نقاط ضعف …. تُعرّض أمريكا للغزو والدمار!
أفق نيوز – تقرير – علي الشراعي
القاعدة أن الولايات المتحدة تذهب إلى الحرب خارج أراضيها لكن الحرب نفسها لا تذهب إلى أمريكا .
ولعله يمكن تقدير حجم الصدمة والعصبية الأمريكية الذي قارب درجة الهستيريا بعد احداث 11 سبتمبر 2011م فقد كان أول مرة تتعرض أمريكا للغزو وتصيبها مفاجأة الدمار في وضح النهار . شهد القرن الماضي رحى حربين عالميتين دمرت مدن ودول و عواصم اوروبية وأسيوية وقتلت ملايين البشر ولم تطلق رصاصة واحدة داخل أراضي أمريكا
– حدود آمنة :
أمريكا تعتمد بالدرجة الأولى على أمنها بما يوفره لها المحيطان الأطلنطي يحميها إلى درجه العزل الوقائي عن اوروبا في الغرب والهادي يحميها بنفس الطريقة عن آسيا في الشرق .
بعد الحرب الأهلية الأمريكية ( 1861- 1865م ) رأي عسكريون بإن الولايات المتحدة مطالبة بالخروج من القارة لأن المحيطان الحامية لها يمكن أن تتحول إلى محيطات عازلة فإذا أريد لها أن تستبقي مهمة الحماية فمن الضروري عبورها إلى بعيد والتمسك عند هذا الحد البعيد بمواقع كحدود آمنة تلعب دور محطات الإنذار تمكن من الدفاع أو تكون مراكز انطلاق إذا ما استجدت حاجه للهجوم .
وعلى الرغم من اتساع مساحة الولايات المتحدة والتنوع الداخلي فيها إلا أنها تحتفظ بصفة ( جزيرية) وتعتبر لذلك قوة عسكرية بحرية نموذجية خاصة وأنه لا يحيط بها بلدان عدوة على أرض نفس القارة – بالرغم ان بعض ولاياتها تم احتلالها واغتصابها من المكسيك – وأن قواتها البرية المسلحة مدعوة دائما للعمل في مناطق ما وراء البحار حتى ولو كان ذلك على أرض القارة نفسها ولهذا السبب فإن القوى الجوية والقوى البحرية بشكل خاص بما في ذلك مشاة البحرية تلعب دورا أساسيا في العمليات التعرضية وفي تأمين النقل الضروري لاقتصادها الهائل ولحاجاتها العسكرية وأن المرونة وسرعة الحركة المدعومة دائما بالأسلحة الحديثة تميز هذه القوات التي تقف باستمرار على أهبة الاستعداد للعمل في المناطق البعيدة .
– أهداف نووية:
والواقع النووي لا يتناقض مع هذه الصفة فبالأضافة للصواريخ العابرة للقارات فأن قواتها الرادعة وقواتها الضاربة تتألف من الطيران الثقيل ومن حاملات الطائرات والغواصات النووية القادرة في كل لحظة على اطلاق قذائفها النووية على أي نقطة من الكرة الأرضية .
اما من وجهة القدرة الدفاعية فإن الخطر يهدد بشدة عناصر هذه القوة نفسها
أولا بسبب التمركز الصناعي والبشري في الجزء الشمالي الشرقي وعلى الشواطئ المطلة على المحيط الهادي فيجعل منها أهدافا مثالية للهجوم النووي عليها .
وثانيا بسبب المواصلات البحرية الحيوية وهذا يعنى أنه لابد للولايات المتحدة الأمريكية من الاحتفاظ بالسيادة البحرية .
– انعدام الجزر :
كذلك الجزيرة الأمريكية الهائلة (القارة الأمريكية ) كما يشير الأميرال ( بيير سيلير ييه ) في كتابه ( الجغرافية السياسية والجغرافية الاستراتيجية ) أن أمريكا محرومة من حزام الجزر على المحيطين الأطلسي والهادي وعلى مستوى الأسترانيجية العامة فإن الأرض الجديدة ملتحمة مع القارة وأن سلسلة جزر الآنتيل تكاد تكون متصلة ببعضها البعض شأنها بذلك كشأن البرزخ الذي تشكلة أمريكا الوسطي اما جزر الهاواي من ناحية وجزر برمودا والسلفيرا من الناحية الأخرى فتعتبر شواخص ثمينة ولكن عزلتها تحدد من امكانياتها وعلى العكس فإن احتلالها من قبل عدو خارجي سيشكل في حالة حدوثه خطرا جويا على أمريكا . وفي الشمال توفر غروئنلاند والجزر الكندية مواقع متقدمة ولكن المناخ القطبي القاسي في كل منها يشكل معوقا جويا .
– هجوم جوي:
كما أن افتقار أمريكا للجزر يزيد في الفعالية الدفاعية للعزلة الأمريكية ولكنه لا يعطيها أي بعد لتغطية أراضي القارة ضد الهجوم الجوي .
لذلك تبذل الولايات المتحدة الأمريكية جهودا جبارة لسد هذه الثغرة ونقطة الضعف عن طريق استخدام الجزر العائمة التي تشكلها بعض الكتلة الثلجية المتجمدة كما تبني جزرا صناعية تزرعها في عرض المحيطان مقابل شواطئها وتنصب فوقها محطات الكشف والأنذار الالكتروني البعيدة المدى كما تستخدم بعضها لإقلاع الطيران العمودي .
– مناطيد وطائرات مسيرة:
تناقلت وسائل اعلامية عالمية بشكل كبير في مطلع فبراير من العام الحالي 2023م ظهور في سماء الولايات المتحدة الأمريكية منطاد على ارتفاعات عالية جداً ولا يستطيع سلاح الجو الأمريكية إنزال هذا المنطاد خوفاً من سقوطه على مواقع سكنية أو حيوية أو عسكرية علما بأن أمريكا أعلنت انه فوق مناطق عسكرية حساسة ومهمة للجيش الأمريكي، وهذا التناقض في الإعلان كان واضحاً من قبلها عن تحديد مكان هذا المنطاد التائه.
حالة الصدمة التي عاشتها الولايات المتحدة الأمريكية عند اكتشافها هذا المنطاد كانت كبيرة جداً، كما أعلن الجيش الأمريكية بأن هذا المنطاد له أيام تائه في الأجواء الأمريكية، وهذا الأمر يفشل الدفاعات الجوية الأمريكية وقدرتها على حماية سمائها بطريقة أو بأخرى فالعالم سيشهد مرحلة جديدة من خلال استعمال طائرات مسيرة أو مناطيد أو أي شيء من هذا القبيل دون ملاحظة الدولة المستهدفة لهذه العملية التجسسية إن حصلت في المستقبل. فأمريكا الآن تعيد حساباتها ومراقبتها لأجوائها بشكل جدي ودقيق وعميق بعد هذا الحادث وتبحث عن مهام هذا المنطاد التي أعلنت انه يسير فوق مواقع حساسة ومهمة على أراضيها.
لذا صدقت تنبأت سيليرييه بأن امريكا رغم قوتها لكنه يوجد بها ثغرات قد تعرضها للخطر بأحداث 11سبتمبر 2011 م وما شهدته موخرا بالمناضيد الا دليلا على نقاط الضعف والثغرة في الدفاعية الأمريكية قد تعرضها بالمستقبل لغزو ودمار عبر رغم ترسانتها النووية واساطيلها البحرية وطيرانها واقمارها الصناعية وقواعدها واحلافها العسكرية واذرعها المتعددة .
– السقوط المخزي:
فطبيعة الامبراطوريات عبر التاريخ يكون بها ثغرات قد تتسبب في سقوطها فهذا الأمير القرطاجي هانيبال (247- 182 ق . ب ) يحاصر روما عاصمة اعظم امبراطورية في التاريخ القديم بعد أن عبر بجيشه جبال الألب وكاد أن يسقطها وكذلك المغول بقيادة جنكزخان اسقطوا اعظم الامبراطوريات كالصينية عام 1210م و حفيده هولاكو اسقط الدول العباسية فيما حاصر العثمانيون العاصمة البيزنطية القسطنطينية واسقطوها عام 1453م بعد ان عزلوها عن أي مساندة بحرية لها من الدول الاوروبية المسيحية فسقوط الأمبراطوريات يكون سريعا ومدويا ومخزيا ومن أضف نقاطها !