مع اطلالة العام الجديد وفي الأيام العشرة الأولى من شهر يناير 2016م ظهر الغر محمد بن سلمان ليقول إن السعودية دولة مؤسسات وأن قرار الحرب على اليمن وقعه الملك نفسه والحقيقة ثمة تضاد بين تصريحات الغر محمد بن سلمان والوقائع الثابتة فقرار الحرب تم إعلانه من أمريكا ولم تعلنه الرياض.. والسعودية ليست دولة مؤسسات فشكل النظام تقليدي ينتمى إلى العصور القديمة ولا جديد فيه سوى بعض التقنيات والأدوات التي يستخدمها وتربطه بمظاهر العصر ..
ويبدو أمام مؤشرات ما قاله الغر محمد بن سلمان أن السعودية التي تبدو أمامنا ونراها ليست إلا مؤسسة واحدة من منظومة مؤسسات ذات ارتباط عالمي وأن الملوك الذين يبدون في قصور اليمامة والرياض مجرد ديكورات وأدوات شكلية وإلا لما أعلنت عدوانها على اليمن من واشنطن لكن الغر محمد بن سلمان لم يخرج من جوهر الحقيقة حين قال: إن قرار الحرب مقر من قبل المؤسسات الرسمية وتم إعلانه من العاصمة الحقيقية وهي واشنطن وهذا يفضى بنا إلى القول إن السعودية ليست دولة وطنية ذات سيادة ولكنها ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية بدليل القول إن السعودية دولة مؤسسات وبدليل إعلان الحرب على اليمن من العاصمة واشنطن وتلك سابقة لم تكن لأحد إن كانت السعودية دولة وطنية مستقلة ..
وفي مقابل ما قاله الغر محمد بن سلمان جاء المعتوه عبدربه منصور ليقول لإحدى القنوات العربية إن عاصفة الحزم لم يكن يعلم بها وتفاجأ بها كما تفاجأ بها غيره وقال إن الأمريكان قالوا له لن يحدث شيء ولكنه وهو في طريقه إلى السعودية تفاجأ بإعلان عاصفة الحزم، ومثل هذا التصريحات لعبدربه تنفي ما كان يقوله أولئك الأعراب أو يقوله إعلامهم وتنفي طلب الحكومة الشرعية بمساعدتها على حركة من يصفهم الإعلام الخليجي بالانقلابيين.
ويبدو أن السعودية لا تملك قراراً سيادياً وهذا ما تفسره الوقائع والتصريحات وكذلك المعتوه عبده ربه منصور لم يكن سوى قطعة في لعبة الشطرنج تحركها اليد الخفية وهو لا يعي ولا يدرك تموجات الأحداث ولا أثرها على النسيج الاجتماعي اليمني وعلى السيادة الوطنية اليمنية ومازال يظن نفسه رئيساً أو يصر على الشعور بذلك من خلال تدفق القرارات التي يصدرها ليشعر بوجوده باعتبار القرارات هي النشاط الوحيد الذي أصبح هادي يمارسه بعد أن قدم استقالته إلى الشعب وبالتالي انتهت ولايته القانونية والشرعية.
ما تجدر الإشارة إليه أن تصريحات الغر محمد بن سلمان وأقوال هادي واعترافاته تجعلنا أمام سؤال جوهري حقوقي يتوجب علينا تجميع أشلائه المتناثرة لنصل إلى إجابته في المستقبل القريب في المحاكم الدولية فالظاهر الذي عليه السعودية أنها جاءت لمساعدة شرعية هادي وبطلب منه ويعترف محمد بن سلمان بتوقيع قرار الحرب من قبل الملك وهادي ينفي أي طلب له وقال إنه تفأجأ بقرار الحرب. ويبدو أن عفوية هادي وبدويته كانت وراء اعترافه الذي أوقع السعودية في حرج أخلاقي كبير بدليل أن السعودية أخذت هادي وفرضت عليه الخطاب الذي قرأه في اجتماع الجامعة العربية وطلب فيه استمرار عاصفة الحزم حتى خروج الانقلابيين وهو أول طلب معلن والملاحظ قوله استمرار عاصفة الحزم وهذا يعني أن هادي لم يطلب من السعودية قبل ذلك أية مساعدة وقد لاحظ الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن هادي كان كالأسير في يد الجهاز الأمني السعودي وفي يد سلمان الذي جاء به إلى القاعة ليلقي خطابه ثم غادرها سلمان وهادي قبل انتهاء الجلسة وقد قال هيكل يومها كيف لهادي مغادرة قاعة الاجتماعات مع الملك سلمان قبل نهاية الجلسة خاصة والاجتماع كان مخصصاً لمناقشة القضية اليمنية.
في ظني أن ثمة معطيات في مسار الأحداث وثمة فلتات قد تفيد حركة المقضاة الدولية لآل سعود والامريكان في المستقبل، وتكثيف الجهد في التأمل والتوثيق يساعدنا في السيطرة على مجريات الحدث في المستقبل وقد يساهم في تعزيز قوتنا في التحكم في مسارات المستقبل وتفاعلاته ومع تجدد الدعوة للمملكة للحوار المباشر مع اليمنيين تكون المملكة أمام فرصة قد لا تتكرر لها في المستقبل إن لم تقتنص اليوم فهي لا تتعظ من الوقائع والأحداث ومن مفردات الوهم التي وقعت فيه. لا خيار لليمن أمام هذا العدوان إلا الانتصار ولا خيار للمملكة للخروج من مأزقها سوى الحوار المباشر مع اليمنيين ونبذ مرتزقتها فقد تجاوزهم الأحداث.