نص كلمة قائد الثورة حول آخر تطورات العدوان الصهيوني على غزة والمستجدات الإقليمية
أفق نيوز | نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، حول آخر تطورات العدوان الصهيوني على غزة والمستجدات الإقليمية 22 ذو القعدة 1445هـ 30 مايو 2024م:
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام: الآية55]، صَدَقَ اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيم.
لمائتين وسبعةٍ وثلاثين يوماً، والعدو الإسرائيلي يواصل عدوانه الهمجي، الوحشي، الإجرامي، على الشعب الفلسطيني في غزة، بمرأى ومسمعٍ من دول العالم، وفي المقدمة المسلمين من عربٍ وغيرهم، يمارس في عدوانه أبشع الجرائم، والإبادة الجماعية، حيث بلغت المجازر: بأكثر من (ثلاثة آلاف ومائتين وسبعين مجزرة)، منها في هذا الأسبوع: خمسةٍ وأربعين مجزرة، استشهد وجرح نتيجتها: ما يقارب (الألفي شهيدٍ وجريح)، معظمهم من الأطفال والنساء، وبلغ العدد الإجمالي للشهداء والمفقودين والجرحى والأسراء: حوالي (مائة واثنين وأربعين ألفاً ومائتين فلسطيني) في قطاع غزة معظمهم وفي الضفة الغربية، وقد شهد العالم بأسره الجريمة الفظيعة، البشعة، الشنيعة، المتعمدة، المشهودة، التي استهدف بها العدو الإسرائيلي النازحين المدنيين، في منطقةٍ كان قد أعلنها سابقاً منطقةً آمنة، وعندما اتجه إليها النازحون واستقروا في خيام قماشية بسيطة، ومن دون حتى توفر الخدمات الضرورية، استهدفهم ليل الأحد وهم نيام، بسبع قنابل أمريكية تزن الواحدة منها ما يقارب الطن، أطلق تلك القنابل وألقاها على النازحين في تلك الخيام التي هي من القماش، وكان معظم الضحايا هم الأطفال والنساء، الذين تمزقت أجسادهم إلى أشلاء، وتفحمت أجساد الكثيرين منهم بنيران تلك القنابل، وانتشرت مشاهد مأساوية لبعض الأطفال، الذين فُصِلت رؤوسهم عن أجسادهم، ومُزِّقت أجسادهم من تلك القنابل.
تلك الجريمة الشنيعة، البشعة، الفظيعة، السيئة، مع سابقاتها من الجرائم، في كل هذه الثمانية الأشهر من التصعيد والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما سبق ذلك في مراحل سابقة من التصعيد والعدوان على الشعب الفلسطيني، في كل مراحل التصعيد منذ بداية الاحتلال الصهيوني، والمسلسل الدموي الوحشي للعصابات الصهيونية وإلى اليوم، تلك الجرائم التي مارسها العدو الصهيوني بدعمٍ من الأمريكي ومن البريطاني قبله، هي بكلها مما يكشف ويبيِّن سبيل المجرمين، هكذا هم في نفسياتهم، في وحشيتهم، في عدوانيتهم، في رؤاهم التي تشكل تهديداً للمجتمع البشري، في ممارساتهم، وأعمالهم، وتصرفاتهم، وسياساتهم، وتوجهاتهم، التي هي شرٌ على المجتمع البشري، وتشكِّل تهديداً للناس، وبالرغم مما عمله ويعمله البعض من الأنظمة العربية الموالية لأمريكا وإسرائيل، ما يبذلونه من جهد لتغييب الحقائق؛ لأن هذه الجرائم ليست جديدة، العدو الإسرائيلي ومنذ يومه الأول وهو يمارس الإجرام والإبادة، ومختلف أنواع العدوان ضد الشعب الفلسطيني، أنواع الجرائم البشعة والسيئة والفظيعة، لكن البعض من الأنظمة العربية عملت وتعمل بشكلٍ مستمر على تغييب الحقائق هذه، وتزييف صورة أخرى عن العدو الإسرائيلي؛ بينما ما يعمله ويمارسه على مرأى ومشهد من العالم، وتبثه القنوات الفضائية، هو يُقدِّم الصورة الحقيقية له باعتباره كياناً إجرامياً، عدواً للإنسانية، عدواً للإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة، ما عملته تلك الأنظمة من تغييب تلك الحقائق، ومن تقديم الصورة مختلفة زائفة، على مستوى المناهج الدراسية، وفي الوسائل الإعلامية، وفي غيرها، هو فاشل، يسقط أمام هذه الحقائق الصارخة، التي ملأت سمع وبصر أهل الدنيا بكلها،
الممارسات التي يعملها العدو الإسرائيلي هي جزءٌ لا يتجزأ من هوية، وتفكير، ومعتقد العدو، ليست منفصلة، هكذا هم، هكذا هم في نفسياتهم، في تفكيرهم، في رؤاهم، في سياساتهم، في توجهاتهم، هم مجرمون بكل ما تعنيه الكلمة؛ ولذلك ما يعملونه هو يفضحهم بشكلٍ مستمر، ويفضح من يريد أن يغطِّي على حقيقتهم، وعلى وجههم الإجرامي القبيح، وكل ذلك يقدِّم الشواهد الواضحة لما سبق وأن بيَّنه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم عنهم، عن كفرهم، عن قسوة قلوبهم؛ لأنهم امتداد للخط المنحرف، الذي كان فيه أسلافهم يقتلون أنبياء الله، ويرتكبون أبشع الجرائم، والعدوان، والظلم، والفساد، عن كفرهم، وعن قسوة قلوبهم، وعن عدوانيتهم، وإجرامهم، وسوئهم، وظلمهم، وخطورتهم، وخطورة موالاتهم، وعن ضرورة التصدي لهم، وعن أهمية كل ما يمكن أن يقي البشر من شرهم؛ لأن الله يقدِّم “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” التعليمات التي تحتاج إليها المجتمعات البشرية، وفيها وقايةٌ لها من شرهم، ومن خطرهم.
العدو الإسرائيلي بارتكابه لهذه الجرائم، وبشكلٍ مستمر، يحاول أن يروِّض شعوب العالم على تقبُّل جرائمه، وعلى تقبُّله مع ما هو عليه من الإجرام، والوحشية، والعدوانية، ويحاول أن يدفعها لتتغاضى عن ذلك، فلا يبقى لا هنا ولا هناك في أي قارة من القارات السبع، صوتٌ يعترض، أو يندد، أو يقف ضد الجرائم الإسرائيلية، وذلك أمرٌ خطير، فالإسرائيلي بذلك هو يسعى لأن يفرِّغ البشر من إنسانيتهم، لو وصل المجتمع البشري إلى ذلك المستوى من التجاهل والتغاضي لما يفعله العدو الإسرائيلي من إجرام بشع، من مثل تلك الجريمة الوحشية الفظيعة على النازحين في خيم نزوحهم، لو وصل المجتمع البشري إلى ذلك؛ لكان قد صادر إنسانيته بالكامل، يتحول إلى مجتمعات متوحشة، فقدت ميزتها الإنسانية، وقيمتها الإنسانية.
ولذلك يجب أن يكون هناك حذر لدى المجتمع البشري، وحذر لدى المسلمين في المقدِّمة، ألا يخسروا إنسانيتهم، وقيمتهم، وميزتهم الإنسانية، وضميرهم الإنساني؛ لأن النظرة الإسرائيلية إلى بقية المجتمعات البشرية هي نظرة احتقار، ونظرة دونية، تحتقر بقية المجتمعات البشرية، ونظرة كراهية، يسمونهم بـ [الأغيار]، ولا يعترفون لهم بأنهم في مصاف المجتمع البشري، يعتبرون البقية مجرد حيوانات بشكل بشر، وهم يريدونها أن تكون كذلك؛ بينما من هو في الواقع أسوأ همجيةً وشراسةً ووحشيةً من الحيوانات، هو العدو الإسرائيلي في إجرامه ووحشيته الواضحة جداً ضد الشعب الفلسطيني، وضد غيره.
[بن غفير] المجرم الصهيوني هو عبَّر بذلك التعبير في تعليقه على قرار المحكمة، التي تسمى بمحكمة العدل الدولية، ويعتبر الآخرين [أغيار]، يعبِّر عنهم بانتقاص، بكراهية، بدونية… وهكذا.
الأمريكي هو شريكٌ أساسيٌ للعدو الإسرائيلي في كل جريمة، وشريكٌ له في تلك الجريمة بنفسها، الجريمة التي اعترف فيها المسؤولون الأمريكيون اعترفوا بوحشيتها، وأنها مروِّعة، وفي نفس الوقت برروها، يحاولون أن يبرروها، ويحاولون أن ينقِّصوا من شأنها، ومن مستوى فداحتها، وبشاعتها، ووحشيتها، ويؤكِّدون أنَّ موقفهم ثابت لا يتزحزح في الدعم المفتوح للعدو الإسرائيلي، وفعلاً، كل تلك الجرائم هي ارتكبت بالقنابل الأمريكية، بالغطاء الأمريكي، الذي يمنع أي قرار مُلزِم بوقف العدوان على قطاع غزة حتى في مجلس الأمن، ويصر على التنكر لكل الأصوات الدولية في المجتمعات كلها، التي تنادي بوقف الظلم والعدوان على قطاع غزة، الأمريكي يعترف بفظاعة تلك الجرائم، ويصر على مواصلة الدعم الإسرائيلي؛ ليرتكب المزيد، هذه السياسة الأمريكية.
أمَّا على مستوى البيانات والإدانات التي تصدر عند كل جريمة فظيعة جداً، وكبيرة للغاية، فلم تعد تجدي شيئاً، مثلاً: صدرت بيانات من أوروبا، منها: من جانب الألمان، الذين يصنَّفون بأنهم الداعم الثاني على مستوى تقديم الدعم العسكري، وتقديم القذائف، والأسلحة، والذخائر، التي يُقتَل بها الأطفال في غزة، يُقتَل بها أطفال الشعب الفلسطيني، هم كذلك اعترفوا بأن ما يحدث جرائم رهيبة، وغيرهم، وردت أيضاً في بعض البيانات، وبعض المواقف الاعتراف بأن ما يجري هو جريمة إبادة جماعية، ولكن لم تعد تجدي البيانات والإدانات، لابدَّ من اتخاذ مواقف عملية.
أمَّا في الوسط العربي، فكثيرٌ من البلدان العربية حتى على مستوى البيانات والإدانات، فالبعض لا يصدر أصلاً أي بيان ولا إدانة، والبعض إذا أطلق موقفاً، حتى على مستوى التعبير، على مستوى الكلمات، يتحاشى من أن يطلق عبارات قوية، أو عبارات منددة، تُجرِّم الفعل الإسرائيلي، والعدوان الإسرائيلي، يحاول أن يقدِّم عبارات مهذبة تجاه العدو الإسرائيلي، من أجل أمريكا، وهذا شيء مؤسف جداً، مؤسف للغاية!
الخطوات التي تقوم بها بعض الدول الأوروبية كقطع العلاقات، أو بعض الدول غير الأوروبية، الأوروبية لم تصل إلى هذا المستوى، الدول الأوروبية البعض منها اعترف بالدولة الفلسطينية اعترافاً منقوصاً، كما شرحنا في كلمات سابقة، ولكن تعتبر خطوةً إلى الأمام، أيضاً هناك دول أخرى في أمريكا اللاتينية، مثل ما هي البرازيل، التي اتخذت خطوة أقوى من موقف بعض الدول الإسلامية، وبعض الدول العربية، في قطعها لعلاقتها مع العدو الإسرائيلي، من المؤسف جداً أنَّ البعض من الدول العربية مستمرة في علاقتها مع العدو الإسرائيلي!
اعتراف أسبانيا بالدولة الفلسطينية يأتي في السياق الذي اتَّجهت فيه بعض الدول الأوروبية في هذا الاتجاه، كذلك المواصلة للتظاهرات الطلابية في أمريكا وأوروبا، هذه خطوات جيدة، ونأمل- إن شاء الله- أن تستمر، وأن تتصاعد، وأن تتوسع، وأن تسهم مظلومية الشعب الفلسطيني ومأساته الكبيرة جداً في إحياء الضمير الإنساني في المجتمعات الغربية، التي سعى اللوبي الصهيوني إلى أن ينهيها، هو سعى في كل المراحل الماضية أن ينهي القيمة الإنسانية، والضمير الإنساني من أوساط المجتمعات الغربية؛ ليسيطر عليها، ويهيئها لما يشاء ويريد.
المظاهرات الشعبية في عدد من البلدان في أوروبا وبلدان أخرى وهي كذلك شيءٌ أهم، نأمل- إن شاء الله- أن تستمر، وأن تتوسع، وأن تسهم أيضاً في الضغط على تلك الأنظمة والدول في اتجاه الموقف الداعم للقضية الفلسطينية، والمظلومية الفلسطينية، لكن مع ذلك يبقى اللوم، ووزر التفريط، وذنب التخاذل أكثر على المتخاذلين من العرب قبل غيرهم، ثم بقية المسلمين.
ما حصل مؤخراً من جانب العدو الإسرائيلي في انتهاكه للاتفاقية بينه وبين مصر، وبين النظام المصري، عندما قام باحتلال ما يسمى بمحور فيلاديلفيا، ثم احتلال معبر رفح، واتجاه لاجتياح رفح، ثم الاعتداءات على الجنود المصريين في الحدود المصرية مع قطاع غزة، مع فلسطين، انتهاك خطير جداً، وتهديدٌ بكل ما تعنيه الكلمة للأمن القومي لمصر، كنا ولا نزال نأمل أن يكون هناك موقفٌ مصريٌ، أولاً من أجل مصر بنفسها، ثم أيضاً مساند للشعب الفلسطيني بالمستوى الذي ينبغي، بعد الاعتداء الأخير من قبل العدو الإسرائيلي على الجنود المصريين، وقتله لجنود مصريين، المفترض أن يكون هناك توجه لمواقف أكبر، وأقوى، وأوضح، تجاه هذه الانتهاكات الإسرائيلية، والتهديد الإسرائيلي لجمهورية مصر العربية.
ثم أيضاً أن يكون في هذا السياق خطوات عملية، منها: قطع العلاقات مع العدو الإسرائيلي، والمقاطعة الاقتصادية، لا يزال العدو الإسرائيلي يستفيد بشكلٍ كبير من العلاقات الاقتصادية مع مصر، ولا تزال السفن المصرية التي تذهب بالبضائع إلى العدو الإسرائيلي، متقدِّمة على كثيرٍ من البلدان، ومثل هذا لا ينبغي بعد كل الذي حصل على الشعب الفلسطيني، وصولاً إلى ما يحدث من تحدٍ إسرائيليٍ لمصر، ومن قتلٍ للجنود المصريين، واعتداءٍ على الجيش المصري، وتحدٍ لمصر على المستوى الرسمي والشعبي، يفترض أن يكون هناك خطوات جريئة وقوية، ولو بهذا المستوى: قطع العلاقات الاقتصادية، هذا ما نأمله.
وإذا اتجهت مصر هذا الاتجاه، ستحظى بمساندة الشعوب، وتأييد الشعوب، نحن أكدنا في كلمات سابقة، وكذلك في بيانات المظاهرات كان هناك تأكيد على أنَّ بلدنا سيقف مع الجمهورية جمهورية مصر العربية في وقفتها إذا وقفت واتجهت لوقفة جادة وصادقة تجاه ما يتهددها من جانب العدو الإسرائيلي، ونصرةً أيضاً للشعب الفلسطيني، الذي يعاني بشدة، هذا على مستوى الحد الأدنى مما هو مفترضٌ بالإخوة في جمهورية مصر العربية.
ما يحدث في قطاع غزة، وصولاً إلى رفح، بالرغم من البيانات، والتنديدات، والمواقف، والقرارات، البيانات والمواقف التي صدرت من الأمم المتحدة، قرارات ومواقف من مختلف المؤسسات الدولية، من ضمنها أيضاً: قرار ما يسمى بمحكمة العدل الدولية، والتي اقتصرت في قرارها على وقف الاعتداء على رفح، مع أنَّ المفترض ومقتضى العدل- لو كان هناك عدل بما تعنيه الكلمة- هو وقف العدوان بالكامل على قطاع غزة، العدل يقتضي أن تعود فلسطين بكلها للشعب الفلسطيني، هذا هو العدل، هذا هو الحق، ولكن بالرغم من كل ذلك، لا يجد الإنسان أي تأثير لحماية الشعب الفلسطيني في تلك البيانات، والقرارات، والمواقف، الذي يقابلها من العدو الإسرائيلي، ومن الأمريكي بنفسه، هو السخرية، هو الاستهتار والاستهزاء، هو التهديد أيضاً والوعيد، يعني: بلغ الحال بالعدو الإسرائيلي أنَّ ضباطاً من مخابراته، وجَّهوا تهديدات مباشرة حتى لأشخاص محددين في تلك المحاكم، في محكمة ما يسمى بالعدل، وفي محكمة الجنايات، أيضاً الاختراق والتجسس على المنتسبين لتلك المحاكم، وفي نفس الوقت لإمكاناتها، الاختراق لمعلوماتها، والاستهزاء، والاستهتار، والوعيد، والإساءة، والتهديد، هذا ما قُوبلت به تلك المواقف والقرارات.
أيضاً المنظمات الأخرى، يعني في عالمنا الإسلامي: أين هو دور منظمة التعاون الإسلامي؟! أين هو دور الجامعة العربية؟! هل أيٌّ من هذا شكَّل حماية للشعب الفلسطيني؟! وهل شيءٌ من ذلك كله على المستوى الدولي، وعلى مستوى العالم الإسلامي، وعلى مستوى الدول العربية، يمكن أن يشكِّل حمايةً لأي شعبٍ آخر غير الشعب الفلسطيني، إذا تعرض لما تعرض له الشعب الفلسطيني؟! بالتأكيد لا، ليس هناك شيء يشكِّل حمايةً من ذلك.
إذاً هذا هو درسٌ مهم؛ لأن العدو الإسرائيلي هو مجرم، عدوٌ للأمة بكلها، وهو بهذا المستوى الذي يشاهده العالم عليه، في إجرامه، في عدوانيته، ومعه الأمريكي، بما هو عليه، وبما يشاهده العالم عليه، من إجرام، من دعم لكل أنواع الجرائم، القنابل الأمريكية تُقدَّم لقتل المدنيين، تُقدَّم لإحراق الأطفال والنساء، وتمزيق أجسادهم إلى أشلاء، تُقدَّم لتدمير المدن، لتدمير كل المنشآت الإنسانية، المنشآت الصحية، المنشآت الخدمية… وغيرها، تلك هي أمريكا، وتلك هي إسرائيل، هم أعداء يشكِّلون خطراً على المجتمعات البشرية؛ ولذلك فإنَّ من الدروس المهمة التي يمكن أن تستفيد منها شعوب العالم، وفي المقدِّمة شعوب بلداننا العربية والإسلامية، هو: ما ينبغي أن نسعى له بحيث نصل إلى مستوى مواجهة مثل تلك التحديات والأخطار، وأيضاً أن نستشعر مسؤوليتنا لدعم الشعب الفلسطيني، الذي هو في الخندق الأول، والمعركة التي يواجهها الشعب الفلسطيني هي معركةٌ لكل الأمة.
لو أنَّ الإسرائيل كان قد تخلص من قبل فترة من الشعب الفلسطيني؛ لكان العدوان بهذا المستوى على دول عربية أخرى، ولكان ما يحدث اليوم على الشعب الفلسطيني، يحدث على شعوب عربية أخرى؛ ولذلك هناك مسؤولية دينية، وإنسانية، وأخلاقية، وقومية… بكل الاعتبارات، على العرب في المقدمة، على المسلمين جميعاً، ثم على المجتمع البشري بشكلٍ عام للوقوف مع الشعب الفلسطيني.
والذي يتحرَّك اليوم لمواجهة العدو الإسرائيلي بما هو عليه من إجرام، وطغيان، وعدوان، وإبادة جماعية، وبدعمٍ مفتوحٍ من أمريكا والدول الغربية، في المقدِّمة: من يقف ويتحرك ضد ذلك الإجرام في مواقف عملية صحيحة، مواقف عظيمة، مواقف مشرِّفة، هم الإخوة المجاهدون الفلسطينيون في قطاع غزة، وأيضاً في الضفة.
المجاهدون الفلسطينيون في قطاع غزة من مختلف الفصائل، وفي المقدِّمة: كتائب القسام، وسرايا القدس… وبقية الفصائل، التي تصدى للعدو، هم في ثباتهم، واستبسالهم، وصمودهم، هم على مستوى عظيم، يخوضون معركة الأمة بكلها، معركة الإنسانية في مواجهة الإجرام والتوحش والطغيان، وصبرهم، وثباتهم، واستبسالهم، وصمودهم، هو تجسيدٌ للقيم الإنسانية والإيمانية، وهم يخوضون ملحمةً بطوليةً عظيمةً خالدة، وسيحقق الله بها النتائج المهمة لصالح الشعب الفلسطيني في المقدِّمة، ولصالح الأمة بكلها، ولصالح المجتمع البشري بأجمعه.
وعدد العمليات، وعدد الآليات العسكرية المستهدفة على العدو الإسرائيلي، وعدد القتلى والجرحى من جنود العدو الإسرائيلي، وعدد الكمائن والأسر لجنود صهاينة في عمليات جديدة، والقصف من جديد حتى بالصواريخ إلى تل أبيب، كل ذلك بقدر ما عبَّر عن الصمود، والثبات، والفاعلية، هو شاهدٌ على فشل العدو المجرم، وخيبة أمله، مهما كان إجرامه، مهما كانت وحشيته، هو بتلك الوحشية والإجرام لاستهداف الأطفال والنساء، ولكنه في ميدان المواجهة، بالرغم من الإمكانات المادية المتواضعة والبسيطة التي بأيدي الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، ولكن يظهر كم أنَّ ذلك العدو جبان، وفاشل، وخائب، وخاسر، وأنه لن يحقق آماله من عدوانه على قطاع غزة بإذن الله تعالى.
العدو في فشله يعترف بأن (إحدى وعشرين كتيبة) من أصل (ثلاثة وعشرين) من كتائب حماس، لا تزال تعمل بكفاءة متوسطة إلى عالية؛ بينما كان نتنياهو يتفاخر بأنه قد قضى على معظم كتائب القسام، ولم يبق إلَّا أربع كتائب، يعترفون في اجتماعاتهم بهذا الاعتراف: أنه لا يزال هناك هذا العدد الكبير من الكتائب، بل قد تكون الحقيقة أكبر من ذلك، في انطلاقة الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني للجهاد في سبيل الله تعالى، في صفوف مختلف الفصائل الفلسطينية المجاهدة.
صبر الشعب الفلسطيني أيضاً الذي لا مثيل له تجاه تلك الوحشية الأمريكية والإسرائيلية، مع التجويع والحصار الشديد، الذي يتزايد ويستمر، ومع معاناة النزوح، هناك معاناة كبيرة؛ لأنهم ينزحون من مناطق إلى أخرى، بدون أن يكون هناك أي مقومات، أي خدمات متوفرة، فتعظم المعاناة، وتستمر من هنا إلى هناك، وهم يتنقلون، إضافة إلى الاستهداف المستمر بالقتل، والغارات… ومختلف وسائل القتل، وأساليب القتل التي يمارسها العدو الإسرائيلي.
في الضفة الغربية- كذلك- هناك معاناة مستمرة ويومية، جرائم قتل يمارسها العدو الإسرائيلي، جرائم اختطاف، جرائم نهب للمنازل، واقتحام لها، وعبث، واعتداءات متنوعة، وهناك أيضاً صبر، وصمود، واستبسال، وثبات.
أمام كل هذا، كان من واجب الدول العربية أن يكون لها أي مواقف، خاصةً مع الاستمرار في التصعيد من جانب العدو الإسرائيلي، والوقاحة والدناءة في جرائمه التي يرتكبها، مثل: جريمة الاستهداف للنازحين في خيم نزوحهم.
هناك دول عربية سبق وأن صنفت المجاهدين في فلسطين في قوائم الإرهاب، لماذا لا تصنِّف العدو الإسرائيلي في قوائم الإرهاب بعد كل الذي قد عمل من الجرائم، ومن مثل تلك الجريمة، أليست في مستوى أن يصنف في قوائم الإرهاب؟! الشعب الفلسطيني ماذا عمل ليصنف في قوائم الإرهاب؟! الإخوة المجاهدون في فلسطين ماذا عملوا ليصفنوا في قوائم الإرهاب السعودية، وفي قوائم الإرهاب لدول عربية أخرى؟! ماذا فعلوا؟ هل فعلوا شيئاً بدولة عربية هنا أو هناك، أو لأنهم يجاهدون وأصحاب قضية عادلة، يعترف كل العالم بأنها قضية عادلة، حتى من يحاول أن يخادع، حتى الذين يدعمون العدو الإسرائيلي، يعترفون أنَّ هناك شعباً اسمه الشعب الفلسطيني، له حقوق مشروعة، فلماذا لا يكون هناك تصنيف للعدو الإسرائيلي بأنه إرهابي، وهو الإرهابي المجرم حقاً؟! لماذا على المستوى الاقتصادي، على بقية المستويات ليس هناك أي خطوات، على مستوى الدعم للشعب الفلسطيني، ولمجاهديه، الدعم في الجانب الإنساني، والدعم للمجاهدين، الدعم المادي، الدعم السياسي، الدعم الإعلامي، كلما استمر العدو الإسرائيلي وصعَّد من جرائمه؛ لا يقابل ذلك بخطوات جادة من بعض الأنظمة العربية، هذه فضيحة، وخزي، وعار.
أمَّا فيما يتعلق بجبهات الإسناد التي تقف اليوم مع الشعب الفلسطيني ومجاهديه، فهناك جبهة لبنان، جبهة حزب الله، التي هي جبهة عظيمة، ومهمة، وفاعلة، وساخنة، ومنكِّلة بالعدو الإسرائيلي، ومؤثرة على العدو الإسرائيلي، وفي يومٍ واحد خلال هذا الأسبوع احتاج العدو الإسرائيلي إلى أربعة عشر فرقة إطفاء، عملت لساعات طويلة في الجليل الأعلى؛ لإطفاء الحرائق عقب القصف من حزب الله على العدو الإسرائيلي بالصواريخ.
جبهة الإسناد العراقية كذلك مستمرة في العمليات في مسار تصاعدي بإذن الله تعالى، ومن الواضح انزعاج الصهاينة الكبير منها، وعبَّر إعلام العدو الإسرائيلي عن ذلك الانزعاج بالقول: [العراق ساحة نشطة وحسَّاسةٌ جداً، تشهد يومياً إطلاق مسيرات نحو إسرائيل]، هذا ما يعبِّر عن الإعلام الإسرائيلي، ويقول عن ذلك: [معظمها]- عن تلك الطائرات المسيَّرة- [يسقطها أصدقاء]، هذا شيء مؤسف، شيء مؤسف جداً أنَّ البعض من الدول العربية تقوم بفتح أجوائها للعدو الإسرائيلي، وفتحت أجوائها منذ سنوات للعدو الإسرائيلي، والعدو الإسرائيلي يتباهى بذلك، يتباهى ويفتخر بأن كل الأجواء في المنطقة مفتوحةٌ أمامه، وفي نفس الوقت تغلق الأجواء، وتتجه تلك الأنظمة لحماية العدو الإسرائيلي من عبور الصواريخ أو الطائرات المسيَّرة، التي تستهدفه إسناداً للشعب الفلسطيني ومجاهديه، هذا شيء مؤسف جداً!
العدو الإسرائيلي حتى لو قال مثل هذه العبارة: [يسقطها أصدقاء]، هم ليسوا بالفعل في واقع الحال لدى العدو الإسرائيلي أصدقاء، هم أغبياء يستغلهم، هو لا يعتبرهم أصدقاء بما تعنيه الكلمة، هو يستغلهم، ويستفيد منهم.
فيما يتعلق بجبهة اليمن، في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس، فالعمليات مستمرة في إطار المرحلة الرابعة، وستكون- بإذن الله تعالى- إلى تصاعد مستمر، كماً وكيفاً.
بلغت العمليات في هذا الأسبوع بعون الله تعالى:
– (اثنا عشر عملية) في البحر الأحمر، والبحر العربي، والمحيط الهندي، وباتجاه البحر الأبيض المتوسط، نُفِّذت بـ (سبعة وعشرين) صاروخاً باليستياً، ومجنَّحاً، وطائرة مسيرة، منها (عشر عمليات) استهدفت (عشر سفن) مرتبطة بالعدو الإسرائيلي، وبالأمريكي، والبريطاني، وسفن تابعة لشركات كسرت قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة.
– وهناك أيضاً منها عملية إسقاط طائرة استطلاع مسلح أمريكي، نوع (MQ9) في أجواء محافظة مأرب.
ليصبح إجمالي عدد السفن المستهدفة من بداية عمليات الإسناد إلى: (مائة وتسعة وعشرين سفينة)، وهذا عدد كبير، يعني: بالرغم من أنَّ هناك تراجع كبير في حركة السفن المرتبطة بالأمريكي، والإسرائيلي، والبريطاني، عبر باب المندب، إلى البحر الأحمر، هناك تراجع كبير، وحركة نادرة، التراجع هو من قِبَلهم هم، نحن أكدنا على هذه الحقيقة في عدة كلمات؛ لأنهم يحاولون أحياناً أن يتظاهروا بأن العمليات تتراجع في عددها فيما يتعلق بالبحر الأحمر، ليس هناك تراجع في مستوى العمليات، هناك تراجع في حركة الملاحة، وحركة السفن من الجانب الأمريكي والبريطاني، وشبه انعدام للحركة الإسرائيلية، هي حالة نادرة، وعندما يعرف بها الإخوة في القوات الصاروخية، والبحرية، والمسيَّرة، هم يستهدفونها على الفور، ليس هناك أي عوامل يمكن أن تؤثر على موقفنا ليتراجع عن مستوى الزخم أو التفاعل أبداً، ليس هناك عوامل سياسية، ولا عوامل اقتصادية، ولا أي عوامل أخرى يمكن أن تؤثر عليه، فالعدد هو عددٌ كبير.
كذلك عملية إسقاط طائرة الاستطلاع الأمريكي في أجواء محافظة مأرب، تصبح عدد الطائرات التي أسقطت خلال هذه الفترة (ست طائرات) من هذا النوع المهم لدى الأمريكيين، والذي تعتمد عليه القوات الأمريكية بشكل كبير، هو من أهم طائرات الاستطلاع المسلحة (MQ9)، التي تعتمد عليها أمريكا، فقد سقطت هيبتها، وأصبحت أيضاً لا قيمة لها، ولا أهمية لها، في مقابل التباهي الأمريكي سابقاً بها، الأمريكي كان يتباهى بها، ويعتبرها من أهم طائرات الاستطلاع المسلح، التي يصنعها، ويعتمد عليها، ويتهدد ويتوعَّد بها، والتي أيضاً يستفيد منها في البيع لها من بعض الدول والبلدان، فهي بوَّرت وسقطت هيبتها وأهميتها، وقد سمعت بعض الأهازيج الشعبية التي تعلّق على هذا الموضوع وهي رائعة.
فيما يتعلّق بتأثير العمليات، هذه العمليات العسكرية المستمرة بالصاروخية والمسيَّرات، وبكل أنواع السلاح المتاح، لها- بحمد الله- تأثيرها المستمر على المستوى الاقتصادي بشكل واضح، ومعترف به، والتقارير عنه هي تقارير مستمرة في وسائل الإعلام الغربية، في أمريكا، في بريطانيا، في أوروبا أيضاً، وكذلك أيضاً لدى العدو الإسرائيلي، ارتفاع الأسعار حتى في المواد الغذائية، في مختلف أنواع السلع والبضائع، هذا شيء معروف، بل تأثير كبير على بعض السلع، وفي ارتفاع أسعارها، أو في محدودية توفرها.
هناك أيضاً تأثير على مستوى الناتج الاقتصادي، التأثير على الموازنات، تأثير على أشياء كثيرة فيما يتعلّق بالجانب الاقتصادي، وهذه نتيجة مهمة، وتأثير في مجال حسَّاس على الأعداء، هذا مجال حسَّاس على العدو الإسرائيلي، القوة الأمريكية، الإسرائيلية، البريطانية، الأوروبية، هي قوة اقتصادية، قوة مادية، كلما تأثر عليهم الوضع الاقتصادي، وحصل عليهم تراجع في الجانب المادي؛ كلما أثَّر عليهم في بقية الأمور، حتى في المسار العسكري بنفسه، فلها هذا التأثير.
أيضاً تأثيرها وأهميتها على المستوى الاستراتيجي، وعلى المستوى العسكري نفسه، على مستوى النفوذ الأمريكي، والهيبة الأمريكية، كانت أمريكا في وضعية لا يجرؤ أحد أن يستهدف بوارجها، وسفنها الحربية، ولا يتجرأ أحد على مواجهتها، والتحدي لها، فشعبنا اليمني العزيز، بلدنا رسمياً وشعبياً بموقفه المساند للشعب الفلسطيني، في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس، هو تحدى أمريكا، أمريكا أرادت أن تخضع كل الدول العربية، وأن تركعها وتجعلها مكبَّلة وجامدة عن اتخاذ أي موقف مساند للشعب الفلسطيني، فكان موقف بلدنا رسمياً وشعبياً بما يتحدى الأمريكي والبريطاني، ويتخذ أقوى الموقف، موقفاً كاملاً على المستوى الرسمي والشعبي، وعلى المستوى العسكري، والإعلامي، والشعبي… على كل المستويات، فعلى المستوى الاستراتيجي، على المستوى العسكري، وهم يعترفون بذلك، التقارير، التصريحات من ضباط أمريكيين، من منتسبي البحرية الأمريكية، يعترفون بالإذلال، بالخسارة، يعترفون بالتراجع لهذا النفوذ، لتلك الهيبة والسيطرة التي كانوا يتحكمون بها على بقية بلدان العالم؛ ولذلك هناك اعترافات مستمرة من جانب الأمريكيين من ضباط- والبريطانيين والأوروبيين- من ضباط، ومعاهد، ومراكز دراسات، ووسائل إعلام غربية، بالتطور المستمر للقدرات اليمنية من جهة، وأيضاً بكسر هذا الحاجز أمام أمريكا من جهة ثانية.
صحيفة بريطانية نشرت تقريراً لرصد تأثير العمليات العسكرية اليمنية، وأكدت فيه فشل التحالف الأمريكي الغربي في حماية المصالح الإسرائيلية في البحار؛ لأن هذا الدور كان منوطاً بالأمريكي والبريطاني، ألقاه الإسرائيلي على عاتقهم، أن يكونوا هم من يقومون بحماية المصالح الإسرائيلية في البحار، فشلوا في هذا الدور، وهذا مؤثر على العدو الإسرائيلي، ومؤثرٌ عليهم هم أيضاً.
موقعٌ أمريكي نشر تقريراً هاماً لرصد تطورات القدرات العسكرية اليمنية، هناك في عدة تصريحات، مواقع، يعبِّرون عن انزعاجهم وقلقهم الكبير، وعن إقرارهم أيضاً حتى يتوقَّعون قدوم المرحلة الخامسة، وقدوم المرحلة السادسة فيما بعدها في الأشهر القادمة، ويعبِّرون عن انزعاجهم الشديد من ذلك، يعني: هم لا يصنِّفون المسألة بأنها مستحيلة، هم يعترفون بأنها قادمة، طالما استمر العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
هناك أيضاً فيما يعبَّر عنه في وسائل الإعلام الغربية، عن سقوط الثقة لدى القوات الأمريكية، في عدم تمكن أحد من مواجهتها، كانوا سابقاً لديهم ثقة بأنه لن يتمكن أحد من مواجهتهم، سقطت هذه الثقة، وفقدوا اليقين كما يعبِّرون هم، تزعزعت ثقتهم بأنفسهم، ثقتهم في قدراتهم وإمكاناتهم، كلها اهتزت وتزعزعت، وشاهدوا هم فشلهم، وفشل التقنيات والإمكانات التي يمتلكونها.
اليأس الإسرائيلي فيما يتعلق بحركة السفن، بلغ إلى درجة أن تصرِّح شركة صهيونية بحرية بالقول: [الحوثيون من يقررون مصير سفننا حتى العام 25]، يعني: لديهم يأس، يأس تام، هذا على مستوى تأثير هذه العمليات، بالرغم من أنَّ العدو يحاول أن يوقفها بكل ما يستطيع، من جهة المواجهة التقنية، من جهة التكتيك، لكنه فشل في ذلك كله.
على مستوى الأنشطة الشعبية في التعبئة، وهو مسار في غاية الأهمية، ولذلك نأمل- إن شاء الله- أن يستمر هذا النشاط بزخمه الكبير:
– هناك على مستوى التدريب: (ثلاثمائة وثمانية وثلاثين ألف وثلاثمائة وخمسين متدرب).
– المناورات والعروض العسكرية والمسير العسكري قد بلغت: (ألف وثمانمائة وثلاثين).
– بلغت المسيرات، والمظاهرات، والفعاليات، والندوات، والوقفات، إلى: (خمسمائة وواحد وستين ألفاً وسبعمائة وثلاثة وثلاثين).
يعني: عدد ضخم جداً، ونشاط وتحرك لا مثيل له حقيقةً، لا مثيل له في أي بلد، ليس هناك مثل هذا التحرك في الوقفات، في الفعاليات، في المظاهرات المستمرة، دون كلل، ولا ملل، بل إلى تزايد في كثيرٍ من الحالات.
هذا الموقف المتكامل، الذي معه أيضاً مسار التبرعات، بالرغم من الظروف الصعبة جداً، وهو مسار مستمر أيضاً، وهكذا النشاط في الجبهة الإعلامية، التي هي أيضاً جبهة ساخنة، وجبهة مهمة جداً، وهكذا على كل المستويات، هناك نشاط في إطار هذا الموقف المتكامل، الذي ينطلق فيه شعبنا انطلاقةً إيمانية، يجسِّد انتماءه الإيماني، كجهاد في سبيل الله تعالى، وأيضاً موقفاً إنسانياً، وموقفاً مشرِّفاً بكل الاعتبارات.
الأعداء يبذلون الجهد ضد هذا الموقف على كل المستويات: على المستوى العسكري، على المستوى الشعبي، في الأنشطة المتنوعة، ويحاولون التأثير على هذا الموقف بكل الوسائل، العدوان الذي أعلنوه على بلدنا، وينفِّذه الأمريكي والبريطاني بغارات مستمرة، لا يكاد يمر أسبوع دون غارات، غارات أو قصف بحري إلى البلد، لكنها عمليات فشلت فشلاً كاملاً، وفشلاً ذريعاً عن تحقيق هدفهم بإيقاف العمليات العسكرية من قِبَل القوات الصاروخية، والطيران المسيَّر، والبحرية، فالعدو فشل في غاراته، وفي قصفه البحري من تحقيق ذلك الهدف.
هناك أيضاً نشاطهم فيما يتعلق بمساعي الاعتراض للصواريخ والمسيَّرات، وهذا تتعاون معهم فيه دول كثيرة، على مستوى الدول الأوروبية التي لها قطع في البحر، في كثير من الأحيان تتدخل في عمليات الاعتراض، وإن كانت لا تقصف إلى بلدنا، لكن على مستوى عمليات الاعتراض، فهي تحاول أن تعترض المسيرات، وتحاول أن تعترض الصواريخ، لكنها تفشل في كثير من الأحيان، وتصل عمليات القصف إلى أهدافها، لكنه مسار يعمل عليه الأعداء، ويشتغلون فيه.
الاعتراض أيضاً للصواريخ والطائرات المسيَّرة باتجاه العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، تتدخل حتى دول عربية في ذلك، ثلاث دول عربية تحاول أن تشترك مع الأمريكي، مع جهات أخرى، مع دول الأوروبية في الاعتراض لذلك، هذا مسار أيضاً يشتغلون فيه.
مسار الضغط الاقتصادي، بل الضغط في الملف الإنساني قبل غيره، فيما يتعلق بالمساعدات التي كانت تقدَّم للشعب اليمني عبر المنظمات، التي هي عبر الأمم المتحدة، يحصل هذا الدعم بشكلٍ محدود، بشكلٍ محدود، بشكل سلات غذائية ونحوها، هذا أيضاً يضغط الأعداء فيه، ووقفوا أكثره، ويحاولون أن يمارسوا التجويع للشعب اليمني؛ للضغط بإيقاف هذا الموقف المساند للشعب الفلسطيني ومظلوميته. الضغط في الحصار مستمر أيضاً.
التشويه الإعلامي، وهم يبذلون جهداً كبيراً في هذا الجانب، الأمريكي ينظم مع الإسرائيلي والبريطاني حملة إعلامية لتشويه الموقف اليمني، وتشويه من يتحركون في إطار هذا الموقف على المستوى الشعبي والرسمي، وهناك من يشتغل معهم من أبواقهم، من الموالين لهم، الأنظمة العربية الموالية لأمريكا وإسرائيل وبريطانيا، تسخِّر قنواتها الفضائية لهذه الحملة المعادية، والمسيئة، والسلبية.
في مواقع التواصل الاجتماعي، كل الأبواق التي يستخدمها الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني، لا تكاد تتوقف عن نعيقها، عن صوتها المنكر بالزور، والبهتان، والتشويه، والافتراءات، والإساءات بشكل مكثف، ليل نهار، بل في كل ساعة دعايات جديدة، افتراءات جديدة، حملات للتشويه دون توقف، كله في خدمة اليهود الصهاينة، كله يأتي لخدمة اليهود الصهاينة، وللضغط على الموقف اليمني.
أيضاً في حملات التشويه والإساءة، أحياناً يحاولون أن يقللوا من أهمية هذه العمليات، وأحياناً يحاولون أن يهولوا، وعادةً الحملات التي تعتمد على الأكاذيب، والافتراءات، والأباطيل، والشائعات، هي تتناقض في كثيرٍ من مضمونها.
ثم أيضاً على مستوى الموقف الذي تحرَّك فيه السعودي بإشرافٍ أمريكي للعدوان على بلدنا، سعى الأمريكي لأن يمنع وقف العدوان على بلدنا، وفق الصيغة التي كان قد تمَّ التفاهم حولها، تحت عنوان خارطة، خارطة للاتفاق على وقف العدوان على بلدنا، السعودي تماشى مع الأمريكي، ولا يزال يتماشى معه في ذلك كله.
الأمريكي لا يكفيه ذلك، الأمريكي همه أن يورِّط الآخرين في خدمة الموقف الإسرائيلي، ودعم العدو الإسرائيلي، حاول أن يشغِّل الأوروبيين في هذا الاتجاه؛ ليكونوا داعمين للعدو الإسرائيلي، معينين للعدو الإسرائيلي، متدخِّلين بكل أشكال التدخل لمساندة العدو الإسرائيلي، وغير غريب على الدول الأوروبية إذا وقفت مثل هكذا موقف، هذا غير غريبٍ منها، عندها نفس التوجه المعادي، الاستعماري… وغير ذلك، ولكنه أيضا حتى على مستوى الدول العربية، يحاول أن يورِّط بعض الأنظمة، والحكام، والزعماء، أن يتَّجهوا بنفس ذلك الاتجاه؛ ولذلك يورِّطهم في الاعتراض لصالح العدو الإسرائيلي، وأن يجعلوا من أنفسهم كذلك مواقع متقدِّمة لحماية العدو الإسرائيلي؛ حتى لا تصل إليه الصواريخ، أو الطائرات المسيَّرة.
أيضاً هناك أخبار، نسمع الأخبار عن تقديم دعم مالي للعدو الإسرائيلي، وهذا الشيء مؤسف جداً، مؤسف جداً! في الوقت الذي يعاني الشعب الفلسطيني، العربي، المسلم، من الجوع، ويقتل، ويعتدى عليه، ويظلم بما لا مثيل له في كل العالم، يأتي من يقدِّم المال للعدو الإسرائيلي، معناه: مساهمة مباشرة في العدوان على أبناء الشعب الفلسطيني، في قتل أطفال فلسطين، وهذا شيء مؤسف جداً جداً، ومؤلم حقيقةً، هذا شيء يؤلمنا كثيراً كثيراً!
أيضاً على المستوى الإعلامي، هناك وضوح في المساندة الإعلامية للعدو الإسرائيلي من قنوات تابعة لأنظمة عربية، وهذا شيء يُعرَف بكل وضوح، بدون تكلف، فالأمريكي هو من يسعى لذلك، أن يورِّط بعض الأنظمة العربية، بعض الحكام العرب، ليدعموا العدو الإسرائيلي، وليقفوا معه بشكلٍ مباشر ضد الشعب الفلسطيني، ولتشويه المجاهدين في فلسطين، وللتآمر على القضية الفلسطينية، بالسعي لتصفيتها بالكامل، وتحت عنوان التطبيع… وغير ذلك من العناوين، وأيضاً ضد من يقف لمساندة الشعب الفلسطيني، وهذا شيء أيضاً يعمل عليه الأمريكي.
الأمريكي من الخطوات التي اتَّخذها دعماً للعدو الإسرائيلي: مسعاه للضغط على البنوك في صنعاء، هذا مسعى أمريكي لدعم العدو الإسرائيلي، ويحاول الأمريكي أن يورِّط السعودي في هذه الخطوة، التي هي خطوة خاطئة، وظالمة، وعدوانية بكل ما تعنيه الكلمة، وهي لعبةٌ خطيرة، لعبة صب الزيت على النار؛ ولذلك أنا أوجِّه النصح للسعودي ليحذر من الإيقاع به من جانب الأمريكي خدمةً للعدو الإسرائيلي في خطوة كهذه؛ لأنها عدوان في المجال الاقتصادي، ألا يكفي ما يعانيه شعبنا نتيجةً للحصار الظالم، نتيجةً لاحتلال معظم أرجاء البلاد، ومنابع الثروة النفطية في البلد، كل ما يحصل وحصل على البلد ألا يكفي؟! إذا تورَّط السعودي في خطوات كهذه، فالأمريكي يحاول خدمةً للعدو الإسرائيلي أن يوقع به في مشكلة كبيرة، مشكلة هو في غنىً عنها، ما الذي يدفع البعض إلى أن يقدِّموا أنفسهم وإمكاناتهم، وأن يجنِّدوا أنفسهم وما بأيديهم لخدمة العدو الإسرائيلي؟! هل يأتي من يريد أن يخسر كل شيء: أمنه، وسلمه… وكل شيء من أجل العدو الإسرائيلي! هذا ضلالٌ في ضلال، ضلالٌ في ضلال؛ ولذلك نحن نحذِّر من مثل هذه الخطوات الداعمة للعدو الإسرائيلي بدون وجه حق، ومثل هذه الخطوات وغيرها، حتى لو أراد أحدٌ أن يورِّط نفسه من الأنظمة العربية، ليقاتل مع العدو الإسرائيلي؛ فلن يثنينا عن موقفنا، سنبقى في موقفنا الإيماني، الذي هو جهادٌ في سبيل الله تعالى، لنصرة الشعب الفلسطيني مهما كان، لن يردنا عن هذا الموقف أحدٌ أبداً.
وأنا أنصح الأنظمة العربية، أن تقول للأمريكي: [أنت أكثر قدرة، وإمكانات عسكرية، يكفي أن تقاتل أنت]، قولوا له ذلك، لا تكون أغبياء إلى مقدار أن يجنِّدكم لتخسروا كل شيء، خدمةً للعدو الإسرائيلي؛ لأن ذلك إهانة، وخزي، وعار، وفضيحة، وخسرانٌ في الدنيا، وخسرانٌ في الآخرة.
الأمريكي هو يسعى دائماً إلى توريط الآخرين، لكن لا شيء سيغير موقف شعبنا العزيز عن دعم الشعب الفلسطيني ومناصرته، هذا موقفٌ ثابتٌ لا يتغير أبداً، وشعبنا ثابتٌ عليه ثبات جباله الشمَّاء، الراسخة في الأرض، في جذور الأرض، والمعانقة لعنان السماء، هذا موقف ثابت لا يمكن التراجع عنه، وشعبنا العزيز سيؤكد يوم الغد ثباته على هذا الموقف، وأنه لن يزعزعه شيءٌ أبداً عن هذا الموقف الإيماني، الثابت، الراسخ.
بل بمقدار ما يزيد العدو الإسرائيلي من جرائمه البشعة جداً؛ بقدر ما نسعى نحن للتصعيد في موقفنا، ولأن يكون أكثر فاعليةً وتأثيراً ضد العدو الإسرائيلي، ولنصرة الشعب الفلسطيني.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد- إن شاء الله تعالى- خروجاً مليونياً، يعبِّر عن ثباته، وعن وفائه، وعن صدقه مع الله تعالى، ومع الشعب الفلسطيني المظلوم، في العاصمة صنعاء، في ميدان السبعين، وفي بقية المحافظات والمديريات، في الأماكن المعتمدة، وحسب الإجراءات المعتمدة.
أَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصر لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِي المَظلُوم، وَمُجَاهِدِيه الأَعِزاء، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛