على وقع تغييرات مهمة أحدثها هذا الأمر.. “تفاصيل” ما الذي يحمله الوفد العماني هذه المرة لصنعاء؟
أفق نيوز../
عاد الوفد العُماني إلى العاصمة صنعاءَ، الثلاثاء، في زيارة هي الثانية خلال أقل من شهر واحد، في إطار جهود الوساطة التي تبذلها سلطنة عمان؛ من أجل التوصل إلى اتفاق لمعالجة المِلف الإنساني والتوجـه نحو خطوات سلام فعلي، غير أن المؤشرات على الواقع ما زالت تناقض هذه المساعي، إذ لا زالت دول العدوان والولايات المتحدة تؤكـد إصرارَها على المراوغة والتحايل على مطالب الشعب اليمني.
وأفاد مصدر مطلع بأن وفد الوساطة العمانية وصل إلى صنعاء برفقة رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام؛ بهدف استكمال بحث آخر المستجدات والتطورات.
وبحسب عبد السلام فـإن الزيارة الأخيرةَ تأتي بعد نقل “الكثير من الرسائل“، مُشيراً إلى أن “هناك أخذ ورد مع الأطراف الأُخرى” وأنه سيتم “إطلاع القيادة ورئيس المجلس السياسي الأعلى على وجهات النظر الأُخرى”.
وأكّـد أن “الوضع الإنساني بات يتصدَّرُ المِلف السياسي والتفاوضي”.
ومن المرجح أن يلتقي الوفد العماني بالقيادة الوطنية لبحث المقترحات والنقاط المطروحة على الطاولة؛ مِن أجل الوصول إلى معالجات للملف الإنساني كبداية، وُصُـولاً إلى اتِّخاذ خطوات سلام فعلي، لكن تلك المقترحات لن يكون لها معنى إلا إذَا تضمنت إنهاء العدوان والحصار والاحتلال بشكل كامل ودفع التعويضات ووقف كافة اشكال التدخل الخارجي.
وتعتبر هذه الزيارة الثانية للوفد العماني خلال أقل من شهر واحد، حَيثُ كان الوفد قد قدم إلى صنعاء عقب توجيه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي إنذارات شديدة اللهجة لتحالف العدوان ورعاته أكّـد فيها أنهم يعرقلون إحراز أي تقدم في معالجة الملف الإنساني ويصرون على إبقاء الاحتلال والوصاية الخارجية على البلد، وأعلن أن أية خطوات تصعيدية من جانب العدوّ على المستوى الاقتصادي أَو العسكري ستقابَل بخيارات أكثر فاعلية وأوسع تأثيرا من كُـلّ ما شهدته المراحل الماضية.
وسمع الوفد العماني خلال زيارته السابقة تأكيداتٍ حاسمةً من القيادة الثورية والسياسية والعسكرية على استحالة التراجع عن مطالب الشعب اليمني المتمثلة بصرف مرتبات الموظفين من إيرادات النفط والغاز ورفع الحصار عن المطارات والموانئ، وهي المطالب التي لا يزال تحالف العدوان ورعاته يحاولون التحايل والالتفاف عليها، وإبقاءها معلقة؛ مِن أجل إطالة أمد حالة اللا حرب واللا سلام.
وما بين الزيارة السابقة والحالية وجهت صنعاء لتحالف العدوان المزيدَ من رسائل الوعيد والإنذار، أبرزُها كان الخروج الجماهيري الواسع في مسيرات “الحصار حرب” التي احتضنتها العاصمة والمحافظات الحرة، والتي اعتُبرت دلالةً واضحةً على إغلاق باب المراوغة والمماطلة أمام تحالف العدوان، والتهيئة لدخول مرحلة جديدة من المواجهة عنوانها “انتزاع الحقوق” بالقوة إذَا أصر العدوّ على موقفه.
وتأتي الزيارةُ الأخيرة على وَقْعِ تغييرات مهمة أحدثها الخروج الجماهيري الكبير على واجهة المشهد بما حمله من رسائل، حَيثُ أكّـد عبد السلام أن “الصوت الشعبي له تأثير كبير جِـدًّا على مجريات الوضع السياسي ومآل المفاوضات”.
وَأَضَـافَ أن “الزيارات المكثّـفة بين صنعاء ومسقط تعكس جديتنا في الوصول إلى خطوات ملموسة، لكن المسألة تعود لمدى جدية الطرف الآخر”.
ولا زالت التساؤلات قائمة حول تفاصيل ما يحمله الوفد، فبينما تتحدث وسائل إعلام عن عروض مقدمة للتوصل إلى “حل نهائي”، يرى بعض المراقبين أن تحالف العدوان ورعاته يحاولون “احتواء” نفاد صبر صنعاء والغضب الشعبي، من خلال فتح المزيد من النقاشات التي تنقصها الجدية من جانب العدوّ.
زيارةٌ إيجابيةٌ وسط مؤشرات سلبية متزايدة
المؤشراتُ على الواقع لا تدعم فرضيةَ وجود تغيير حقيقي في موقف تحالف العدوان ورعاته، فالتصريحاتُ الأخيرة للمبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، تشير إلى أن الولايات المتحدة ما زالت مُصرةً على موقفها العدائي المتعنت تجاه مطالب الشعب اليمني، وتشير أَيْـضاً إلى أن النظامَ السعوديّ ملتزمٌ بالتوجّـهات الأمريكية بشأن اليمن.
وإلى جانب ذلك، تحدث عسكريون وسياسيون في صنعاء مؤخّراً بشكل واضح عن تصعيد جديد يجري التحضير له من جانب دول العدوان بدفع أمريكي، على المستويات الاقتصادية والعسكرية والأمنية، مشيرين إلى أن تحالف العدوان يعتمد على المماطلة لتوفير غطاء يساعده على إتمام التحضير لهذا التصعيد.
وفوق ذلك كله، فَـإنَّ المؤشرات الأَسَاسية العملية التي يمكن الاعتماد عليها لاستنتاج وجود تغيير في موقف تحالف العدوان ورعاته لا تزال غائبة تماماً في مقابل استمرار بروز المؤشرات الواضحة على التعنت، إذ لا زالت إجراءات الحصار الإجرامي مفروضةً على البلد بنفس القدر من التشديد، ولا زالت الحقوقُ الأَسَاسيةُ للشعب اليمني تُستخدَمُ كأدَاة ابتزاز وضغط.
وبالتوازي مع وصولِ الوفد العماني أصدرت البحريةُ الأمريكية بياناً زعمت فيها أنها ضبطت سفينة كانت تقوم بتهريب أسلحة من إيران إلى اليمن، في مؤشر إضافي على نوايا واشنطن للتمسك بالحصار الإجرامي تحت مبرّر “مكافحة التهريب”.
وحتى التقاريرُ التي نشرتها بعضُ وسائل الإعلام بخصوص تقديمِ عروض لحَلٍّ نهائي تحدثت أَيْـضاً عن اشتراط السعوديّة الحصول على ضمانات من جانب صنعاء، وهو الأمرُ الذي رَدَّ عليه عضو الوفد الوطني عبد الملك العجري بالتأكيدِ على أن الضمانةَ الوحيدةَ لأمن الجوار هو استقرارُ اليمن وتوقُّفُ السياسات العدوانية التي تمارسها دول العدوان ضد الشعب اليمني.
وبالإجمال، فَـإنَّ المشهدَ يزدحمُ بالمؤشرات السلبية التي ترجِّحُ إصرارَ تحالف العدوان ورعاته على المراوغة والمماطلة والالتفافِ على الحقوق والمطالب، لكن احتماليةَ حدوث تغيير إيجابي لا زالت قائمة –نظرياً- وفي حال تحقّقها ستشكل انتصاراً كَبيراً لصنعاء.
(صحيفة المسيرة)