أصحاب العقائد الباطلة نسبوا الشر إلى الله وجعلوه أسوأ من الشيطان الرجيم
أفق نيوز | من هدي القرآن |
فعندما يأتي الآخرون فيقولون: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} يعني: هو أيضاً أفعالنا هذه, المعاصي هو الذي خلقها؛ لأنها أشياء فهو إذاً الذي خلقها. لا يفهمون الحديث هو عن ماذا هنا، أنه يتحدث عن كماله، عن تنزيهه، عن تنزيه ذاته، عن تمجيده، عن تقديسه، عن الثناء عليه، عن كماله سبحانه وتعالى.. فهل هو من يتمدح يَتَمَدّح بأنه الذي خلق المعاصي وخلق الظلم وخلق الفساد وخلق الكفر وخلق النفاق؟! هل هذا تمدُّح؟!. لو كان هو من خلق الضلال والكفر والفساد والنفاق والمعاصي والباطل لما استحق أن نثني عليه. نثني عليه مقابل ماذا؟ إذا كنا نقول: بأنه مصدر كل قبيح ومصدر الفواحش، ومصدر الشرور, فلماذا نثني عليه؟. هل يستحق الثناء عليه فيما إذا وصفناه بأنه مصدر القبائح والفواحش؟ هل من هو مصدر القبائح والفواحش يستحق أن يُثْنَى عليه؟ هل الله سبحانه وتعالى ممكن أن يثني على نفسه, ويتحدث في مقام الثناء على ذاته بأنه من خلق الظلم والفواحش والفساد؟! هذا ليس مما يمكن أن يقوله من في قلبه مثقال ذرة من معرفة بالله صادقة, وشعور بعظمة الله سبحانه وتعالى.
هو من نزه نفسه في آيات أخرى عن الفساد والظلم، أنه لا يريد أن يظلم العباد: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}(فصلت: من الآية46) وهو من قال: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية108) , وكلمة ظلم تشمل – تقريباً – كل أنواع الفساد {إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}(الأعراف: من الآية28) {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} (النحل:90).
هو الذي ينهى عنها فكيف يتمدح بأنه هو من يخلقها، وكيف يمكن أن يكون هو من خلقها فيك, إذا كان هو من خلقها فيك فمعنى ذلك بأنك انطلقت فيها بغير اختيار منك؛ لأن كل ما خلقه الله فيك هو بغير اختيار منك، بل وبغير اختيار من أبيك, وبغير اختيار من أمك, لونك, شكلك, طولك, قصرك, شكل أعضائك, هل هو باختيار منك؟ هل أنت قدمت لله مخططاً فقلت أريد أن تجعل أذني كذا وأنفي كذا وعيوني كذا وأن يكون طول وعرض وجهي على هذا النحو مثلما تعمل مخططاً لواحد صاحب ورشة؟. لا.
إذاً فلو كان الله هو من خلق فينا المعاصي, ومن ساقنا إليها – على اختلاف أقوالهم حول هذه – هم يلتقون حول هذه أنه خلقها فكيف يمكن أن ينطلق هو ليلعن الشيطان ويأمرنا أن نعادي الشيطان وأن نلعنه والشيطان إنما يوسوس ليحملنا على الفحشاء فكيف يعمل هذا مع الشيطان وهو هو من خلق الفحشاء؟! من الأسوأ حينئذٍ من يخلق الفحشاء أو من يوسوس لها فقط؟.
حينئذٍ جعلوا الله – سبحانه وتعالى ننزهه ونقدسه – جعلوه أسوأ من الشيطان! عقائد سيئة.. خلق الفواحش وهو من تنزل أول آية من كتاب الله الكريم بعد بسم الله الرحمن الرحيم هي [سورة الفاتحة] وأولها الثناء على الله {الْحَمْدُ لِلَّهِ}(الفاتحة: من الآية2) {الْحَمْدُ}بهذه العبارة التي تعني: كل الحمد، كل الثناء كل المجد {لِلَّهِ} سبحانه وتعالى {رَبِّ الْعَالَمِينَ}(الفاتحة: من الآية2) فكيف يستحق الثناء من هو الذي يخلق الفواحش، من يملأ القلوب كفراً ويملؤها نفاقاً رغماً عن أصحابها، ثم هو في الأخير من يلعنهم، وفي الأخير من يقودهم إلى قعر جهنم؟! ماذا عملوا؟ ماذا عملت أنت؟ رغماً عنك يملأ قلبك كفراً ونفاقاً، ويملأ قلبك فساداً ثم يعذبك؟!.. يتنافى هذا مع عدله، يتنافى مع حكمته، يتنافى مع رحمته، يتنافى مع كماله، يتنافى مع جلاله وعظمته وقدسيته.
وهكذا, يقولون: هذه عقيدة أهل السنة والجماعة، هذه عقيدتنا, وهذا دليلها من القرآن {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ}(الأنعام: من الآية101)، والمعاصي هي أشياء إذاً هو الذي خلقها!!.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة معرفة الله عظمة الله الدرس الثامن
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 26/1/2002م
اليمن – صعدة