مؤتمر لندن … مشروع غربي لاحتلال اليمن وتحجيم الصين!
أفق نيوز – تقرير – علي الشراعي
شكل مؤتمر لندن البداية الحقيقية للعدوان على اليمن بتحالف انجلو – امريكي ، فقرارات المؤتمر بمثابة الوصاية الدولية على اليمن وانتهاك لسيادتها وسلامه اراضيها وكمقدمة للتدخل العسكري المباشر لاحقا.
وكشف عدد من الباحثين والسياسيين والمهتمين بالشؤون الدولية عقب مؤتمر لندن المنعقد في 25 ديسمبر عام 2009م ، ان الهدف منه هو احتلال اليمن ، ليتسنى مواجهة القوة البحرية الصينية الصاعدة .
وفي نفس الوقت حذروا الدول العربية من الانخراط بهذا المشروع الغربي ضد اليمن لما سوف يترتب عليهم من دفع ثمنا باهظا .
-الوصاية الدولية
بدأ الاهتمام الدولي المفاجئ بالشأن اليمني من خلال مؤتمر لندن الذي انعقد في 25ديسمبر 2009م ، بمبادرة بريطانية من دون التشاور مع حكومة اليمن، والتي حضرته شأنها شأن بقية المشاركين في حين لم تدع الصين الى المشاركة في المؤتمر .
وقد قرر المؤتمر تقديم الدعم الدولي لحكومة اليمن بشرط إن تلتزم باصلاحات صندوق النقد الدولي ومع الدعوة إلى عقد مؤتمر للمانحين فيما بعد لمناقشة برنامج الإصلاحات اليمنية ، ومساعدة حكومة اليمن على مكافحة تنظيم القاعدة والالتزام الكامل بتطبيق العقوبات الدولية المفروضة طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 1267 بخصوص الهيئات والأفراد الداعمين للإرهاب .
تضمن البيان الصادر عن المؤتمر الاتفاق على دعم مبادرات الحكومية اليمنية لأجل تنمية قدراتها في مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن طيرانها وحدودها، وهذا يتضمن بذل الجهود على الحدود البرية والبحرية بما في ذلك تعزيز قدرات قوة خفر السواحل اليمنية ،
وتبدو هذه القرارات بمثابة الوصاية الدولية على اليمن وادخالها فيما بعد تحت البند السابع بعد بضع سنوات قبل ان بشنوا عليها عدوان 2015م عبر وكلائهما بالمنطقة.
وبحرب صيف 1994م ، بذلت بريطانيا جهود حثيثة في مجلس الأمن تؤازرها دولا عربية اقليميه بإدخال اليمن تحت البند السابع ولكنهما فشلوا بذلك ! .
-قاعدة عسكرية
لقد كانت قرارات مؤتمر لندن 2009م ، توازي قرارات طلب الولايات المتحدة الأمريكية توفير الشكل الخارجي لقاعدة عسكرية في اليمن من خلال تحويل جزيرة سقطرى اليمنية من مهبط للطائرات إلى قاعدة عسكرية كاملة تتيح لواشنطن الانطلاق منها لمحاربة القاعدة – بحسب مزاعمها وذرائعها بالرغم ان القاعدة منذ العدوان عام 2015م واحتلالهم المحافظات الجنوبية لليمن يتعايش التنظيم مع المحتلين ( السعودي – الاماراتي ) ومع العدوان الانجلو – امريكي الأخير على اليمن لم نجد له اي تنديد او رده فعل تجاه المشروع الغربي في اليمن منذ عدوانهم قبل تسع سنوات مما يجعل المرء يتسائل عن حقيقة التنظيم ومن يدعمه ويقف خلفه ويحركه كذرائع لتحقيق اهدافه ومطامعه وعن اسباب تواجد التنظيم بشكل خاص في محافظة ابين منذ الستينيات من القرن المنصرم والى اليوم ؟!
-احتلال اليمن
ويبدو ان المستهدف الحقيقي من التحرك الانجلو- أمريكي عقب مؤتمر لندن هو الصين وليس تنظيم القاعدة ، فضلا عن ذلك لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تصارع الصين وتواجهها من دون احتلال اليمن لأن التحرك الدولي تجاه اليمن هو جزء من صراع عالمي أكبر وهو التنافس العالمي للسيطرة على المحيط الهندي والمضايق البحرية بالمنطقة واتجاه القوى الأسيوية الناشئة إلى التحول نحو امتلاك القوة البحرية التي تمكنها من تحقيق تلك السيطرة.
فالتنافس اليوم بين الولايات المتحدة الأمريكية ويقف خلفها بريطانيا والهند واليابان وبين الصين مدعومة بدول اسيوية .
فالصراع الراهن أنه صراع بحري أكثر منه صراعا بريا وأن واشنطن وبكين هما أهم أعمده هذا الصراع .
-الظهور الصيني
يعد اعلان الصين في عام 2009م ، عزمها على اقامة قاعدة بحرية في خليج عدن لحماية سفنها جرس انذار مبكر للقوى الدولية خاصة امريكا .
وقد اتي الاعلان في سياق جهد الصين لتطوير القوة البحرية الصينية بما يمكنها لأول مرة في تاريخها من نشر اسطولها في المحيطات البعيدة بشكل يمكن معه حماية خطوط نقل النفط المستورد من افريقيا والخليج العربي .
ولعل اهم المحيطات التي يعبرها النفط التي تستورده الصين هو المحيط الهندي .فالنفط الذي صار يعد عماد الصعود الصيني بعد تحول الصين عام 1993م لأول مرة إلى دولة مستوردة للنفط واغلب ذلك النفط الصيني المستورد يمر في المحيط الهندي .
ولهذا جاء الاعلان الانجلو – امريكي في مؤتمر لندن تجاه اليمن لقطع الطريق امام التحرك الصيني واحكام السيطرة الغربية على الممرات البحرية لنقل النفط بحيث يسهل قطعها في حالة حدوث تصادم بين القوى الدولية وعلى راسها امريكا وبريطانيا والصين .
-الدور الصهيوني
تقوم الولايات المتحدة بالسعي لحرمان الصين من نقاط ارتكازها في المحيط الهندي ، فيما يقوم الكيان الصهيوني المتواجد في شمال البحر الأحمر من تهديد الأمن القومي للدولة العربية المطلة على البحر الأحمر واهمها مصر ، وكذلك خنق مصالح الصين مع بعض الدول الافريقية فهو الداعم الرئيسي في انفصال جنوب السودان .
فالكيان الصهيوني حريص على عدم الافصاح عن دوره في الصراع الكبير الجديد ضد الصين حتى لا يغضب بكين بعد ان نجح في تحقيق اختراقات مهمة واقامة علاقات معها .
-المشروع الغربي
ويتضح من ذلك ان السواحل الغربية الجنوبية هي ساحة الصراعات الكبرى الجديدة .
و يبدوا انه لا دور للدول العربية في تلك الصراعات إلا انه ساحة لها في اطار ما يحدث من عدوان على اليمن منذ 9 سنوات ، – وما يحدث اليوم من عدوان انجلو – امريكي ، كذلك ما يحدث في غزة منذ اربعه اشهر من حرب وابادة جماعية في غزة من قبل الكيان الصهيوني النازي ومساندة دول الغرب له وعلى راسها امريكا وبريطانيا والمانيا –
وهذه الحالة هي جزء من الحالة العربية العامة حيث يبدو ان موازين القوى الشرق الوسطية قد تحولت تماما لصالح القوى الاقليمية غير العربية .
وإن اقسى ما يمكن للدول العربية فعله في هذا السياق هو عدم الانخراط في المشروعات الدولية التي تتم في اطار الصراعات الجديدة كالمشروع الغربي في عدوانهم على اليمن لأن العرب سيدفعون فيما بعد ثمن هذا الانخراط في المدى البعيد تماما ، كما دفعوه بعد انخراطهم في المشروع الانجلو – فرنسي ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولي 1914- 1918م ، وفي المشروع الامريكي ضد السوفيت في افغانستان في حقبه الثمانينيات من القرن المنصرم . ومشروع حرب الخليج الثانية 1991م ، والذي كان نتائجها تواجد العديد من القواعد العسكرية الامريكية في المنطقة والى اليوم مازال العرب يدفعون ثمن انخراطهم في مشاريع القوى الاستعمارية الغربية.