في معركة طوفان الأقصى ودعم وإسناد غزة، لم يكن الصديق قبل العدو يتوقع أن يكون لليمن دورا أكبر من التأييد الشعبي للحق الفلسطيني في الدفاع عن النفس واستعادة الأرض والمقدسات، وإعلان الموقف الرسمي الثابت من دعم القضية المركزية، وسيكون ذلك محط تقدير الفصائل الفلسطينية مقارنة بالمواقف المتخاذلة بل والمتواطئة لكثير من الأنظمة العربية المطبعة التي لم يَرِفَّ لها جفن إزاء ما يحدث من حرب إبادة وتجويع بحق السكان في غزة، ولم يدفعها ذلك إلى تقديم ولو احتجاج أو استدعاء لسفراء العدو في عواصمها وقطع العلاقات بالكيان الغاصب.
بخلاف تصور كثيرين كان اليمن المفاجأة، والإضافة النوعية لمحور القدس والجهاد والمقاومة: على صعيد الحراك الشعبي بمسيراته وفعالياته المساندة لغزة، وبالعمل العسكري الذي كسر قيود الجغرافيا وغيّر موازين القوى، ليثبت الشعب اليمني وقواتُه أنهم اهل وفاء وحمية وسادة الحرب غير المتكافئة؛ بما فرضوه من معادلات في البر والبحر، وحققوه من أهداف أبرزها إطباق الحصار على موانئ فلسطين المحتلة، وفرض التكاليف والأعباء الاقتصادية على اليهود الصهاينة وداعميهم من الغرب الكافر.
في ظل عدم تصنيفهم لليمن أنه تهديد، وعدم الاستعداد لمواجهة مفتوحة مع قواته. عبر رئيس نظام الدفاع الجوي في كيان العدو عن أنهم فوجئوا بقدرات اليمن وشجاعته.
ونقلت صحيفة “معاريف” العبرية عن العميد “شاحار شوحط” قوله: إن اليمنيين لم يترددوا في مهاجمة البنية التحتية الحيوية لـ”إسرائيل” بما في ذلك الموانئ البحرية في “أسدود وحيفا وإيلات”، ومنصات الغاز. بل تعمدوا الإضرار بالتجارة البحرية للكيان وشله اقتصاديا، عوضا عن الإضرار بالمعسكرات والمدن الكبرى؛ بعملياتهم المشتركة من العراق.
وفي ما يتعلق بالمُسَيّرات وما فرضته من حالة رعب وانعدام ثقة في الأوساط الصهيونية بدفاعاتهم الجوية يضيف مسؤول الدفاع الجوي الصهيوني بأن المستوطنين ليس لديهم شعورٌ كافٍ بالأمن؛ لعدم وجود تحذير كاف، وعدم القدرة الكاملة على اكتشاف ومعرفة أين تحلّق هذه الطائرات. كاشفاً عن تعرض الكيان لأكثر من 300 عملية استهداف من اليمن والعراق منذ بدءِ المواجهة، وتعرُّض المغتصبات لما بين خمس إلى ثمان عمليات خلال الأشهر الأربعة الماضية.
عمليات اليمن البحرية تثير غضب الأمريكيين
الأمر لا يقف عند حدود قلق المغتصبين وذعرهم، والإقرار الصهيوني بتعاظم فشلهم الأمني والعسكري أمام العمليات اليمنية، فالتحالفات الأمريكية الغربية هي الأخرى تتعرض سفنها وبوارجها الحربية لضربات متواصلة في البحار وهو ما أعَدٌهُ وزير البحرية الأمريكية “كارلوس ديل تورو” مثيرا للغضب، كون بلاده لم تتصور -في يوم- أن تواجه من يتحدى نفوذها بهجمات لم تشهدها قواتها منذ الحرب العالمية الثانية وفق اعتراف مسؤوليها.
لم تحقق أمريكا لكيان العدو الأمن اللازم لاستمرارية ملاحته التجارية، بل عمقت أزمته الاقتصادية بفقدان الثقة في بحريتها لدى شركات الملاحة العالمية المرتبطة بهذا الكيان في توفير الأمن لسفنها وتقويض القدرات اليمنية، وبالتالي الحد من الاعتماد -المكلِّف ماليا- على طريق رأس الرجاء الصالح بديلاً لمضيق باب المندب الاستراتيجي.
وفي تأكيد جديد على تردي الاقتصاد الصهيوني وتأثيره على المستوطنين أكدت صحيفة “كالكاليست” الاقتصاديةُ الصهيونية أن شركة “شتراوس” الاسرائيليةَ للمواد الغذائية، أعلنت أنها سترفع أسعار منتجاتها بدايةً من يناير المقبل، وقد أخطرت تجار التجزئة بزيادة تصل إلى 18% على منتجات القهوة والشوكولاتة، وذلك بعد رفعٍ لأسعار المنتجات في مايوم الماضي وصل إلى 4.5%. وقبل ذلك -في يناير الماضي- رفعت الشركة أسعار منتجاتها بنسبة وصلت إلى 25% وسط توقعات بزيادة تعرفة الكهرباء نسبة 4% بدءاً من يناير مع ارتفاع ضريبة القيمة المضافة إلى 18% والسبب تداعيات الحرب والمواجهة المفتوحة.