يَمَنُ العُروبَةِ والإسلام
أفق نيوز – بقلم – عبدالرحمن الأهنومي
يتحشد اليمن بكل مستوياته في نصرة غزة ، ذهب السيد القائد- حفظه الله- إلى اتخاذ أخطر القرارات لنصرة أهلنا وشعبنا المظلومين في غزة ، لم يتوقع أحد الوصول إلى إعلانها حربا مفتوحة ، وحصارا بحريا شاملا على الكيان الصهيوني ، اليمن في نصرته لغزة كسر كل الخطوط الحمراء في العالم وأعلنها حربا مفتوحة ، وفرض حصارا شاملا على الكيان الصهيوني في البحر الأحمر وفي البحر العربي ، الموقف يتصاعد مع تصاعد حرب الإبادة في غزة ، ولو قدر لقيادة الشعب اليمني أن تشعل البحار والمحيطات لنصرة غزة لفعلت ، فما يحدث من مذابح وفظاعات وتوحش تشعل القلوب والضمائر نارا وتفجر الأرض حروبا وبراكين ، وأي ظلم أعظم من سفك دماء آلاف الأطفال والنساء والرضع ، وأي ظلم أعظم وأشد مما يتعرض له أهلنا في غزة المظلومة؟ وأي معنى لنصرة المظلوم إذا لم يكن لنصرة غزة اليوم التي تذبح من الوريد إلى الوريد؟!.
لا استراتيجية الصبر ولا تسجيل النقاط ، يمكن لها أن توقف هذه العربدة الصهيوأمريكية الغربية على غزة ، بل الفعل الناجز والموجع والقوي والمؤثر ، لا الضربات الصاروخية والمدفعية والجوية وحدها ، بل الحرب المفتوحة والواسعة والشاملة وفي كل بقعة وفي أي مكان يمكن أن نطال فيه أهدافاً صهيونية ، داخل فلسطين وخارجها، كما أكد قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي- حفظه الله.
اليمن ذهب إلى أوسع تصعيد ، بل أعلنها حربا مفتوحة على الكيان الصهيوني في البداية بتوجيه الضربات الصاروخية وبالطائرات المسيّرة على بعد ألفي كيلو متر ، ثم بإعلان الحصار البحري على الكيان ، ثم صعّد إلى توسيعه على نحو أشمل وأوسع ، ولربما هذا الموقف المتصعد وغير المسبوق أثار الاستغراب لدى البعض، بدءاً بما يتعلق بإغلاق البحر الأحمر أمام السفن الصهيونية ، ثم تصعيد الموقف إلى فرض حصار بحري شبه كامل ، بمنع مرور كافة السفن المتجهة إلى كيان العدو الصهيوني من أي جنسية كانت ، وهو ما يفتح الحرب ونذرها على الكيان ورعاته وعلى أوسع أبوابها ، ويضيق البحار رغم سعتها على الكيان الصهيوني.
ليس غريباً على اليمن أن يذهب إلى هذا المستوى من التصعيد، وصولا إلى حرب مفتوحة ومعلنة وحصار بحري شامل على الكيان الصهيوني ، ذلك أن ما يتعرض له أهلنا في غزة من حرب إبادة إجرامية بشعة ومروعة هو ذروة الطغيان والإجرام ، والشعب اليمني بانتمائه وهويته وقائده ودينه الإسلامي ، وعروبته الحقة والأصيلة ، لا يستكين أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني المسلم العزيز والمظلوم من طغيان متوحش وإجرامي ، تحتشد فيه أمريكا والغرب الكافر مع الكيان الصهيوني اليهودي.
السياسة التي يتبعها الشعب اليمني وقيادته وجيشه هي سياسة القرآن الكريم ، والقرآن كتاب الله الحكيم وفيه الحق القويم، وهو يأمرنا بأن نقاتل في سبيل الله دفاعا عن المستضعفين ، إذ يقول الحق «وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا»، ولقد رأينا المستضعفين في غزة رجالا ونساء وأطفالا يناشدون أمة الإسلام ، ودوّت في أسماعنا نداءات.. يا للمسلمين ، يا للعرب ، يا للإنسانية ، وليس بمسلم من لا يستجيب لنداءات وصراخات المظلومين ، وليس بمسلم من لا ينصر دينه وأمته وإخوانه المسلمين في غزة ، ولا عربي من لا ينصر الشعب الفلسطيني العربي في غزة.
يمن العروبة والإسلام ، هو يمن الإيمان والحكمة ، والإيمان الحقيقي هو أن تعبد الله بيقين وثقة كاملة بأنه ينصر عباده المظلومين ، وأن تعبد الله باليقين الذي يجعلك تخشاه ولا تخشى أحدا دونه ، ويمن الإيمان يحمل هذا الإيمان ، والحكمة هي أن تقف المواقف المشرفة والمسؤولة في نصرة المظلومين والتصدي للطغاة اليهود وأعوانهم وحلفائهم ، ومن الحكمة أن تضرب العدو بكل ما يمنحك الله من قوة وبأس.. واليمن يجسد الحكمة والإيمان معا.
اليمن بهويته وانتمائه ومشروعه القرآني وقائده العظيم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ، لا يحتمل أن يتفرج على حرب الإبادة الإجرامية التي تحتشد فيها أمريكا والغرب الكافر والكيان الصهيوني وتتوحش بممارسة كل أشكال وصور الإجرام والطغيان.
حرب إبادة جماعية لا مثيل لها ، يقترف أعداء الله اليهود وأعوانهم في غزة ما لا يتصوره إنسان ، قتل جماعي للشعب الفلسطيني في غزة ، أطفال رضع تمزق أجسادهم ، نساء تذبح ، قصف واستهداف للمستشفيات، مذابح متوحشة تتقصد قتل الأطفال ، قصف للنازحين وملاحقتهم بالطائرات ، حصار وتجويع ، لا وقود ولا ماء ولا طعام ولا دواء ، المجازر مروعة ، الدمار موحش ، حرب يحتشد فيها كل المجرمين، قتلة الأنبياء اليهود ، المسيحية الصهيونية ، عتاة وطغاة الأرض..كل هذا جعل اليمنيين يقفوا هذا الموقف، وأن ينصروا عباد الله في غزة ، وعلى طريقتهم القوية والخاصة، ولسان حالهم يقول: «والله لا يدعنا كتاب الله أن نسكت ، وأطفال ونساء تذبح ، وأبرياء يسحقون ، ومسلمون يتعرضون لحرب إبادة ، فليس بإنسان من لم تثره صور الأطفال الرضع والخدج وهم يقطعون بلا هوادة”.
الحرب الإجرامية التي يشنها العدو اليهودي الصهيوني المارق- برعاية الشيطان الأكبر أمريكا والغرب الكافر والمارق، وقصف الأطفال والمشافي والنازحين والأطباء والنساء والرجال والبنى والحياة- كلها ، هي امتحان للضمير الإنساني، واختبار يتميز فيه المسلم الصادق من الخبيث ، والعربي الأصيل من المتصهين، والشعب اليمني ينطلق في موقفه المسؤول من هويته وانتمائه للأمة ، من عروبته الأصيلة ، من إنسانيته الحقيقية ، ويتحرك بالمشروع القرآني ، بقيادة قرآنية ، ولهذا ينصر غزة بالموقف الذي كان يفترض بالعرب جميعا أن يقفوه ، وبالفعل الذي كان يفترض على المسلمين جميعا أن يفعلوه.
الشعب اليمني في رؤيته للقضية الفلسطينية لم تتغير ، منذ احتلال العصابات اليهودية لفلسطين عام 1948م، فلسطين قضية الأمة ، والكيان الصهيوني عدوها الخبيث ، ويتمسك بطريقة المواجهة نفسها، الجهاد بالسلاح في نصرتها ، لم تنطل عليه مؤتمرات السلام الزائف من مدريد إلى أوسلو إلى اتفاقيات إبراهام ، ولم تؤثر في هويته الشعارات والعناوين المضللة، قومية كانت أو ليبرالية ، الشعب اليمني ينظر إلى الصراع مع اليهود من خلال القرآن الكريم ، ولهذا فإن كل العناوين والسنوات لم تغيّر شيئاً في رؤيته لطبيعة هذا الصراع، والسبيل في مواجهته ، ولهذا تقدم بالموقف على من سواه.
ولهذا كله يتراءى موقف الشعب اليمني وقيادته وجيشه ، لبعض المستلبين في وعيهم المنقادين لعناوين العولمة والتدجين ، المرتزقة لأدوات أمريكا والغرب ، كأنه تهور وفعل خطير دوليا، حسب بعضهم ، ومزايدة سياسية ومسرحيات، كما يدعي بعض آخر، وليس ذلك إلا لأن هؤلاء قد ابتعدوا عن العروبة والإسلام ولم يعودوا عربا ولا مسلمين في الحقيقة ، فموقف الشعب اليمني هو في الحقيقة السلوك الطبيعي لشعب يحافظ على هوية الإيمان ، ولم تنطل عليه بوتقة الكذب والدجل والضلال العالمي.
ليس الشعب اليمني من يخذل غزة ، فقد جرب مرارة الخذلان في حرب السنوات التسع عليه ، وليس الشعب اليمني من تنطلي عليه المواقف الدولية ، فقد خبرها حينما احتشدت عليه الحرب والعالم يصفق كله ، وليس الشعب اليمني من يسكت أمام ما تتعرض له غزة من حرب إبادة ، لأنه عرف السكوت والصمت العربي إزاء المذابح التي تعرض لها خلال تسع سنوات ، ولأن الشعب اليمني وقيادته يعرفون كذبة القانون الدولي وشعارات حقوق الإنسان وزيف الديمقراطية الأمريكية ، فهو لا يكترث بها ، ويمارس الفعل العسكري الأكبر والأخطر في البحر الأحمر، لنصرة غزة ولكسر الحصار عنها ، ولوقف العدوان عليها.. ومن الله النصر..