بفطنته المعهودة، وفراسته المشهودة، ووعيه الواسع، ونظرته الثاقبة، وفكره المستنير، وثقافته القرآنية الغزيرة، استطاع الرئيس الشهيد صالح علي الصماد منذ وقت مبكر أن يدرك حجم المؤامرة التي تحاك ضد بلادنا، حتى قبل شن العدوان، وساهم العدوان في تنامي حالة الإدراك والفهم لديه لما يدور حوله من أحداث وما هو حاصل من متغيرات، وما يحاك ضد الوطن الغالي من مؤامرات، وما يعد من مخططات تشكل تهديدا خطيرا عليه، بهدف النيل من صموده وثباته وضرب النسيج الاجتماعي واستهداف الجبهة الداخلية التي كان الشهيد الصماد أحد عوامل وحدتها و تماسكها رغم كل المؤامرات التي حيكت ضدها ، حيث راهن العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على حسم المعركة في غضون أسابيع ، حيث سنعلن الهزيمة و نرفع رايات الاستسلام، ونعلن العودة إلى نظام الوصاية والتبعية للسعودية والارتهان للأمريكان، ولكنه تفاجأ بحالة الصمود والثبات الأسطورية، والتحول من الدفاع إلى الهجوم، رغم الهستيريا التي أظهرها تحالف البغي والإجرام من خلال عدوانه الغاشم وحصاره الجائر .
كل ذلك دفع بهذا التحالف اللعين إلى الذهاب نحو تضييق الخناق على أبناء شعبنا من خلال الاستهداف المباشر لشريان الحياة الوحيد والرئة التي يتنفس من خلالها والمتمثلة في ميناء الحديدة، وعمدوا من خلال المرتزقة إلى شن زحوفات مكثفة عليها بهدف السيطرة عليها ليتسنى لهم خنق الشعب اليمني، ورغم كثافة الغارات، وكثرة الزحوفات، والتحشيد المتواصل في صفوفهم، واستمرار عمليات التسليح من قبل السعودية والإمارات؛ إلا أن كل ذلك لم يفت في عضد اليمنيين، بل زادهم وعيا وإدراكا وفهما واستيعابا لما يدور حولهم والأخطار المحدقة بهم في محافظة الحديدة وفي مقدمتهم الرئيس الشهيد صالح علي الصماد، الذي كان له قصب السبق في تحصين جبهة الحديدة، ورفع مستوى اليقظة والجاهزية الأمنية والعسكرية والشعبية للتصدي لمحاولات الغزاة التسلل نحوها، والتخطيط لغزوها .
سيناريوهات نجح الرئيس الشهيد في كشف تفاصيلها والتعاطي معها بحكمة وذكاء وفطنة، حيث شرع في تحفيز المجتمع التهامي على الجهاد في سبيل الله دفاعا عن الأرض والعرض والكرامة، معتبرا معركة الحديدة هي المعركة الفاصلة مع العدو المتربص بها الدوائر، ويجب التعاطي بمسؤولية مع التهديدات الأمريكية المعلنة والاستعداد التام والجهوزية العالية لمواجهة أي حماقات قد يرتكبها، حيث أعلن وقوفه ومن خلفه كافة أبناء الشعب اليمني مع الحديدة وأهلها في مواجهة التهديدات التي تطالها والمؤامرات التي تحاك ضدها، حيث دعا إلى المشاركة الفاعلة في مسيرة البنادق التي رأى بأنها بمثابة الرد العملي على تخرصات وتهديدات الأعداء، وكان لتحركاته المكثفة داخل الحديدة تأثيراتها وانعكاساتها السلبية على التحالف الإجرامي الذي وجد نفسه أمام قائد فذ، يمتلك من الفراسة والدهاء السياسي ما يفشل كافة مخططاتهم الإجرامية وخصوصا عقب دعوته للمشاركة الفاعلة في مسيرة البنادق، حينها قرروا التآمر عليه، وخططوا لاغتياله بالتنسيق مع عملاء وخونة الداخل .
حيث ارتقى الرئيس صالح علي الصماد شهيدا وهو يقوم بمهام حراسة بوابة اليمن على البحر الأحمر محافظة الحديدة، ليتوج بوسام الشهادة الذي لطالما ظل ينشده ويمني نفسه بالظفر به والحصول عليه، لقد أحب الحديدة وأحبته، ألفها وألفته، وشاءت إرادة الله عز وجل أن يرتقي شهيدا على أراضيها، بعد أن شحذ الهمم التهامية، للوثوب في وجه الغزاة ، وإظهار البأس التهامي اليماني الشديد، وكان لفاجعة استشهاده أثرها في نفوس أبناء الحديدة، وهو ما عكسه خروجهم المبهر في مسيرة البنادق وفاء لوصية الرئيس الشهيد الذي كان يمني النفس بالمشاركة فيها .
بالمختصر، المفيد الرئيس الشهيد صالح علي الصماد كان الحامي والحارس للحديدة، وظل حتى آخر لحظات حياته حاميا وحارسا لها ولأهلها، وجاد بروحه الطاهرة ورفاقه الأبطال في سبيل الله دفاعا عنها، وما من تضحية، وما من عطاء، وما من بذل، أغلى من التضحية والجود بالنفس .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.