في بداية العدوان الصهيوني على غزة، اتخذت أنظمةٌ عربية الحياد أمام كُـلّ هذه الجرائم وهذه الوحشية.
وكان الإعلام والنشطاء والسياسيون في هذه الدويلات يقولون وبكل صراحة: إن “القضيةَ ليست قضيتي وإن الموضوع لا يهمني ولستُ مع أحد ولا مع أي طرف من أطراف الصراع”، وعملوا الحفلات الصاخبة بالانسلاخ وأطلقوا مواسم الرقص والهز ورقصوا وهزوا؛ حتى بدأت المعادلة تتغير على الصهاينة، وأحس الصهيوني بالوحدة في المنطقة، وبدأ كذلك الأمريكيون يشعرون ببداية الهزيمة بعد هزيمة البحر، وبعد دخول حزب الله المعركة وتوسيع دائرة الاستهداف والمواجهة بشكل أكبر وأوسع، واحتدام أكبر للمعارك في جميع الساحات والميادين المناهضة للأمريكيين والإسرائيليين.
فجأةً، وبعد كُـلّ هذه المعطيات، لم يعد كُـلّ هؤلاء المحايدين وَالراقصين، بل أصبحوا جبهة إعلامية واستخباراتية متقدمة مساندة للصهاينة والأعداء بشكل علني وواضح عبر وسائل إعلامهم وسياسييهم ومنصاتهم ونشاطهم في جميع وسائل التواصل الاجتماعي، شامتين ومثبطين ومنتقدين لجبهات محور المقاومة، وفي نفس الوقت مضخمين ومؤيدين وواقفين إعلاميين واستخباراتيين ولوجستيين مع جبهة الصهاينة، بل ومطالبين ليل نهار بتوسيع دائرة الوحشية الصهيونية على لبنان وسوريا والعراق واليمن، في واقعة وسقوط لم تشهده الأُمَّــة الإسلامية على مر التاريخ والعصور السابقة.
وهنا لنا درس وجب أن نستفيدَ منه تجاه الحياد والمحايدين الذين يحايدون بين الحق والباطل، مفاده أن من يحايد بين الحق والباطل، فَــإنَّه يكون في صف الباطل ضد الحق، وهم الذين أسماهم الإسلام بالمنافقين؛ لأَنَّ دينَ الله لا يوجد فيه حياد، حتى يضمهم ويضمن لهم منطقة وسط ما بين الجنة والنار.