أمريكا وإسرائيل تبتلعان الضربة الإيرانية.. الكرة في ملعب محور المقاومة
أفق نيوز – تقرير – إبراهيم الوادعي
ساعات فصلت بين هجوم أصفهان، وقصف مقر للحشد الشعبي في بابل بالعراق، سبق ذلك قصف بطارية دفاع جوي للجيش السوري جنوب سوريا.
لا يمكن أن تكون هذه العمليات بعيدة عن العدو الإسرائيلي وأساليبه التي درج عليها منذ سنوات وتعامل معها محور المقاومة، والجميع كقواعد اشتباك.
منذ ما يزيد على عقد كانت الجبهتان السورية على وجه الخصوص والعراقية تاليا- ما يقرب من 300 عملية انتحارية وبسيارة مفخخة نفذت في العراق، واجتياح داعش لاحقا- هي ميدان المواجهة بين المحور الأمريكي وفي المقدمة الكيان الإسرائيلي، وبين محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية، قبل دخول الجبهة اليمنية بقوة تصاعدية منذ 2014م مع وصول انصار الله إلى السلطة، وهو الأمر الذي وصفه قادة في حركات المقاومة الفلسطينية حماس والجهاد الإسلامي بالشيء الإيجابي لغزة وطوفان الأقصى، وقال زياد النخالة في مقابلة مؤخرا مع قناة فلسطين اليوم «من حسن حظنا وجود انصار الله في السلطة باليمن، ما مكن اليمن من تقديم دعم وإسناد قوي لطوفان الأقصى وغزة”.
بدا واضحا منذ السابع من أكتوبر انكشاف ضعف إسرائيل على العالم وعلى حلفائها الغربيين، بعكس الصورة التي ارتسمت للكيان الإسرائيلي منذ سبعة وستين، حين اجتاح الجيش الإسرائيلي في 6 أيام 3 دول مجاورة وسيطر على ارض بحجم فلسطين 3 مرات.
وتعزز هذا الضعف مساء 14 أبريل، بدت إسرائيل غير قادرة على مواجهة ايران وصد الهجوم الصاروخي إلا بمساعدة 4 دول نووية إلى جانبها ومعلومات استخبارية وفرتها دول حلف الناتو، ومع ذلك وصلت الصواريخ إلى أهدافها وضربت 3 قواعد عسكرية هامة لإسرائيل بينها قاعدة نفاتيم، يجري الحديث عن هذه القاعدة كأكثر الأماكن تحصينا على وجه الأرض، إذ تمتلك خمس طبقات من الحماية مرتبطة بالأقمار الاصطناعية، ومع ذلك وصلت 5 صواريخ إيرانية إلى القاعدة بين 7 وجهت نحو القاعدة» لقد نجح الإيرانيون في تقديم عرض مذهل للقوة بمواجهة 4 دول نووية والناتو، مضاف إليه ناتو عربي إن صح التعبير.
الحديث الإسرائيلي عن الرد على إيران كان لمجرد الاستهلاك الإعلامي، نقلت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية عن مصدر صهيوني قوله: اذا أتيح بث مباشر لمناقشات مجلس الحرب فسنرى نصف الإسرائيليين في اليوم التالي يزدحمون داخل مطار بن غوريون طلبا للمغادرة، كما أن الترويج للتنسيق الأمريكي الصهيوني مسبقا بشأن الرد، خلاصته سحب القرار من يد نتنياهو والقادة الإسرائيليين وإدارته من قبل واشنطن مباشرة، وهذا الأمر يجيء بشكل كبير فعليا منذ السابع من أكتوبر، حيث يشارك الجنرالات الأمريكان في التخطيط وإدارة عمليات القتال على غزة.
وبالعودة إلى سياق الأحداث في العراق وسوريا وإيران منذ فجر الجمعة، فلا يمكن الفصل بينها لجهة انضوائها في ميدان محور المقاومة كأطراف مستهدفة، ولجهة واحدية الفاعل وهي الكيان الإسرائيلي، تسبب وزير الأمن الداخلي بن غفير في إحراج كبير لخطة وهدف الرد الإسرائيلي على إيران حين وصفع بالمسخرة أو السخيف.
وهي تحمل في طياتها رسالة واضحة، بقبول أمريكي على وجه الخصوص بالضربة الإيرانية لرأس الحربة الغربية في الشرق الأوسط، وهو مالم يكن تخيله قبل سنوات أو قبل السابع من أكتوبر إسرائيل ورغبة إسرائيلية أمريكية بالعودة إلى قواعد الاشتباك السابقة وقوانين اللعبة ما قبل الضربة الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق.
بالنسبة لإيران، فهجوم أصفهان الضعيف رسالة أمريكية إسرائيلية لدفعها للقبول بالعودة إلى قواعد الاشتباك السابقة، وهي إقرار ضمني بقبول الوضع عن دعمها للمحور فاستهداف قنصليتها جاء على خلفية الدعم لحركات المقاومة، ولما لم ينجح الأمر صار الإسرائيلي والأمريكي قابلا به ويتمناه، فلن يكون ممكنا حشد كل تلك الجهود الدولية لمواجهة أي رد إيراني أخر خصوصا إذا بوغتت إسرائيل به.
خلال المواجهة الإسرائيلية مع حزب الله على الأراضي السورية كان يجري الرد على أي هجوم صهيوني في الأراضي السورية داخل الأراضي السورية، وردا على اغتيال عدد من المجاهدين وضع حزب الله قاعدة للرد على الاغتيال حتى من الأراضي اللبنانية باتجاه فلسطين المحتلة، واليوم نرى حزب الله فتح الحدود اللبنانية الفلسطينية على مصراعيها للمواجهة، وذلك سؤال آخر حول أي قواعد اشتباك ستجري في اليوم التالي لانتهاء الحرب.
الكرة الآن في ملعب محور المقاومة لنرى ما إذا كان سيرفض العرض الإسرائيلي، وسيضع قواعد اشتباك جديدة، أو القبول بقواعد الاشتباك القديمة مع وضع تعديلات عليها، تقيد حركة الإسرائيلي خصوصا في الميدان السوري، كما فعل حزب الله ما بعد حرب تموز 2006م.
ثمة أمر مهم تجدر الإشارة إليه فيما يتصل بالتحول الإيراني الأخير إلى المواجهة المباشرة مع العدو الإسرائيلي والاقتراب بشجاعة من حافة الحرب مع الأمريكي وضعف الرد الإسرائيلي وصلا إلى تمني عودة ما كان سابقا بحثا عن بعض الأمان الوجودي لإسرائيل، وهو الأداء اليمني في البحرين الأحمر والعربي وقصف جنوب الكيان، وأداء القيادة اليمنية وشجاعتها خلال سنوات مواجهة العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، جميع ذلك كسر عمليا الكثير من الخطوط الحمراء وقواعد اللعبة السارية في المنطقة بين محور المقاومة وبين المحور الأمريكي الإسرائيلي، وحتى خطوط دولية مرسومه بين القوى الكبرى في الممرات المائية ومناطق الطاقة والثروة، لصالح اليمن وفلسطين والمحور.
ويمكن القول: منذ عملية طوفان الأقصى سرعت صنعاء انطلاقا من دافع إيماني بالدرجة الأولى وإنقاذا لغزة من كسر تلك الخطوط وبشكل مفضوح ومحرج للولايات المتحدة الأمريكية دوليا، لذا رأينا العالم الغربي يتحالف وينشئ أكثر من تحالف غربي لمواجهة اليمن. هذا الفعل اليمني بطريقة أو بأخرى شجع دولاً نووية وإقليمية على تحدى الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل أكثر وضوحا وفاعلية، يمكن اعتبار المساجلة السياسية داخل مجلس الأمن ميدانا مصغراً للوضع الذي تردت إليه الولايات المتحدة نتيجة وضعها في البحرين الأحمر والعربي، قبل الحديث عن أي جانب إنساني يتصل بالمجزرة والإبادة الجماعية الجارية في غزة، لم نر ذلك في بداية طوفان الأقصى.