أفق نيوز
الخبر بلا حدود

لحظة قدر …!!

224

أفق نيوز – بقلم – محمد يحيى

حياتنا نحن البشر ليست سوى لحظات، مهما تجاوز أحدنا من سنوات عمره، واللحظات يقسمها الزمن لفترات، وكل فترة نمر بها ونتعرض لها ونتوقف عندها نسميها قدر، والقدر ليس ما كتب لنا وما هو حتمي فقط بل وما نختاره من سلوك نتحمل تبعاته.

الأمر يشبه لحد كبير عبور شخص ما عدة خطوط ومسافات، للوصول لنقطة معينة بقصد تحقيق غرض ما خطط له قبل ذهابه، ولكي يضمن سلامة وصوله سيواجه عدة مواقف، قد تحدد مصيره وتغير مسار حياته ككل، وليس مشوار رحلته، حينها يكون ذلك الشخص قد صنع لنفسه لحظة قدر.
فمثلا على ذلك الشخص الإلتزام بقواعد وارشادات المرور، كأن يتجنب السرعة الزائدة، أو أن يستخدم لوحات غير عائدة للمركبة، أو أن يسير بدون لوحات، أو أنه يعكس الخط، أو يزيد على الحمولة المحددة للمركبة التي يقودها، وتكون الحمولة زائدة على قدرة مركبته، أو أنه يرفض اشارة رجل المرور.
فمن المؤكد أن مخالفة واحدة لأحد تلك القواعد والإرشادات المرورية، تعد لحظة لكتابة قدر ذلك الشخص، على الأغلب سيندم عليها ما بقي له من أيام في حياته، فحتى وإن قلنا أن باستطاعته الوصول ذهابا وإيابا، فإن الأمر متروك للحظوظ لا لذكاء الشخص أو قوة عضلاته ومركبته، والإعتماد على الحظوظ خرافة عقلية لاحتمالها السيء والحسن، والركون عليها سذاجة.

كما أننا نخطئ بإعتقادنا أن الشخص غير مسؤول نهائيا عن قدره، أو لا يمكنه التأثير على قدر غيره، فالأب حين يرمي مفتاح سيارته لطفله الذي لم يتجاوز سن السابعة عشرة كما حدده القانون، إنما يرمي بقدر ولده للمجهول، وقد تكون لحظة تفاخره بقيادة طلفه، هي اللحظة ذاتها التي لا يستطيع إخفاء دموعه حزنا عليه في حال فارق الحياة، أو تعرض لإعاقة مستديمة، وإن عاد بالزمن لمنحه عدة فرص للبقاء.

وكل ما سبق يندرج ضمن الإطار الشخصي والمحيط الأسري، ولو خرجنا قليلا عن هذا الإطار، فإن الصورة ستبدو أمامنا معقدة بعض الشيء، وستظهر لنا الكثير من مشاهد الأقدار التي يتعرض لها مجتمع بأكمله بمختلف فئاته.
ففي اللحظة التي يقطع فيها سائق سيارة أو أي وسيلة نقل، خط سير معين، يقطع حياة شخص آخر دون سبب أحيانا، ويقطع عن نفسه العيش بحرية، كونه أصبح في حكم القاتل، ولحظة تجاوز السرعة المسموح بها، هي لحظة تجاوز سنوات عمر الشخص منا وهكذا تسري بقية الأمور في حياتنا مع كل قاعدة سير نخالفها أو إرشادات مرورية نستخف بها.

وبحساب العقل والمنطق، فلو التزم الشخص بقواعد السير، فهو انما يلتزم بقواعد سلامته، وكذلك بالنسبة للأب فلو انه لم ينتظر طفله ليبلغ سنه القانوني للقيادة، فإنه ربما سيشاهده محمولا على أكتاف الآخرين لدفنه، أو على كرسي متحرك يلازمة طيلة حياته بدلا من كرسي التعلم، أو مقعد السيارة.

إن علينا جميعا أن ندرك ونحن نقود تلك السيارة أو أي وسيلة نقل كانت، بأن إشارة رجل المرور تلك وهي تلوح لنا بالمرور أو التوقف، إنما تلوح لمستقبل ينتظرنا نحن نقرره بالإلتزام أو التجاوز، والنتيجة نحصل عليها نحن فوزا أو خسارة، ومصيرنا بأيدينا، فلنصنع أقدارنا، ولتكن حياتنا لحظة قدر كما نحب أن تكون.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com