير، أهمها في منتصف مايو الماضي، حيث أقدم الجيش السعودي على ارتكاب مجزرة وحشية بحق 25 مواطناً يمنياً قتلهم النظام السعودي عبر صعقهم بالتيار الكهربائي، حيث تم العثور على 7 جثث بالقرب من منطقة الرقو الحدودية وعليها آثار صعق بالتيار الكهربائي.
وقد أدانت حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء الجريمة البشعة، كما نددت بصمت الأمم المتحدة، إزاء الجريمة دون إدانتها أو اتخاذ أي إجراءات، ما شجّع دول العدوان على ارتكاب المزيد من الجرائم
في سبتمبر الماضي كشفت وسائل إعلام موالية لتحالف العدوان مقتل وإصابة العشرات من المهاجرين على يد الجيش السعودي في إحدى المناطق الحدودية أثناء ما كانوا في طريقهم لدخول السعودية.
وذكر المصدر، وهو أحد الناجين أن سبعة أشخاص من المهاجرين قتلوا رميا برصاص أحد الجنود السعوديين. فيما تعرض الآخرون لاعتداءات وعمليات تعذيب مروعة تسببت للبعض منهم بكسور في الأرجل.
وفي احدى أشكال الدموية لدى الجيش السعودي، قال المصدر «أقبل جندي على متن مركبة عسكرية بعد الواحدة فجراً، وقال إنه من قوات الجيش السعودي… وبدأ بإطلاق نار كثيف ناحيتنا، كانت الرصاص تتطاير على مسافة قريبة من أعلى رؤوسنا وبجوارنا ما أسفر عن مقتل اثنين منا بطلقات نارية مباشرة في الرأس”.
وعلى أصداء الجرائم المتكررة والمروعة أدانت وزارة حقوق الإنسان في حكومة الإنقاذ الوطني الجرائم التي ارتكبها النظام السعودي عبر قوات حرس الحدود بحق المهاجرين الإثيوبيين.. معتبرة أعمال القتل والتصفية والمقابر الجماعية، التي يرتكبها النظام السعودي بحق المهاجرين الأفارقة بشكل متكرر، جريمة بحق الإنسانية، وانتهاكاً سافراً للقيم والتشريعات السماوية والقوانين الإنسانية الدولية والقانون الدولي للاجئين، واتفاقية 1951م الخاصة بوضع اللاجئين.
وأشارت إلى أن تلك الجريمة تكشف مدى وحشية وبشاعة السلطات السعودية، واستهانتها بأرواح المدنيين العزَّل والمهاجرين النازحين من مناطق الصراع.. موضحة أن هذه الجريمة لم تكن الأولى، وإنما تأتي في سياق جرائم مستمرة منذ سنوات طويلة، استخدم فيها النظام السعودي كافة أساليب القتل من حرق لمواطنين يمنيين من أبناء محافظة الحديدة في خميس مشيط عام ٢٠١٠م، ومهاجرين أفارقة من أثيوبيا بينهم نساء خلال عام ٢٠١٥م.
ختام القول، من جهةٍ أخرى تُطرح العديد من التساؤلات حول الجرائم السعودية بحق المهاجرون الأفارقة وعن طريقة التعاطي التي تقوم بها الأمم المتحدة في هذا المجال، فتحرك الأمم المتحدة في وضع حد للجرائم السعودية ضعيف جداً حيث إن السعودية سبق وأن ارتكبت العديد من المجازر في اليمن بحق أبناء الشعب اليمني دون حسيب أو رقيب والآن ترتكب أبشع الجرائم بحق المهاجرين الافارقة ولم تحرك الأمم المتحدة ساكناً.
فهل يا تُرى أن عدم التحرك الجدي من قبل الأمم المتحدة قد شجع السلطات السعودية لارتكاب العديد من المجازر؟ في السياق نفسه يتساءل البعض ما الذي يجعل السعودية ترتكب هذه المجازر بهذه الطريقة الوحشية رغم أنها تستطيع التعامل مع المهاجرين بطريقة أخرى طبق القوانين والمعايير الدولية؟
* المصدر: موقع الوقت التحليلي