العدوان يواصل حرب الكهرباء عبر مرتزقة الداخل
تحقيق .. سعيد الجعفري-رجاء عاطف
* أخبار عودة الكهرباء إلى واجهة الحياة، وحدها فقط، هي من أعادت منذ أسبوعين الأمل في نفوس المواطنين الذين ملّوا أوقاتهم ولياليهم الثقيلة والطويلة في الظلام، يحلمون تحت وطأة التنويم الإجباري بفضاء السلام، ويلعنون في تعاريجها استطالة الحرب، واستتباعاتها، والعدوان البربري الذي يمارس كل يوم مزيدا من الجرائم والخراب الممنهج، لكل مقومات الحياة اليمنية..
وللحقيقة.. فإن استئناف الفرق الهندسية لأعمال الإصلاحات لخطوط نقل الكهرباء، مأرب صنعاء، وعودة محطة مأرب الغازية، تعد أخباراً مفاجئة للجميع، في ظل التحديات القاسية التي تواجه أي عمل فني لاستعادة حياة المنظومة الوطنية لخدمات الكهرباء، وهو الأمر الذي يجلب معه التفاؤل بعودة التيار الكهربائي لساعات طالما لم يكونوا راضين عنها قبل ثمانية أشهر لكنها هذه الساعات اليوم ستكون فرجاً كبيراً بعد أن فقدوا بصيص الأمل بأن يزورهم ضوء التيار الكهربائي ولو لدقائق معدودة ..
“الثورة” قدمت قراءة مختزلة لملامح الانتظار المجتمعي لعودة التيار الكهرباء، متتبعة في نفس الوقت بشغف كبير، أعمال الإصلاحات الفنية التي تقوم به الفرق الهندسية، لتنفرد بنشر تفاصيل أكثر قرباً من أعمال الإصلاحات لحظه بلحظة،:
المؤسسة العامة للكهرباء ستبذل كل الجهود لاستعادة المنظومة الوطنية ونقدر تعاون المجتمع في مناطق الأضرار
مُنذ ما يقارب ثمانية أشهر خرجت غازية مارب عن نطاق الخدمة في خروج طويل تعثرت معها جميع الجهود المستمرة التي بذلتها المؤسسة العامة للكهرباء في إعادتها حيث لم تتمكن الفرق الهندسية من تنفيذ أعمال الإصلاحات على خطوط نقل الطاقة مأرب صنعاء في محاولات ظلت مستمرة ومتكررة حالت الأوضاع الأمنية المتوترة وحالة الحرب التي تشهدها مختلف الجبهات في مارب وعلى طول امتداد الأبراج وخطوط النقل دون تمكن الفرق الهندسية إلى مواقع الأضرار لخطوط النقل الدائرتين الأولى والثانية وخلال هذه الفترة ظلت آثار الدمار تتضاعف وتتزايد كل يوم وهو الأمر الذي ألقى بتبعات هائلة على حياة الناس ومضاعفة المعاناة لمدن غرقت بالظلام تعطلت خلالها مظاهر الحياة المختلفة جراء خروج اكبر مزود للطاقة الكهربائية “محطة مأرب الغازية” التي يعد تشغيلها هو الأقل كلفة عما سواها من محطات التوليد التي تعتمد على الوقود من مادتي الديزل والمازوت الذي لم يكن هو الآخر متاحاً جراء ما تتعرض له البلاد من عدوان سافر من قبل التحالف العربي بقيادة الجارة السعودية.
حالة من الصمود واليأس
رغم البشرى بإصلاح خطوط الكهرباء إلا أن الكثير من المواطنين اعتادوا على وضع الظلام ولا يعولون حتى عودتها بسبب العدوان المستمر على كل مقومات الحياة في اليمن، ناهيك عن الانقطاعات المتكررة والكلية للكهرباء وهو مبعث الصمود أمام أوضاع تزداد حدة في السوء يوماً بعد آخر..
وهذا ما لفت إليه المواطن محمد الرياشي – يعمل في هندسة الكمبيوترات، مضيفاً : زادت الاعتداءات على خطوط الكهرباء في بلادنا منذ بداية الثورة الشبابية وكانت الأضرار كبيرة ولذلك لا نرى أن تكون هناك كهرباء أو حتى تعمل بشكل تام ومازالت الحرب في محافظة مارب .
بينما هناك آخرون اعتمدوا على بدائل أخرى حيث عشعش اليأس في قلوبهم بعودة الكهرباء مجدداً إلى وضعها الطبيعي والذي لا يمكن استمرار الحياة دون بدائل هكذا كانت رؤية حنان المرهبي – طب بشري ، وكما قالت : واقعنا يحكي معاناة انقطاع الكهرباء الذي خلف وراءه العديد من الآثار وبسبب احتياجاتنا لها قمنا بالبحث عن بدائل تفي بالغرض رغم أن الكثير لم يستطيعوا ذلك نظرا للظروف الاقتصادية وترى أنه خلال سنتين من الآن سيكتفي جميع الشعب بالبدائل حيث سيكون عودة الكهرباء بعد انقطاعها غير مؤثر إلا على من منعتهم الظروف من اقتناء البدائل (منظومة متكاملة من الطاقة الشمسية).
ويوافقها الرأي محمد الغانمي – تربوي والذي وصف بأن الكهرباء من أهم البنى التي يعتمد عليها الناس وتعد شريان الحياة وهنا قال : لو صرفت وزارة الكهرباء تكاليف إصلاح خطوط الكهرباء بتوفير بدائل للمواطنين كان أفضل من نفقات إصلاحها بين الحين والآخر حيث لا جدوى من ذلك بهذه الظروف .
العمل الميداني
ميدانياً وفنياً تشهد خطوط نقل الكهرباء التي طالها الخراب والأضرار، عملا متواصلاً منذ أعلنت المؤسسة العامة للكهرباء في 21 من ديسمبر الفائت استئناف مجريات أعمال الإصلاحات، بعد الدراسة والتقييم لحجم الأضرار.. المهندس بكر عامر – رئيس الفريق الهندسي بأعمال إصلاحات خطوط مارب – أكد في هذا السياق أن الفرق الهندسية تواصل أعمال الإصلاحات متطلعة إلى مزيدٍ من التعاون المجتمعي والتنسيق والتفاهم مع مختلف الأطراف لتسهيل مهمة الدخول إلى مختلف المناطق التي أصابت الأضرار فيها مسار الشبكة..
وأوضح عامر: أن المؤسسة عززت الفرق الهندسية بفرق أخرى، الأمر الذي ساهم في مضاعفة الجهود الفنية حيث توشك الفرق على الانتهاء من الإصلاحات في منطقة العطيف وما جاورها.. لافتاً إلى أن الفرق تحتاج إلى الانتقال إلي مناطق أخرى أكثر خطورة وهو ما يتطلب من الأطراف التفهم لمهمة الفريق وتسهيل مهمة دخولها إلى مواقع الأضرار ونأمل من منظمات المجتمع المدني والجهات التي ساندتنا في الاستمرار بجهودها .
حضور رسمي
وصحيفة الثورة تتبع سير عمليات استعادة نفس المنظومة الوطنية للكهرباء وجدت أن المهمة صعبة ومعقدة بتعقيد التراكم الذي أصاب المنظومة، لكن في المقابل كان من اللافت في عمل الفرق الهندسية هو الحضور الرسمي للأطر القيادية والإشرافية في المؤسسة العام للكهرباء حيث قام في زيارة ميدانية إشرافية لمدة يومين متتالين لمدير عام المؤسسة العامة للكهرباء ومدير عام النقل ومحطات التحويل بالمؤسسة العامة لمواقع الإصلاحات للأبراج وخطوط النقل مارب صنعاء وذلك لمتابعة سير الإصلاحات إلى جانب الفرق الهندسية المكلفة بعمل إصلاح حالة الدمار الهائل التي لحقت بالأبراج وخطوط الدائرتين الأولى والثانية والسعي لإنجاز مهمة صعبة وخطره تعترضها العديد من التحديات وهناك تبرز صورة رائعة لمهمة استثنائية تبذلها الفرق الهندسية يترقب الناس نتائجها وقد ملت حياتهم اليأس وهو ما تدركه هذه الفرق – حسب المهندس الفني مسعود أحد أعضاء الفريق- مؤكداً أنه مهما كانت مشقة المهمة وصعوبتها فإنها تبدو سهلة أمام إنجاز عمل يجلب الفرحة والسعادة للناس.. الكل هنا في منطقة العطيف يشعر بالمسؤولية وتغمرهم حالة السعادة وهم يؤدون عملهم بكل تفانٍ وإخلاص أنهم حد وصفه يقومون بأعظم عمل غير مكترثين بما يحيط بهم من مخاطر أو ما يواجه من الصعوبات .
وأكدت الفرق الهندسية أن وجود مدير عام المؤسسة للكهرباء ومدير عام النقل شكل في هذا التوقيت عاملاً محفزاً للعاملين ودافعاً إضافياً يجعلهم يبذلون أقصى طاقاتهم في الإنجاز وجميعهم يأمل أن يكتب لمهمتهم النجاح وأن لا يعترض مسيرتها أي طارئ يعيق من سرعة إنجاز مهمة لم تكن آثارها على المواطنين وحدهم بقدر ما وضعت المؤسسة العامة للكهرباء التي يمتلكهم الشعور بأنها بيتهم الأول وقد وجدت نفسها المتضرر الأكبر من هذه الحرب بعد أن باتت تواجه حالة الإفلاس ويتهدد موظفيها توقف رواتبهم بعد أن توقف التحصيل لمستحقاتها جراء توقف الخدمة والاعتداءات المتكررة على خطوط نقل مارب صنعاء.
من ناحيته أشاد المهندس بسام الصلوي – رئيس النقابة العامة للكهرباء ، إلى الجهود التي بذلتها وزارة الكهرباء والطاقة والمؤسسة العامة للكهرباء والفرق الهندسية في تنفيذ الإصلاحات وإعادة غازية مارب للخدمة وكذلك جهود النقابة العامة للكهرباء واضطلاعهم بمسؤوليتهم الوطنية باعتبارهم المتضرر الأكبر لما تعرضت له المنظومة من أضرار جسيمة على وجه الخصوص خطوط النقل مارب صنعاء خلال السنوات الأخيرة إلى جانب ما ألحقته من آثار على البلد عموما باعتبار الكهرباء أساس التنمية والنشاط الاقتصادي إلى جانب توقف نشاط المؤسسة العامة للكهرباء مما أثر على جميع العاملين بالقطاع ومستويات دخولهم لصعوبة توفير الرواتب .
خسائر طائلة
المؤسسة العامة للكهرباء في ظروف كهذه تكبدت خسائر كبيرة جراء الأضرار التي تعرضت لها خطوط النقل خلال هذه الفترة ناهيك عن حالات الاعتداءات المتكررة الذي تعرضت له الخطوط منذ مطلع العام 2011م والتي أوصلت المؤسسة إلى حافة الانهيار، وهو ما أوضحه المهندس محمد الشيباني – مدير عام خطوط النقل ومحطات التحويل بالمؤسسة العامة للكهرباء أن حالة الدمار الذي تعرضت له المنظومة الوطنية خلال السنوات الأخيرة كبير ويشير إلى تكاليف قطع الغيار لإصلاح الأضرار الأخيرة تبلغ تكلفتها 150مليون ريال ناهيك عن أجور الإصلاح وخسائر قيمة الطاقة المنقطعة..
وقال الشيباني : إن حجم الأضرار الفنية التي لحقت بخطوط النقل 400كيلو فولت الدائرتين الأولى والثانية والأبراج كبير للغاية، وتتركز الأضرار في عدة مناطق، حيث تمتد خارطة الضرر من (نقيل الفرضة) عند البرج 129 إلى البرج 380 في آل شبوان وذلك وفقاً لآخر برنامج تفتيش تم تنفيذه بتاريخ 30-فبراير2015، وربما قد تظهر أضرار أخرى بعد هذا التاريخ و تتوزع الإضرار في عدة مناطق المنطقة الأولى في آل شبوان والعطيف والسحيل ونخلاء بين الأبراج 380و300 وهذه الأضرار تشمل انقطاعات كبيرة في خطوط النقل للدائرتين الأولى والثانية والعوازل وملحقات الشبكة الهوائية، كما أن الأضرار أيضا في المنطقة الثالثة في (نقيل الفرضة) بين الأبراج 167و129 وكذا المنطقة الثالثة في منطقة الجدعان –حلالان – الماس – مثلث الماس- نقطة جميده – وادي نبعه بين الأبراج 237و208 .
الشيباني أكد أيضاً أن الفرق الفنية والهندسية تواصل أعمال الاصلاحات في منطقة العطيف بين الابراج 327-324 بوتيرة عالية وتسعى وفقآ للبرنامج الزمني المحدد والذي نتطلع من خلاله إلى سرعة الإنجاز حيث تم تعزيز الفرق بفريق آخر معزز بالمتطلبات من سيارة وقطع الغيار المطلوبة ، منوهاً بأن العمل حتى الآن يسير بشكل جيد وأن ذلك يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود وتعاون مختلف الجهات من منظمات المجتمع المدني والجهات الرسمية لتستطيع إنجاز الإصلاحات والانتقال إلى مواقع أخرى قد تكون العوائق فيها أكبر،..
مضيفاً: أن تفهم الأطراف المؤثرة في هذه المناطق سوف يساعد على الاستمرار بالأعمال وتنفيذ كافة الإصلاحات المطلوبة وهو ما نتطلع إليه حيث نأمل أن يتم الإنجاز خلال خمسة أسابيع إذا ما توفرت الظروف واستطاعت الفرق أن تستمر بأعمال الإصلاحات والدخول إلى جميع مواقع الأضرار .. وقال الشيباني إن الفرق الهندسية تبذل جهوداً كبيرة إدراكاً منها بعظمة المهام التي تقوم بها في هذه الظروف رغم التحديات والمخاطر التي تواجهها وهو ما يجعلنا نسجل بالغ التقدير والشكر لكل هذه الجهود.
جاهزية دائمة
وفي تصريح قال المهندس خالد راشد عبد المولى – مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء : لم نيأس يوماً عن المحاولة في بذل الجهود لإنجاز الإصلاحات وظلت المحاولات والمساعي متكررة في تمكين الفرق الهندسية من إنجاز الإصلاحات حيث كانوا في حالة الجاهزية بانتظار لحظة سانحة لاستئناف العمل رغم الظروف التي تعترض هذه المهمة وتكاد تدفع بالمؤسسة إلى حالة تعطل الكثير من أنشطتها، الأهم من هذا حالة الشعور العام الذي يتملك المواطنين وهم يعانون حالة الحرمان من خدمة الكهرباء وافتقادها عن منازلهم..
وأضاف عبد الولي: نحن وجدنا أنفسنا في المؤسسة العامة أمام تحدٍ يومي علينا أن نخوضه دون يأس حيث أن التوقف عن المحاولات يعني الاستسلام لحالة الانهيار والقبول بالتخلي عن خدمة الكهرباء وذلك أمر صعب لا يمكن الرضوخ إليه أو القبول به مهما كانت المهمة مستحيلة وخلال هذه الفترة لم تتوقف محاولتنا يوماً عملنا على طرق جميع الأبواب والتواصل مع مختلف الأطراف والجهات رسميه وشعبيه ومجتمعيه التي نأمل أن تتعاون معنا في إنجاز المهمة .
وأشاد مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء بجهود منظمات المجتمع المدني التي بذلت جهوداً كبيرة في تبني قضية الكهرباء وسعيها في التوصل إلى حلول تتيح للفرق الهندسية والفنية الدخول إلى مواقع الأضرار لتنفيذ أعمال الإصلاحات لخطوط الدائرتين الأولى والثانية مارب صنعاء والأبراج, آملاً أن تستمر الجهود لاستكمال الإصلاحات في مختلف المناطق والتي تبلور تلك الجهود في تأسيس حلف يضم تلك النقابات والمنظمات جرى إشهاره بالتحالف المدني للسلم والتصالح يتبنى قضايا الكهرباء ويأخذ على عاتقه هذه المهمة والعمل مع مختلف الأطراف في الميدان والجهات الرسمية على إنجاز هذه المهمة ،ولفت إلى الدور الكبير الذي بذلته حكومة الأطفال ممثله برئاسة الحكومة والأخ وزير الكهرباء والطاقة لما بذلوه أيضا من جهود في التواصل مع الأطراف المختلفة بصورة عكست مستوى ما تتحلى به حكومة الأطفال من وعي واستشعار بالمسؤولية، موضحاً أن المؤسسة ماضية في استكمال الإصلاحات وإعادة غازية مارب إلى نطاق الخدمة حرصاً منها على تخفيف معاناة الناس والعودة بالبلد لاستئناف نشاطها الاقتصادي والتنموي.
*صحيفة الثورة