ضابط مخابرات أمريكي: طوفان الاقصى أنجح غارة عسكرية في هذا القرن
أفق نيوز – تقرير – حمدي دوبلة
تأكيداً لاعترافات وتسريبات سابقة لنتائج تحقيقات الشرطة “الإسرائيلية ولرواية المقاومة الفلسطينية حول أحداث السابع من أكتوبر تتوالى الفضائح بخصوص تورط جيش الاحتلال في قتل عدد من المستوطنين الذين يصفهم بالمدنيين ويتهم حركة حماس بقتلهم في إطار محاولته لكسب تأييد الرأي العام العالمي لعدوانه الهمجي على قطاع غزة في المقابل وصف ضابط استخباراتي امريكي عملية “طوفان الاقصى” بأنها أنجح غارة عسكرية في القرن الحالي.
وفي هذا الإطار نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، مشاهد توثق لحظة إطلاق دبابة إسرائيلية قذائف على منزل ضّم مستوطنين إسرائيليين في مستوطنة بئيري في الـ7 من أكتوبر الماضي.
وفي توثيق من الـ 7 من أكتوبر نُشر في أخبار “القناة 12” الإسرائيلية، وفقاً للصحيفة، فيديو يظهر دبابة إسرائيلية وهي تطلق قذيفة على المنزل الذي كان يتحصن فيه عناصر حماس مع أسرى إسرائيليين.
وأضافت الصحيفة العبرية أن الفيديو الذي نشر الليلة قبل الماضية تم تصويره من مروحية تابعة لشرطة الاحتلال، والتي تم استدعاؤها إلى المنطقة بعد الحادثة التي حصلت.
ونقلت الصحيفة عن إحدى المستوطنات التي هربت من حفلة الطبيعة في “رعيم” واختبأت في أحد منازل “الكيبوتس”، قولها إنها توجهت إلى أحد الجنود وسألته عما إذا كانت قذائف الدبابة ستؤذي الأسرى، فأجاب الجندي “إنهم فقط يطلقون القذائف على الجوانب لهدم الجدران”، ولكنها تكمل أن الدبابة أصيبت وتم استدعاء دبابة أخرى وصلت إلى المكان، وعاودت استهداف المنزل مرة أخرى.
ونقلت الصحيفة عن عضو مجموعات الحماية في “الكيبوتس” قوله إن “500 جندي وقفوا في الخارج بينما الأسرى فقدوا دماء”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنشر فيها وسائل الإعلام الإسرائيلية مشاهد وتقارير تظهر تورط لـ”الجيش” الإسرائيلي بقتل المستوطنيين يوم 7أكتوبر.
وكانت صحيفة “هآرتس” ذاتها قد ذكرت قبل اسابيع أنّ تحقيق الشرطة الإسرائيلية بشأن الحادثة توصلت إلى أن حماس خططت من أجل الوصول إلى كيبوتس راعيم وغيره من الكيبوتسات في عملية “طوفان الأقصى”، لكنها اكتشفت أمر الحفل الراقص في الكيبوتس خلال الاقتحام نفسه.
وأشارت وسائل إعلام “إسرائيلية”، في تقرير نشرته سابقاً، إلى أنّ تقويم المؤسسة الأمنية لدى الاحتلال أظهر أنّ “حماس” لم تكن على علم مسبّق بمهرجان نوفا في كيبوتس راعيم، وعرفت بشأنه من الجو بعد تحليق مسيراتها وطائراتها الشراعية.
وأوضحت الصحيفة أنّ التقويم الأمني يظهر أيضاً أن المروحية العسكرية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وصلت إلى مكان الحادث قادمة من قاعدة “رمات دافيد”، وأطلقت النار على المقاومين الفلسطينيين، ويبدو أنها أصابت أيضاً عدداً من المحتفلين الذين كانوا هناك.
وكان موقع “إلكترونيك انتفاضة” ذكر أنّ إسرائيلية شهدت عملية “طوفان الأقصى”، أكدت أنّ إسرائيليين قُتلوا بلا شك على “أيدي قوات الأمن التابعة لها”.
من جهة أخرى وفي مقابل الفشل والعجز والارتباك والتخبط الذي ساد أداء جيش الاحتلال منذ السابع من اكتوبر الماضي فقد سطرت حركة المقاومة الاسلامية حماس منذ طوفان الاقصى الى اليوم نجاحات لافتة على كافة المستويات حتى دفعت ضابط مخابرات أمريكي إلى وصف عملية حماس في جنوب دولة الاحتلال انه أنجح غارة عسكرية لهذا القرن.
وفاجأت حركة حماس العالم بعملية (طوفان الأقص) ولم تكُنْ المفاجأة فقط في حجم الخسائر الإسرائيليّة الضخمة، بل امتدّت بحسب خبراء عسكريين إلى كيفية التخطيط والتنفيذ بسريّةٍ تامّةٍ دون الكشف عنها، على الرغم ممّا يحيط بقطاع غزة من شبكات تجسسٍ إسرائيليّةٍ تكنولوجيّةٍ وبشريّةٍ متنوعةٍ، وامتدّت المفاجأة كذلك إلى مدى نجاح حماس بتحقيق أهدافها، ورجوع المئات من مقاتليها إلى غزة ومعهم أكثر من مائتي رهينة وأسير من الجانب الصهيونيّ.
وقال ضابط الاستخبارات العسكرية الأمريكيّ السابق سكوت رايتر، (62 عامًا)، الذي يملك باعًا طويلاً في الخبرة العملية والبحثية والتحليلية في شؤون الشرق الأوسط، قال إنّ “حركة حماس قد انتصرت بالفعل بعمليتها المعقدة والمتقدمة بأكتوبر، وأنّه لا يمكن القضاء عليها، كما أعلنت الحكومة الإسرائيلية، وذلك لأنّ حماس أصبحت رمزًا عمليًا ومعنويًا لمقاومة الاحتلال الإسرائيليّ”، على حدّ تعبيره.
وتابع: “ما فاجأني بالفعل هو سوء حالة وتردي أداء الجيش الإسرائيليّ، كمطلّعٍ بشدّةٍ على الجيش الإسرائيلي، وأدرسه منذ سنوات طويلة، وقد لاحظت التراجع في المستوى القتاليّ لجنوده خاصّةً بين أفراد القوات البريّة، وسط اعتماد مبالغ فيه على التكنولوجيا وإمكانيات القوات الجوية”.
وأضاف: “من ناحية أخرى، كان عندي ثقة في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، فعلى مدار عقود أظهرت قدرة كبيرة على اختراق حركات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عن طريق زرع شبكة واسعة من الجواسيس، وكان لديهم شبكة محكمة ترصد الكثير ممّا يجري في قطاع غزة، وكان هناك يقين بين خبراء الاستخبارات يستبعد أنْ تخطط حماس لعملية بهذا الحجم دون الكشف عنها وإحباطها.”
وشدّدّ على أنّ “الفشل الإسرائيليّ الاستخباراتيّ كان صادمًا بالنسبة لي، لكن الأكثر صدمة هو رد فعل الجيش الإسرائيلي فور وقوع هجمات حماس يوم 7 أكتوبر، وما جرى يؤكّد أنّ لدى الجيش الإسرائيلي عدة فرق مميزة ذات خبرات قتالية استثنائية، لكن بقية قوات الجيش ليست على المستوى المطلوب، خاصة أفراد قوات الاحتياط الذين تم استدعاؤهم للقتال”، طبقًا لأقواله.
وقال ريتر، مفتش الأمم المتحدة المكلف بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق خلال الأعوام من 1991 إلى 1998، إنّ هجوم حركة حماس على “إسرائيل” بأكتوبر الماضي يُعَد أنجح غارة عسكريّة في هذا القرن، طبقًا لأقواله.
وأضاف ريتر في مقال نُشر على موقعه الخاص، أنّ تشبيه “إسرائيل” هجوم السابع من أكتوبر بأحداث 11 سبتمبر عام 2001 و”الفظائع” التي تدّعي أنّ حماس ارتكبتها بما في ذلك “الاغتصاب الجماعي وقطع رؤوس الأطفال وقتل المدنيين الإسرائيليين العزل” كلّها اتهامات غير دقيقة.
وتابع “الادعاءات الإسرائيليّة كاذبة أوْ مضللة بشكلٍ واضحٍ”، مضيفًا أنّ نحو ثلث القتلى الإسرائيليين هم من ضباط الجيش والأمن والشرطة، مُشدّدًا على أنّ القاتل الأول للإسرائيليين بأكتوبر لم يكن حماس أوْ الفصائل الفلسطينيّة الأخرى، بل الجيش الإسرائيليّ نفسه.
واستدل ريتر بمقطع فيديو نُشر أخيرًا يُظهر مروحيات (أباتشي) إسرائيلية تُطلِق النار عشوائيًا على المدنيين الإسرائيليين الذين يحاولون الفرار، موضحًا أن الطيارين لم يتمكّنوا من التمييز بين المدنيين ومقاتلي حماس.
وأضاف أنّ روايات شهود عيان من المدنيين والعسكريين بشأن ما تسميه “إسرائيل” بـ”مذبحة رعيم” أكّدت أنّ الغالبية العظمى من الضحايا قُتلوا بنيران الجنود والدبابات الإسرائيليّة.
وأوضح أنّ الحكومة الإسرائيليّة تراجعت عن زعمها أنّ حماس قطعت رؤوس 40 طفلاً، دون أنْ تقدّم أيّ دليلٍ موثوقٍ على تورطها في اغتصاب أوْ اعتداء جنسي على امرأةٍ إسرائيليّةٍ واحدةٍ.
وقال إنّ روايات شهود العيان أكّدت أن مقاتلي حماس كانوا منضبطين وحازمين في الهجوم، لكنّهم كانوا مهذبين ولطفاء في التعامل مع الأسرى المدنيين.
كما علّق ريتر، على هتاف شبان إسرائيليين بالقدس بعباراتٍ معاديةٍ للفلسطينيين، مؤكّدًا أنّ “إسرائيل” تفقد بشكلٍ متسارعٍ حقّها الأخلاقي في الوجود كأمّةٍ.
وكتب ريتر على حسابه في منصة (إكس): “إسرائيل تفقد بسرعة حقّها الأخلاقيّ في الوجود كأمّةٍ، إذا لم تكُن قد فعلت ذلك بالفعل”، مُضيفًا: “كنت أؤيّد حقّ “إسرائيل” في الوجود، حتى عندما كنت أختلف مع سياسات حكومتها، ولكن عندما يتحوّل الوطن اليهوديّ إلى تجسيدٍ حديثٍ لقوى الكراهية التي خلقت الظروف التي أدّت إلى تشكيل “إسرائيل” في المقام الأول، فلا بُدّ وأنْ يتساءل المرء عن جدوى المشروع وشرعيته”.
وأردف ريتر: “إنّ قيام دولة يهودية منفصلة، يتّم تنظيمها وتنفيذها في ظلّ السياسات والممارسات الحاليّة للدولة الإسرائيليّة الحديثة (الكيان الإسرائيلي)، لم يعد مقبولاً”.