موسم الحج كل عام يذكر اليمنيين بجريمة آل سعود في تنومة… ما زال الدم ينزف
أفق نيوز – استطلاع – أسماء البزاز
أوضح سياسيون وأكاديميون وحقوقيون أن مجزرة تنومة وسدوان بمنطقة عسير والتي قام بها الجنود السعوديون تعد من أبشع الجرائم في التاريخ والتي أسفرت عن قتل وذبح أكثر من ثلاثة آلاف حاج يمني، ذهبوا مُحرمين قاصدين حج بيت الله الحرام، قبل مائة وثلاثة أعوام، ولم يكونوا في أي وضعية عسكرية أو في حالة استعداد للقتال.
مبينين أن دوافع تلك الجريمة النكراء عديدة منها الانحراف العقائدي والفكري لدى هؤلاء المنتمين للفكر الوهابي وتكفيرهم للحجاج ولأهل القبلة من المسلمين وتحليل دمائهم، كما كان عليه الخوارج من أهل النهروان، فضلا عن سرقة ما بحوزة بعض الحجاج من أموال وبضائع كانوا يحملونها لبيعها في موسم الحج واستبدالها بما يحتاجونه، علاوة على تنفيذ هذا النظام لأجندة القوى الغربية في فرض تقسيم المنطقة وضم عسير، في ظل ظروف الدولة اليمنية الصعبة حينها ومواجهتها للخطر البريطاني المحتل للجنوب والطامع في التهام كل المناطق اليمنية.. التفاصيل في السياق التالي:
يقول القاضي علي يحيى عبدالمغني في الذكرى السنوية لمجزرة تنومة التي ارتكبها النظام السعودي المجرم بحق الحجاج اليمنيين خلال القرن الماضي: نتذكر زيارة احد رجال الدين في السعودية هو وزير العدل الأسبق في المملكة الوهابية المدعو محمد العيسي للمعسكرات النازية في بولندا لإحياء ذكرى الهولوكوست والصلاة على أروح اليهود الذين أبادهم النظام النازي في هذه المعسكرات حسب الرواية الإسرائيلية خلال الحرب العالمية الثانية، مع أن ما ارتكبه النظام النازي في السعودية بحق الحجاج اليمنيين في العام 1923م أكثر بشاعة ووحشية ودموية مما ارتكبه النظام النازي في ألمانيا بحق اليهود إذا صحت الرواية الإسرائيلية، ثلاثة آلاف حاج عزل من السلاح ومعهم أطفال ونساء توجهوا من اليمن آمنين مطمئنين نحو بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج وفي تنومة وسدوان تباغتهم وحدات قتالية وهابية مسلحة تابعة للنظام السعودي الذي يحظى برعاية بريطانية وتحاصرهم من كافة الاتجاهات وتنقض عليهم جميعا رميا بالرصاص وذبحا بالسكاكين ولم ينج منهم إلا القليل ممن أغمي عليه أو تظاهر بالموت.
وتابع القاضي حديثه: كنا نتمنى من العيسي قبل أن يتوجه إلى معاينة مسرح الجريمة في بولندا أن يتوجه لمعاينة مسرح الجريمة في تنومة وسدوان، وان يصلي على أروح الحجاج اليمنيين قبل أن يصلي على الأروح المزعومة لليهود، وان يدين النظام النازي القائم اليوم في السعودية قبل أن يدين النظام النازي البائد في ألمانيا.
ودعا القاضي عبدالمغني منظمة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الاقليمية والدولية إلى فتح تحقيق في هذه القضية وإرسال فريق من الخبراء لزيارة مسرح الجريمة وجمع كافة الروايات عن الحادثة ورفع دعوى على النظام السعودي أمام محكمة الجنايات الدولية، ودعا مجلس النواب في صنعاء إلى تجريم من ينكر أو يشكك في هذه الإبادة التي ارتكبها النظام النازي السعودي في تنومة وسدوان بحق الحجاج اليمنيين.
مجزرة وحشية:
عبدالواحد الشرفي -عضو مجلس الشورى يقول من ناحيته: تعد مجزرة تنومة وسدوان من ابشع الجرائم في التاريخ وعكست الانحراف العقائدي والفكري لدى هؤلاء السعوديين المنتمين للفكر الوهابي وتكفيرهم للحجاج ولأهل القبلة من المسلمين وتحليل دمائهم، كما كان عليه الخوارج من أهل النهروان فضلا عن سرقة ما بحوزتهم من أموال وبضائع كان يحملها بعض الحجاج لبيعها في موسم الحج واستبدالها بما يحتاجونه .علاوة على تنفيذ أجندة القوى الغربية في فرض تقسيم المنطقة وضم عسير في ظل ظروف الدولة اليمنية الصعبة ومواجهتها للخطر البريطاني المحتل للجنوب والطامع في التهام كل المناطق اليمنية، واحتلالها أو مساعدة حلفائها كالنظام السعودي في الاستيلاء والسيطرة على أراضي الدولة اليمنية أو الدول المجاورة.
وأوضح ان ما تشهده اليمن اليوم من عدوان بربري ومجازر وحشية وحصار ما هو إلا استمرار لمسلسل الجرائم البشعة التي يرتكبها نظام آل سعود بحق اليمنيين والتي لن يستطيع أحد أن يمحو وحشيتها ودمويتها حتى وإن حاول بعض مرتزقته من اليمنيين التغطية عليها وتبريرها، كما لم يستطع من سبقوهم من الحكام الموالين للنظام السعودي أن يدفن مجزرة تنومة في تراب النسيان وادخلها في طيات من النسيان والإهمال، فكما لم ينس اليمنيون شهداء مجزرة تنومة لن ننسى شهداءنا الذين سقطوا خلال الثمان سنوات من العدوان الأمريكي السعودي وعلى المعتدين أن يدركوا ذلك جيدا.
دعم استعماري:
من جانبه يقول اللواء يحيى المهدي: النهج الدموي الذي تأسس عليه الحكم السعودي بدعم استعماري منذ ما يسمى بالدولة السعودية الأولى هو نهج مستمر، وما نسميه اليوم سلوك داعش البشع والمروع تجاه المعارضين هو السلوك الذي تنتهجه أسرة آل سعود وسلطتهم المعتمد منذ اليوم الأول، وعندما أطلق جنود آل سعود النار وقتلوا هؤلاء الحجاج [اليمنيين] في كمين وهم بأمان، ثم ذبحوهم بالسيوف والسكاكين وفصلوا رؤوسهم عن أجسادهم، كما ثبت في الوثائق العديدة، ووقعت أحداث مماثلة قبل ذلك وبعده، مثل قتل النظام السعودي خاشقجي الذي عاش حياته كداعية للنظام السعودي، لكن عندما بدأ يوجه بعض نصائحه إليهم قاموا بقطع أوصاله، مما يؤكد أن النهج السعودي الدموي هو سلوك متجذر وراثيا داخل هذا الكيان الدموي المكلف بوظيفة استعمارية.
وأضاف اللواء المهدي: لقد كانت الحكومة اليمنية في ذلك الوقت مقاومة لبريطانيا، ورفض الإمام يحيى حميد الدين الدخول في الحرب العالمية الأولى مع بريطانيا ضد تركيا، رغم أنه كان من قاد الثورة اليمنية ضد الاحتلال التركي، لأنه رأى أنه لا يجوز نصرة دولة استعمارية كافرة ضد دولة إسلامية، فقد امتنع عن المشاركة، على عكس ابن سعود وشريف مكة ثم حاولت بريطانيا معاقبة اليمن باحتلالها للحديدة من عام 1918 إلى عام 1921م، وسلمتها إلى موكلها محمد الإدريسي، وكان الإمام يحيى يسعى بين الحين والآخر لإعادة المناطق المحتلة في جنوب اليمن، ويطلق تصريحات مقلقة ضد بريطانيا في هذا الصدد، في الوقت نفسه كان ابن سعود يحتل أجزاء من عسير باليمن، وكان الإمام يطلب منه إخلاءها لكونها أرضاً يمنية.. وفي ذلك الوقت، كانت بريطانيا تعد ابن سعود ليكون الرجل الأول ووكيلها الأساسي في المنطقة، الذي سينفذ مشروعها التخريبي والمميز، لكنها أرادت منه إجراء اختبار قبول يؤهله ليكون رجلها القادر على ذلك، يقوم بأي شيء قبيح تطلبه منه.
وقال اللواء المهدي: يعترف الجميع بأن أكثر من 3000 شهيد من الحجاج اليمنيين قتلوا على يد تشكيل عسكري أيديولوجي سعودي، بأمر من ابن سعود، وبالتالي فإن النظام السعودي هو المسؤول الأول عن هذه المجزرة جنائياً وسياسياً وأخلاقياً وأخلاقياً، والتي يصنفها المحامون على أنها جريمة ضد الإنسانية، حدثت في سياق الأمن والسلام، وليس في ظل حرب، وهذا النوع من الجرائم يعد جريمة لا تسقط بالتقادم، حيث توجد إمكانية، وفقًا لخبراء قانونيين، لرفع دعاوى ضد النظام السعودي أمام المحاكم الدولية، وهذا يحتاج إلى دعم الدولة والمحامين ومنظمات حقوق الإنسان ودعم أسر الضحايا، كما يجب إصدار قانون ينظم رفع الدعاوى أمام المحاكم اليمنية، وإنشاء محكمة خاصة بهذه الجريمة، وإصدار أحكام فيها، وقريبًا سيأتي اليوم الذي يفرض فيه اليمنيون على السعودية نظام تنفيذ هذه الأحكام.. وبشكل عام، يتمتع اليمنيون بشرعية قرآنية في معالجة أنفسهم وتحقيق العدالة بأيديهم لضحاياهم.
سياسي وديني:
الاكاديمي الدكتور زيد الحوثي يقول من جانبه: الحديث حول مجزرة تنومة وسدوان حديث واسع وذو شجون، وله أبعاد متعددة وتداعيات ماتزال حتى اليوم، والذي يعتبر امتدادا لذلك التاريخ المراد وأده من أعداء الأمة على المستوى السياسي وهو الأهم، تعتبر المجزرة جريمة سياسية أرادت من خلالها أسرة بني سعود – ومن خلفها بريطانيا- إرهاب اليمنيين، وإيصال رسالة رعب إلى قلوبهم ونفوسهم بغرض تمرير أهداف استعمارية، منها تأديب اليمن العصية على سياسة بريطانيا، أو تمكين بني سعود من السيطرة على الجزيرة العربية، وفصل اليمنيين عن الحرمين الشريفين، بغرض تعطيل وعرقلة فريضة الحج، وإيجاد المبرر لمنع الحج، وهو ما حدث بعد المجزرة لعدة أعوام، ومن جانب آخر صرف اليمنيين عن تحرير أراضيهم المحتلة ( نجران، جيزان، عسير.
وقال الحوثي: ان الجانب الآخر هو منع توحد اليمنيين وهو الهدف الذي كان يعمل الإمام يحيى- رحمة الله تغشاه – على تحقيقه، من خلال الدعوات والعمل على تحرير الجنوب المحتل من بريطانيا، ولهذا بدأت في محاصرته، وشغلته، فقامت السياسة البريطانية على فصل السياسة عن الدين، وتقوية حكومة بني سعود في الجزيرة العربية، وحصار حكومة الإمام يحيى وإضعافها وإنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين وبمساعدة بني سعود، ورسالة عبدالعزيز معروفة “بمنح أرض فلسطين للمساكين اليهود”!
وأضاف: التغييب الممنهج والتعتيم لمثل هذه الجريمة من قبل بني سعود، وإطهارهم في صورة البريء من هذه المجزرة الكبرى، واللا مبالاة بها وتمييعها من الذاكرة الشعبية والوطنية، وبمساعدة الحكومات اليمنية المتعاقبة، ومحاولة محوها وعدم إدراجها في المناهج الدراسية والأبحاث والدراسات.
وقال الحوثي: لا تكاد تبتعد عما يجري خلال العدوان على اليمن منذ مارس٢٠١٥م فالقضية واحدة والهدف واحد، وإن تغيرت الأدوات، الطائرة والصاروخ بدل البندقية والساطور، كلها تصب في سفك الدم اليمني، وتمزيق نسيجه الاجتماعي بغرض إضعافه واستهداف اليمن كله شماله وجنوبه سرقه وغربه وما يحدث اليوم من عدوان على اليمن يعبَّر عن ذلك الامتداد التاريخي المليء بالحقد الدفين منذ نشأة النظام السعودي على خلفية تحدثت عنها عقلية عبدالعزيز وهو على فراش الموت، وستكون سببا في زوالهم، ونهاية حكمهم، على أيدي اليمنيين، بإذن الله تعالى
الثأر لن يتأخر:
الكاتب والمحلل السياسي / أحمد حسين الأشول يقول من ناحيته: آن الأوان أن نتناول مجزرة تنومة بما يحتمه علينا واجب حماية هذا الوطن اليمني بكل ذرة من ترابه، وكذا حماية كل كائن عليه وفى المقدمة من ذلك الإنسان الذي يمثل أعلى وأغلى قيمة، وأن يكون همّنا ونحن نشخص أبعاد هذه الجريمة وحجم تداعياتها من منظار مأساتها ومعيار ويلاتها ؛ لا أن نقتصر على وصف بشاعتها واستدرار بكائياتها فحسب، بل لا بد أن نسترد دورنا التاريخي فنستعيد حقنا المسلوب منا – مكانًا وكرامة، أرضًا وأمانة – وقديمًا وفى مختلف الثقافات وحتى شِرعة الغاب، كانوا يستولون على الأراضي التي ينطلق منها العدوان وينتزعونها انتزاعًا، ويتملكونها وكل ما يدب فيها ؛ فالرجال يصبحون عبيدًا والإناث سَبْيًا، وهذا ما فعله الوهابيون في كافة حروبهم وشتى جرائمهم .
وقال الأشول: إلا أننا وبما حبانا الله به من نعمة الإسلام، فلن نخرج عن أحكامه ولا نشطّ عن زمامه ولا نشذ عن ذمامه وكل شيء سيؤول إلينا، سيما وأن الأرض التي وقعت فيها هذه المجزرة البشعة والمذبحة الشنيعة هي أرضنا التي سلبها منا القتلة الوهابيون، والتي أناسها القاطنون والمذبوحون كذلك هم يمنيون .
وأضاف: يتوجب على بلادنا وفى ظل ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م أن يكون استرداد هذا الحق في صلب مهامنا وأولويات اشتراطات إنهائنا لتأديب قتلة اليوم أحفاد أولئك القوم من الأعراب الوهابيين ؛ فكافة المعاهدات ؛ وأهمها معاهدة الطائف، التي أُعقِبت بالمعاهدة التي أبرمها النظام الخائن السابق معهم لاحقًا، وقبلهما معاهدة العرو أيام الإدريسي باتت جميعها لم تعد تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به ولا القراطيس التي طبعت عليها .