مؤتمر الدوحة “اليمني”: دعم القاتل أم الضحيّة؟
يمانيون../
بعد مضي أكثر من 11 شهراً على العدوان السعودي على الشعب اليمني، تستضيف العاصمة القطرية الدوحة إبتداءً من يوم غد الإثنين مؤتمرا دولياً حول الأزمة الإنسانية في اليمن بتنظيم من جمعية قطر الخيرية، ومشاركة أكثر من 90 منظمة إنسانية إلى جانب أكثر من 150 خبيرا ومتخصصا في قطاعات إنسانية متعددة كالتعليم والصحة والمياه وسبل العيش والتمكين الاقتصادي والمأوى والغذاء والحماية.
يأتي المؤتمر الذي أستمر لمدة ثلاثة أيام (حتى 24 من شهر فبراير الجاري) تحت شعار “الأزمة الإنسانية في اليمن وتحديات وآفاق الاستجابة الإنسانية” للخوض في الأزمة التي تعتبر حالياً واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم بإعتبار أن نسبة المتضرّرين تجاوزت الـ 80 بالمائة من عدد السكان المقدر بنحو 26 مليون نسمة، إلا أنه وللمفارقة يعقد اليوم على أرض بلد كان، ولايزال، شريكاً في الأزمة التي صنّفت كأكثر الأزمات الإنسانية الحالية من حيث شح الموارد مقارنة بالمساعدات المطلوبة.
لسنا هنا في وارد التصويب على “جمعية قطر الخيرية”، لان شعب اليمن أحوج ما يكون اليوم للعبور من ازمته الإنسانية، إلا أنه بالتأكيد لا يحتاج لمؤتمرات التآمر، ولو كانت بنكهة إنسانية، تماماً كمؤتمر “أصدقاء سوريا” أو “مؤتمر الرياض” الذي إنعقد تحت شعار “دعم الشعب السوري”، وبواقع كان عكس ذلك تماماً.
ما يحتاج إليه شعب اليمن هو وقف العدوان والحصار المشابهين لما يتعرّض له قطاع غزّة من قبل الكيان الإسرائيلي، خاصّة أن 60 بالمائة من اليمنيين يعيشون تحت خطّ الفقر بزيادة بلغت 35 بالمائة مقارنة بالوضع قبل العدوان، وفيما يخصّ المؤتمر تجدر الإشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: إن هذا المؤتمر شكلي ويهدف لتضليل الرأي العام، لأنه منذ اليوم الأول للعدوان وطيلة الـ11 شهراً، لم تكتف دول عربية عدّة من ضمنها السعودية، الإمارات وقطر بقتل الشعب اليمني من خلال القصف الجوي والبري، بل عمدت إلى منع إرسال المعونات الإغاثية في ظل صمت العديد من المنظمات الدولية.
فالسعودية تريد أن تستفيد من هذا المؤتمر كـ”مخدر موضعي” يلفت الأنظار عن جرائمها في اليمن ويعطيها هامشاً زمنياً إضافياً للعبث بدماء الشعب اليمني دون رقيب أو حسيب.
ثانياً: تسعى الرياض من خلال هذا المؤتمر الذي أوكلته لإحدى المؤسسات القطرية للتغطية على جرائمها في اليمن وصرف النظر عنها، لاسيّما من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية وعلى رأسها “العفو الدولية” و”هيومن رايتس و وتش” التي إتهمت السعودية بإرتكاب جرائم حرب بحقّ الشعب اليمني.
ثالثاً: إن الحل الأمثل والأنسب لدعم اليمنيين يكمن في وقف العدوان السعودي وترك الأمور لأبناء الشعب اليمني. فكما أن الشعب الفلسطيني في غزة لا يحتاج للمساعدات والمؤتمرات الإسرائيلية، بل يريد وقف الحصار والغارات، يحتاج اليمنيون لوقف العدوان السعودي وحصارها لا مساعداتهم ومؤتمراتهم التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
رابعاً: ماذا لو خلص هذا المؤتمر إلى دعم الشعب اليمني، فهل سترضى الرياض بدخول المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين، أم أنها ستقدّم المعونات لمرتزقتها وقوات هادي الذين لا يحتاجون أساساً لهذه المساعدات؟ نعم يسجل لقطر دعمها للبنان في إعادة الإعمار عقب حرب تموز 2006، رغم أن المعلومات اللاحقة أكّدت تورطها بنقل المعلومات للجانب الإسرائيلي إبان عدوان تموز، وهذا ما سنشاهده بالغد يمنياً، ولاحقاً فيما يخص سوريا.
قطر هكذا دائماً، تسعى للتآمر على دول المنطقة لأخذ دور يفوق حجم الإمارة الصغيرة، إلا أنه بعد الخيبة تحاول تجبير ما فشلت في كسره بغية تقديم نفسها كدولة إنسانية عادلة، تلبّي طموح أمير الشاب ووالده المخلوع.
خامساً: تحاول قطر، بعد الدرس التي تلقّته على أيدي السعودية وبقيّة دول مجلس التعاون إبان الأزمة مع مصر، أن تتحرّك بصمت وهدوء آخذة بعين الإعتبار موقف السعودية. كذلك، تهوى الدوحة وحكّامها سماع المديح “الشعبي” من قبيل “قطر أكبر داعم للشعب اليمني”، إضافةً إلى أن تنهال على أميرها “السخي بحق الشعب اليمني” قصائد التي لم يقلها المتنبي في سيف الدولة.
وحسب موقع ” الوقت ” إن مؤتمر الغد في الدوحة، عاصمة التآمر على لبنان بالتعاون مع الكيان الإسرائيلي وعلى سوريا بالتعاون مع تركيا، يهدف لحماية ودعم القاتل والجلاد لا الضحية، ولكن كما يقول المثل العربي “سبق السيف العذل”.