القاعدة.. من حضرموت إلَى لحج.. تسليم واستلام بين القاعدة والعُـدْوَان
يمانيون../
وضَعَت السعوديّةُ واحدةً من لمساتها الأخيرة في إطار تسليم المحافظات الجنوبية للقاعدة وداعش، وذلك بسيطرة الأُوْلَى وانتشارها في الحوطة عاصمة محافظة لحج بشكل (سلمي)، في عملية تسليم مكشوفة على غرار ما حدث في أبين في مطلع شهر ديسمبر الماضي، وقبل ذلك في حضرموت، مع تواجُد مسلحي القاعدة في شبوة والضالع.. كُلُّ ذلك على حساب فصائل الحراك الجنوبي، بما فيها الفصائل التي مضت في مشروع العُـدْوَان.
وبدأت فصولُ تسليم محافظة لحج للجماعات الإجرامية عندما اقتحم مسلحو القاعدة مبنى إدارة الأمن بمدينة الحوطة، وقاموا بتفجيره بالكامل الأحد الماضي، وبعد أقل من يوم سيطر مسلحو القاعدة على مدينة الحوطة بالكامل، وانتشروا في شوارعها ومداخلها، وأقاموا نقاطَ تفتيش..
وكانت السمةُ الظاهرةُ على سيطرتهم على المدينة هو عدم وجود أي نوع من المقاومة لهذا الاجتياح الإرْهَـابي الذي بدا مخططاً من قبَل السعوديّة التي ورغم المسافة البسيطة بين لحج وعدن، إلا أن طيرانَها وطيران دول تحالف العُـدْوَان لم يحرك ساكناً وكذلك لم تفعل فصائل الحراك الجنوبي المنضوية تحت راية السعوديّة، وهو ما أثار تساؤلاتٍ حملت إجاباتها في ذاتها تفيد أن ما حدث في الحوطة كان عملية تسليم وليست سيطرة، في صورة متطابقة تماماً مع سيطرة التنظيم الإرْهَـابي على زنجبار عاصمة أبين.
ونقلت وسائلُ إعلامية عن مصادرَ محلية أن مسلحي التنظيم سيطروا بشكل كامل على المدينة وبدأوا بالانتشار الكامل في مداخل المدينة ونصبوا عدداً من النقاط العسكرية في أرجائها.
وَأَضَافَت المصادر حسب” صدى المسيرة” أن المسلحين يجوبون المدينة بعدد من الأطقم العسكرية وسيطروا على المرافق الحكومية.
وتأتي سيطرة القاعدة على المدينة بعد يوم واحد من تفجيرها لمقر الأمن فيها بعبوات ناسفة أدت إلَى انهيار المبنى بشكل كامل.
- خطابات قائد الثورة قبل وبعد العُـدْوَان: سيمكّنون القاعدة من الجنوب
خطاباتُ السيد عبدالملك الحوثي قبل وبعد العُـدْوَان عن مخططات أَمريكية سعوديّة لتسليم الجنوب للقاعدة لم تكن نبوءات، وإنما نتاج قراءة منطقية وواقعية للأحداث في الدول العربية، على رأسها ليبيا وسوريا والتي تعد السعوديّة وأَمريكا ضليعتين بشكل مباشر ورئيسي في تمكين القاعدة وداعش من ليبيا بشكل كبير وسوريا، وكانت أَيْضاً خطاباتُ السيد عبدالملك ناتجةً عن قراءةٍ للتحركات الأَمريكية والسعوديّة في هذا الإطار وتحريكهما للقاعدة وداعش ونقل مسلحيهم عبر طائرات إلَى مطار عدن وغيره.
قبل نحو شهر من اندلاع العُـدْوَان الأَمريكي السعودي على اليمن قال السيد عبدالملك في خطاب متلفز أنه: “فيما يتعلق بالوضع في الجنوب هناك مؤامرة على الجنوب لتسليم مناطقه إلَى القاعدة، وهناك محاولةٌ لأن ينقلوا مشاكلَ الشمال إلَى الجنوب، لم يكتفوا بما قد ظلموا إخوتنا الجنوبيين في الماضي، اليوم طبيعةُ التطوُّرات في الجنوب هي تؤثرُ ليس منا أبداً، من الآخرين على القضية الجنوبية، القضية الجنوبية بقدر ما تضرَّرت في الماضي من الساسة أصحابِ الشأن في البلد ومن الخارج هي اليوم متضررةٌ بشكل كبير ومؤكد”.
وأضاف: “نحن مع إخوتنا الجنوبيين، نحن لا نريد للجنوب أن يسقطَ تحت سيطرة القاعدة، ولا نريد أن تنقل مشاكلَ الشمال إلَى الجنوب، ولا نريد أن يجعلوا من الجنوب أرضيةً جديدةً للقوى الخاسرة في الشمال التي ظلمت الجنوب، والجنوب يعرف ماذا صنع حزبُ الإصلاح بالجنوب، وماذا فعل غيره، ونؤكد أننا لن نألوَ جُهداً في التواصل مع كُلّ الشرفاء في الجنوب؛ بُغية خدمة هذه القضية التي هي مظلمة كبيرة في هذا البلد”.
تلك الجزئية كانت ما أفرده السيد عبدالملك الحوثي في ذلك الخطاب بخصوص المؤامرة التي تحاكُ ضد الجنوب، وفيها ذكر كلمتي “الجنوب والجنوبيين” أربعَ عشرة مرةً، ما يظهر ثقتَه بالقراءة للواقع والمخطط وحرصه على الجنوب والجنوبيين، وقد كرر تحذيراته في عدة خطابات، وكان حديثه عن الجنوب يستشهد فيه بالأحداث، سواءٌ المتعلقة بالخطوات السعوديّة الأَمريكية نحو تمكين الإرْهَـاب من الجنوب أَوْ عرضه للنموذج الليبي وتطابق المخططين والأدوات والأَهْـدَاف مع النموذج الذي يراد للجنوب.
بعد مرور أقل من شهرٍ، أي في أبريل من العام الماضي، وفي خطاب آخر للسيد عبدالملك الحوثي لفت فيه إلَى أن “السعوديين يريدون إذلالَ اليمنيين، وإسرائيل وأميركا أَكْبَــر المستفيدين”، مشيراً إلَى أن “القصف السعودي يعمل على تثبيت مواقع تنظيم القاعدة في الجنوب وخُصُـوْصاً في المكلا”.
أما في خطابه الأخير بمناسبة المولد النبوي الشريف وفي تقييمه للواقع قال السيد عبدالملك الحوثي إن “النموذج الذي في الجنوب بحضور داعش وَالقاعدة يدل أن الدور الذي تؤديه هو تشويهُ الإسلام وَيمكّن للسيطرة المباشرة المقبولة من الأَمريكيين”.
- من حضرموت إلَى لحج.. تسليم واستلام بين القاعدة والعُـدْوَان
وبالعَودة لسيطرة القاعدة على عاصمة لحج وانتشارهَـا بشكل سلس في شوارع المدينة واتخاذها من المباني الحكومية مقاراً لها على مرأى من طيران العُـدْوَان فهي تعيد للأذهان سيطرة القاعدة بشكل مماثل على زنجبار عاصمة أبين.
ففي أول يوم من شهر ديسمبر الماضي اقتحم مسلحو القاعدة المجمع الحكومي بمدينة زنجبار عاصمة أبين ثم انطلقوا في اليوم التالي للسيطرة على المدينة بالكامل ومدينة جعار المجاورة.
ونقلت وكالة رويترز عن سكان محليين في ذلك الوقت قولهم إن مسلحي القاعدة أقاموا نقاط تفتيش عند مداخل مدينتي زنجبار وجعار، وأعلنوا عبرَ مكبرات الصوت بعد صلاة الفجر سيطرتهم على المدينتين .وهي صورةٌ تتطابق بشكل كامل مع العملية التي جرت فيها السيطرةُ على الحوطة عاصمة لحج الاثنين الماضي.
وتبعد لحج وأبين بنحو 27 و50 كم على التوالي من محافظة عدن، حيث يتركز تواجُدُ قوات الاحتلال ومرتزقة السودان وبلاك ووتر، ويتواجد فيها أهم مراكز قيادة الغزة إلَى جانب أن عدن ذاتها لا تملك منافذ برية إلَى اليمن سوى من أبين ولحج التي تسيطر القاعدة عليهما، بما يؤكد الاتهامات التي وجّهها جنوبيون للتحالف السعودي بإسقاط محافظات الجنوب واحدةً تلو أُخْـرَى في يد مسلحي الإرْهَـابيين من القاعدة وداعش، إلى جانب نشاط مسلحي التنظيمين في تصفية القيادات الجنوبية بشكل يومي عبر الاغتيالات التي تحدث في شوارع عدن.
في الثالث من أبريل من العام الماضي بعد أسبوع فقط من العُـدْوَان سيطر مسلحو القاعدة على المكلا وأقاموا فيها دولتهم التي تعاملت السعوديّة معها بشكل رسمي على الجانب العسكري والتجاري، وبعد ذلك سيطر مسلحو القاعدة على أبين بعد مرور تسعة أشهر على العُـدْوَان وبعد شهر العُـدْوَان العاشر يسيطر تنظيم القاعدة على محافظة لحج.
كما سيطر التنظيم على مساحات كبيرة من شبوة والضالع المحافظتين الجنوبيتين واستطاع التنظيم أمام أعيُن طائرات العُـدْوَان نهْبَ معسكرات الجيش التي تمت السيطرة عليها بتواطؤ الفارّ هادي ودول العُـدْوَان، وقام بنهبِ الأسلحة والدبابات منها لاستخدامها في إقامة إمارات القاعدة في محافظات الجنوب، وبذلك ودون محافظة المهرة يكونُ تنظيم القاعدة وفْقَ المخطط السعودي قد انجز مهمتَه بتسليم الجنوب للقاعدة وتسليم رقاب قيادات الحراك الجنوبي لسكاكين مسلحي القاعدة وداعش؛ لمنع أي تحرك جنوبي للانتفاض على هذا الواقع الذي لم يشهده الجنوب منذ ثورة 14 أكتوبر ضد الاستعمار البريطاني.