تعز على صفيح ساخن ينذر بتكرار تجربة المحتل في المحافظات الجنوبية المحتلة
أفق نيوز – تقرير – أحمد السعيدي
دائماً ما تتباكى أبواق تحالف العدوان على الوضع الإنساني في محافظة تعز مرددين أسطوانتهم المشروخة، أن المدينة تعاني الحصار المطبق من قبل قوات صنعاء، وكل ذلك لحرف الأنظار عن ما تتعرض له المدينة من جرائم وانتهاكات ومعاناة للمواطنين نتيجة صراع أدوات العدوان فيما بينها أو ممارستها البلطجة ضد أبناء المدينة، والذي جعل المدينة لا تختلف كثيراً عن حال المحافظات الجنوبية المحتلة التي تعيش جحيم المحتل بشكل يومي: لأن المحتل واحد والأدوات تختلف في التوجهات والانتماءات لكنها تتفق في تنفيذ أجندة المحتل الكفيل، الذي لا يأتي بخير إلا لمرتزقته وأعوانه وعلى حساب شعب بأكمله ومقدراته وثرواته.
تعرضت مدينة تعز خلال النصف الأول للعام الحالي فقط- وبحسب تقرير أعده حقوقيون في المدينة- لعدد من الجرائم والانتهاكات منها ما يتعلق بأمن وسلامة أرواح المواطنين أو صحتهم وحياتهم المعيشية وحتى حريتهم والتعبير عن رأيهم تجاه ما يشعرون به من سخط في المدينة التي كانت تعبّر عن السلام والثقافة وأصبحت اليوم ميدان صراع وموت، أبطاله مرتزقة العدوان، لفرض سطوتهم وسيطرتهم عليها.
الشهر الحالي
خلال ستة أيام فقط من شهر مايو الحالي وتحديداً من 9 إلى 15 تم توثيق عدد من الانتهاكات للمواطنين الذين خرجوا في مسيرة جماهيرية تطالب بتوفير الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء والخدمات الأساسية، لكن قوات المدعو طارق صالح منعتهم من الخروج واعتقلت عدداً من المتظاهرين، خروج المواطنين جاء على خلفية عدد من القضايا التي تسببت في معاناتهم، منها توقف العمل في طريق «هيجة العبد» ما تسبب بمعاناة المواطنين نتيجة عدم استكمال الطرق البديلة وساهمت في ارتفاع معدل الحوادث المرورية في الطرق الفرعية والرئيسية ،كما شهدت المدينة خلال العام الحالي انهيار العملة ساهم في سوء المعيشة وارتفاع المواد الاستهلاكية بشكل كبير جداً في وقت زمني قصير، قابلها توقف المساعدات الإغاثية نتيجة الفساد ونهب المساعدات من قبل سلطة القطاع المحتل تضررت نتيجة ذلك الكثير من الأسر المعدمة وأيضاً توقيت الحملة المرورية الراهنة لترقيم الباصات وتوزيعها في شوارع محصورة بالقطاع أوجد صعوبة كبيرة في وسائل النقل للمواطنين، خصوصاً الطلاب ، واشتكى المواطنون من فرض رسوم ترقيم كبيرة وابتزاز ملاك الباصات أوقف ذلك دخل مئات الأسر، نتيجة توقف العمل بالباصات ،وفرض رسوم جمركية على ملاك الباصات بعد وصولها إلى المواطنين وعدم جمركتها في مداخل البلد والمحافظات ساهم في رفع مستوى البطالة وابتزاز المواطنين وإغلاق مصدر دخلهم الوحيد، كما لوحظ غياب دور الصحة، والرقابة الدولية عن الكوارث البيئية التي قد تلحق بسكان مدينة تعز جراء تحويل مكان مقلب القمامة ،ومن المعلوم أن الحرب غنيمة كبيرة وتجارة رابحة للمرتزقة من كل الأطراف في المناطق المحتلة، وبالتالي فهم يسعون لإفشال أي تسوية سياسية من شأنها إيقاف الحرب، حيث أن سلطة القطاع في المدينة أهدرت مليارات الدولارات المقدمة من المانحين ولم تعمل على تحسين الخدمات الأساسية للمواطنين.
صحة المواطنين
ومن الجرائم المرتكبة بحق المواطنين وصحتهم خلال الفترة نفسها، قيام سلطة الأمر الواقع بتحديد مناطق في منطقة الضباب والشمايتين كمقلب للقمامة بدلاً عن الخروج بها لأماكن بعيدة عن السكان وإتلافها في محارق، الأمر الذي يشكل خطورة بالغة على الصحة البيئية في المنطقة وسكانها ، حيث تعد منطقة الضباب مكاناً لعيون المياه يستخدمها كل سكان المدينة للشرب ولأمور مختلفة مع انقطاع مشروع المياه وتحويله إلى مقلب القمامة، الأمر الذي يهدد بانتشار كبير للأوبئة والأمراض المزمنة كالفشل الكلوي والسرطان وأمراض الكبد وغيرها، كون الكثير من مخلفات المستشفيات يتم نقلها إلى مقلب القمامة في الضباب من دون حرقها وتتسرب إلى المياه الجوفية ، حيث لوحظ مؤخراً ارتفاع معدل الإصابة بالفشل الكلوي وأمراض السرطان وفيروس الكبد بشكل ملفت في مدينة تعز وريفها الخاضع للاحتلال خلال السنوات الماضية ، وفي جانب آخر ارتفع معدل الإصابة بحمى الضنك والملاريا إلى تسعة آلاف حالة خلال شهر أبريل الماضي فقط، ما ينذر بانتشار واسع للأوبئة في القطاع، خصوصاً مع بداية موسم الأمطار وتكدس القمامة في شوارع القطاع ووديان ريفها نتيجة انسداد عبارات السيول، وتسببت سيول جارفة وسط مدينة تعز بجرف بسطات الباعة والمواطنين وسط شارع الوليد والتحرير الأعلى مسببة خسائر مادية كبيرة في الممتلكات.
الوضع الإنساني
اما عن الوضع الإنساني، فقد تحدث التقرير عن استغلال الوضع الصحي في المناطق المحتلة بالتزامن مع زيارة وفد الصليب الأحمر الدولي للقطاع من أجل الاطلاع على الوضع الصحي في المنطقة المحتلة بتعز واطلع على معاناة المواطنين في القطاع ويعكس ذلك مدى المتاجرة بمعاناة المرضى وتسويق القطاع الصحي ناهيك عن الوضع المعيشي والمتاجرة بمعاناة المعدمين، ففي كل عام تتفاقم الأزمة مع الانهيار المتسارع للعملة وارتفاع الأسعار بشكل كبير جدا والمجاعة تهدد آلاف المواطنين في القطاع، ضاعف ذلك فرض التعامل بالعملات الأجنبية «الريال السعودي» كعملة رسمية في التبادلات التجارية، الأمر الذي زاد من ارتفاع الأسعار بشكل مضاعف يأتي ذلك مع تدني مستوى دخل الفرد إلى أقل من «4$ يوميا».
وفي ذات السياق ارتفعت تعرفة الجبايات بشكل مضاعف على امتداد الطرق الرئيسية والفرعية التي تربط القطاع المحتل بالمناطق الأخرى، الأمر الذي فاقم في ارتفاع الأسعار، بالإضافة لارتفاع إيجارات الشقق والمنازل والبعض يفرض التعامل بالريال السعودي
»ابريل« وصراع الجبايات
وخلال الأسبوع الأول لشهر أبريل الفائت، شهد المنفذ الغربي لقطاع المدينة اشتباكات مسلحة شبه يومية بين فصائل مرتزقة العدوان على خلفية الصراع حول الجبايات والنهب، ما تسبب بقتل خمسة مسلحين من فصائل شكيب خالد فاضل، ابن قائد المحور وفصائل الشيخ يوسف الضباب أحد قيادات اللواء 17، إثر اشتباكات حول جبايات القات في منطقة الضباب المدخل الغربي للقطاع الذي شهد إغلاق المحلات التجارية في ريف تعز، نتيجة فرض جبايات تحت مسمى المجهود الحربي والواجبات، ويأتي توسع الجبايات في ريف القطاع بسبب قرار منع أي جبايات في قطاع المدينة (من 1 إلى يناير 2023 ).
قتل وجرائم
وفي نفس الشهر ” ابريل ” وتحديداً من 6 إلى 13منه، اتجهت المدينة إلى مستنقع القتل والجريمة، حيث ارتفعت حدة الاعتداءات على المواطنين وجرائم القتل شبه يومية التي يتعرض لها المواطنون في القطاع المحتل مع غياب دور الأمن، وتعدد النافذين في المنطقة وضعف السلطة القضائية، ساهم ذلك في توسع الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين في القطاع فخلال الأسبوع حصر عدد:4 حالات قتل ، 5 حالات اعتداء، 2 حالات تقطع.
نهب المساعدات
وخلال الفترة من 14 إلى 19 ابريل أيضاً، رصد الحقوقون بعض الانتهاكات، حيث استحوذ حزب الإصلاح على المساعدات المحلية والدولية المقدمة للأهالي في القطاع المحتل، إمعاناً منهم في استغلال حاجة المواطنين، ووضع الإصلاح يده مؤخراً على 20 الف كسوة للأطفال مقدمة من طارق عفاش، حيث وزعت كروت الاستلام ليلاً لأعضاء الإصلاح عبر مندوبين تابعين له في حواري تعز التي تعمل تحت مسمى «اللجان المجتمعية»، حيث يرفض الإصلاح عمل أي جمعية تنافسه على جمع التبرعات وعمل الجمعيات ويسعى الإصلاح للسيطرة على أي مشروع يلامس حاجة المواطنين، في الوقت ذاته يستمر الصراع على إيرادات صندوق النظافة والتحسين مع استمرار تكدس القمامة في شوارع القطاع، ما أدى لتوقف عمال النظافة عن العمل، ما ينذر بكارثة بيئية وانتشار الأوبئة خصوصاً في موسم الأمطار.
حصيلة شهر مارس
وفي شهر مارس وخلال أسبوع من 8 إلى 15 تعرض ثلاثة ضباط آمنين لمحاولات اغتيال في منطقة الثورة وحبيب سلمان و”بير باشة”، وعملية اختطاف تعرض لها شباب في شوارع القطاع المحتل،4 حالات قتل تعرض لها المدنيون، 3 حالات في منطقة عمد مديرية المظفر وحالة بمنطقة القبة شارع جمال مديرية القاهرة ، وخلال الأسبوع نفسه شهد القطاع أكثر من 18 جريمة تمثلت بتحرشات، سرقة ، ابتزاز، اقتحام، مع أن سلطة الأمر الواقع تقيدها ضد مجهول للهروب من المحاسبة القانونية والتغطية على فشلها، كما شهد الشهر ذاته انتشار المواد الغذائية منتهية الصلاحية في الشوارع والمحلات التجارية بأسعار مخفضة لدفع الكثير من المواطنين إلى شرائها، ما سيؤثر سلباً على حياتهم الصحية، ويعود انتشار المواد الغذائية منتهية الصلاحية نتيجة الكساد الكبير الذي يشهده القطاع التجاري في المناطق المحتلة بسبب الفقر والبطالة التي يعاني منها الأهالي مع ارتفاع القيمة الشرائية للمواد الأساسية.
بداية العام
شهر يناير بداية العام الحالي هو الآخر كان شاهداً على عدد من المآسي والمعاناة للمواطنين نتيجة سياسات العدوان ومرتزقته في المدينة، حيث تزايدت خلال الفترة من 20 إلى 26 يناير حالات الانتحار في المناطق المحتلة خاصة من الأطفال، تعددت فيها الدوافع والأسباب، أبرزها الأوضاع المعيشية الصعبة وغياب الرقابة الأبوية ، وأيضاً تورط الأطفال بشبكات الدعارة، والمخدرات، وكذلك ابتزاز الأطفال من قبل عناصر مجهولة دفع الكثير منهم إلى الانتحار في ظروف غامضة، وتزايد عدد الأطفال حديثي الولادة على أرصفة شوارع المدينة، وخلال الفترة من 1 إلى 5 يناير ارتفعت معدلات الجريمة بنسبة كبيرة تتنوع بين القتل والاختطاف والمداهمات للمنازل كما وثق الحقوقيون الاعتداء على نزلاء السجن المركزي وسجن الشبكة.
وشهدت الفترة من 6 إلى 13 يناير، انتشاراً كبيراً للدجاج المستورد منتهي الصلاحية في المدينة، والتي تباع في المطاعم والمحلات التجارية بأسعار مخفضة، ما يهدد الناس بالإصابة بأمراض خطيرة مع الانهيار الصحي الذي يعاني منه القطاع المحتل، وعلى صعيد آخر فتحت الأحوال المدنية باب السوق السوداء للحصول على البطائق الشخصية والعائلية وشهادات الميلاد والمتاجرة فيها، تحت مبرر عدم وجود كروت، رغم وصول دفع كبيرة إلى الأحوال المدنية قادمة من صنعاء.
انفلات أمني
تشهد المدينة المحتلة حالة من الانفلات الأمني المرعب ساعد بانتشار معدل الجريمة تمثلت خلال الأسبوع (13- 20 يناير) بـ 3 حالات قتل ,6 حالات اختطاف، 2 حالات اغتيال، 5 حالات اعتداء على محلات وممتلكات خاصة
وخلال الفترة من 20 إلى 26 من الشهر ذاته تم توثيق سبعة جرائم قتل تعرض لها المدنيين على يد مسلحين، وسط المدينة والريف، وايضاً اغتيال العميد الدكتور عبد الله القيسي، أستاذ القانون ومستشار مدير أمن المنطقة السابق، وكذلك 6 عمليات تقطع ونهب لتجار وبائعي القات، و3 حالات اختطاف واختفاء لفتيات في القطاع الغربي للمدينة.
كيانات دينية جديدة
وتشهد المدينة المحتلة أيضاً تغييراً اجتماعياً، وبداية تشكل «كيان ديني جديد» بدعم وتمويل من دول أجنبية (بريطانيا، أمريكا وفرنسا) بإعداد شخصيات ثقافية واجتماعية للقيام بتشكيل ذلك الكيان الديني الجديد تحت مسمى «عابرين إلى المسيحية»، ووفقاً لتقارير دولية، فإن سلطة المرتزقة اعتقلت عدداً من الشباب بتهمة الدعوة والانضمام إلى المسيحية في تعز وعدن ومناطق مختلفة، وقد ألقت الأجهزة الأمنية بالقطاع المحتل القبض على عدد من المواطنين بتهمة اعتناق المسيحية، والبهائية.