ذكرى المولد النبوي الشريف…تنافس إسلامي لإحياء المناسبة يتصدرها اليمن
أفق نيوز |تقرير
تعتبر ذكرى المولد النبوي الشريف، على صاحبها وآله أزكى الصلاة وأتم التسليم، من المناسبات الدينية المقدسة التي يحتفي بها المسلمون في مختلف بلدان العالم. ما أن يطل شهر ربيع الأول إلاّ وتجد ملامح الفرحة والسعادة والابتهاج تملأ الدنيا احتفاء بميلاد الرسول الخاتم محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم. وبالرغم من تنوع الأساليب والعادات والتقاليد والأنشطة الاحتفالية في ذكرى المولد النبوي الشريف من دولة لأخرى إلا أن مجمل التباين يشدوا صوب تناغم موحد يجمعه حب الرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله.
وفيما تنفرد الدول الإسلامية بعادات وتقاليد احتفالية خاصة تميزها عن غيرها من الدول، تنسجم جميع الدول الإسلامية والعربية في العديد من الأنشطة والبرامج الاحتفائية الخاصة بذكرى مولد رسول الرحمة محمد صلوت الله عليه وعلى آله وسلم.
تنظيم الأناشيد والأهازيج المحمدية وإقامة الفعاليات الثقافية والأنشطة الدينية الروحانية المفعمة بالأذكار الروحانية والآيات القرآنية والأحاديث النبوية العطرة والأمسيات المجتمعية، نماذج موحدة تنفذها كل الدول العربية والإسلامية تعظيّماً وتقديّساً وتمجيّداً لرسول البشرية جمعاً محمد صلوت الله عليه وعلى آله وسلم.
وبالرغم من التسابق والتنافس المحموم الذي تقوم به شعوب أمتنا في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف إلاّ أن شعب الحكمة والإيمان في اليمن السعيد يتصدر الساحة عالمياً في إحياء المناسبة. حيث تجري الاستعدادات الخاصة بإحياء مناسبة المولد النبوي الشريف في اليمن منذ وقت مبكر وبالتحديد في منتصف شهر صفر.
ويمارس اليمن الحبيب قيادة وشعباً فعاليات دينية وفنية وخيرية واجتماعية وثقافية وترفيهية وعلمية عديدة احتفاء بذكرى مولد رسول الرحمة محمد صلوت الله عليه وعلى آله وسلم. ويعبر اليمنيون عن حبهم وولائهم للرسول الأكرم “محمد” من خلال العديد من الأنشطة والفعاليات والبرامج الاحتفائية الخاصة بالمناسبة التي تقام على مستوى المنازل والحارات والأحياء والعزل والمديريات وصولاً لإقامة الفعاليات المركزية الجماهيرية الكبرى تنظم في عواصم المحافظات اليمنية.
ويعتبر تزيين المنازل والشوارع الرئيسية والفرعية ووسائل النقل بالأقمشة والإضاءات الخضراء من أبرز الأنشطة التي ينفذها اليمنيين سنوياً مع أطلاله شهر الربيع المحمدي وحتى انتهاء شهر ربيع الأول.
ومن الأنشطة الخاصة بذكرى المولد النبوي الشريق ينظم اليمنيون مسير ليلي بالسيارات المتزينة بالإضاءات الخضراء والتي تجوب العديد من الشوارع والحارات في المدن والمحافظات، الأمر الذي يفضي نوعاً من المهابة والوقار والاحترام للمناسبة.
وفي المولد النبوي الشريف تقام المهرجانات والمسابقات والأمسيات الثقافية والندوات العلمية والعملية المجسدة لقيم الرسول الأكرم وأخلاقه ومبادئه القرآنية العظمى إضافة إلى تنظيم المبادرات الخيرية المتمثلة في تفقد الفقراء والمساكين والأيتام وتزويدهم بالمساعدات النقدية والعينية.
وفي تقرير خبري قام به موقع أنصار الله الرسمي حول العادات والتقاليد المتبعة في إحياء الدول العربية لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف نسردها في سياق التالي ”
مصر.. حصان وعروسة المولد
تعتبر جمهورية مصر العربية من أبرز الدول التي تحتفي بذكرى المولد النبوي الشريف حيث يقوم المواطنون بتزيين واجهات منازلهم ويزين التجار واجهات محلاتهم، فيما تتواصل الفعاليات الدينية والمحاضرات والامسيات الإنشادية التي تبدأ قبل موعد المولد بعدة أيام.
ووفق مصادر مصرية فإنه ومع اقتراب يوم المولد المبارك، تقام سرادقات كبيرة حول المساجد الكبرى في شتى أنحاء مصر، ومنها مسجد الإمام الحسين، والسيدة زينب، تضم تلك السرادقات زوار المولد من مختلف قرى مصر ومن خارج مصر، ويتواجد داخلها الباعة الجائلين بجميع فئاتهم.
وتعقد حلقات الذكر والإنشاد والمديح في رسول الله وآل بيته، وذكر صفات النبي الحميدة ومواقفه الشجاعة وأخلاقه السمحة، ويتم تلاوة القرآن.
ويميز احتفالات مصر، انتشار نقاط بيع ما يعرف بحلوى المولد في الأسواق، فضلا عن مظاهر الفرح الأخرى.
ويعتبر تزيين الحصان بأغطية مختلفة، يطوف معظم شوارع القاهرة حتى يصل إلى مشهد الحسين بن علي عليه السلام بالقاهرة، ويشارك ضمن الموكب شيوخ الطرق الصوفية وفرق الموسيقى الطرقية من أبرز الأنشطة التي تنفرد بها جمهورية مصر العربية عن غيرها من الدول الإسلامية كما يرتبط بهذا اليوم إعداد المصريين حلوى “حصان وعروسة المولد” والسمسية والفولية والحمصية أيضًا، وجميعها مكونة من السكر.
“ساحة المولد”.. نموذج سوداني فريد في الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف
يحرص الشعب السوداني على جعل المولد النبوي الشريف “أيامَ عيد” من خلال احتفالات وفعاليات تضمّها “ساحة المولد” في كلّ مدينة وقرية سودانية. هذه الاحتفالات تظهر جانباً من ثقافة المجتمع السوداني.
من اليوم الأوّل لشهر ربيع الأوّل ولغاية اليوم الأخير منه، يحتفل السودان بالمولد النبوي الشريف ضمن أجواء تتميّز بها مدنه وقراه عن غيرها، من الدول الأفريقية.
نجد في كلّ مدينة سودانية ما يُعرف بـ”ساحة المولد” التي يخصّصها أهلها لهذه المناسبة من كلّ عام.
تبدأ الترتيبات قبل النصف الثاني من شهر صفر الهجري، ومن خلال نصب الخيام وتجهيزها للحدث، لتستقبل المحتفلين ليلاً نهاراً على مدار الأيام.
وتزدحم “ساحة المولد” بالنّاس ضمن حلقات وتجمّعات، تتوسطها الدائرة الأكبر ثم تبدأ المدائح النبوية والتواشيح والقصائد والأناشيد الدينية التي تتضمّن سيرة النبي محمد وتمجّده، والتي يتفاعل معها الناس ضمن حركات ابتهاجيه.
وفي بعض الاحتفالات، يصطف عشرات الرجال بشكل دائري، ويتمايلون على وقع ضربات “الطّار” المصنوع من الجلد الناعم، ويردّدون بين الحين والآخر “حيّ قيُّوم”، إلى حين موعد صلاة الفجر، وتشتعل بينهم “نار التقابة” في رمزية للكرم و”قيام الليل”، بحسب المعتقدات السودانية.
كذلك، يتعرّف الناس وصغارهم إلى الأحاديث والسيرة النبوية، ويرتلون القرآن الكريم. وتُقدّم في هذه الأجواء الولائم والملابس للفقراء والمحتاجين.
وتنطلق مواكب “الزّفة” من الميادين العامة قبل يوم من دخول شهر ربيع الأوّل، معلنةً بدأ المراسم الاحتفالية، ويتخلّلها رفع الرايات والأعلام، والهتاف بالأناشيد، وعزف الموسيقى، وقرع “النُّوبَات”، وهي طبول كبير جداً تعد من الآلات الموسيقية الشعبية في البلاد.
وتشتري العائلات السودانية أيضاً الملابس الجديدة والهدايا، بما يطبع صورة وذكرى جميلة في أذهان الأطفال، تساهم في حفظ هذه الأجواء الاحتفالية جيلاً بعد جيل، باعتبارها “سُنّة حسنة”، رغم تبدّل أنماط الحياة على مدار العقود.
تمثل “ساحة المولد” التي تحضر فيها جميع أطياف الشعب السوداني المهتمّ بالذكرى النبوية تقاليد شعبية تساهم كلّ عام في لمّ الشّمل وشدّ أواصر الروابط والعلاقات الاجتماعية في البلد. وقد حملت هذه الأجواء وما يُتلى فيها دعوة إلى ضرورة التسامح بين الجماعات المختلفة، ولا سيّما الإسلامية، ونبذ العنف والتطرف.
وتستمر الفعاليات في ساحات المولد مدة 12 يوماً متواصلاً، فيكون يوم 12 ربيع الأوّل المعروف بـ”وقفة المولد” ذروة الاحتفال والفعاليات، فمن لم يحضر بعدُ، لن يفوّت على الأقلّ الفرصة الأخيرة. ومساءً، تشهد “ساحة المولد” الليلة الختامية التي تعرف بـ”القفلة”.
تونس… القيروان مدينة المولد النبوي الشريف
يحتفي التونسيون بذكرى المولد النبوي الشريف من خلال إقامة مهرجان ثقافي وفني كبير يتضمن العديد من الفقرات الفنية والأدبية والانشادية المعبرة عن الرسول الأكرم محمد صلوت الله عليه وعلى آله.
ووفق وسائل الإعلام التونسية فإن مدينة القيروان تستقبل سنوياً أكثر من مليون زائر لحضور مهرجان المولد النبوي الشريف والذي يقام منذ بدء شهر ربيع الأول وحتى الثاني عشر من ربيع الأول والذي يختتم فيه مهرجان المولد.
المغرب… “عيد” المولد النبوي الشريف
تكتسي ذكرى المولد النبوي في المغرب مكانة ورمزية خاصة، رسمياً وشعبياً، وتتميز بطقوسها وعاداتها المتنوعة والفريدة التي تمتد تاريخياً من عهد المرينيين إلى العلويين.
وتبدأ الاستعدادات للمناسبة بأسابيع، حيث تنظف البيوت والمساجد والزوايا، وتُجهز النسوة الحلويات والكعك لاستقبال الضيوف، كما تشهد الأسواق حركية ورواجاً من أجل اقتناء الملابس التقليدية للأطفال، بالإضافة إلى مستلزمات الأطباق الأصيلة التي تُزيّن المائدة، دون إغفال البخور والطيب ليكتمل مشهد تصدح فيه المدائح النبوية بأحلى الترانيم.
ويطلق المغاربة على مناسبة ذكر ى المولد النبوي الشريف سيد “الميلود” وذلك لدلالته على الاحتفال والفرحة، تعظيماً لذكرى مولد الرسول محمد، فيلبسون أبهى الثياب، ويُقدّمون أشهى الطعام، ويتزاورون فيما بينهم، وتلهج الألسن بالذكر والمديح.
وتتميز ليلة المولد (11 ربيع الأول) بحفلات دينية، تبدأ بتلاوة القرآن الكريم ثم إنشاد القصائد النبوية، وأشهرها “البردة” و”الهمزية” و”المنفرجة” إحياءً لذكرى الرسول، فضلا عن التذكير بالصفات النبوية. وفي صبيحة 12 من ربيع الأول، تنطلق الاحتفالات في عددٍ من المدن والقرى المغربية، وتسير مواكب الشموع بطقوسها وأهازيجها، وتقام حفلات ختان الأطفال، كما يحرص المغاربة على صلة الرحم، وتبادل التهاني والتبريكات، وترديد الصلاة على النبي، بالإضافة إلى تقاسم أطباق الحلويات بين الجيران، وتقديم “العيدية” للصغار الذين يتقافزون فرحاً بملابسهم الجديدة.
وتشكل ذكرى المولد النبوي فرصة كبيرة للقاء العائلات والأصدقاء وصلة الرحم، وتبادل الكعك والحلويات، فضلا عن إعداد أطباق خاصة بالمناسبة، وتوزيع العيدية على الأطفال وتتربع وجبة “العصيدة” المكون من دقيق القمح والحليب والمزين بالسمن والعسل قائمة الموائد الخاصة بالمولد النبوي الشريف.
وتحتفي كلا من الأردن وسوريا والعراق ولبنان والجزائر وفلسطين وبعض من دول الخليج بذكرى المولد النبوي الشريف بأنشطة نوعيه توصف بالأقل مما سبق ذكره آنفا من الدول التي تحتفي بذكرى الرسول الأعظم محمد صلوات الله عليه وعلى آله.
العراق
ويحتفي الشعب العراقي بالمولد النبوي باحتفالات واسعة كل عام، حيث يحرص معظم العراقيين على تزيين البيوت والطرقات والأسواق. ويتميز احتفال العراقيين بهذه المناسبة عن باقي الشعوب بعادات وتقاليد متوارثة، إذ تقوم العائلات بتجهيز الطعام وتوزيعه على الجيران، مثل طبخ الزردة، وحلوى التمر وغيرهما، وتتميز احتفالات المولد النبوي في العراق بالعفوية، لأنها تنبع من محبة الشعب العراقي للنبي صلى الله عليه وسلم، وارتباطها العاطفي الوثيق به. لا تكاد تجد منطقة أو حيا من الأحياء إلا وتجد فيه مظاهر الاحتفال، سواء عبر الأناشيد في مكبرات الصوت، أو بإظهار الزينة في البيوت والمساجد والمحلات، وتوزيع الحلوى وإقامة الولائم وتوزيع الحلوى والعصائر”.
مشاركة الأهالي في جمع التبرعات لما يحتاجه الاحتفال من طعام وشراب وهدايا وغيرها، وبذلك يكون أحد مظاهر التلاحم والتعاطف بين أبناء المنطقة، وتمتد الظاهرة لتشمل جميع أراضي الوطن، حيث إن الاحتفال بالمولد النبوي مناسبة دينية لا تخص طائفة معينة أو مذهبا معينا
المولد النبوي في ليبيا مسيرات ومدائح
وللاحتفال بـ«الميلود» كما يطلق عليه الليبيون طقوس وعادات وتقاليد، يحرص جُل المواطنين عليها كل عام، تبدأ من المنزل وتنتهي في الساحات والميادين الكبيرة، التي تشهد توافد آلاف المواطنين عليها من مختلف الأعمار.
ومبكراً يتوافد المواطنون من سكان حي السلماني في بنغازي (شرقي ليبيا) ، إلى الساحات العمومية، حاملين الرايات وهم يضربون الدفوف ويرددون المدائح النبوية، والقصائد التراثية، احتفالاً بهذه المناسبة.
وفيما يشبه الكورس المدرّب، يردد المحتفلون على سجيتهم أبياتاً من قصة البرزنجي: أبتدئ الإملاء باسم الذات العلية، مستدراً فيض البركات على ما أناله وأولاه/ وأثني بحمد موارده سائغة هنية ممتطياً من الشكر الجميل مطاياه/ وأصلي وأسلم على النور الموصوف بالتقدم والأولية المنتقل في الغرر الكريمة والجباه…».
ويسبق الاحتفال بالمولد في ليبيا «ليلة الموسم» وتبدأ عقب صلاة المغرب، وتُشعل فيها الأُسر الشموع والقناديل في أرجاء البيت. وفي جو من المرح، ينطلق الأطفال يحملون الشمعدانات والفوانيس المضاءة، إلى الشوارع والميادين العامة.
وتعد الأيام الأولى من شهر ربيع الأول وقبل إطلالة ليلة (الميلود) موسماً تجارياً رائجاً في أسواق ليبيا؛ حيث يحشد الجميع للتبضّع من الحلوى والدقيق والسمن والعسل والتمر، بالإضافة إلى الشموع والقناديل المذهبة، إذ تحرص المحال على عرض الجديد من الملابس والأحذية التقليدية.
ويتشابه إحياء المولد النبوي في ليبيا كثيراً مع الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى في الاهتمام بقص الشعر، وارتداء أزياء جديدة تعكس ثقافة البلاد، وانتشار الفرح والسعادة بين عموم المواطنين، بالإضافة إلى شراء الألعاب والهدايا للأطفال، ومنها «الخميسة» وهي عبارة عن «شجرة ميلاد» تصنع يدوياً من هيكل خشبي على هيئة شجرة تزين بالورود البيضاء والحمراء والوردية وفي قمتها توضع «الخميسة»، وهي شمعدان على هيئة يد مفتوحة توضع فيها الشموع.
الخليج .. إجازة المولد النبوي
من بين الدول التي لا تفوت فرصة الاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف هي الدول الخليجية ، حيث يتم منح يوم المولد إجازة رسمية من أجل أن يحتفل الجميع بالطريقة المناسبة لمولد خير البشر. ويحتفل المواطنون في الخليج بالمولد النبوي الشريف من خلال أداء شعائر دينية متنوعة، حيث يسعى الجميع لزيادة الصلاة على النبي ويقوم رجال الدين بإلقاء خطبة تستعرض سيرة الرسول الكريم منذ ولادته وحتى وفاته، بالإضافة للاحتفال بحفظة القرآن الكريم وتزين المنازل أيضًا لإضفاء الفرح والسعادة على قلوب الجميع. و تبادل التهاني والهدايا بين الأصدقاء والعائلات.و تنظم الفعاليات الثقافية والاجتماعية مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تتضمن احتفالات، مسابقات، وأمسيات شعرية، بهدف استخدام هذه المناسبة لتعزيز العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
تركيا
وفي تركيا، تحيي المساجد ذكرى المولد النبوي الشريف وتُقام فعاليات خاصة بهذه المناسبة في عديد منها، لا سيما في المساجد التاريخية، مثل الفاتح والسلطان أيوب والسليمانية وجامع تشامليجا الكبير في مدينة إسطنبول.
و يستقبل الأتراك المولد النبوي الشريف، في المساجد، بقراءة القرآن الكريم وتبادل التهاني والتبريكات بين الأصدقاء والأحباء، وبقراءة أو بسماع سيرة النبي صلى الله عليه وآله و سلم وبالدّعاء و التضرع إلى الله.
هذا و تزدحم الساحات العامة، التي تقام فيها فعاليات احتفالية تتخللها الأهازيج والمدائح النبوية، والعديد من كلمات الثناء على الرسول الكريم.
كما تشهد المساجد في عموم تركيا برامج إحتفالية في المساجد تبدأ بعد صلاة العشاء، ويشتهر الأتراك في هذه المناسبة المباركة بتوزيع “الكعك الصغير” والذي يميز احتفالهم بذكرى المولد النبوي الشريف عن غيره من الأيام العادية، إضافة إلى توزيع الحلويات والمشروبات على الناس.
اندونيسيا
ويحتفل المسلمون بأنحاء إندونيسيا بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تاريخ 12 من ربيع الأول كل عام، حيث تكون مناسبة عظيمة لإظهار مشاعر الحب والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعاليمه.
تقام الاحتفالات في المساجد، ومجالس التعليم، وفي المعاهد الدينية بطرق مختلفة. احيانا تقام بعض النشاطات الأخرى بمناسبة الاحتفال بالمولد مثل الختان الجماعي وزيارة دور اليتامي وتوزيع الهدايا عليهم ومسابقة تلاوة القرآن وغيرها.
وتعتبر ليلة الثاني عشر من ربيع الأول قمة الاحتفالات. فعلى مستوى الدولة يكون الاحتفال بحضور رئيس الدولة وكبار المسؤولين في الحكومة وسفراء الدول الصديقة.
بعض المواطنين يحتفلون بالمولد بقراءة قصيدة البرزنجي، أو الرباعي، أو بقراءة قصيدة البردة، المعروفة لدي سكان جاكرتا باصطلاج “راوى”. والبرزنجي والرباعي من الأعمال الأدبية التي تحكي حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ مولده وفترة شبابه حتى وقت بعثته للنبوة، تحكى هذه القصائد عن الصفات الحميدة التي اتصف بها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. كما تذكر أيضا بعض الأحداث الهامة جعلته صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة حسنة في خلقه وسلوكه وعن معجزاته. أما قصيدة البردة فهي مجموعة الأشعار الخاصة بمدح النبي صلى الله عليه وسلم التي ألفها الشيخ البوصيري.
وأصبحت هذه الاحتفالات على تنوعها جزءا من العادات والتقاليد الموروثة لأجيال على مدى الزمان. في تشربون (Cirebon) وجوكجاكرتا (Yogyakarta) وسوراكارتا (Surakarta) يعرف احتفالات المولد باصطلاح “سكاتين” ويبدو أن هذه الكلمة مأخوذة من لفظ “الشهادتين” حسب نطق الجاويين لكلمة الشهادتين. وهذه الاحتفالات تعتبر من مراسم تقدير للأولياء الذين ساهموا في نشر الإسلام، منها مثلا مراسم غسل الأسلحة.
والاحتفالات بالمولد في “تشريبون” تتركز في قصرين هما قصر كاسيبوهان وقصر آستانا جونونج جاتي. وفي جوكجاكرتا وسورابايا تتركز الاحتفالات في القصر بالتركيز على برنامج غربيك مولود (Grebeg Maulud).
وفي بانتن تتركز الاحتفالات بمسجد أغونج بانتن، وعادة يقوم الناس بزيارة مقابر بعض الأولياء. وعادة ما تكون الاحتفالات مناسبة طيبة حيث يجتمع بها كبار القوم من المشايخ والأعيان، وربما لاتخلوا من وجود ما يسمى –جوارا- وهم الذين يلعبون رياضة الدفاع عن النفس في عروض جميلة.
بالنسبة لسلالة البوقس والمكاسر (Bugis Makassar) بجزيرة سولاويسي، هناك عادة خاصة لا توجد لدي السلالات الأخري بين المسلمين، سواء في إندونيسيا أوخارجها. هذه الاحتفال يسمى “مأودو” (Maudu). تعد موكب احتفال ماودو (Maudu) من مواكب طقسية فيها الوصايا الدينية وبرنامجها الأساسي هو حين تعقد آرات (A’rate) وهو قراءة النص المشبه ببرزنجي (Barzanji) بلهجة جينيقونتو (Jeneponto) الخاصة. يتضمن نص آرات الحروف العربية واللغة العربية، وهذا ليفرق بينه والنص العربي بلهجة مكاسر (Makassar) في الأعياد الإسلامية الأخرى في تقاليد سكان بالجن (Balang).
ونص آرات (A’r’ate) بقرأه الرجال المدعوون ويقرؤونه قراءة جهرية وقسموا إلى مجموعتين جالسين على الأرض، أشرفهم شيخ القرية أي إمام المسجد يقال له ساراء (‘Sara).
ماليزيا
في يوم المولد النبوي الشريف اعتاد الماليزيون على حضور شعائر خاصة في المساجد يستمعون فيها إلى الخطب والمواعظ وكذلك الأناشيد والابتهالات والمدائح النبوية. وتعد ذكرى المولد النبوي الشريف وقتًا للم شمل الأسرة، خاصة وأنه يوم إجازة رسمي في البلاد، حيث تتجمع العائلات على موائد الطعام ويحضر الأهل والأصدقاء لترديد الأناشيد التي تدور حول حياة النبي وذكر مناقبه واستذكار سيرته العطرة.
ويحيون هذه الذكرى باحتفالات كبيرة شعبية وحتى رسمية، في الساحات العامة والمساجد، وفي جميع عواصم الولايات والمدن الاخرى وحتى في القرى والارياف، ويشارك الجميع رجال ونساء شيوخ وشباب وأطفال كنوع من الإستقبال لهذه الذكرى العظيمة، ويعتبر هذا اليوم أجازة رسمية في البلاد. ويحظى الحفل برعاية حوكية كبيرة وكذلك برعاية الملك وسلاطين الولايات.
ويحرص مسلمي ماليزيا على أن تشبع هذه الذكرى الروحية بالاجواء الإيمانية وبالمحبة لخاتم الرسل والانبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهي ذكرى يتذكرون فيها تاريخ وشمائل الرسول الأعظم، وعظمة الرسالة التي حملها إلى العالمين. ويتبادل البعض رسائل التهنئة بهذه المناسبة من قبيل
ويجوب المحتفلون صغار وكبار الشوارع في مواكب احتفالية منظمة، مرتدين الزي الماليز، ويتميز كل موكب بزي موحد الشكل واللون ويرددون الابتهالات الدينية والتواشيح والأناشيد.