9 سنوات على اغتيال الخيواني.. فارس الكلمة حيٌّ بيننا
أفق نيوز – استطلاع – محمد ناصر حتروش
يتذكر اليمنيون وزملاء الحرف بأسى إلى يومنا هذا الشهيد عبد الكريم الخيواني القامة الوطنية والمناضل الجسور.
وفي يوم الـ 18 من مارس عام 2015 ارتقى الزميل الخيواني شهيداً، بعد قضى سنوات كثيرة في الكفاح والنضال الثوري ضد نظام الخائن علي عبد الله صالح، وقوى الاستبداد في البلد، فضاق به الأعداء ذرعاً ولم يجدوا طريقة لمواجهة سوى التخلص منه واغتياله.
ويقول مدير مكتب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله هاشم الوادعي إن تسع سنوات مرت على استشهاد فارس الكلمة الصادقة ولسان حال الحرية والكرامة الشهيد عبد الكريم الخيواني، ومع ذلك لاتزال روحه الطاهرة محلقة في الأجواء، ولا تزال حاضرة معنا”.
ويضيف: “مواقف الشهيد الخيواني ترافقنا لحظة بلحظة ونحن على أعتاب العام العاشر من الصمود والمواجهة للعدوان السعودي الأمريكي وفي مواجهة عدوان أمريكي بريطاني على اليمن الصامد والمناصر لفلسطين القضية والموقف، موضحاً أن أعداء أرادوا باغتياله إسكات صوته وكسر قلمه، قبل أن يقدموا على شن العدوان، كونهم يدركون القيمة السامية التي يمثلها، والمكانة التي يحتلها، والملكات الإبداعية التي يمتلكها”.
ويؤكد الوادعي أن مواقف وأفعال الشهيد الخيواني أزعجت الخونة والعملاء وفضحت زيفهم وخداعهم وقبحهم وإجرامهم، لافتاً إلى أن مدرسة الشهيد الخيواني أنجبت الكثير من فرسان الصحافة والإعلام الذين تتلمذوا على يديه، ونهلوا من فيض إبداعه الصحفي والإعلامي.
ويشير الوادعي إلى أن الكثير من زملاء وطلاب الشهيد عقدوا العزم على مواصلة المسار الذي سار فيه، وفاءً له ولتاريخه ومواقفه الوطنية النضالية المشهودة التي ستظل مفخرة للأجيال المتعاقبة، مؤكداً أن روحيته الثورية التواقة للحرية والعدالة والمساواة جعلت من الخيواني يتصدَّر المشهد الإعلامي الثوري خلال ثورة 21سبتمبر2014م ، وهو ما جعله في صدارة قائمة الصحفيين والإعلاميين المستهدفين من قبل أعداء الحق.
ويرى أن تهديد الأعداء المستمر ة للشهيد أثناء حراكه الثوري لم تثنيه عن مواصلة عمله النضالي، وإنما استمر في عمله متسلحاً بالإيمان والثقة بالله.
أيقونة التضحية والفداء
وطيلة حياته كان الشهيد الخيواني شعلة متقدة، حيث جعل من قلمه سلاحاً لمهاجمة خصوم الوطن والشعب، شاءت المشيئة الإلهية أن يرتقي الصحفي المخضرم الأستاذ عبد الكريم الخيواني شهيداً في 18مارس 2015م قبل أيام قلائل على بدء العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا، في جريمة اغتيال غادرة على مقربة من منزله مخلداً اسمه في سفر الشهداء الخالدين العظماء الأحياء عند ربهم يرزقون.
ويمكن القول إن أكثر الناس معرفة بالشهيد الخيواني هم أقاربه ومحبوه وزملاء دربه الذين كانوا يعرفونه عن كثب، ومنه الأستاذ محمد العابد أمين عام الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان الذي يؤكد أن الشهيد الخيواني استطاع أن يكون العامل المشترك بين إيجابيات كثيرة من الفكرة والثورة والصورة المعبرة عن القيم والمبادئ والهوية الوطنية والقومية التي كانت في صدارة نضاله وجهاده الذي أمضاه بإيمان وثقة بالله سبحانه وتعالى.
ويشير إلى أن مواهب ومهارات الخيواني الإعلامية والأدبية والحقوقية جسدها عملياً ، مؤكداً أن حياة الشهيد الخيواني كانت مليئة بالمواقف المشرفة في مقاومة تدخلات الغرب واحتلاليته وعدوانية ضد أمتنا وأبرزها الإحتلال الصهيوني المدعوم غربياً لفلسطين، موضحاً أن للشهيد الخيواني العديد من الأنشطة الشبابية والنقابية والثقافية المساندة للوطن وللأمة الإسلامية والقومية العربية.
ويلفت إلى أن الشهيد الخيواني ظل طيلة حياته يدافع عن الوطن والوطنية ويناضل ويجاهد نضالاً وجهاداً بطولياً في مواجهة أي اختلالات تحيق به.
ويرى العابد أن للشهيد مواقف مشرفة في التصدي للطغيان والظلم والفساد والعمالة الداخلية والهيمنة الخارجية التي لم يسكت عن أي حالاتها، مستدلاً بنضاله الكبير في مواجهة نظام التبعية والارتهان والجنون الذي كان يصف به ذلك النظام.
ويذكر العابد أن الشهيد الخيواني كشف الكثير من عمالة النظام الحكام وارتهانه للخارج والتي من ضمنها التطبيع السري مع الصهاينة، مستشهداً ببعض من مواقفه النضالية كموقفه القوي في قضية ضحايا الجامعة وتشريح الجثث وتصديه لمرتكبي الاختلالات والمفاسد والجرائم الخطيرة وتصدره الساحة في اسقاط نظام التوريث وذلك من خلال فتح ملفات فساد كارثية عن أسرة النظام الحاكم.
ويضيف:” وللشهيد الخيواني دور بارز في كشف لوبيات الأراضي والتفريط والنهب داخلياً وخارجياً لصالح السعودية وغيرها وما تمثله في المنطقة وضمن ذلك عشرات جزر وتنازلات بلغت ثوابت وطنية وعن السيادة والاستقلال”.
ويتابع ” وأدان أقطاب وجنرالات الحكم وأبرزهم الجنرال الكاتيوشي الذي لم يسكت عنه وعن رأس النظام وبقايا رؤوس وأذيال كما كان يراها ويصفها ويعري ما ترتكبه بحق الوطن كما تطرق لموضوع دفن نفايات ومخلفات اشعاعية خطيرة وضارة بأبناء الشعب اليمن في المناطق التي قبل النظام ضمن عمالاته لأمريكا والغرب أن يقوموا بدفنها على مساحات متفاوتة أبرزها في تهامة.
ويعتبر العابد الشهيد الخيواني أيقونة التضحية والفداء ، مؤكداً أنه فاق بأعماله النضالية الكثيرة كل من عاصره من الأجيال الذين لم يبلغوا بعض ذلك الزخم الواسع والشجاعة والرشد والفاعلية والتأثير الكبير الذي حظي به طيلة حياتيه.
أديب وشاعر ومناضل
من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي ورفق درب الشهيد علي جاحز : “لازلت أشعر إلى الآن بالرغبة في الاتصال بالأستاذ عبدالكريم الخيواني والحديث معه والاستماع الى رأيه والاستئناس بكلامه، خاصة عندما يأتي حدث مهم أو انتصار وتقدم في مسيرة المشروع القرآني والثورة المباركة، وهذه حالة نفسية ملازمة لي منذ رحيله”.
ويضيف :” أعتقد أن هذا بقدر ما يكون تعبيراً عن أن العقل الباطن لايزال يحتفظ به موجوداً ويرفض التسليم بأنه قد رحل، فانه أيضا جزء من قناعة يؤمن بها الكثيرون ممن عرفوا الأستاذ الخيواني ومفادها أنه لايزال موجوداً بيننا وخالداً في تفاصيل مسيرتنا التحررية و محطاتها وجديد أحداثها المستمرة في التقدم، بثوريته وشجاعته وبرؤيته وحنكته.”
ويعتبر جاحز اغتيال الشهيد الخيواني الرصاصة الأولى في العدوان على اليمن وهذا ليس من قبيل المجاملة، أو المبالغة في التوصيف، وإنما حقيقة ثابتة بالنظر إلى أهمية دوره في نجاح الثورة من جهة ومن جهة أخرى أهمية وفاعلية الدور الذي كان منوطاً به والمهام والأنشطة والأهداف التي كان بصدد انجازها بوتيرة عالية.
ويلفت إلى أن تاريخ الخيواني النضالي ودوره الثوري وفاعلية حضوره وشخصيته ورمزيته اقليمياً ودولياً جعله محط اهتمام للعدو الأمريكي الصهيوني الذي كان يقف خلف الوصاية الخارجية الاقليمية على اليمن”، مشيراً إلى أن الخيواني سعى جاهداً لإنجاح الثورة وتقييد أي رد فعل لها بأقل التكاليف من خلال مشروع لم الشمل لصناعة واقع جديد ليمن موحد متماسك”.
ويذكر أنه في حين كاد أن يثمر تحرك الخيواني في هذا الاتجاه مع قيادات جنوبية وشمالية وبإشراف القيادة، كان يتربص به عبر أدواته التي كانت لاتزال متواجدة في الداخل، وترى أن لها ثأراً مع مبدأ الثورة ومع الخيواني بشكل خاص.
ويقول: ” اغتياله بمثابة ايقاف لمساره الفاعل والمؤثر ضمن مسارات الثورة التي لم تتوقف، ولكنها باعتقادنا تأثرت وخسرت باغتيال الخيواني مساراً ومنهجية ورؤية قد لا يحمله بنفس الروحية سواه”.
ويضيف :” تماماً كما تأثرت وخسرت البروفيسور أحمد شرف الدين والدكتور عبدالملك المتوكل والدكتور المرتضى المحطوري، ومن تلاهم بعد العدوان وأهمهم الرئيس الشهيد الصماد وغيره من القادة الشهداء، بمعنى أن اغتيال أي من قادة الثورة وعقولها يترك أثراً في مسيرتها بأي شكل، ولكنه بكل تأكيد لا يوقفها.
ويزيد “كنت حريصاً هذه المرة ونحن نحيي ذكراه في سياق ذكرى العدوان العاشرة، أن أضيء على هذا الجانب بين زخم تاريخي محوره الخيواني، وأثر فاعل وخالد تركه الخيواني، من كوني كنت في السنوات الأخيرة من حياته واحداً من ملازميه، واطلعت منه على كثير من تحركاته وأنشطته، وهي معرفة بسيطة عنه، فرجل مثل الخيواني من المؤكد أن التاريخ يؤرشفه في مساحة تليق به في ذاكرته.
الخيواني عنوان الكرامة
بدوره يعتبر الناشط الإعلامي جمال الأشول الشهيد عبدالكريم الخيواني دليل عزة وكرامة في مواجهة الظلم والفساد في النظام السابق.
ويؤكد أن الخيواني مفجر أول صرخة بوجه الخائن علي عبدالله صالح ونظامه، في وقتٍ لم يكن يجرؤ فيه أحد على أن يمسّ قدسية ذلك النظام.
ويذكر الأشول أن الشهيد الخيواني أول من تبنى مظلومية صعدة من خلال ابراز الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام في ست حروب عبثية على أبناء صعدة ما جعله يتعرض للاعتقال والتعذيب على يد الأجهزة التابعة لنظام صالح مراتٍ عدة.
ويوضح أن الخيواني أفشل مشروع التوريث الذي كان علي عبدالله صالح يعمل عليه منذ منتصف التسعينيات ليولي ابنه أحمد الرئاسة من بعده.
ويقول الأشول: “الحديث عن الشهيد المناضل طويل لايكفي لمئات المجلدات، فهو رجل كوطن، وشامخ كاليمن، رجل عظيم استثنائي، بكل ما يحمل من صفات عظيمة”.