مصادر دبلوماسية: الإمارات ترفض التنازل للسعودية في تنافس دولي بينهما
أفق نيوز../
كشفت مصادر دبلوماسية أن دولة الإمارات رفضت التنازل للمملكة العربية السعودية في تنافس دولي بينهما يتعلق برئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وذكرت المصادر لـ”إمارات ليكس”، أن الرئيس الإماراتي محمد بن زايد أصر على المضي في تقديم مرشح الإمارات لرئاسة اليونسكو ومزاحمة السعودية ومحاولة التغلب عليها بكل الطرق الممكنة.
وأوضحت المصادر أن وسطاء من الخليج كانوا اقترحوا على محمد بن زايد التنازل عن منافسة السعودية بغرض تلطيف الأجواء معها في ظل التوتر الحاصل في العلاقات بين الرياض وأبوظبي منذ أشهر.
إلا أن المصادر أكدت أن محمد بن زايد رفض أي اقتراح بالتنازل لصالح السعودية وتقديم أي بوادر لاستعادة الثقة في العلاقات مع الرياض وأوعز بتكثيف الحملة الإماراتية للتغلب على المملكة في انتخابات اليونسكو.
من جهته قال موقع intelligenceonline الاستخباري الفرنسي، إن السعودية تحاول ترجيح كفة مرشحتها لشغل منصب المدير العام الجديد لمنظمة اليونسكو على حساب منافستها الإماراتية من خلال تحركات الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق.
وذكر الموقع أن السعودية ترشح مندوبتها الدائمة لدى اليونسكو هيفاء بنت عبد العزيز آل مقرن، بينما ترشح الإمارات وزيرة الثقافة نورة الكعبي.
واستشهد الموقع الفرنسي بتحركات الفيصل الأخيرة في باريس، والتي جرت في 13 مارس/آذار الجاري لحضور وافتتاح معرض تكريما لوالده الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود الذي اغتيل عام 1975 بعنوان فيصل: حياة فى قلب القرن العشرين. ولفت الموقع إلى إن معرض الفيصل الذي يستمر من 13 إلى 24 مارس/ آذار نظمته هيئة التمثيل السعودية التابعة للأمم المتحدة.
وذكر الموقع أن تركي الفيصل الذي ترأس الاستخبارات العامة السعودية من 1977 إلى 2001 وعمل سفيرا في لندن في 2002-2005، وواشنطن في 2005-2007، وافق على ممارسة نفوذه لدعم المرشحة السعودية لمنصب المدير العام لليونسكو الذي سيصبح شاغرا بعد تنحي الفرنسية أودري أزولاي عام 2025.
وكشف الموقع أن السعودية تخطط لتنفيذ حملة يكون لها تأثير مكثف في المقام الأول من خلال الأحداث الجارية في باريس حيث ستعمل على حشد دعم الدول الأفريقية الأعضاء بالمنظمة الأممية.
وأضاف أن السعودية تأمل في اكتساب قدر من الظهور من خلال الأحداث الدولية مثل بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 وإكسبو 2030، وهما المناسبتين اللتان تسعى السعودية لاستضافتها.
ومؤخرا كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن الخلافات بين الإمارات والمملكة العربية السعودية وصلت ذروتها في ظل تنافس بين البلدين في عديد الملفات السياسية والاقتصادية.
وأكدت الصحيفة في تقرير لها وجود خلافات متفاقمة بين الحليفين الخليجيين السعودية والإمارات بسبب تباين مصالح الدولتين في ملفات النفط والاستثمارات الخارجية والحرب في اليمن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين خليجيين قولهم إن الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان أصبحا يتجنبان عن عمد حضور أي مناسبات أو أحداث تكون برعاية أحدهما.
واستشهدت الصحيفة بعدم حضور كبار زعماء الإمارات البارزين قمة صينية عربية رفيعة المستوى في الرياض، وغياب محمد بن سلمان قمة لقادة الشرق الأوسط في أبوظبي.
وأوضحت أن الخلافات بشأن 3 ملفات هي التنافس على الاستثمار الأجنبي والنفوذ في أسواق النفط العالمية ومسار الحرب في اليمن، كانت حبيسة الغرف المغلقة لكنها بدأت تتسرب بشكل متزايد للعلن، ما يهدد.
ولفتت إلى أن هذا الخلافات المتفاقمة بين الرياض وأبوظبي تهدد بإعادة ترتيب التحالفات في الخليج العربي الغني بالطاقة في وقت تحاول فيه إيران ممارسة المزيد من النفوذ عبر المنطقة، كما تسببت الحرب الروسية في أوكرانيا بارتفاع أسعار النفط الخام وخلط الأوراق في عملية صنع القرار في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
وكشفت مصادر مطلعة تحدثت إلى الصحيفة عن فشل مساعي مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، وهو المقرّب من بن سلمان لاحتواء الخلافات المتفاقمة بين الرياض وأبوظبي.
ووفق المصادر المذكورة زار طحنون بن زايد السعودية عدة مرات من أجل لقاء ولي العهد السعودي لمناقشة الملفات الخلافية، إحداها كانت بعد قمة أبوظبي في يناير؛ لكنه لم يتمكّن من تأمين مقابلة مع ولي العهد السعودي.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ بن زايد (61 عاما) وبن سلمان (37 عاما)، اللذين كانت تجمعهما علاقة وطيدة، وكان من المعروف أن الأول هو مرشد الثاني، وقبل سنوات جمعتهما رحلة تخييم ليلية في الصحراء السعودية الشاسعة، برفقة صقور مدربة وحاشية صغيرة، بدءا بالتباعد تدريجيًّا مع اختلاف وجهات النظر حول القيادة، ومع تجنّب بن زايد حقيقة وقوع بن سلمان تحت “تدقيق” مستمر على الصعيد الدولي.
وقالت دينا اسفندياري، كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: حتى سنوات قليلة مضت، لم يكن هذا النوع من الانقسام (بين بن زايد وبن سلمان)
وأضافت “كان السعي الصريح لتحقيق أهداف تتعارض مع ما يسعى إليه الجانبين أمرًا غير مسموع.. لكن الآن الأمر أصبح طبيعيًا بشكل متزايد.”
وبحسب الصحيفة، فإن الخلاف الأكثر حدة بين الجانبين يتجسد في تباين وجهات النظر بين بن سلمان وبن زايد حول مسار الحرب في اليمن.
وذكرت أن الإمارات والسعودية تشكلان ما تبقي من “التحالف العربي” لإعادة ما تسمى بالشرعية في اليمن .
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين خليجيين أنّ الإمارات، التي سحبت قوّاتها البرية عام 2019، لا تزال تخشى التهميش في القرارات المتعلقة بمستقبل الصراع هناك، بينما تجري السعودية محادثات مباشرة مع “الحوثيين” بشأن إنهاء الحرب.
وبحسب مصادر تحدثت للصحيفة، فإن غاية الإمارات هي الإبقاء على موطئ قدم لها في الساحل الجنوبي للبلاد، وتوجيه موارد القوة إلى البحر الأحمر من أجل تأمين الممرات البحرية بين موانئها والعالم.
ووفق ما كشفه مسؤولون خليجيون فإنّ الإمارات وقّعت اتفاقية أمنية مع الحكومة المدعومة من السعودية تتيح لقواتها التدخل في حالة وجود “تهديد وشيك”، وتدريب “قوات يمنية” في الإمارات، وتعميق التعاون الأمني، وكذلك بناء قاعدة عسكرية ومدرج في جزيرة قرب باب المندب، عند الحافة الجنوبية للبحر الأحمر.
وبحسب المصادر ذاتها، فإنّ المسؤولين السعوديين اعترضوا سرًّا على الاتفاق الأمني والخطط الخاصة ببناء قاعدة عسكرية، واعتبروا أن الإمارات بذلك تعمل ضد أهداف السعودية في اليمن، المتمثّلة أساسًا في تأمين حدودها ووقف الهجمات اليمنية بالطائرات المسيّرة والصواريخ.
وردًّا على ذلك، نشرت السعودية قوات سودانية من التحالف في مناطق قريبة من مواقع العمليات الإماراتية، وهو ما اعتبره مسؤولون إماراتيون “تكتيكات ترهيب”، وفق مسؤولين خليجيين.
في ديسمبر/ كانون أول، عندما لم يحضر محمد بن زايد قمة الصين في الرياض، قال المسؤولون السعوديون إنهم فسروا ذلك على أنه علامة على استياء الإماراتيين من المنافسة المتزايدة في اليمن.
وبدلاً من محمد بن زايد، حضر حاكم الفجيرة (إمارة صغيرة) القمة التي ضمت الزعيم الصيني شي جين بينج.
وقالت الصحيفة إن الخلاف بين الرياض وأبوظبي امتد إلى منظمة “أوبك” التي تقودها السعودية، حيث ما زالت الإمارات مضطرة لأن تضخ في السوق أقل بكثير من مدى استطاعتها، وهو ما يضرّ بعائداتها من النفط.
ونقلت الصحيفة عن مندوبين في “أوبك” قولهم إن الإمارات تضغط منذ فترة للسماح لها بضخ المزيد من النفط، لكن السعوديين يمانعون.
وبموازاة ذلك يلمح مسولون إماراتيون، تحدّثت إليهم الصحيفة، إلى أنّ أبوظبي تجري مناقشة داخلية الآن حول مغادرة “أوبك” بالكامل، مؤكدين أن الخلافات الأخيرة مع السعودية أعادت إحياء الفكرة المنظمة النفطية.
واصطدم الإماراتيون مع السعوديين في أكتوبر/ تشرين أول الماضي عندما قرر تحالف “أوبك +” وهي مجموعة تضم 13 دولة تضم أوبك و 10 دول أخرى)، بما في ذلك روسيا – خفض إنتاج النفط بشكل كبير لدعم أسعار الخام.
في العلن، أبدت الإمارات دعم خفض الإنتاج. لكن المسؤولين الأمريكيين قالوا إن الإماراتيين أخبروهم سرا أنهم يريدون ضخ المزيد تماشيا مع رغبات واشنطن، لكنهم (الإماراتيون) واجهوا مقاومة من السعودية.
وقالت إسفندياري إن الإماراتيين “قلقون بشأن عمل السعوديين ضد مصالحهم.. بينما السعوديين قلقون من أن يشكل الإماراتيين تهديدا للهيمنة السعودية في الخليج.
ووفق محللين، فإن الخلاف بين الرياض وأبوظبي ليس بنفس خطورة الخلافات الخليجية القطرية والتي اندلعت في منتصف 2017 إلي مطلع 2021، إذ يواصل السعوديون والإماراتيون المشاركة في التدريبات العسكرية المشتركة، ولكن هذا يعد ذروة تحالفهم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إماراتيين قولهم إن الخلاف بين أبوظبي والرياض بدأ في 2018 عندما قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي على يد فرقة قتل سعودية، الأمر الذي دفع المسؤولين في أبوظبي لإعادة النظر في مدى القرب من بن سلمان.
ولاحقاً، في عام 2019، شعر السعوديون بأنّ شركاءهم الإماراتيين تخلّوا عنهم حينما أعلنوا سحب قواتهم العاملة على الأرض في اليمن.
وبحسب مسؤولين دبلوماسيين سابقين، فإنّ مصالحة السعودية مع قطر مطلع عام 2021، بعد أن ضغطت الأولى لإتمام هذا الملف سريعاً، أزعجت أبوظبي، التي كانت المبادر إلى الدفع نحو مقاطعة قطر وحصارها.
ومما عمّق الخلاف خلال كل تلك السنوات الماضية، هو أنّ الإماراتيين بدأوا ينظرون بارتياب إلى مساعي السعودية لاستقطاب الشركات الأجنبية واستضافة مقارها في المملكة، إذ من شأن ذلك أن يمثّل تحدّياً لمكانة دبي، الإمارة التي تعدّ مركز الأعمال الدولي في الشرق الأوسط.
* المصدر: موقع اماراتي ليكس