لماذا على أبناء غزة أن يجوعوا فيما تُشكل أمريكا تحالفات لحماية السفن الصهيونية
أفق نيوز – تقرير – عبدالرحمن عبدالله
منذ أعلنت القيادة اليمنية منع السفن الصهيونية والمتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من المرور في البحر الأحمر ، حتى توفير الماء والغذاء والدواء لأهل غزة ، تحركت أمريكا بكل إمكاناتها لا لرفع الحصار الإجرامي عن غزة ، بل لإشعال الحرب في البحر الأحمر والإضرار بالملاحة الدولية على حد سواء.
على رغم أن الحصار الإجرامي الذي يفرضه العدو الصهيوني على غزة هو حصار يمثل جريمة حرب وإبادة جماعية ، فإن الإدارة الأمريكية لا تريد رفع الحصار رغم الجوع والموت الذي يواجهه الشعب الفلسطيني في غزة ، وتذهب بدلا عن ذلك إلى حشد تحالفات عسكرية لمواجهة اليمن الذي أطلق معادلة منع المرور في البحر الأحمر ، مقابل الحصار على غزة.
لم تذهب اليمن إلى تهديد الملاحة البحرية الدولية ، لكنها ذهبت إلى منع السفن الصهيونية والمتجهة إلى الموانئ الصهيونية من المرور في البحر الأحمر ، انطلاقا من المسؤولية الأخلاقية والدينية والوطنية والإنسانية لرفع الحصار الإجرامي ووقف العدوان الوحشي على غزة ، وفي إطار التعامل بالمثل ، ونفذت القوات المسلحة عملياتها على هذا النحو بدقة وانتقائية دون الإضرار بالملاحة الدولية.
لا تطالب اليمن بأي تنازلات مقابل موقفها ، بل تطالب بحق إنساني وأخلاقي تقره كل الشرائع ، وهو إدخال الدواء والغذاء والوقود إلى غزة ، لكن أمريكا التي تمعن في اتباع استراتيجية التقتيل والتجويع والإبادة الجماعية في غزة ، تريد أن تبيد كل البشر في غزة وأن يموتوا جوعاً وعطشاً وقصفاً ، وتعمل في المقابل على حشد التحالفات الحربية إلى البحر الأحمر لحراسة السفن الصهيونية وحمايتها.
وهو ما يقتضي القول بأن أمريكا تتحمل المسؤولية عن عسكرة البحر الأحمر، وعن جلب التحالفات العسكرية التي من شأنها الإضرار بالملاحة ، فبدلا من وقفها العدوان والحصار على غزة ، ذهبت إلى إعلان تحالف لحماية السفن الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي ، وهو ما من شأنه أن يفجِّر الأوضاع في البحار على نحو أوسع يضر الملاحة الدولية ويؤدي إلى تهديدها.
اليمن لم يتجاوز ما أعلنه عن استهداف السفن الصهيونية والمتجهة إلى الكيان الصهيوني ، ولم تتجاوز عمليات القوات المسلحة اليمنية الهدف الذي من أجله ذهب اليمن إلى إغلاق البحر الأحمر على السفن الإسرائيلية والمتجهة إليه ، وهو رَفْعُ الحصار ، لكن الغطرسة الأمريكية التي تنكشف بوقاحة ، تسعى إلى استمرار الحصار على غزة ، وإلى تفجير الوضع في البحرين الأحمر والعربي ، ما دامت الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة ، وما دام تهديد الملاحة البحرية وإشعال الحرب في البحار ، يصبان في مصلحة كيان العدو الصهيوني.
لا تكترث أمريكا في سبيل حمايتها لكيان العدو الصهيوني أن تتضرر مصالح الدول والشعوب ، وأن يموت أبناء غزة بالقصف والحصار والتجويع والتعطيش ، ولا تكترث بحياة البشرية ما دام ذلك يلبي مصالح ربيبتها إسرائيل ، ولا بما ستؤدي إليه نذر الحروب ، ما دام ذلك في مصلحة إسرائيل.
يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة لحرب إجرامية وحشية لا سابق لها منذ 74 يوماً ، يستخدم العدو الصهيوني كل ما يمكن للبشر تصوره من أسلحة وذخائر وأدوات قتل وفتك ودمار لإبادة غزة ، تسانده الإدارة الأمريكية عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً وإعلاميا وبكل المستويات لينفذ مهمة إبادة غزة ، وتقدم الدعم والذخائر وكل ما يمكن العدو الصهيوني من مواصلة حرب الإبادة ، وتهدد أي دولة تحاول أن تقف لنصرة المظلومين المبغي عليهم في غزة ، وتتوعد وتهاجم أي موقف ينصر غزة وأهلها.
يقوم العدو الصهيوني بفرض حصار خانق يقتل الأطفال والبشر جميعاً، ويمنع الماء والوقود والكهرباء والغذاء والدواء من الوصول إلى غزة ، ويستخدم أسلوب تجويع المدنيين كشكل من أشكال حرب الإبادة ، وبشكل معلن وصارخ أعلن قادة الصهاينة بتصريحات علنية أعربوا فيها عن نيّتهم تجويع وتعطيش وخنق الفلسطينيين في غزة من الغذاء، والماء، والوقود ، ويتعمد جيش العدو الصهيوني منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، ويمنع وصول المساعدات الإنسانية، ويجرّف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم ، وتتحشد أمريكا وتحشد التحالفات ضد أي موقف يسعى إلى إدخال الغذاء والاحتياجات إلى غزة.
واليوم وحينما برز اليمن بموقفه في مواجهة الحصار على غزة ، بإغلاق البحرين الأحمر والعربي ، ومنع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني والسفن الصهيونية في البحار ، ذهبت أمريكا لتشكيل تحالفات حربية لكسر هذه المعادلة غير قابلة للمطالب المحقة في رفع الحصار عن غزة ، واضعة المنطقة والبحار والمياه والممرات الملاحية على نُذُر حرب واسعة ، وهو أمر لا يمكن قبوله وعلى أمريكا أن تتحمل وزره وأوزار تداعياته اليوم.
- غزة تتعرض لحصار خانق
لأكثر من سبعين يوماً، يمنع العدو الصهيوني الشعب الفلسطيني في غزة من الغذاء والمياه والوقود والدواء ، وهو أسلوب حرب إبادة أكد عليه قادة العدو الصهيوني من بداية الحرب ، في جريمة إبادة وحرب معلنة ، وفيما كان على زعماء العالم رفع أصواتهم ضد هذه الجريمة الوحشية ، تتجه أمريكا لحماية الكيان الصهيوني من أي تبعات عنها ، ولحمايته للاستمرار في ارتكاب الجريمة.
يحظر القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب ، وينص «نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية» على أن تجويع المدنيين عمدا «بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية» هو جريمة حرب ، لا يتطلب القصد الإجرامي اعتراف المهاجم، ولكن يمكن أيضاً استنتاجه من مجمل ملابسات الحملة العسكرية ، غير أن قادة العدو الصهيوني أعلنوا ذلك صراحة ومجاهرة ، ولم تجد أمريكا أي مانع في دعم هذا الانتهاك والجريمة.
الحصار التام الذي يفرضه العدو الصهيوني على سكان قطاع غزة يشكل جزءا من الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، اللتين يرتكبهما العدو الصهيوني بحق الفلسطينيين ، ويقوم العدو الصهيوني بمنع السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وقد حذرت «الأونروا» من أنه «سيبدأ الناس بالموت بسبب الجفاف الشديد والجوع وبسبب انعدام الدواء “. وأضافت “قطعت إسرائيل السلع الأساسية الضرورية لاستمرار الحياة في غزة، حيث يعيش أكثر من مليون طفل في خطر. كل ساعة يستمر فيها هذا الحصار تكلف أرواحا”.
ولهذا كان موقف اليمن هو موقف إنساني أخلاقي مقدس ، لا ينتهك أي قوانين دولية وإنما يطبقها على نحو واضح ، لكن أمريكا التي تمعن في الانتهاكات لكل شيء ، تحشد التحالفات على اليمن لتمارس عربدتها وغطرستها الإجرامية في غزة دون كوابح.
على أمريكا أن تتحمل أثمان ذلك وتبعاته ، وعليها أن تتحمل اليوم ثمن العربدة في البحار وأن تدرك بأن الشعب اليمني وقيادته لا يمكن أن تترك أبناء غزة يموتون جوعا ، وأن تدرك أن الغطرسة في البحار سيكون ثمنه كبيرا ، وعلى كل المنخرطين في تحالفات أمريكا أن يتحسسوا إنسانيتهم إن كان لها بقية.