نصر الله.. استراتيجية القول والفعل والموقف
أفق نيوز – بقلم – طه العامري
كعادته في كل خطاب يقدم – السيد حسن نصر الله – أمين عام حزب الله وسيد المقاومة الإسلامية اللبنانية وأحد أبرز رموز النضال العربي – للمتلقي العربي كل ما يدهشه سواء ما يتصل بمفردات الخطاب أو بالرؤية الاستراتيجية التي يتميز بها الرجل الذي عوَّدنا على التعاطي الاستراتيجي مع قضايا الأمة وخاصة ما يتصل بالصراع مع الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية التي تقف خلف هذا الكيان اللقيط..!
في آخر خطاباته تحدث هذا القائد بشفافية عن رؤى ورؤية المقاومة والتحديات التي تواجهها، مستعرضا مواقفها من فلسطين إلى لبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران وإن تحدث عن اليمن كدولة وليس كفصيل مقاوم مثمنا مواقف صنعاء الاستثنائي في إسناد المقاومة العربية في فلسطين وكيف كان البعض يتحدث عنها بقدر من (السخرية والتهكم)، مؤكدا أن من تحدثوا عن مواقف اليمن وتأثيرها في مسار المواجهة لم يكونوا في الواقع إلا يعبرون عن تخاذلهم وخيانتهم وضعفهم وجبنهم ويحاولون التغطية على عيوبهم بالانتقاص من مواقف صنعاء التي أثبتت تأثيرها وشكلت أزمة تجاوزت تداعياتها الكيان الصهيوني إلى حلفائه في واشنطن ولندن وباريس، موضحا أن اليمن بما أقدم عليه أحدث أثرا كبيرا في اقتصاد العدو ومن يسانده، رغم أن اليمن أعلنت صراحة وبوضوح أنها تستهدف السفن الصهيونية والمتعاونة معه وأن كل سفن العالم آمنة ولا أحد يعترض مسارها، غير أن أمريكا كذبت وتكذب حين حشدت تحالفاً وهمياً لحماية الملاحة بزعم أن اليمن وقواتها تهدد الملاحة الدولية، وهذا يعد خلطاً للأوراق وكذباً أمريكياً بواحاً، فاليمن لم ولن تستهدف التجارة الدولية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن ومضيق باب المندب، ولكنها فعلا تستهدف السفن الصهيونية والسفن المتعاونة مع الكيان الصهيوني والتي تنقل له بضائعه، وقد ربطت اليمن موقفها هذا بوقف العدوان الصهيوأمريكي على قطاع غزة وفتح المعابر وإدخال المساعدات للقطاع، لكن أمريكا كذبت على العالم ومتمسكة بأكاذيبها وهدفها حماية الكيان الصهيوني وتجارته وليس التجارة الدولية ولا الملاحة الدولية إعمالا لرؤية قادة الكيان الذين كانوا أول من أطلقوا تصريحاتهم بأن مشكلة البحر الأحمر هي (مشكلة دولية) لتلتقط واشنطن العبارة وتعمل على تدويل أزمة الصهاينة الاقتصادية تسعى بالتالي لتشكيل تحالف دولي لحماية الاقتصاد الصهيوني والملاحة الصهيونية وليس التجارة الدولية والملاحة الدولية كما زعمت وتواصل زعمها وتتمسك بأكاذيبها دون خجل..!
خطاب السيد نصر الله الذي حمل رؤية المقاومة الإسلامية اللبنانية، حمل فهم الرجل لتداعيات الصراع الجاري في المنطقة واضعا أمام الرأي العام موقف أمريكا وقدراتها وإنها أعجز من توسيع دائرة الصراع وهي المنهمكة حتى الإنهاك في أوكرانيا، مبشرا بانتصار روسيا الاتحادية الساحق في أوكرانيا وهزيمة المشروع والمخطط الأمريكي تجاه روسيا، دون أن يغفل مطالبة المقاومة في العراق العمل على إخراج القوات الأمريكية من العراق وسوريا، مثمنا مواقف صنعاء التي أصبحت تمثل بموقفها قوى إقليمية ذات ثقل ووزن، مستعرضا أهمية الدور المقاوم ومؤكدا على أن المقاومة هي وحدها القادرة على إعادة الاعتبار لفلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، كي تعيش الأمة وشعوبها بحُرية واستقلال وعزة وكرامة، وأن نهوض الأمة يعتمد على امتلاكها القدرة على المقاومة والتصدي للمشاريع والمخططات الخارجية بكل أشكالها، وأن القوي هو القادر على البقاء والعيش بحرية وكرامة واستقلال، وأن الضعفاء لا مكان لهم في هذا العالم، وأن المنظمات الدولية لن تجلب الأمن والحماية للضعفاء، مستشهدا بموقف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي صوتت بأغلبية ساحقة على وقف اطلاق النار في غزة ولكن أمريكا والعدو تجاهلوا القرار ولم يحترموا القرار، ولم يحترموا الدول التي صوتت عليه وعددها 156 دولة..
فقط 8 دول وقفت ضد القرار بزعامة أمريكا واستطاعت هذه الدول الثمان أن تتجاهل القرار وتسخر منه وممن صوتوا عليه..!!
برؤية عقلانية تحدث السيد حسن نصر الله عن كل التداعيات الراهنة بما فيها العملية الإجرامية التي أقدم عليها العدو الصهيوني باغتيال المناضل صالح العاروري في ضاحية بيروت واصفا الجريمة بالخطيرة وغير المسبوقة منذ عام 2006م، وأكد أن المقاومة اللبنانية سترد ولكن بطريقتها الاستراتيجية وليس بطريقة الفعل ورد الفعل.. ولم يغفل المواجهة الدائرة في جنوب لبنان بين المقاومة والعدو والتي تكبد العدو خسائر فادحة بصورة يومية، مشيرا إلى التضحيات التي تقدمها المقاومة في حرب مفتوحة وشرسة ولكنها غير تقليدية وغير معلنة لأنها حرب تختلف عن كل الحروب السابقة مع العدو.
تحية إجلال وتقدير لهذا السيد العربي والرمز المقاوم الذي كل خطاباته وأحاديثه تعيدنا إلى الزمن العربي الجميل، زمن القائد والزعيم جمال عبد الناصر – رحمة الله تغشاه وتسكنه فسيح جناته.