قمة بلا غزة
أفق نيوز | بعد قرابة 40 يوما من المجازر الصهيونية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في غزة التي راح ضحيتها أكثر من 40 ألف شهيد وجريح معظمهم نساء وأطفال انعقدت قمة عربية إسلامية في الرياض، وكما يقال تمخض الجبل فولد فأرا خرجت هذه القمة ببيان هزيل ليس له أي أثر لرفع الظلم عن القطاع المحاصر.
قمة من 57 دولة عربية وإسلامية في الرياض قيل إن أجندتها غزة لم تخرج بقرارات مكتوبة، ولكن قراراتها على الواقع كانت لصالح كيان العدو الذي واصل عدوانه حتى في وقت انعقاد هذه القمة، كما أن بيانها لم يكن ذو جدوى في الحدود الدنيا حتى في التخفيف من وطأة الحصار الكامل ولم يوصل ناقلة وقود واحدة لإعادة تشغيل مستشفى في القطاع المدمر.
يبقى الحال كما هو عليه فتحت ضغط الحصار الصهيوني يموت المرضى في مستشفيات غزة، نظرا لنفاد الوقود اللازم للتشغيل مولدات الكهرباء، ولذر الرماد على العيون، نسمع بين الحين والآخر عن وصول ناقلات مساعدات، ولكنها لا تساوي شيئا أمام احتياجات القطاع الذي دمرت نصف مساكنه وهجر أكثر من نصف سكانه، هذا بالإضافة إلى أن تلك المساعدات غير ذي نفع وكما كشفت وسائل الإعلام فهي عبارة عن مواد غذائية منتيه الصلاحية، أو أكفان، أو شاش، حتى أن الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات لم يصل.
ووفق الأرقام فإن نصيب الفرد – في القطاع الذي يسكنه 2.3 مليون إنسان- يعادل فقط 70 غراما من الطعام و17 مليلترا من المياه، يوميا، بالإضافة إلى أن كيان العدو هو المتحكم وهو الذي يقرر ما يدخل وما لا يدخل عبر رفح الحدودي مع مصر، والذي من المفترض أن الأخيرة هي المتحكمة به باعتباره تحت سيادتها.
ناطق أنصار الله وكبير المفاوضين اليمنيين محمد عبدالسلام عبر عن أسفه وانتقد هذا التخاذل العربي، مشددا على أن هذا التخاذل أشد وقعا على غزة من العدوان الصهيوني، معبرا عن أسفه الشديد لعجز القمة العربية الإسلامية عن اتخاذ موقف ينتصر لغزة ولو بالحد الأدنى.
التخاذل العربي والإسلامي جعلت أمتنا في أدنى سُلم الأمم، ولن نذهب بعيدا فبمقارنة ما قدمه العرب لغزة في مقابل موقف الغرب مع أوكرانيا نجد أن إجمالي قيمة المساعدات الأجنبية لنظام زيلينسكي خلال عام بعد بدء العملية العسكرية الروسية بلغ 160 مليار دولار، بما فيها المساعدات العسكرية 75 مليار دولار”، وفقا لما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أغسطس الفائت.
وفي مقابل الإنفاق الغربي غير المعتاد لصالح أوكرانيا التي يعتبره حربه في مواجهة روسيا، نجد أن لدى الدول العربية الغنية أولويات أخرى لإنفاق المال أنفقت ما يقارب مليار دولار على شراء لاعبي كرة القدم، ويعد الدوري السعودي للمحترفين الأكثر إنفاقا على رسوم الانتقالات لضم لاعبي كرة القدم، على الانتقالات بعد الدوري الإنجليزي الممتاز. ويحكى أن ثمانية من بين اللاعبين العشرة الأعلى أجراً في العالم هم الآن في الدوري السعودي، وتترواح أجورهم بين ما يقارب 200 مليون دولار في السنة، في حالة رونالدو، إلى حوالى 30 مليون دولار مع كاليدو كوليباني.
وفي يونيو الماضي، كشفت تقارير أمريكية أن الخطة الرياضية السعودية تحظى بالدعم من أعلى المستويات في البلاد، ويتم تمويلها من صندوق الثروة السيادي الذي يرأسه ولي العهد السعودي، موضحة أن الرياض تسعى لجذب المزيد من اللاعبين، وأنها خصصت أكثر من 20 مليار دولار لذلك.
السعودية مستضيفة القمة العربية الإسلامية الأخيرة، لم تكلف نفسها حتى تأجيل موسم الترفيه احتراما لعشرات الآلاف من الضحايا من الأطفال والنساء الأبرياء الذين دفنوا أحياء تحت ركام منازلهم بآلة القتل الأمريكية الصهيونية، ليس مطلوبا منها شن عاصفة حزم كالتي تشنها على اليمن ولا حتى تقليل إنفاقها الباذخ على لاعبي كرة القدم الأجانب والترفيه وأن تخصص جزءا يسيرا منه لصالح شعب غزة، وليس مطلوبا كذلك منها الرمي بثقلها السياسي لرفع الحصار عن مستشفيات غزة، بل في الحد الأدنى الوقوف على الحياد أمام الداعمين والرغبين في نصرة غزة، وفقا لما يراه مراقبون.
يبقى التساؤل عن دور الرياض التي تعتبر نفسها قائدة المنطقة وعقدت تحالفات عربية وإسلامية قبل 9 سنوات في مواجهة اليمن تحت شعارات حماية العروبة والدين، أين ذهبت تلك الشعارات وذلك الحزم أمام ما يجري لأهل غزة، وهي اليوم لم تتخذ أي إجراء أو موقف لصالح الشعب العربي المسلم في غزة ولو في أدنى الحدود تحفظ به ماء وجهها، بل إنها تعترض صواريخ اليمن المتجهة لنصرة فلسطين.
للتذكير فقد قال أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي متحدثا عن الإمارات، “كنت أظنها محسوبة على العرب؟”، واصفا هرولتها نحو كيان العدو بأنه تجاوز حتى حدود الأخلاق، ويبدو أن السعودية، التي كانت على بعد خطوة من إعلان التطبيع مع الكيان المؤقت، تسير على هذا الخط.