نصر الله والصماد
أفق نيوز – بقلم – أحمد يحيى الديلمي
للفلاسفة وعلماء الاجتماع آراء واضحة وشبه حاسمة حول تجانس وتلاقي الأرواح البشرية بحسب التوجهات ومحتويات التفكير ونوع الاهتمامات وأن يتم اللقاء عملياً.
في الغالب لا يتضح هذا إلا من خلال تماثل المواقف والاهتمامات والشواهد المترجمة لها في الحياة العامة وهذه هي الصفات التي جمعت الشهيدين الخالدين حسن نصر الله وصالح الصماد، وشاءت الأقدار أن تترجم الفكرة عملياً عبر تلاقي الاحتفاء بذكرى الشهيد في الجمهورية اليمنية وفي المقدمة الشهيد الرمز صالح علي الصماد مع الذكرى الأربعينية لاستشهاد السيد حسن نصر الله قدس الله روحيهما في الجنة، لتؤكد عمق العلاقة وما ترتب عليها من تلاقح للصواريخ والمُسيّرات القادمة من لبنان واليمن في سماء الأرض المحتلة كإسناد مباشر للمقاومة الفلسطينية التي تواجه حرب إبادة شاملة صهيو أمريكية بريطانية وتواطؤ أنظمة عربية للأسف الشديد، وإصرار القائدين السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي والشهيد حسن نصر الله – قدس الله روحه الطاهرة – على الاستمرار في الإسناد والدعم رغم الوساطات والعروض المُغرية التي تم رفضها وربط العملية بشرط واحد يتمثل في إيقاف العدوان ورفع الحصار عن غزة من منطلق مبدئي إيماني بعيداً عن أي مكاسب أو مُغريات، بل إن اليمن عززت المساندة بزخم شعبي عارم تمثل في المظاهرات والمسيرات المليونية في كل محافظات الجمهورية، والثاني انطلاق معركة البحار لفرض حصار حاسم على دولة الكيان الصهيوني، وأخيراً توجيه الضربات للسفن الأمريكية والبريطانية التي أفزعها الأمر وبادرت إلى شن غارات دفاعاً عن الكيان الصهيوني .
وها هو نتنياهو يندفع إلى شن حرب قذرة على لبنان الشقيق لاعتقاده أن الطريق بات ممهداً بعد اغتيال الشهيد الأمين العام وبعض القادة لتنفيذ مخططه الإجرامي، لعل أهم قاسم مشترك جمع روحي الفقيدين وأكسبهما الشجاعة والقداسة والسمو هو، أولاً اهتمامهما بالقدس كمدينة إسلامية مقدسة، ثانياً الولاء والتبعية المطلقة ليعسوب الموحدين وإمام المتقين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – عليه السلام – ذلك الرجل العظيم الذي لم يتكرر في التاريخ الإنساني ولن يتكرر، كما جزم بهذا الأمر الأستاذ عبدالرحمن الشرقاوي – رحمه الله – في كتابه (علي إمام المتقين)، فوصفه بالشمول وأنه حاز على كل الصفات وأهمها الشجاعة وقوة البأس وأُفق العلم الواسع والعفة وطهارة اليد في الحياة، إلى جانب العديد من الصفات التي أكدها الكاتب بأدلة وشواهد حية لا يتسع المجال لذكرها هنا، ويكفي أن نُشير إلى أن القائدين العظيمين تمثلا هذه الصفات في سلوكياتهما وممارساتهما اليومية ونقلاها إلى الأتباع والموالين وهم آلّاف الأبطال الذين يسجلون ملاحم أسطورية تمرغ وجه الصهاينة في الوحل وتوجه آلاف الصواريخ صوب المدن الصهيونية في الأراضي المُحتلة، مقابل استمرار عمليات الإسناد في اليمن وكأن روحي الشهيدين العظيمين لا تزالان محلقتين في سماء القدس واليمن ولبنان تشدان عضد المجاهدين الأبطال وتؤكدان أن الموقف إلهي وأخلاقي وديني ، محور ارتكازه منهج الحق وتعاليم يعسوب الأئمة الإمام علي بن أبي طالب، قدس الله روحه في الجنة .
هذه هي البطولات العظيمة التي تؤرق المجرمين في العالم وتشفي صدور المؤمنين وهي مبشرة – إن شاء الله – بالنصر، ولا عزاء لأنصاف الرجال الذين اجتمعوا في الرياض من العرب والمسلمين القابعين تحت يافطة الاعتدال الموهومين بدعاية الجيش الذي لا يُقهر – بحسب الأبواق الأمريكية والغربية – وهي الدعاية التي أدت إلى تخاذل القادة وعدد من الأحزاب والنُخب السياسية، النصر قريب إن شاء الله، والله من وراء القصد..