وعد أن يجعلها مثل العواصم الخليجية فحوّلها لمدينة أشباح!!
أفق نيوز – تقرير – أحمد السعيدي
يعيش أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة وعلى رأسهم أبناء محافظة عدن الفصل الأسوأ من فصول الاحتلال السعودي الإماراتي وقد يكون الفصل الأخير في مشهد تواجد المحتل في الأراضي اليمنية، وذلك بعد أن أثبت للشعب اليمني شماله وجنوبه أنه لا يحمل لليمن سوى الحقد الأزلي والمقت لجميع أبناء الوطن في جميع المحافظات ولا يفرّق بين عدو يقاومه أو مرتزق يبيع أرضه له من أجل احتلالها، حيث أصبحت محافظة عدن التي كان يوماً باسمة وكراً له ولمرتزقته، أصبحت لا تصلح للعيش ويعاني أبناؤها جحيم المعاناة اليومية التي أثقلت كاهلهم، وكشفت نوايا المحتل الذي لم يتبق له أي ترحيب سوى في نفوس من دنّس المال السعودي أرواحهم، عدن كانت مشروعاً للوعود الكاذبة والاستهلاك الإعلامي من قبل تحالف العدوان وصارت اليوم مسرحاً لمعاناة كبيرة تمثلت في انهيار الوضع الاقتصادي وغياب الخدمات الأساسية ومخبأً للجرائم المتواصلة وللصراعات المليشاوية بين أدوات العدوان ومرتزقته، وكل ذلك تحت مرأى ومسمع قيادة التحالف التي تحرص على استمرار الوضع في حالة اللا دولة، حتى لا يطالب المواطنون بحقوقهم المشروعة، وتهتم هي بنهب ثروات البلاد…
وعود المحتل
إذا عدنا بالذاكرة لانطلاق هذا العدوان الغاشم، سيذكر أبناء الشعب اليمني عامة والمحافظة المحتلة عدن خاصة تلك الوعود السرابية التي أطلقها تحالف العدوان عبر قياداته وأبواقه الإعلامية تجاه محافظة عدن، وكانت على ثلاثة مراحل وانطلقت بعد انطلاق العدوان بشهر حين أعلن وزير الخارجية السعودي حينها أن محافظة عدن ستكون اعتبار من ذلك الوقت العاصمة المؤقتة لليمن وستمارس قيادة الدولة مهامها منها وأنها ستحظى باهتمام كبير من قيادة ما أسماه التحالف العربي وتوفير كل ما يلزم لتكون في أبهى صورة ولن ينقصها شيء وسيعيش المواطنون فيها بأمان وتكون الحاضنة لمن شردتهم جماعة الحوثي على حد قوله، المرحلة الثانية من تلك الوعود المتسترة بالخير لليمنين والمبطنة بالعداوة المستمرة لهم بجميع انتماءاتهم ومناطقهم وكانت بعد أن دارت معارك طاحنة بين ما يسمى الشرعية وأنصار الله، فبعد انسحاب المجاهدين واللجان الشعبية منها، زارها وفد من قيادة دولة الإمارات واطلع على حجم الدمار الذي خلفته تلك المعارك ويومها خرج الوفد الزائر بتصريح أن أمير دولتهم تكفل بإعادة الإعمار لتعود المدينة عدن أفضل مما كانت لتشابه العواصم الخليجية، وحتى اليوم لا يزال المواطنون في المدينة ينتظرون ذلك الإعمار حتى وصلوا إلى قناعة انهم لم يعودوا يريدون شيئاً سوى رفع أيدي المحتل الإماراتي وكف أذاه المستمر وأذى ميلشياته، آخر تلك الوعود كانت مطلع العام 2020 عندما أعلنت السعودية عن منحة مالية كبيرة مقدمة لمحافظة عدن وإعادة الخدمات فيها لتأمن مملكة الشر غضب الشارع العدني حينها والذي لم ير من تلك الوعود ما هو حقيقة، ودخلت المحافظة في مرحلة التدهور من يوم إلى آخر والغضب يزداد والاحتجاجات تملأ الشوارع وتطالب بتحمل العدوان مسئوليته أو رحيله من محافظتهم المنكوبة.
نموذج مخزي
والآن وبعد مرور اكثر من ثمان سنوات عجاف من العدوان لم يعد بإمكان قيادة تحالف العدوان إغراء الشعب اليمني لتسليم أرضهم إلى تلك الأيادي الخائنة وصار الدرس مشروحاً وأصبحت مأساة المواطنين في محافظة عدن نموذجاً مخزياً للمحتل السعودي والإماراتي ومرتزقته، فلم يعد أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة يرحبون بذلك التواجد وصار أبناء المحافظات المحررة يحمدون الله ليلاً ونهاراً على عدم انجرارهم وراء وعود وشائعات العدوان التي خاطبتهم بجعل محافظاتهم جنة من رغد العيش الأمن والسعيد، واذا كان هذا النموذج السلبي تشهده محافظة عدن وهي المحافظة الأبرز والأهم استراتيجيا للعدو فكيف ببقية المحافظات الأخرى والذي فطن أبناؤها لما يجري في عدن وجنّبوا محافظتهم ويلات التدخل الخارج، وعلى رأس تلك المحافظات محافظة المهرة التي تشهد مقاومة شعبية كبيرة التف حولها أبناء المحافظة لطرد المحتل السعودي من المحافظة، وهكذا لا بد أن يسير أبناء اليمن الأحرار ولا ينتظرون ما حل بإخوانهم في محافظة عدن من مؤامرة أن تحل قريبة من دارهم.
وضع اقتصادي مخيف
المحافظة المحتلة عدن والتي كانت العاصمة الاقتصادية للجمهورية اليمنية أصبح الوضع الاقتصادي فيها مخيفاً، فقد عاود الانهيار الاقتصادي وتراجعت قيمة الريال اليمني وواصل في الأيام الماضية تراجعه بشكل لافت، في ظل انهيار الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطنين وقالت مصادر مصرفية بالمحافظة المحتلة ، أن قيمة العملة الوطنية واصلت بشكل لافت في تعاملات الساعات الماضية، في العاصمة عدن وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة ما يسمى الشرعية التي تقودها تحالف العدوان، وأضافت المصادر، أن الريال اليمني تجاوز 1440 ريال للدولار الواحد، وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية وأشارت المصادر إلى أن الريال السعودي تجاوز سعره 380 ريالا يمنياً، وسط غياب أي إجراءات حكومية للحد من الانهيار في قيمة العملة الوطنية بينما أسعار الصرف للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية ثابت في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى التي لا تدعمه دول غنية مثل دول التحالف السعودية والإمارات التي وعدت بالدعم والإصلاح والوقوف إلى جانب الشعب، الذي يعاني ويلات العدوان والحصار منذ اكثر من ثمانية أعوام.
غياب الخدمات وثورة جياع
وليس الوضع الاقتصادي السيء فقط ما يعانيه أبناء المحافظة التي اتخذها العدوان مقراً سياسياً لمرتزقته منذ انطلاق العدوان نهاية مارس 2015، بل إن الخدمات غائبة تماماً عن المدينة، مما أدى إلى اندلاع ثورة جياع شعبية عارمة للتعبير عن للرفض الشعبي المطلق لسياسات دول العدوان في تجويع الشعب وسلب حقوقه ونهب ثرواته، حيث اشتعلت عدن منذ بداية أغسطس الجاري باحتجاجات شعبية واسعة وغاضبة، وأحرقت إطارات السيارات التالفة في مختلف الشوارع متسببة في قطعها، احتجاجاً على انقطاع الكهرباء وتدهور الأوضاع وتردي الخدمات وانهيار العملة وغلاء المعيشة، جراء ما سموه “الفساد وسياسة التجويع والإفقار والتعذيب” وجاء تصاعد السخط الشعبي في عدن جراء تدهور الخدمات العامة وانقطاع الكهرباء في ظل ارتفاع الحرارة وقيض الصيف اللاهب هذا العام، وتسببه في المئات من حالات الإغماء والطفح الجلدي وبخاصة بين أوساط الأطفال، وعشرات الوفيات من كبار السن، حسب تأكيد عدد من المستشفيات، وشهدت مديريات مدينة عدن غلياناً شعبياً واحتجاجات واسعة وصلت إلى محيط قصر معاشيق وسقط خلال يومين ماضيين قتيلان على الأقل و10 جرحى من المتظاهرين السلميين برصاص عناصر الانتقالي، وقطع المحتجون الشوارع في أحياء المنصورة والشيخ عثمان في عدن، ورفعوا شعاراتٍ مُطالبةً برحيل تحالف العدوان السعودي الإماراتي.
جرائم منتشرة
عدن التي كان يقال فيها “عدن الهوى فيها ملوّن” لم يعد هناك سوى لون الدم الأحمر وانتشار الجرائم، حيث فقدت المحافظة الواقعةُ تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّة بُوصلةَ “الأمان”، وباتت تحتَ رحمة جرائم القتل والاختطافات، والعنف، والانفجارات المتتالية التي لا تهدأ، الواقعُ الذي يصفه الكثير من أبناء هذه المحافظات “بالجحيم” بات يؤرق الكثير منهم، وباتت حياة المواطنين والمسؤولين والمسافرين في خطر كبير يتربص بها الموت في كُـلّ وقت وحين؛ وتتعدد الجرائمُ المنتشرةُ في المحافظات المحتلّة ما بين قتل واختطافات، واغتصاب لنساء وأطفال، والإخفاء القسري، إضافة إلى السطو المسلح، وانتشار عصابات لنهب البيوت، والمحلات التجارية والمواطنين، وإنشاء السجون السرية للاحتلال لتعذيب أبناء الجنوب بأبشع وسائل التعذيب، حيث تصدرت عدن قائمة المحافظات التي انتشرت فيها الجريمة بحسب تقريرٍ حديثٍ أعدَّه “المركَزُ الإعلامي للمحافظات الجنوبية” رصد ألفين و951 جريمة ارتكبت خلال الأشهر الثلاثة الماضية بمعدل يومي 32 جريمة مقارنة بنحو ألف و400 جريمة رصدت خلال الربع الأول من العام الجاري.
صراعات الأدوات
وبعد أن ظلت المحافظة المنكوبة عدن لسنوات ماضية ساحة حرب بين مليشيات العدوان وما ترتب على ذلك من اغتيالات وتدمير للمدينة وترويع للمدنيين هاهو ذلك الصراع يعود للواجهة من جديد، فمنذ أن أصدر المرتزق العليمي، رئيس ما يسمى “مجلس القيادة الرئاسي” قرارًا بإنشاء مليشيات ما تسمى “درع الوطن” بقوام نحو 21 لواءً عسكريًا مليشاويا، تم تشكيلها وتدريبها وتمويلها بإشراف سعودي كامل.. بدأت حدة الخلافات تتصاعد بشكل تدريجي بين مجلس المرتزق العليمي المدعوم سعوديا وانتقالي المرتزق عيدروس المدعوم إماراتيا، الذي وجد في الإعلان عن إنشاء ما سمي بدرع الوطن تمهيدًا لإزاحته من المشهدين السياسي والعسكري وسعياً سعودياً للإطاحة به واجتثاث وجوده بشكل نهائي، وكان مسار التطور الدراماتيكي لوقائع وأحداث الصراع بين المجلسين كفيلا بتحويل مدينة عدن المحتلة إلى ساحة نشاط وحراك سياسي مكثف تطور بشكل مفاجئ إلى معركة صراع عسكرية دامية بين الطرفين.. وصلت حد نشر النظام السعودي قواته بشكل مكثف وواسع في مدينة عدن، الخاضعة لسيطرة انتقالي الإمارات وتطورات أحداث ووقائع الصراع بين الطرفين وكان آخرها قيام فصائل انتقالي الإمارات بتطويق مقر إقامة رئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي في مدينة عدن، المحتلة، بعد ساعات قليلة من مغادرة المرتزق العليمي ونائبه أبو زرعة المحرمي، المدينة، إلى السعودية، تحت مخاوف من عملية استهداف، وفي سياق متصل اعتبر الخائن علي محسن عبر نائبه سيف الحاضري في تدوينة على (تويتر) “أن حجم السلاح الداخل لمدينة عدن خلال الـ72 ساعة الفائتة تكفي لو أنها توجهت للجبهات لإحداث متغير عسكري هام على الأرض من شأنه أن يغير مسار التفاوض المخجل الذي تجريه السعودية “، حد تعبيره، وتابع مخاطباً السعودية: ” لماذا تفخخ المدن بالمليشيات والسلاح وتمنع السلاح على الجبهات ؟ “.
الختام.. تسليمها للأمريكان
وبعد سلسلة من الصراعات الدامية بين فصائل تحالف العدوان اتفقت الأطراف المتصارعة على التسليم المطلق للتواجد الأمريكي في المحافظة لتكتمل فصول الارتزاق الحقيقية، حيث لم نسمع لهم همساً بعد وصول دفعة جديدة من قوات المارينز الأمريكية مطلع الأسبوع إلى مدينة عدن المحتلة تحت ذريعة حماية المصالح الأجنبية، يذكر أن وصول هذه القوات الأمريكية الجديدة إلى عدن لم يكن الأول ولن يكون الأخير، حيث سبق وأن كانت قوات من المارينز الأمريكي قد وصلت إلى قصر معاشيق، في مدينة عدن، خلال يوليو المنصرم بالتزامن مع زيارة السفير الأمريكي لدى مجلس العمالة الرئاسي، ستيفن فاجن للمدينة، ولا يخفى أيضا على أدوات العدوات في المدينة حقيقة تواجد القوات الأمريكية في ميناء عدن منذ مارس 2019، وفي 11 نوفمبر من نفس العام وصول قوات أمريكية قادمة من أفغانستان إلى عدن قوامها 300 ضابط وجندي معززين بـ12 طائرة بلاك هوك و30 مدرعة “هارفي” إضافة إلى 4 أنظمة دفاع جوي نوع باتريوت وغرفة عمليات ميدانية متكاملة، ولا يتحرج تحالف العدوان ومليشياته في المدينة من معرفتهم أن صول دفعة جديدة من القوات الأمريكية إلى مدينة عدن المحتلة يأتي في سياق التحرك الأمريكي الهادف إلى احتلال المدينة وبناء قاعدة عسكرية فيها للتحكم بممرات الملاحة الدولية. يأتي ذلك في ظل التصعيد الواسع الذي تقوده الولايات المتحدة لتقويض جهود السلام وإفشال أي مفاوضات قادمة، ويشار إلى أن التواجد الأمريكي البريطاني في المحافظات المحتلة يأتي ضمن مخطط لاستنزاف أكبر قدر ممكن من الثروات، خَاصَّة أن اليمن يمر بمرحلة اللا استقرار، ويعلم الجميع أن مبرر وجود أمريكا في المحافظات اليمنية هو الاحتلال السعودي الإماراتي تحت عناوين مختلفة، خصوصا أنه وبعد أكثر من ثماني سنوات لم تتمكن السعودية ولا الإمارات ومرتزِقتهما من تنفيذ ما هو مطلوب لصالح البريطانيين والأمريكيين.