أفق نيوز
الخبر بلا حدود

هل فعلاً البنوك المركزية تمارس العبودية في بلاط الدولار ؟؟

59

أفق نيوز ||

في عام 1962 نشر فريدمان مقالاً اعتبره الرأسماليون: ثورة فكرية -بحسب زعمهم- من خلال اقتراحات ونظريات قدمها كبدائل وحلول للمشاكل الاقتصادية آنذاك، بعد أن أخفقت وتعثرت نظريات من كان قبله من الاقتصاديين ابتداءً من (آدم سميث) في كتابه ثروة الأمم، ثم (مالتوس) صاحب الأفكار المنحرفة والنظريات السكانية المتوحشة، و(ديفيد ريكاردو) في كتابه مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب و(كارل منجر) في كتبه: مبادئ الاقتصاد وكتاب نظرية القيمة وأصل النقود.

 

برز فريدمان في بحثه المنشور في الستينيات من القرن الماضي مدافعاً بشكل أساسي عن حرية الأسواق، ومؤكداً أن الدول والحكومات لم تقدر على تقديم حلول للمشكلة الاقتصادية، وفي الوقت نفسه يطالب بتدخل الدولة تجاه المعروض النقدي باعتباره أهم سبب للتضخم، وهو محق في هذه الجزئية. ما زالت نظرياته قيد الاهتمام والتفاعل في الغرب بالرغم مما فيها من تناقضات، وقد جاءت بعد حدوث ركود تضخمي ثبت معه بطلان نظريات من كان قبله، وهو (جون مايارد كينز). وقد وصفت نظرياته بالعبقرية والأفكار السحرية، خاصة أنه نسب إليها الخروج من الأزمة المالية الكبرى 1929م، وقدمت للجامعات والمراكز البحثية كأهم إنجاز واختراع حدث على يد اليهودي (جون مايارد كينز) رغم تناقض نظرياته عن ما كان قبله من نظريات أيضاً.

 

وقد ركزت نظريات (كينز) على ضرورة أن تتدخل الدولة أثناء فترات الركود الاقتصادي لتحفيز الطلب والحد من البطالة واختراع أي سبب لخلق وظائف، ووفقاً للوسواس الخناس الذي خضع له (كينز) ثم أخرجه إلى حيز التنفيذ في كتابه النظرية العامة للتشغيل والفائدة. وتم وصفه بالعبقرية، وقد شجع الأمريكيين على خوض الحروب لمجرد تحريك المعروض النقدي وتصريف التضخم، وهو القائل: (لا بأس بأن تهدم جزءاً من لندن لمجرد إعادة إعمارها كاملة!).

 

لكن في الواقع لا يتم العمل بما قدمه فريدمان، خاصة في مجال السياسات النقدية، فالمشكلة الرئيسية للاقتصاد العالمي اليوم هي المعروض النقدي الكبير وعدم توقف مطبعة الدولار عن ضخ الأوراق إلى السوق، بالإضافة إلى المعروض من النقد الائتماني الذي تخلقه البنوك. وبالنسبة لأسعار العملات، فكثير من الأسواق تعتمد التعويم لأنها مرتبطة بالدولار العائم أصلاً منذ 1971م، بل بما قدمه في حرية الأسواق وعدم تدخل الدولة وفي جزئيات معينة بما يخدم الشركات وبنوك اليهود.

 

في الواقع، من المهم التأكيد على أن هذه التناقضات المتجددة دائماً، والتي تبرز من حين لآخر، تؤكد وتدل على حقيقة وقضية أساسية لا مهرب منها، وهي: عدم كفاءة النظريات والقوانين والرؤى البشرية باعتبارها قاصرة وثبت فشلها مرات عديدة، وهي في الواقع متمردة عن توجيهات الله ورؤية الخالق العظيم فيما أنزله من هدى ونور جعله متميزاً بالكفاءة والكمال كنظام لإدارة شؤون البشرية.

 

والمتأمل في القرآن الكريم يجد أن مسألة المال وقضية الاقتصاد قد حازت على مكانة كبيرة، ووردت بطريقة واضحة وضوابط تنظيمية قوية مميزة جداً من حيث (الواقعية والعدالة والإنسانية)، ومن كافة النواحي الأخرى فهي كاملة ولا نظير لها.

 

ومن المعلوم بالضرورة أن كل البنوك المركزية في العالم تابعة وخاضعة لهيمنة الدولار وبنك الاحتياطي الفيدرالي ونظامه المالي ممثلاً في (نظام سويفت/وبنك التسويات/وشركة المقاصة/ وصندوق النقد/والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية). وتدار كلها من أعضاء مجلس الفيدرالي، وهم أيضاً نفس الفريق الذي يمتلك ويدير البنك الاحتياطي ومطبعة الدولار التي لم تتوقف يوماً واحداً عن الطباعة، حيث لا تخضع لسلطة أحد سوى اليهود المصرفيين. والسياسات التي يعتمدونها سابقاً ولاحقاً هي التي تنسجم مع مصالحهم دون مراعاة أي اعتبارات أخرى.

 

استراتيجية اليهود في ترسيخ فكرة أن البنوك المركزية مستقلة (لا تتبع أحد) وعلاقتها بالتغطية على تناقضات الرأسمالية

 

منذ أن تم إنشاء بنك الاحتياطي الفيدرالي في 1913م، بعد تخطيط ومرحلة تأسيس أكثر من عشر سنوات، قام اليهود عبر الوسائل المختصة التابعة لهم بنشر وترسيخ فكرة أن البنوك المركزية يجب أن تكون مستقلة، لا تخضع لأي قيادة في الدولة التي من المفترض أنها المالكة لبنكها المركزي. لقد نجح اليهود المصرفيون في ترسيخ هذه الفكرة لدى قادة الدول والمجتمعات، بالرغم من سهولة الوصول إلى حقيقة أن معنى (مستقلة) تركها لتكون فعلياً تابعة لسياسات المالية والنقدية الصادرة عن النظام المالي العالمي. وهذا يعني (فعلياً) أن تبقى في خدمة الدولار ومصالح اليهود المصرفيين. (لا يستطيع أحد من المختصين أن ينكر هذه الحقيقة).

 

ماذا ترتب على القبول بفكرة (البنوك المركزية مستقلة)

 

تمكن اليهود من جعل البنوك المركزية في العالم تابعة لهم تقدم لهم خدمة توزيع تضخم الدولار منذ عام 1971م، حين تم فصل الدولار عن الذهب والهروب إلى ربطه بالسلعة الأكثر مبيعاً وتداولاً في العالم، وهي النفط. وقد تم إنقاذ الدولار من السقوط الحتمي بفضل تعاون آل سعود. وبسبب هذه الجريمة تم فرض الدولار على العالم كعملة عالمية معتمدة في بيع النفط وفي التبادل التجاري بين الدول، ومعتمدة للديون. وحتى يومنا هذا، ما زالت كل عملات الدول الورقية (معومة) بالدولار (العائم) غير المرتبط بأي شيء له قيمة مملوكة للجهات التي تقوم بطباعته.

 

المهمة الفعلية للبنوك المركزية في ظل النظام المالي العالمي

 

إن مهمة البنوك المركزية في العالم هي استقبال حصتها من تضخم الدولار وتوزيعه على الشعوب (المواطنين) المستهلكين، حيث تبقى العملات في صراع بقاء أمام الدولار والسياسات التي يفرضها اليهود المصرفيون عبر النظام المالي العالمي، ممثلاً بـ(الدولار ونظام سويفت وبنك التسويات وشركات المقاصة وصندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية).

 

والأثر السلبي لهذه المشكلة؛ والمقصود بها (مشكلة القبول بأن البنوك المركزية مستقلة لا تتبع أحد) ينعكس بشكل مباشر على الشعوب، التي تتحمل التضخم بشكل مستمر في شكل ارتفاع الأسعار والضرائب المعلنة والمخفية. فهي وحدها من يدفع فاتورة الاستيراد ويتحمل عبء انخفاض قوة العملات الوطنية أمام الدولار ومؤامرات الحروب النقدية. وهذا هو المعنى الوظيفي لتوزيع تضخم الدولار على الشعوب بشكل مستمر وظالم.

 

وبما أن الشعوب والدول قبلت بفكرة أن (البنوك المركزية مستقلة) وتجاهلت ما يترتب عليها؛ فإن ذلك يعني في الواقع قبولها بأن تبقى البنوك المركزية تحت قيادة اليهود المصرفيين وبعض الشركاء الماليين من الصهاينة فقط. ومن خلال البنوك المركزية وخضوعها لسياسات اليهود المصرفيين وأدواتهم المالية المشار إليها تمكن اللوبي الصهيوني من فرض الهيمنة على قادة الدول، وتمكنوا من الاحتلال الاقتصادي للشعوب، وجعلوها في دائرة الاستهلاك والتبعية الاقتصادية لهم.

 

ومن يحاول أن يقدم مبررات أو مغالطات أخرى غير هذه الحقيقة فهو يغالط نفسه، وستبقى حجته باطلة تفتقر إلى المصداقية، لأن كل الشواهد في الواقع تؤكد أن الاقتصاد يقوم ويرتكز على المؤسسة المعنية بإصدار واعتماد وتنفيذ السياسات المالية والنقدية (البنوك المركزية). وإلى يومنا هذا، ما زالت بنوك العالم المركزية أسيرة لهيمنة النظام العالمي ومؤسساته، وكلها تمارس العبودية في بلاط الدولار وتقدم له (خدمة البقاء على قيد الحياة). ومن يقول غير ذلك فهو أفاك أثيم وحجته باطلة وقبيحة كمن يحاول إنكار أن الشمس تأتي من المشرق.

 

والله ولي التوفيق

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com