مئات الآلاف من سلال التفاح فقدت طريقها إلى التسويق
أفق نيوز – تحقيق – الحسين اليزيدي
وترتفع أصوات مزارعي التفاح في محافظة صعدة من سطوة التكاليف الباهظة للأسمدة الخارجية وضعف الرقابة عليها، في الوقت الذي يتدفق فيه المنتج الخارجي من التفاح على السوق بسوق ضاربة الأسعار إلى ما تحت تكاليف الإنتاج للمنتج اليمني، ناهيك عن تكاليف التخزين والتبريد وهوامش أرباح حلقات التسويق، وهو ما يدفع- حسب تلميحات لبعض المزارعين المتضررين- إلى التخلي عن زراعة التفاح، واستبداله بشجرة القات.. لمزيد من تسليط الضوء على القضية، أجرينا هذا التحقيق، فإلى الحصيلة.
البداية كانت مع أحد مزارعي التفاح في صعدة (حامد أحمد) والذي أوضح أنه يزرع التفاح منذ 15عاماً، في مديرية سحار إحدى كبريات مديريات صعدة في إنتاج التفاح، تحدث عن زراعة التفاح بدءا من شراء المزارع للشتلات وغرسها، وتسميد الأرض بالسماد البلدي (الدمن)، معرضا على الأضرار التي تسببها الأسمدة الخارجية غير الخاضعة للفحص والرقابة الفنية من قبل الجهات المختصة في وقاية النباتات، بل إن بعضها عبارة عن مركبات مائية مغشوشة، والبعض الآخر يأتي عبارة عن رمل مصبوغ، بالإضافة عدم وعي المزارعين بأضرار هذه الأسمدة بسبب غياب الإرشاد الزراعي مما زاد من سطوة الآفات على المحاصيل وتسبب في تدني جودة التفاح.
وبيّن – أن شجرة التفاح تحتاج إلى رعاية تزيد عن 3 سنوات حتى تثمر، مما يزيد من مضاعفة تكاليف الإنتاج- قائلا: “نقوم بجني ثمار التفاح كل ستة أيام، ولدينا عمال للجني والسقي وآخرين للاهتمام بالشجرة والحفاظ عليها من الآفات، بالإضافة إلى ما نواجه من تكاليف باهظة في أجور التخزين والتبريد وشراء الأسمدة، ومع ذلك كله يبقى غياب آلية التسويق المنصفة للمنتج المحلي هي أهم كل الصعوبات.
ويضيف المزارع (سالم صالح) من أبناء مديرية مجز أن شجرة التفاح تحتاج إلى تقليم سنوي حتى تثمر، منوها بأن الثمرة تحتاج إلى تهوية جيدة وتعريض لأشعة الشمس، وتحتاج مبيدات ضد العناكب والطيفان والمن وغيرها من الآفات.
وأوضح أن التربة بعضها يحتاج ماء كل 4 أيام، وبعضها كل أسبوع، وبعد الموسم لا تترك كثيرا بدون ماء، تترك محروثه تقريبا شهراً فقط، وأشار أن أهم الصعوبات التي تواجه زراعة التفاح تواجد التفاح هي الخارجي.
مناشدة
لا يتوقف مزارعو التفاح في صعدة عن رفع المناشدات المستمرة بمنع استيراد صفقات التفاح الخارجي أثناء موسم التفاح المحلي، والتي كان آخرها في12 يناير، حيث طالبوا فيها رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط التوجيه بمنع استيراد التفاح الخارجي، وقالوا “إن استمرار تدفق المنتج الخارجي من التفاح في ظل توفر كميات كبيرة من التفاح المحلي يزعزع نفسيات المزارعين ويدفعهم بسبب عدم شراء محاصيلهم والاهتمام بها يضطر بعض المزارعين إلى قلع شجرة التفاح واستبدالها بشجرة القات الخبيثة.
وطالب المزارعون في مذكرتهم يدفعهم إلزام التجار والمهربين بضرورة تغليب المصلحة العامة والوطنية على المصالح الشخصية، وتوجيه الجهات ذات العلاقة بسرعة ضبط المتلاعبين بثروات ومنتجات الوطن الزراعية، مبدين استعدادهم لتغطية أسواق الجمهورية بالتفاح المحلي وبجودة أعلى مرات عن المنتج المستورد.
مسؤولية المستورد
وعن إجراءات وزارة الزراعة والري فيما يخص تنظيم عملية التسويق، أكد نائب مدير التسويق والتجارة الزراعية بوزارة الزراعة والري – علي الهارب- في حوار موسع تنشره الثورة لاحقا- أن الوزارة في 2020 – 2021 عقدت اتفاقا مع التجار بقطع الاستيراد تدريجيا حفاظا على المنتج المحلي وإتاحة الاستيراد المؤقت من بداية يناير إلى مارس ولمدة عامين.. وفي مايو2022م، تم منع الاستيراد تماما نظرا لوصول اليمن إلى مرحلة تحقيق الاكتفاء الذاتي من التفاح، وأخذت في حينها تعهدات من التجار بعدم الاستيراد.
مضيفا أن الوزارة قامت في ديسمبر 2022م، بحجز كميات كبيرة من التفاح الخارجي في المنافذ، موجها اللوم إلى التجار لمخلفة التعميمات والتساهل وعدم استشعار خطورة هذا التصرف الذي لن يتحمل تبعات ضرره وخسائره سوى المستوردين له بالمخالفة.
الضبط والمصادرة
فيما يؤكد مدير فرع المؤسسة العامة للخدمات الزراعية بصعدة عبدالسلام العزي أن قرار منع الاستيراد الخارجي للتفاح قيد التنفيذ والنفاذ، مؤكدا أن تواجد المنتج الخارجي في السوق حاليا هو نتاج للتهريب، محملا جهات الاختصاص بمكافحة الإرهاب مسؤولية ذلك التهريب، مضيفا أن المؤسسة العامة للخدمات الزراعية خاطبت وزارة الزراعة والري والتي بدورها خاطبت قيادة وزارة الداخلية، بأن كميات التفاح المحلي الموجودة كافية لتغطية السوق المحلي وحتى للتصدير، ويجري حاليا التنسيق مع الداخلية على ضبط الكميات المهربة في الأسواق ومصادرتها، وتنفيذ قرار منع التفاح من المنافذ البرية والبحرية والجوية بصورة صارمة.
وفيما يخص مسؤولية المؤسسة عن المبيدات والأسمدة، أكتفى العزي بتأكيد أن المؤسسة هي من يقوم بدور الإشراف على المبيدات والأسمدة، ولم يحدد ما نوع ذلك الإشراف أو يعين على من تقع صلاحية إيقاف تداول المنتجات الضارة.
حماية المنتج المحلي
هذا وكان نائب وزير الزراعة والري الدكتور رضوان الرباعي، قد أوضح في تصريح لوسائل الإعلام أن قرار منع استيراد التفاح الخارجي يأتي حماية للمنتج المحلي، وجاء بعد عدة إجراءات اتخذتها الوزارة، خلال العام الماضي، بالإيقاف التدريجي لتغطية احتياج السوق.
وأشار إلى أن القرار جاء بعد أن وصل اليمن إلى الاكتفاء الذاتي من التفاح، حيث إن الوزارة لديها برامج لتخزين وتبريد الكميات المحلية لتغطية احتياج السوق طوال العام.
ولفت الدكتور الرباعي إلى أهمية هذا التوجّه لدعم وحماية الإنتاج المحلي من التفاح، مهيبا بمستوردي التفاح الالتزام بالتعميم والتعاون مع الوزارة في تنفيذ استراتيجية حماية المنتجات المحلية.
ودعا الرباعي الأجهزة الأمنية والجهات المعنية ذات العلاقة إلى التعاون مع وزارة الزراعة لمكافحة تهريب التفاح الخارجي، بما يسهم في حماية المنتج المحلي، مؤكدا أن الوزارة لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات الصارمة تجاه مهربي التفاح الخارجي.
وأشار إلى أن وزارة الزراعة تسعى لحماية وتشجيع المنتجات والمحاصيل الزراعية المحلية لتغطية احتياج السوق بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني.