بديل أممي متهالك من «صافر».. شبح التسرّب النفطي لا يغادر
أفق نيوز../
استكملت الأمم المتحدة، قبل أيّام، عملية شراء سفينة بديلة للسفينة العائمة «صافر»، التي تحوّلت إلى قنبلة موقوتة قُبالة ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر غرب اليمن، وحدّدت شهر أيار المقبل موعداً لوصول الناقلة البديلة إلى موقع تلك المتهالكة للشروع في استبدالها، ونزْع فتيل الخطر الذي يتهدّد مياه البحر الأحمر بأسوأ تسرُّب نفطي في المنطقة.
ووفقاً لشركة «سميث» الهولندية التي تولّت المهمّة، فإن مرحلة سحْب النفط الخام من خزّان «صافر» العائم قبالة سواحل الحديدة، ستبدأ في حزيران المقبل، فيما قد تستمّر عملية تثبيت الخزّان العائم الجديد حتى منتصف شهر آب.
إلّا أن السفينة البديلة التي اشترتها الأمم المتحدة عبر شركة «إيروناف» الهولندية، ليست بأفضل حالِ من «صافر». إذ بحسب المعلومات، استغلّ «البرنامج الإنمائي» مخاوف اليمنيين من انهيار السفينة مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات عالية في سواحل محافظة الحديدة، وسعى إلى تمرير صفقة شراء سفينة موضوعة في الخدمة منذ 20 عاماً. ووفقاً لخبراء ملاحيين، فإن هذا النوع من السفن يصبح بعد عقدَين من الزمن من دخوله الخدمة خارج الجاهزية.
وأشار هؤلاء إلى أن استبدال سفينة متهالكة بأخرى شارف عمرها الافتراضي على الانتهاء، وأصبحت فاتورة صيانتها السنوية مرهِقة للشركة المشغِّلة لها، يُعدّ بمثابة تبديد للتمويلات التي حصلت عليها الأمم المتحدة في مؤتمر المانحين الذي عُقد في شهر أيار الفائت في مدينة لاهاي الهولندية، وجَمع ما يقارب الـ 90 مليون دولار لبدء تنفيذ الاتفاق الذي أُبرم بينها وبين حكومة صنعاء في السادس من آذار الماضي، ووافقت عليه الحكومة الموالية لـ«التحالف» في الشهر نفسه.
من جهتها، تفيد مصادر دبلوماسية، في حديث إلى «الأخبار»، بأن السفينة البديلة كانت متوقّفة منذ سنوات، وتقوم الأمم المتحدة بصيانتها في حوض جاف في سواحل هولندا، فيما يرى الخبير النفطي، عبد الغني جغمان، أن «ما تقوم به الأمم المتحدة بشأن تنفيذ الاتّفاق يكتنفه الغموض، وخاصة أن عملية شراء السفينة إجراء من طرف واحد من دون إشراك الجانب اليمني، وهناك مواصفات غير معروفة وأسعار وتجهيزات وبرنامج عمل وخطّة زمنية غير واضحة»، داعياً الجانب اليمني إلى «الاشتراك في كلّ هذه الخطوات لتلافي أيّ أخطاء قد تحُول دون إنهاء أزمة صافر».
ويصف جغمان الخطوات التي اتّخذتها المنظّمة الدولية في هذا الإطار بأنها «ارتجالية، ولم تستوعب الظروف المحيطة بالسفينة المتهالكة»، مطالباً حكومة صنعاء بـ«التحقّق من المواصفات الفنّية للناقلة البديلة من ناحية السعة والسماكة وقابليّتها للتصدير ومقاومتها للمناخ، كونها ترسو في بيئة حارّة ورطبة في رأس عمران، فضلاً عن التأكّد من عمرها الافتراضي»، محذّراً من أن المضيّ بمشروع السفينة البديلة، على رغم تدهوُر وضعها الفنّي، «سيمثّل نكسة لجهود حلّ هذه الأزمة التي تزداد خطورة يوماً بعد آخر، كما أنه سيؤدّي إلى تبديد التمويلات، وسُيبقي الخطر قائماً».
ويلفت إلى أن الأمم المتحدة تمكّنت من الحصول على تمويلات لتنفيذ الاتفاق الموقَّع بينها وبين حكومة الإنقاذ بخصوص «صافر»، بلغت نحو 95 مليون دولار، «تمّ تحويل 75 مليون دولار منها، اشتُريت السفينة البديلة بنحو 55 مليون دولار منها، على أن يتمّ إنفاق 90% من المبلغ المتبقّي على شكل نفقات تشغيلية للفريق العامل».
وكانت الأمم المتحدة قد أكدت أنها لا تزال بحاجة إلى المزيد من التمويل لإكمال إزالة النفط بشكل آمن من الناقلة «صافر»، وأشارت في بيان إلى أن «البرنامج الإنمائي» سينفّذ عملية عالية المخاطر كجزء من مبادرة منسّقة من قِبَل المنظّمة الدولية، بالتعاقد مع شركة الإنقاذ البحري «سميت» (SMIT)، لإعداد الناقلة المتهالكة للقَطْر إلى ساحة إنقاذ خضراء.
ونقل البيان عن مدير البرنامج، أكيم شتاينر، قوله إن «شراء السفينة المناسبة يمثّل بداية المرحلة التشغيلية لخطّة إزالة النفط بأمان من «صافر»، وتجنّب مخاطر حدوث كارثة بيئية وإنسانية على نطاق واسع». وأضاف إنه «يجب أن نَقبل أن هذه عملية صعبة للغاية ومعقّدة؛ إذ يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على مدار الساعة مع خبراء من وكالات الأمم المتحدة الشقيقة، بما في ذلك المنظّمة البحرية الدولية وبرنامج الأغذية العالمي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة من بين آخرين، بالإضافة إلى الاستشارات الدولية بشأن القانون البحري والتأمين والأثر البيئي، لضمان استخدام أفضل الخبرات الممكنة لإكمال هذه العملية بنجاح».
وفيما تلقّى مشروع إزالة النفط دعماً دولياً كبيراً، فإن التكاليف المتصاعدة المرتبطة في الغالب بالحرب في أوكرانيا أدّت إلى زيادة كبيرة في الأسعار تتجاوز 15 مليون دولار في السوق، ما يعني أنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأموال لإكمال مرحلة الطوارئ، بحسب بيان الأمم المتحدة. يُذكر أن «صافر» هي ناقلة نفط عائمة قبالة الحديدة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، يُرسل النفط إليها عبر أنبوب يمتدّ من مأرب، ويُنقل عبرها إلى سُفن الشحن، وهو الأمر الذي توقّف مع بداية الحرب، لتتعطّل معه عمليات الصيانة اللازمة لبقاء الخزان.
*جريدة الأخبار – رشيد الحداد