خُدعةُ المفاوضات
أفق نيوز | أسماء الجرادي
مر عام تقريبًا على العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي شهد منذ البداية ارتكاب “إسرائيل” لأبشع الجرائم ضد الأطفال والنساء، مستخدمةً جميع الوسائل المحرمة لإبادة هذا الشعب العربي المظلوم، وفي قلب هذه المآسي، تظهر أمريكا، رئيسة الشر، بين الحين والآخر لتتحدث عن مفاوضات وحوارات ترعاها، كما تزعم؛ مِن أجلِ إيقاف الحرب.
إن ادِّعاءاتها تلك ليست سوى أدَاة للتمويه، تخفي بها الحقائق القاسية التي تفرضها الجرائم الإسرائيلية المُستمرّة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
بينما يرفع الأمريكيون شعار السلام وتعزيز الحوار، تزداد الانتهاكات بحق الفلسطينيين، وتظهر ممارسات الاحتلال في أفظع صورها؛ ففي الوقت الذي تتحدث فيه أمريكا عن قرب التوصل إلى اتّفاق، ترتكب “إسرائيل” مجازر مروعة، مستخدمةً الأسلحة الأمريكية الفتاكة، وهكذا تستمر خدعة المفاوضات، ويستمر العرب في تصديقها، بينما تزداد جرائم الصهاينة المحتلّين ضد الأبرياء بشاعةً يوماً بعد يوم.
إن التماهي العربي مع العدوّ الأمريكي وخداع الشعوب باسم المفاوضات، ومع الدعم الأمريكي والغربي الكبير لإسرائيل، وسكوت العالم ومنظماته العميلة، قد ضاعف من غطرسة هذه العصابات الصهيونية؛ فقد ارتكبت جميع الجرائم بحق الفلسطينيين، ودنست المساجد والمقدسات، حتى كتاب الله لم يسلم من أقدامهم.
كلّ هذا بينما يواصل الشيطان الأمريكي ترديد شعارات السلام والحوار والمفاوضات، ويؤكّـد دعمه لهؤلاء المجرمين بكامل قوة الولايات المتحدة وأسلحتها المتطورة، بحجّـة أن من حق “إسرائيل” الدفاع عن نفسها، في المقابل، يستمر قادة المسلمين وشعوبهم الخانعة في الصمت، وليس الصمت وحده، بل أصبحوا أبواقاً تردّد ما تقوله أمريكا، وتنفذ ما تأمرهم به.
وفي ظل هذا الإجرام، يتردّد في أذهاننا سؤال: إلى متى؟
إلى متى سيستمر هذا الصمت، وهذا الخداع، وهذه التبعية العمياء؟
هل سننتظر حتى يمحو العدوّ مصر والأردن من الخارطة كما محا غزة والضفة الغربية، أم أن هناك متغيرات ستحدث لإيقاف غطرسته وزواله بقدرة الله وبإصرار وعزيمة أبطال المقاومة؟
أبطال المقاومة الصامدون الذين وعلى مدى العام ما زالوا يقاومون بأسلحتهم البسيطة وبقوة إيمانهم بالله، وبترديد “الله أكبر” أصبح جنود العدوّ مرعوبين وقيادتهم متخبطين، فلا يعقل أن أعظم قوة عسكرية في العالم تُهزم من عدد من الأفراد المقاومين المؤمنين بالله.
المتأمل في الأحداث يلاحظ كيف أن “إسرائيل” استنفرت كافة قدراتها، إضافة إلى الدعم الكبير الذي تلقته من أمريكا والغرب، ورمت بكل ثقلها في حرب غزة.
غزة، المدينة الصغيرة المحاصرة لعقود، أفشلت خطط وحلم الصهاينة المجرمين على هذه الأرض الطاهرة، بل إن المقاومة تزداد قوةً وصلابةً وبسالةً.
علاوة على ذلك، تضاعف الخطر الوجودي على كيان الاحتلال بفضل الله وعونه لعباده المؤمنين، ما جعل الصهاينة يضطرون إلى محاولة إثبات وجودهم وقوتهم من خلال الإجرام والتخبط، وكما يتضح اليوم في الضفة الغربية، حَيثُ فشل العدوّ في مواجهة عدد قليل من شبابها؛ لذا، يقوم الاحتلال بعمليات التجريف وهدم البيوت كوسيلة لإثبات قوته المهدورة، التي استهلكها في ارتكاب الجرائم.
فالعدوّ الآن متخبط وفي لحظاته الأخيرة، ويحتاج من المسلمين التوحد كقيادة إسلامية واحدة بعيدًا عن التبعية لأمريكا وأعوانها، لتنفيذ هجمة واحدة تضع قادة الاحتلال في ملاجئهم، فلا يستطيعون إلا الهروب خفية إلى أوطانهم الأصلية، وتطهير الوطن العربي من دنسهم، يجب علينا أن نتعلم منهم كيف أنهم يتأمرون علينا ويقاتلوننا جميعاً ولنعيد لأمتنا مجدها وقوتها، وكما قال تعالى: (… وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).