الكيان يُسقط أمريكا
أفق نيوز – بقلم – وديع العبسي
أمين عام الأمم المتحدة الذي اعتاد القلق من قضايا الانتهاكات حول العالم، دق ناقوس الخطر هذه المرة من الهجوم الصهيوني على أهالي غزة.
غوتيريش كشف في بيانه أمس فداحة الفعل الصهيوني بصورة صريحة واصفاً إياه بجريمة حرب، كما كشف عن السلبية التي اتسم بها المجتمع الدولي تجاه ما يجري في البلد المحتل منذ سبعين عاماً، محملاً الجميع النتائج الكارثية لهذه المغامرة الحمقاء.
رسمت كلمات غوتيرش صورة سوداوية لواقع يخلو شيئاً فشيئاً من الحياة في غزة، في محاولة لدفع الأنظمة المؤثرة في العالم لتعديل طريقة تعاطيها مع النوايا الصهيونية لأن الأمر تجاوز المعطيات التي تحتمل التأويل إلى حقائق دامغة بمساع إسرائيلية ترعاها أمريكا لتدمير «النظام الإنساني في غزة» وإبادة شعب، ما يعني صفحة وليست نقطة سوداء في تاريخ البشرية وهي تتخلى عن إنسانيتها بهذا الشكل الفظيع.
قوة كلمة غوتيريش هذه المرة أنها تجيء برغم المؤامرة التي تقودها واشنطن والكيان الصهيوني لإسقاطه من الأمانة العامة للأمم المتحدة بعد انتقاده مجازر الكيان الاسبوع الماضي، وايضا رغم علمه بأنه لن يجد في البيئة العربية من سيقف معه ويسانده بعد أن نخر الضعف والهوان والمذلة بنية النظام العربي.
ومع ما تكَشّف الأسبوع الماضي من تبدل لكثير من المواقف لصالح المظلومية الفلسطينية كغوتيريش وكذا أردوغان تركيا، واتساع مساحة الرفض للممارسات الإجرامية بحق الشعب المحتل، ظهر بوضوح أن العالم يعود بفضل الكيان وأمريكا ودول الغرب إلى قانون الغاب، غير الملتزم بأية معايير قيمية وأخلاقية، فالكيان لم يعد يراعي شيئاً، حتى المنظمة الأممية التي حَمَتْه بمخرجاتها طوال العقود الماضية لم يضع لها اعتباراً في جرائمه ليقتل العشرات من موظفيها ويتجاوز تحذيراتها الى مستوى التحدي.
وحريّ بالطفل الصهيوني، مدلل فرنسا ماكرون، أن كان صادقاً في دوافعه الإنسانية، أن يدعو لتحالف دولي ضد هذه البلطجة بدلاً من أن يدعو لتحالف عالمي لمحاربة الشعب الفلسطيني، وهي الدعوة التي أطلقها الاسبوع الماضي، وكشفت عن مستوى السقوط الأخلاقي لهذه الأنظمة الشيطانية.
مع ذلك فإنه من المؤكد أن حماقة الكيان سيكون لها نتائجها الوخيمة على قواته، فضلاً عن استحالة تحقيقه لهدفة، حتى وهو يدفع بمجنديه إلى المحرقة في غزة دون أدنى اعتبار لحياتهم.
وأمس حين بدأ الكيان محاولته الجادة الأولى بغزو قطاع غزة برياً بمشاركة قوة امريكية خاصة، تبين له أن الأمر بالفعل ليس بتلك البساطة التي صوّرها منظّروه، فخرج بعد محاولته، يسحب خلفه قتلاه وجرحاه، وتبعاً لهذه النتيجة ظهرت تصريحات مواكبة من داخل نظام الكيان بأن السقف الزمني للعملية ضد غزة لن تكون أشهُراً وإنما سنوات، رغم كل الإمكانات التي يمتلكها ودعم دول الشيطان.
المحاولة الصهيونية الفاشلة والتي سيعقبها محاولة ثانية كما أفاد الكيان أمس، لا شك بأنها ستؤسس لمرحلة جديدة ملتهبة لن تنطفئ جذوتها لعقود، فالأجيال الفلسطينية ومعها العربية والإسلامية لن تنسى، وسيبقى الكيان هو العدو الأول للإنسانية كما سينسحب الأمر على أمريكا ودول الشر الغربية، بما يعنيه ذلك من وضع غير آمن لها في المنطقة، وقد لا يرحل العدو ولكنه سيتآكل شيئاً فشيئاً إلى أن يتلاشى.
وكما اعادت هذه المجازر الدموية التفاف الشارع العربي حول فلسطين، وأيضاً أحيت نوازع الخير والشق الإنساني بمعناه السامي لدى مئات الآلاف حول العالم بما فيهم الدول الداعمة للكيان، فإن تماديه في سياسته الدموية وبأشكالها المختلفة إن برية أو جوية او بحرية، حتماً ستُلهب حالة العداء لدى العرب والمسلمين، ليس تجاهه فقط وإنما أيضا تجاه أمريكا وكل الغرب الذي أكد عدائيته للعرب والمسلمين خلال هذه الجولة من الصراع العربي الصهيوني.