أفق نيوز
الخبر بلا حدود

البصيرة بين الأعمى والبصير

437

أفق نيوز | أنه إذا كان هناك شيء الله يوبخ الناس عليه، أو يعتبره خصلة سيئة في وعيهم، هو من عمل الكثير داخل كتابه على أن يكون عباده المؤمنين بعيدين عن أن يقعوا في مثله، أي هو من أعطاهم وعياً وبصيرة؛ حتى لا يحصل لديهم ما حصل لدى الآخرين، حتى لا يكونوا كأولئك الذين يتحسرون بعد فوات الأوان.

 

قلنا خلال درس من الدروس: نحن طائفة لديها عقائد، والبعض منا كطلاب علم يعرف الأشياء عبارة عن عقائد مكتوبة في كتاب قرأها هو من كتب أهل البيت ومسلِّم معهم، وماشي معهم، ومصدق معهم، وقد لا يكون وصل في إيمانه بتلك العقيدة إلى درجة عالية، فتراه إذا ما تعرض لشبهة من جانب آخرين يهتز بل قد يتحول.. ألم نشاهد كهذا؟ ألم نشاهد أن هناك الكثير من الزيدية منهم من تحول إلى وهابي، ومنهم من تحول إلى علماني متنكر لدينه، ومنهم من تحول إلى اثنا عشري، أو إلى أي مذهب آخر. ما الذي ينقصه؟. ينقصه أنه لم يعمل على أن يبصر ما حوله من الشواهد.

 

وقلنا: إن هذه الشواهد هذه الأحداث في هذه الدنيا هي تعطيك بصيرة تعرف من خلالها صحة عقائدك، تعرف من خلالها أن تلك العقيدة التي قرأتها واعتقدتها أنها حق لا شك فيه، تلمس الشواهد عليها قائمة، وكثيرة جداً، شواهد كثيرة جداً، جداً، لكن من يتأمل، ولمن يستطيع أن يعرف كيف يربط هذا الحدث بهذا الشيء، كيف يعرف العبر في الأحداث، فهي أي هذه الأحداث تأملاتك لها تفيدك حتى في الجانب الإعتقادي فتزيدك بصيرة فيما أنت عليه أنه حق.

 

وهذه قضية مهمة جداً؛ لأنني قد أقرأ في كتاب فأرى عقيدة معينة، وقد يكون الكتاب مختصراً فلم يشرح لي الكثير من الشواهد على صحتها فيصادف أن أجلس في مجلس وفيه شخص من فئة أخرى لكنه ممن يحرص على أن يغير عقيدتي فيتحدث، وعادة عندما يتحدث أي شخص معك من الطوائف الأخرى هو من يحاول أن ينمق كلامه,

 

 

 

وأن يقدم لك أشياء بشكل أدلة هي ما يسمى بالشبهة؛ لأنه عادة لا يرقى شيء إلى درجة أن يسمى دليل في مواجهة الحق أبداً.

 

الحق هو الذي يمتلك الدليل وحده على أنه حق، وليس باستطاعة الباطل أن يقدم لنفسه دليلاً يرقى إلى درجة الحق أبداً؛ فلهذا تسمى شبهة.. لماذا تسمى شبهة؟ قالوا: لأنها تجعل القضية شبيهة بالحق، فيصبح ما قاله لك ذلك الشخص الوهابي مثلاً وهو ينمق لك الكلام ويسرد عليك الأدلة: أخرجه فلان ورواه فلان، وكانت هذه عقيدة السلف، فلان وفلان والأكثرية من الأمة عليه. وهكذا.. عبارات من هذه، هي شبهة كلها ليست أدلة.

 

والشبهة هي أيضاً جانب من الباطل هي نفسها لا تستطيع أن تقف في مواجهة الحق، هي بطبيعتها تزهق إذا ما جاء الحق تزهق، لكنها ستصبح لدى الشخص الذي لا يمتلك بصيرة، ولا يتأمل في كل ما حوله لا يقرأ كتاب هذا الكون، لا يقرأ كتاب هذا العالم، لا يقرأ صفحاته، لا يقرأ سطوره، التي هي الأحداث والمتغيرات فيه تصبح تلك الشبهة لديه دليلاً أقوى من دليل الحق.

 

أليس هذا هو من الجهل؟ أن تصير في واقعك من حيث لا تشعر، تنظر إلى الباطل الذي هو في واقعه باطل فيصبح لديك هو الحق بعينه، والحق الحقيقي الذي كان لديك يصبح هو الباطل.. أليس هذا هو الجهل؟.

 

هل أن في الدنيا ما يمكن أن يجعل الباطل في واقعه يصبح حقاً؟. لا. لا يمكن؛ لأن الحق هو من الله، وما كان من الله لا يمكن لأي طرف آخر أن يحصل منه ما يحوله إلى باطل، أو ما يجعل ما لدى ذلك الطرف يقدم نفسه هو الحق الذي لا شك فيه، وما كان من عند الله يبدو محل ارتياب, أو يبدو باطلاً كما أسلفنا. لا يمكن هذا أبداً. إنما أنا بجهلي الذي أرى الحق باطلاً، ويصبح الباطل لدي حقاً؛ لأنها تشتبه علي الأمور، وجاء من شبه عليَّ، جاء من لبس عليَّ.

 

وفي نفس الوقت هل أن الحق الذي جاء من الله سبحانه وتعالى جاء هكذا، قدم ليس له شواهد؟ له الشواهد الكثيرة، الشواهد التي لا تكون فقط في عصر واحد ولا في يوم واحد، شواهد كثيرة جداً، جداً تمشي مع الأمة جيلاً بعد جيل؛ لأن الله رحيم؛ لأن الله رحيم بعباده، فهو لن يقدم الحق من عنده بإيجاز وبعبارات مختصرة، ثم لا تكون هناك الشواهد الكثيرة عليه، فيكون مما أدى إلى أن ينطلي عليك الباطل هو أن هذا الحق الذي قدم من عند الله ليس هناك شواهد كثيرة تصل بي إلى درجة أن لا أتأثر بالباطل!. لكن أنا عندما لا أبصر تلك الشواهد يصبح الحق الذي جاء من عند الله هكذا حق مجرد لا يمتلك أي شواهد، فيتحول بين عشية وضحاها إلى باطل.

 

ولهذا روي عن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو يتحدث عن الفتن، والفتن عادة هي أحداث تلتبس فيها الأمور، يلتبس فيها الحق بالباطل, لا أن الحق في واقعه اخترق جسمه الباطل فالتبس به، لا، إنما نحن في قصور وعينا قدم الباطل لنا بشكل حق فقبلناه من أي طرف، هكذا يأتي في الفتن، فما الذي سيحصل قال فيه: ((يمسي المرء مؤمنا ويصبح كافراً, أو يصبح مؤمناً ويمسي كافراً)) أليس الكفر باطلاً، والإيمان هو الحق.

 

عندما تكون في الصبح مؤمناً ثم تصبح في المساء كافراً، أي أنك تنكرت في واقعك لذلك الإيمان الذي كنت عليه في الصباح فأصبح ما كان إيماناً لديك وهو الحق أصبح ماذا؟ أصبح من وجهة نظرك باطلاً، فحل محله في نفسك الكفر، يمسي المرء مؤمناَ ويصبح كافراً، أو يصبح مؤمناً ويمسي كافراً!.

 

أليس هذا تغير سريع؟ تغير سريع، ما الذي هيأ الإنسان إلى أن يتغير هذا التغير السريع في خلال ساعات؟ هو لأنه لم يشاهد ما لديه ويبصر ما لديه؛ لأن الله كما أسلفنا إذا ما قدم حقـاً للناس فإنه كما قال عنه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}(فصلت: من الآية53) تأتي الشواهد الكثيرة؛ تأتي الشواهد الكثيرة، وإذا ما أبصرت الحق وأنت ممن يتأمل فيبصر الشواهد على الحق فإنك من لا يستطيع أحد أن يغيرك ولا على مدى ألف سنة فضلاً عن أن تتغير خلال أربعة وعشرين ساعة، أو خلال اثني عشر ساعة.

 

 

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم

 

ملزمة ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى

 

‏ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي

 

بتاريخ:10/2/2002م|

 

اليمن – صعدة

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com