كيف سقطت أمريكا أخلاقيا؟؟؟
أفق نيوز | بقلم _ محمود الشهاب
لطالما تغنت الولايات المتحدة الأمريكية بمفاهيم وقيم رنانة كالعدالة والديموقراطية والحرية وغيرها من القيم التي ظلت شماعة مزخرفة وزينة براقة للسيطرة على الشعوب والدول الا أن ذلك كله فُند في معركة واحدة وموقف واحد وعام واحد.
فمنذ معركة طوفان الاقصى انكشفت عورتها بانتهاجها سياسة تدميرية عدوانية تحيزية صريحة وواضحة للكيان الصهيوني بل سعت وبشتى الوسائل والطرق لانتهاج نهج لا إنساني ولا أخلاقي واضح في دعمها الأعمى واللامحدود لدعم جرائم وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث.
لقد ظلت الولايات المتحدة ولطالما أصرت في سلوكها اللأخلاقي في حماية الكيان الصهيوني على مر السنوات وذاك وان كان يتم بصورة ضبابية باطنية تجعله يشتبه على بعض ضعاف النفوس المصدقين بمفاهيمها الرنانة المقلدين لثقافتها المغترين بقيمها الحضارية على حد وصفهم الا أنه ومع انطلاق عملية طوفان الأقصى تجلت الصورة وانتهت الضبابية وانكشفت تلك القيم التي صرفت عليها الولايات المتحدة ملايين الدولارات لتحسين وبناء صورتها الذهينة باعتبارها دولة القيم المثلى والحامي الأكبر للقيم الإنسانية والراعي الأول للعدالة على وجه الأرض.
فمع انطلاق معركة طوفان الاقصى رأينا الولايات المتحدة تدعم الجرائم اليومية والإبادة الجماعية وتدمير كل ما هو ليس صهيوني، فتلك مدن سويت بالأرض، وتلك جثث ملئت الساحات، هي الولايات المتحدة التي احتلت الشعوب والدول بمسمى مكافحة الإرهاب ونشر الديموقراطية والعدالة والحرية وغيرها من تلك الخدع الجميلة، فهانحن اليوم نراها تمارس الإرهاب بنفسها بصورة مباشرة في قصفها لليمن مع تابعتها بريطانيا وبصورة مباشرة وغير مباشرة في دعمها الكيان الصهيوني في ممارسة إرهاب لم يسبق له مثيل ولن يأتي له نظير الا من الكيان نفسه او من أمريكا ذاتها.
لقد سقطت الولايات المتحدة أخلاقياً منذ غزوها للعراق وأفغانستان وحربها في فيتنام ولكنها ظلت تشوش بماكينتها الاعلامية الكبيرة والقوية على المتجولين في حديقة قيمها القاطفين ثمرة أشجارها جميلة المظهر مسمومة المنبت سيئة الطعم لقد سقطت منذ زمن لكن حرب غزة أتت بالدليل القاطع لهذا السقوط لتقول لأولئك المتمسكين في ستار بيتها الأبيض، أرأيتم ما كنتم تعبدون.
كيف لا وهي التي استخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن لصالح الكيان الصهيوني أكثر مما استخدمته لصالح نفسها، وهذا وإن دل على شيء فإنه يدل على أن أمريكا تنطلق في قرارتها ليس من مصالحها الاستراتيجية بل من منطلق ديني ويعزز ذلك ما صرح به رئيسها العجوز بايدن بأنه صهيوني وكذلك وزير خارجيته بلينكن وهذا بدوره يعكس حقيقة مدى سيطرة اللوبي الصهيوني على الإدارة الأمريكية وقراراتها.
لم يعد أحد يتعجب من موقف الولايات المتحدة خصوصاً والغرب على وجه العموم فكلها حكومات قدمت دعم لانهائي ولامحدود على مر تاريخ الكيان وليس خلال الحرب الأخيرة وحسب وهذا ما فضحته وسائل الاعلام التقليدية والحديثة وما تناولته وسائل التواصل الاجتماعي التي فضحت التحيز الكامل للإعلام الغربي والأمريكي على وجه الخصوص في تبني دعم غير محدود وتأطير وتأصيل عدوانها على غزة ولبنان على أنه حق مشروع وفي إطار الدفاع عن النفس، وأنه يأتي من باب الحرب على الإرهاب في سقوط أخلاقي مدوي ومخزي وفاضح للاعلام الأمريكي والولايات المتحدة عموماً بشكل لم يسبق له مثيل.
لطالما ذهبت الولايات المتحدة ومنذ زمن بعيد في الترويج والتأصيل وربط الاسلام بالإرهاب وتصوير المسلمين للرأي العام الأمريكي والغربي والعالمي بأنهم ارهابيون ولا يمكن لهم أن يؤمنوا بالقيم الحديثة كالتعايش والعدالة والمساواة الاجتماعية وحقوق المرأة والطفل وغيرها مما تروج له الآلة الصهيوأمريكية علماً بأن ما يسميه الغرب قيم حديثة هي في ديننا الأسلامي قيم أصيلة نادى بها الاسلام منذ ولادته لتأتي عملية طوفان الأقصى وتنسف كل الرواية وكل التأصيل والتأطير في مهب الريح ولتقول للعالم بأن الإسلام هو الدين الأسلم والأجدر بالبشرية اتباعه وبأن المسلمين الحقيقين هم امتداد اخلاقي مثالي للدين.
ختاماً:
ان التسويق الأخلاقي التي تبنته الولايات المتحدة لنفسها منذ عقود في ترسيخ قيم ومفاهيم رنانة في أذهان الشعوب انكشف منذ الطلقة الأولى لمعركة طوفان الاقصى فقد أظهرت العيوب وكشفت المستور وفضحت المطليات الجميلة والمزخرفة للقيم الأمريكية، فرأينا شعوب بل وفي الداخل الأمريكي نفسه ترفع علم فلسطين وآخرون يعتنقون الإسلام عندما شاهدوا جرائم وحشية ومجازر لا تنتهي وكيف قابلها أبناء المقاومة من تعامل إنساني مع أسرى العدو بطريقة لم يسبق أن شاهدها العالم الحديث في تاريخه ومعركة طوفان هي بحد ذاتها رسالة سامية سطرها أبناء الشعب الفلسطيني في صمودهم وصبرهم على هذا الابتلاء ليبحث العالم كله عن سر هذا الصمود والصبر فيجيدونه يرتكز على صحة العقيدة والحق في الأرض والقضية.